|
ليندا معايعة، الصحافية التي أبكت الرأي العام، تبكي بسبب جرائم قتل الأطفال
وليد حكمت
الحوار المتمدن-العدد: 2667 - 2009 / 6 / 4 - 09:14
المحور:
ملف يوم الطفل العالمي 2009 - كيف نبني مستقبل أفضل لأطفالنا؟
صحفية أتقنت متابعة أخبار الجرائم وأخبار قضايا أمن الدولة، تميزت بمهنية ومصداقية عاليتين. تلقى تقاريرها في وسائل الإعلام متابعة من القراء، وتلمس فيها حساً إنسانياً في التعامل مع الخبر. إنها ليندا المعايعة الصحفية في "العرب اليوم". والتي تجد احتراماً ومحبة لدى زملائها بدماثة خلقها وبساطتها في التعامل.
حققت ليندا سبقاً صحفياً عدة مرات، وتمكنت من تسليط الضوء على جرائم بشعة كان من الممكن أن تمر دون التفات إليها. وربما كان أشهرها قضية الطفل يزن التي هزت الرأي العام. وكل من شاهد الحلقة الشهيرة من برنامج "يحدث اليوم" يعرف كيف استطاعت أن توصل الإحساس بما حدث إلى الكل، وأن تجعل الجميع يهتم.
وتمتلك المعايعة حساً قوياً جداً في الحكم على الجرائم، تراه واضحاً في التقارير التي تكتبها عن تلك الجرائم. وقد اكتسبت ذلك الحس بإصراراها على المعايشة الواقعية للجريمة، حيث "تنزل" إلى المشرحة، وتشاهد عمليات التشريح، إلى درجة أنها أصبحت تميز (الزرفة الرمية) و(التحلل الرمي)، والكدمات وأنواعها من المشاهدات التشريحية التي تساعد في تحديد ملايسات الجريمة.
وقد كان لكل الأردن الحوار التالي مع تلك الصحفية المميزة:
"كل الأردن": كتبت مؤخراً في تقرير لك عن أغرب 10 جرائم في الأردن، ما هي أكثر قضية علقت في ذاكرتك؟ وكيف تتبعتها؟
ليندا معايعة: قضية جريمة أبو علندا. وصلني خبر من مصدر خاص بي بوقوعها، ونشرناه كخبر عاجل على موقع صحيفة "العرب اليوم". وفي متابعتي للقضية تمكنا من مقابلة أقاربه وحصلنا على التفاصيل التي تم نشرها وقتها. لفتت انتباهي تلك الجريمة كونها جريمة عائلية، أي الجاني والضحية من نفس العائلة. وعلى ذكر الجريمة العائلية كانت أبرز تلك الجرائم 3 خلال 10 أعوام، هي قضايا مقتل الأخوين هاني وحنين بالسم من قبل أبيهما، وقضية سعيد القشاش الذي قتل عائلته، وقد تم إعدامه، ثم قضية أبو علندا. ويمكن إضافة قضية الفتاة التي سممت عائلتها في إربد، والتي لم تنل حقها من التغطية الإعلامية.
"كل الأردن": هل شعرت يوماً بتعاطف مع مجرم ما في القضايا التي غطيتها؟
ليندا معايعة: صعب جداً أن أتعاطف مع مجرم بعد مشاهدتي جثة الضحية.
"كل الأردن": كيف تشعرين عندما تشاهدين جثة؟
ليندا معايعة: حتى تفهم الجريمة ينبغي أن تنزل إلى المشرحة وتعرف كافة التفاصيل. عندما استلمت متابعة الجرائم وقضايا الأمن العام نزلت إلى المشرحة في المركز الوطني للطب الشرعي، وأصبحت أميز التحلل الرمي، والزرفة الرمية، وغيرها. أصبح لدي خبرة ممتازة في التشريح لكثرة ما شاهدت.
"كل الأردن": هل شاهدت تشريح الطفل يزن؟
ليندا معايعة: لم أكن بحاجة للحضور فقد كنت أعرف كل التفاصيل.
"كل الأردن": كيف تحكمين على مسببات ما ظهر على جسم الطفل يزن؟
ليندا معايعة: كان في جسمه حروق لهبية، قد يكون سببها ولاعة، أو ورقة مشتعلة، أو شمعة، إضافة إلى آثار حرق سجائر.
"كل الأردن": هل من المعقول أنه تم تعذيبه بهذا الشكل دون أن يسمع الجيران صراخه؟
ليندا معايعة: للأسف نحن مجتمع يحب "الحكي"، والفرجة، ووقت اللزوم لا نتحرك. (وكانت أوشكت على البكاء هنا).
"كل الأردن": ما تعقيبك على قضية يزن؟
ليندا معايعة: كان بالإمكان تلافي ما حصل لو أن حماية الأسرة أغلقوا ملف أخيه في عام 2007، وكان عمر يزن وقتها سنتين فقط. وحتى الشرطة الذين ألقوا القبض على والديهم لم يتحرزوا على الطفلين...وكان من الممكن أن تمر القضية دون الضجة التي أحدثتها، ولكنني تمكنت عبر برنامج "بحدث اليوم" في التلفزيون، ومع المذيعة ضياء، من إيصال الموضوع، فتفاعل الناس معه، وحقق هذه الضجة.
الجرائم ضد الأطفال هي أكثر شيء أكرهه. وأذكر هنا جريمة أكثر بشاعة من جريمة يزن، فقبل سنوات كان هناك طفل اسمه زكريا، عمره 5 سنوات، حدد الطب الشرعي سبب وفاته بالتهاب رئوي شديد، ولكنه كان قد تعرض لتعذيب أشد بكثير مما عانه يزن، فمثلاً كانت والدته تضع رجله في طنجرة ماء يغلي.
وهناك قصة انفردت بها "العرب اليوم"، وهي قصة قصي، وتصنف حالته على أنها متلازمة الطفل المرتج، أي أنه تعرض لرجّ عنيف. والده كان يغار من اهتمام أمه به. وقد أدخل إلى المستشفى مرة قبل وفاته بنفس الأعراض، ولم تثر حالته اهتمام الأطباء في المستشفى، واكتفوا بعلاجه فقط، وعاد إلى نفس البيئة، وتعرض للإيذاء مرة أخرى ومات.
"كل الأردن": في ضوء كل الجرائم التي سمعنا عنها مؤخراً هل يمكن القول أن معدلات الجريمة ارتفعت في الأردن؟
ليندا معايعة: بالعكس، لقد انخفضت. وإذا استثنينا جرائم الشرف والجرائم المتفرقة فإن القضايا الكبيرة تراجعت إلى حد كبير مقارنة مع منتصف التسعينيات ونهايتها. مثلاً وقعت جريمة القشاش وهاني وحنين في عامي 97 و 98. الجرائم الآن معظمها جرائم مشاجرات، وجرائم (ما بتعبي الراس!). ولكنها تأخذ تغطية إعلامية أكبر الآن مع انتشار المواقع الإلكترونية ومع إنشاء مكتب إعلامي للأمن العام.
"كل الأردن": ومع ذلك فأخبار الجرائم تتصدر اهتمامات قراء الصحف والمواقع الإلكترونية، بماذا تفسرين ذلك؟
ليندا معايعة: هي أولاً أخبار ملفتة للانتباه، وتنفس عن الغضب المتراكم لدى الإنسان، كما أنها تعبر عن نزعة الشر الموجودة لدى الإنسان. وبالمناسبة نحن يغيب لدينا التأهيل النفسي، وبالتالي عند أية لحظة مناسبة من الممكن أن يرتكب أحدنا جريمة. على سبيل المثال اللحام الذي ضرب صديقه بالقطاعة بسبب موقف لحظي.
وأريد التأكيد هنا على وجوب تغليب المصلحة عند النشر. ليس كل شيء ينشر، لأن بعض ما ينشر قد يسيء إلى أهل الجاني أو الضحية، كما قد يؤخر ويعيق جهود الأمن. فمثلاً قضية الطفل ورد يعيقها الإعلام والإشاعات، وأصبحت جهود الأمن مشتتة بالإشاعات وبالإعلام الذي يسلط الضوء على كل تحركاتهم، فأصبحت مكشوفة للمجرمين.
وفي قضية جيهان التي حاولت الانتحار، كان ينبغي الاستعانة بخبير لغة جسد، والمحافظة على خصوصية الفتاة. بعد أن تم إنزالها وأصيبت بالإغماء، حاولت قدر استطاعتي لفت انتباه الموجودين إلى ضرورة تغطية وجهها حتى لا يتم تصويرها في ذلك الوضع، وهو فيه إيذاء لها ولعائلتها.
"كل الأردن": نعود إلى تجربتك مع الجثث. كيف أثر بك احتكاكك معها ومع عالم الجريمة؟ هل أصبحت أكثر عدائية مثلاً؟
ليندا معايعة: بالعكس، فالتعامل مع الجثث يعطي سكينة وهدوءاً وطمأنينة. أول مرة شاهدت جثة كانت لطفل ميت في الخداج. وبقيت أبكي ليومين. ومع إصراري على التعامل مع الجثث لمعايشة التجربة بواقعية أصبحت أقدّر حق الميت، وأدرك أن له حقاً ويجب احترام جثته. وهذا أثر على تعاملي اليومي مع الناس، فأصبحت أكثر هدوءاً وسكينة. ثم أنني تخلصت من خجلي في التعامل مع الناس، كنت خجولة فأصبحت أكثر جرأة.
"كل الأردن": كيف تصفين علاقتك مع مسرح الجريمة؟
ليندا معايعة: رجال الأمن يحترمونني لأنهم جربوني عدة مرات ويعرفون مصداقيتي ومهنيتي، ويعرفون أنني أغلّب المصلحة العامة عند تقدير ما ينشر وما لا ينشر، ثم أنني أراعي جيداً ما يخبرونني به للمعرفة وليس للنشر. ولا أنشره. أما بالنسبة لأهل الضحية فإنني أجيد التعامل معهم واستيعابهم. نقلا عن موقع كل الاردن
#وليد_حكمت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اصحاب الحقوق المنقوصة واصحاب الحقوق الكاملة في الاردن
-
نحو اصلاح التعليم في الاردن
-
هل هناك ضرورة لتشكيل هيئة (نقابة أو اتحاد أو هيئة ) للمعلمين
...
-
البيوت الترابية القديمة والملمح المعماري لبيوت الواحات الصحر
...
-
رسالة الى صديقي الدكتور فواز الحصان بخصوص دراسة تاريخ العشائ
...
-
مقالة في الحرية الانسانية
-
انحطاط المثقف العشائري
-
رسالة الى صديق- من هو المثقف؟؟؟
-
العشائرية نتاج طبيعي لغياب مشروع الدولة الوطنية
-
المستثمر الكويتي يطلق رصاصة الرحمة على مصنع الزجاج في معان
-
الرجعية الوهابية تتمترس مجددا في خندق الصهيونية
-
ابناء مدينة معان في رسالة نارية الى النائب ناريمان الروسان-ن
...
-
ملاحظات حول مقالة السيد قوجمان بشأن الوضع الطبقي في الاردن
-
نقابة عمال شركة الفوسفات الاردنية الذيلية بين الشعارات الخاد
...
-
من المسؤول عن انتشار ظاهرة التطرف و العنف في مدينة معان الار
...
-
وماذا بعد انتفاضة رعاة الغنم في الاردن؟؟؟؟؟؟
-
اضراب سائقي القطارات في مؤسسة سكة حديد العقبةالاردنية ... نض
...
-
هل سيحرم اطفال الاردن من الحليب ... انها عقيدة تجار عمان وال
...
-
لوحة التناقض بين الاردن البرجوازي والاردن الشعبي
-
قضية سما السدود والملكيات الاقطاعية
المزيد.....
-
الجيش اللبناني يعلن تسلمه 3 معسكرات تابعة لفصائل فلسطينية لب
...
-
منظر مذهل في تركيا.. تجمد جزئي لبحيرة في فان يخلق لوحة طبيعي
...
-
إندونيسيا تحيي الذكرى العشرين لكارثة تسونامي المأساوية التي
...
-
ألمانيا تكشف هوية منفذ هجوم سوق الميلاد في ماغديبورغ، وتتوعد
...
-
إصابات في إسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ حوثي
-
شولتس يتفقد مكان اعتداء الدهس في ماغديبورغ (فيديو+ صور)
-
السفارة السورية في الأردن تمنح السوريين تذكرة عودة مجانية إل
...
-
الدفاع المدني بغزة: القوات الإسرائيلية تعمد إلى قتل المدنيين
...
-
الجيش الروسي يدمر مدرعة عربية الصنع
-
-حماس- و-الجهاد- و-الشعبية- تبحث في القاهرة الحرب على غزة وت
...
المزيد.....
|