|
الرحلة 504 من لندن الى روما
عصام البغدادي
الحوار المتمدن-العدد: 815 - 2004 / 4 / 25 - 09:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اطلق سجن شكيما في عسقلان يوم الاربعاء 21 من الشهر الحالي في الساعة الحادية عشر صباحا سراح موردخاي فانونو الذى امضى عقوبة 18 عاما في السجن ، وكان فانونو يأمل في أن يسافر إلى خارج إسرائيل بعد إطلاق سراحه غدا الأربعاء لكن السلطات الإسرائيلية أمرته بعدم التوجه إلى أي مطار أو ميناء أو التحدث إلى أجانب دون الحصول على إذن مسبق. وقالت الحكومة الإسرائيلية في بيان يبرر القيود الجديدة التي فرضتها على فانونو " لقد كشف موردخاي فانونو أسرار الدولة بخصوص مفاعل ديمونه النووي، ولا يزال يمتلك أسرارا رسمية لم يكشف عن بعضها".
مردخاي فانونو ومفاعل ديمونة في صباح 5 اكتوبر من عام 1986 فوجيء قراء الصنداي تايمز اللندنية بمقال او موضوع طويل بعنوان «اسرار الترسانة النووية الاسرائيلية» وضم الموضوع معلومات لم يكن العالم كله يعرفها بهذه الدقة والوضوح عن القدرة النووية لاسرائيل وفي تفاصيل الموضوع ان الجريدة قبل ان تنشر الموضوع عرضته على خبراء نوويين لكي تتأكد الصحيفة من دقة المعلومات الخطيرة التي تبرع بها موردخاي فانونو لمحرر الجريدة وقد دهش الخبراء النوويون من الادلة الأكيدة التي قدمها فانونو. والذي اكد في معلوماته ان اسرائيل لا تملك القنبلة الذرية فقط حيث كان العالم كله يشك بطبيعة الحال في امتلاكها لهذه القنبلة ولكن ما قاله فانونو يؤكد ان اسرائيل اصبحت القوة النووية السادسة في العالم، وأكد التقرير الذي هز العالم ان مفاعل ديمونا انتج حتى عام 1986 ما بين 100 و200 سلاح نووي وبقوى تدميرية مختلفة واخطر ما جاء في المعلومات التي ادلى بها فانونو للجريدة الشهيرة في بريطانيا هي استخلاص البلوتونيوم لفترة طويلة وبشكل سري في مكان مجهول تحت الارض بعيدا عن اية رقابة حتى ولو كانت الاقمار الصناعية المتقدمة او حتى تلك التي تستخدمها الولايات المتحدة الاميركية في التجسس على سكان الارض!! الفضيحة كان شيمون بيريز رئيس وزراء اسرائيل في هذه الفترة على وشك تسليم السلطة الى اسحاق شامير زعيم حزب الليكود عندما وضع سكرتيره الخاص ذات صباح تقريرا امامه يلخص ما حدث من الفني النووي موردخاي فانونو وما نشرته الصنداي تايمز واختتم السكرتير الصحفي تقريره بأن كل اسرار مفاعل ديمونه والسلاح النووي الاسرائيلي اصبح معروفا على مستوى العالم كله. امسك بيريز بسماعة التلفون وادار رقم اسحاق شامير وزير خارجيته وزعيم حزب الليكود في ائتلاف الحكم كما طلب كذلك اسحاق رابين وزير الدفاع وطلب من مدير مكتبه عدم ازعاجهم بأي شيء مهما كان..! جلس الثلاثة الى منضدة ملحقة بمكتب رئيس الوزراء وتساءل شامير في لهفة ما الذي جرى سيادة الرئيس...؟ فضيحة يا سيد شامير.. بل قل انها فضيحة نووية.. انزعج رابين واستعجل بيريز في لهجة حازمة.. ما الذي جرى هل حدث شيء لمفاعل ديمونة..؟ نعم.. استطاع فني من العاملين في المفاعل من الهروب الى الخارج وتحديدا الى استراليا والتقى بشخص عرض عليه اذاعة اسرار المفاعل كلها، ومن ثم اخذه وذهب الى بريطانيا بصحبة صحفي بريطاني حيث ادلى بكل ما لديه من معلومات وأصبحت فضيحة على مستوى العالم كله. والآن؟ لابد من احضاره وبأي ثمن!! كيف؟ لابد من خطفه وتلك مهمة الموساد بعد ان فشل الشين بيت في معرفة دوافعه وميوله وفشل في كشفه قبل ان يهرب للخارج ومعه صور للمفاعل وما يتم بداخله... ورد رابين: اذن وما الذي تنتظره؟ لابد ان يعلم كل اسرائيلي ان من يخون امن اسرائيل لا مكان له لدينا.. ولكن هناك مشكلة؟ ما هي؟ انه الآن في بريطانيا.. ونحن لا نريد ان نخسر حليفا من اهم حلفائنا اذا قمنا بخطفه من بريطانيا. قال شامير: اتصل بالسيدة مارجريت تاتشر واعلمها بالموضوع وأخبرها ان المطلوب فقط مساعدتها والمخابرات البريطانية وأن بقية المهمة ستكون علينا.. ولكن لا تلمح لها عن فكرة خطف فانونو..عقب هذا الاجتماع طلب بيريز من مدير مكتبه جمع رؤساء تحرير الصحف الاسرائيلية على وجه السرعة وعندما اكتمل عددهم دخل عليهم بيريز ودون ان يجلس على مقعده قال بصوت يغلب عليه الاسى والغيظ في الوقت نفسه: ارجو منكم الا تعطوا لهروب فانونو ونشره اسرار ديمونة الاهمية الزائدة وان توقفوا النشر حول هذا الموضوع ما أمكن. رد رؤساء التحرير جميعا بصوت واحد.. مفهوم يا سيدي!!! في بريطانيا.. في اليوم التالي مباشرة كانت الصحف البريطانية تنشر خبرا في صدر صفحاتها يقول ان بيريز يطلب من صحفييه عدم الاهتمام بما نشرته الصنداي تايمز وهذا يعني ان كل ما قاله فانوني صحيح.. وألحقت الصحف تعليقا على هذا قالت فيه ان السفارة الاسرائيلية كذبت عندما قالت ان ما نشرته الصنداي تايمز عن قصة فانونو كان ملفقا وأن فانونو ربما لا يكون في بريطانيا اصلا.. وفي هذا الصباح التقط شاب يبدو من هيئته انه من دول منطقة الشرق الاوسط متوسط الطول واسع العينين اصلع الرأس، صحيفة الصنداي من احد باعة الصحف بشارع غير رئيسي بلندن وفوجيء بأن الصحيفة تنشر ما قاله بيريز والسفارة الاسرائيلية فطوى الجريدة بسرعة وهرع الى حيث يقيم وبدأ يلملم اغراضه فلابد ان الموساد سيبدأ منذ هذه اللحظة في البحث عنه.. هبط من الشقة بسرعة واجتاز الطريق الجانبي حتى وصل الى محطة لمترو الانفاق والقى بنفسه على مقعد وأرجع رأسه للخلف حيث اخذته غفوة دار خلالها شريط حياته كلها خلال هذه الرحلة. المأساة.. كان الطفل موردخاي فانونو قد بلغ السنة السادسة في عام 1960 من عمره عندما قالت امه لابيه العامل البسيط بمزارع المغرب ان عليه ان يرتب ارسال موردخاي الى المدرسة هذا العام، ورد عليها زوجها بحدة اية مدارس وأية دراسة؟ نحن يهود والمغرب لن تكون بلدنا ابدا ولن اسمح لابنائي بالعيش فيها لقد رتبت بدلا من ذلك امر رحلتنا جميعاً الى أرض الميعاد، الى فلسطين وكلها أيام وسنكون هنا وهذا ما يجب ان ترتبي أمور حياتك عليه وليس شيئاً آخر. صمتت المرأة وبعد أسابيع قليلة كانوا بالفعل قد وصلوا الى أرض الأحلام، ولكن تحت مسمى اليهود السفارديم أو يهود الشرق واكتشف الأب والأم والأسرة كلها الخديعة، ان في اسرائيل نوعين هما أحد هذين النوعين ولكنهم النوع الأدنى.. ومات الحلم عندما اضطر الأب ان يأخذ زوجته وأطفاله السبعة ويتجه بعد ان تم توزيعه مع بعض اليهود المغاربة واليمنيين الى منطقة بئر السبع ليعيش شهوراً طويلة معزولاً يتلقى المساعدات من الحكومة إلى ان قرر ان ينزل الى سوق بئر السبع ويفترش فرشة رص عليها أكواماً من الكتب القديمة وبدأ في عمل جديد عليه تماماً، ولكنه يجب ان يعيش وسط هذه الصحراء القاحلة من أرباح هذه الكتب القديمة وأن يتبادل الأحاديث يومياً مع زبائن سواء كانوا عرباً أم يهوداً. سنوات قليلة ووجد فانونو نفسه مطالباً بالوقوف الى جوار والده وتوقف عن استكمال دراسته واكتشف والده انه لا يذهب الى المدرسة، فسأله: وماذا تنوي ان تفعل؟ ـ سألتحق بالجيش.. وأدرس بجامعة تل أبيب. لم يعلق الأب بل ربما حمد الله ان خرج من عباءته واحد من الأسرة الكبيرة ولعله يساعده في تربية أشقائه الستة الآخرين. ديمونة ظل موردخاي في الجيش على رتبته التي وصلت الى عريف بسلاح المهندسين والتحق بالفعل بجامعة تل أبيب ودرس بقسم الفيزياء وظل يعمل ويدرس الى ان بلغ الحادية والعشرين من عمره عندما وقع بصره على اعلان بجريدة تطلب شباباً في تخصص للالتحاق بدورة تدريبية للعمل بمصنع لم تحدد هويته بعد. في الصباح كان على باب المصنع في صحراء النقب، منطقة بعيدة جداً عن مسكنه ومريبة ولكنها بالفعل تضم مبنى يبدو لمن يراه لأول وهلة وكأنه مصنع صغير.. واكتشف لحظة وصوله انه مفاعل ديمونة الذري! راجع الضابط الجالس في مكتب الاستقبال اسمه وطابقه على الطلب الخاص به والموافقة التي حصل عليها وبعدها صحبه الى غرفة تضم لجنة مكونة من مجموعة من الضباط حيث تركه لهم. سأله الضابط: هل تشرب الخمور؟ ـ لا يا سيدي. هل تتعاطى المخدرات؟ ـ لا يا سيدي. هل سبق وان حكم عليك بالسجن في أية تهمة؟ ـ لا يا سيدي. بأي حزب أنت؟ ـ لست منتمياً لأي حزب من الأحزاب. مَنْ مِنْ قادة اسرائيل يعجبك أكثر؟ ـ السيد مناحيم بيغن وحزب الليكود. ما رأيك في اسرائيل؟ ـ شعب الله المختار. والعرب؟ لا وجود لهم بيننا ومن الطبيعي ان نأخذ أرضنا منهم.. كتب الضابط بعض العبارات ومرر الأوراق الى زملائه الذين تتكون منهم اللجنة، وفي النهاية علم انه قُبِل كفني بمفاعل ديمونة النووي وكان ذلك في نوفمبر عام 1976، وفي اليوم التالي وقع أوراقاً تفيد بحصوله على منحة دراسية تدريبية مكثفة في الفيزياء والكيمياء والرياضيات واللغة الانجليزية. كانت البعثة تضم 39 شخصاً آخرين تم اختيارهم من 45شخصاً كانوا قد تقدموا للعمل وانتهت البعثة الدراسية في نوفمبر 1977 وأصبح رسمياً موظفاً بالمفاعل الذي يقع في منطقة تحت الأرض في بئر السبع وقبل ان يجتاز بوابة الأمن المؤدية الى قلب المفاعل النووي دخل في غرفة كبيرة بها مكتب فخم وقدم له شخص لا يعرفه ورقة بها تعهد ينص على عقوبة السجن لمدة 15 سنة لمن يفشي سرا لأي انسان مهما كان عن طبيعة عمله في مفاعل ديمونة. التحول ظل موردخاي فانونو يواصل دروس الفيزياء الذرية والكيمياء ودراسة خصائص البولوتونيوم واليورانيوم، ثم خضع لفحص طبي خلال الأسابيع الأولى وأعطي وزملاؤه بطاقات أمنية تخوله الدخول والخروج بحرية من والى المفاعل في أي وقت، وقال له رئيس المنطقة التي يعمل فيها داخل المفاعل ان أمامه عشرة أسابيع كي يتعرف مع زملائه على كافة مجالات العمل والاجهزة الدقيقة بالمفاعل قبل ان يبدأ العمل فعلياً. في هذا اليوم أدرك فانونو أهميته كموظف في مكان حساس، كما أدرك انه رغم أهميته فإنه لن يستطيع اخبار أحد مهما كان بطبيعة عمله أو مكانه، وقبل ان يغادر طلب منه رئيس الوردية التي يعمل من خلالها ان يلتحق بالجيش كأي اسرائيلي، إلا انه رفض عندما امتنع عن الاجابة على سؤال سأله المسئول عن التجنيد عن طبيعة عمله، فقال مكان حساس جداً، ولما أصرت القيادة على معرفة هذا العمل، رفضوا التحاقه بالجيش وأصبح في 7 أغسطس عام 1977 موظفاً رسمياً بالمفاعل حيث عين كرئيس وردية ليلية ليبدأ عملها بين الساعة الحادية عشرة مساء وحتى الثامنة صباحاً. مرت شهور طويلة وفانونو يذهب يومياً الى محطة خارج التكتل العمراني، حيث يترك سيارته في هذا المكان النائي ويستقل باصاً خاصاً يقله هو وزملاءه الى حيث مقر المفاعل النووي ديمونة.. الى ان أصابه الملل من السرية والتكتم والعمل الشاق الذي يقوم به، ودون مقدمات سأل أباه ذات يوم والأسرة كلها مجتمعة على مائدة الطعام.. أبي لماذا نحن يهود؟ قال له أبوه وهو مندهش من السؤال: لأنه دين آبائنا وأجدادنا. ـ إذن آباؤنا وأجدادنا هم الذين اختاروا لنا هذا الدين؟ ـ ماذا تقول؟ ـ أقول انني قررت ان أختار ديني بنفسي، ثم وضع الملعقة على المنضدة ونهض دون ان يتفوه بكلمة وخرج من بيت أبيه ولم يعد اليه ثانية، وكان ذلك عام 1980. ظل فانونو منقطعاً عن زيارة أهله أو الاتصال بهم وتغيرت شخصيته تماماً وأصبح يشعر في داخله باحتقار شديد لليهود واليهودية، شعر انه اكتشف حقيقة اليهود كما هي دون تزوير.. وانقطع عن هذه الديانة كلياً واصبح علمانيا.. لا دين له، فلم تعد تقنعه الديانة اليهودية وفي الوقت نفسه فهو لا يعرف شيئا عن الديانات الأخرى واستمر على هذا الحال حتى عام 1982 عندما سمع وقرأ وشاهد الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982 فازدادت نقمته أكثر على اليهود جميعا وعلى اسرائيل بشكل خاص، وبدأت جامعة بئر السبع التي كان لايزال يدرس بها الفلسفة هناك تشهد مشاغبات علنية منه لا تتفق وطبيعة عمله بل زاد الطين بلة بعد احداث لبنان ان بدأ يتصادق مع الطلبة العرب واخيرا قرر ان ينضم للحزب الشيوعي الاسرائيلي وعندما يسأله امين الحزب عن طبيعة عمله قال له انه لا يعمل وكان بطبيعة الحال لايزال فنيا بارزا بالمفاعل حتى هذه اللحظة وبانضمامه للحزب الشيوعي تغيرت نظرة فانونو للحياة بشكل كامل الى ان جاءت القشة التي قصمت ظهر البعير وكشفت توجهات فانونو في وقت مبكر قبيل تداعي الاحداث بشكل مأساوي فيما بعد وذلك عندما علم ان احد اساتذته بالجامعة قد سجن. في هذا اليوم جرى مسرعا الى مكتب مدير الكلية يسأل لماذا سجن الاستاذ.؟ ـ لأنه رفض الخدمة في الجيش الاسرائيلي المحتل للاراضي العربية أو لهذا السبب يسجن؟ ـ نعم.. ومن الممكن ان تسجن أنت ايضا اذا قررت أن تنحو منحاه.. خرج فانونو من مكتب مدير الجامعة ليجمع زملاءه الطلاب ونظم مظاهرة صاخبة اخذت تطالب باطلاق سراح الاستاذ المحبوس.. في الشين بيت كانت كل التطورات التي تحدث داخل الجامعة وما يصاحبها من تغييرات في شخصية فانونو الفني بالمفاعل الذري تسجل يوما بيوم وعندما وضعت هذه التقارير امام مدير الشين بيت طلب رئيس الجهاز القائم على ادارة المفاعل النوي وابلغه بما يحدث من فانونو.. واستدعي فانونو الى مكتب رئيس المفاعل.. وقال له.. اصمت والا تفصل من العمل نهائيا لم يهتم فانونو بما قاله المسئول عن المفاعل واستمر في عمله واستمر في الوقت نفسه في ثرثرته ومشاغباته ولذا فقد وجدت ادارة المفاعل نفسها تقرر فصله من العمل بالمفاعل النووي الاكثر سرية في العالم وكان ذلك في شهر نوفمبر عام 1985 وعندما علم بالفصل دخل على المسئول الأكبر عن المفاعل وسأله لماذا تم فصلي؟.. كان الجواب: بهدف خفض التكاليف.. الى استراليا.. في اليوم التالي كان فانونو ينشر اعلانا في الصحف يعلن فيه عن رغبته في بيع سيارته وشقته وبعد يومين باعهما بالفعل وقرر ان يسافر خارج اسرائيل ولكن الى اين؟ قال لنفسه الى ابعد مكان.. وليكن استراليا التي وصلها في فبراير 1986. كان الحقد والغيظ قد بلغ بفانونو مبلغه على «اسرائيل» وقادتها وعلى الديانة اليهودية كلها.. فقرر ان يقطع علاقته نهائيا بالدولة ودينها عندما وصل الى احدى الكنائس وطلب من القس ان يخبره كيف يصبح مسيحيا، ولم يضع القس وقتا وصحبه الى قادة الكنيسة واعلن مسيحيته بعد وقت قصير.. لقاء عاش فانونو في استراليا وكأنه سيعيش بها بقية عمره كان يصحو في الصباح فيذهب الى مقهى هاديء في الشارع الرئيسي للمدينة التي يعيش بها حيث يشرب القهوة ثم يتناول افطاره ويقضي بقية وقته متسكعا في الطرقات حتى الليل حيث يعود الى مسكنه الى ان جاوره صباح يوم من الايام شخص يبدو من هيئته انه من مواطني اميركا اللاتينية.. حيث حياه جاره بايماءة معتقدا انه لاتيني مثله نظرا للملامح القريبة بين اهل اميركا الجنوبية وابناء منطقة الشرق الاوسط وعندما سأله هذا السؤال قال له: لابل من المغرب. ـ انت عربي اذن؟ ـ كنت كذلك ـ ماذا تعني؟ قص فانونو حكايته كامله على جاره الذي اكتشف خلال حواره معه انه من كولومبيا.. وأنه صحفي.. اندهش فانونو من كونه صحفيا وسأله: وهل تعمل هنا باستراليا؟ ـ لابل في زيارة سياحية.. ـ هل تعلم اني من الممكن ان اجعلك اشهر صحفي في العالم..؟ ضحك اوسكار جيرار الصحفي الكولومبي بطريقة توحي بأنه لم يأخذ الكلام على محمل الجد.. فاعاد فانونو التأكيد على كلامه. سأله اوسكار باهتمام؟ كيف؟ ـ لدي شريطان مصوران عن مفاعل ديمونا من الداخل لقد كنت اعمل كفني بالمفاعل النووي الاسرائيلي لتسع سنوات قبل ان يفصلونني، وقد التقطت هذه الصور اثناء النوبات الليلية التي كنت اعمل فيها بالمفاعل.. ـ ولكن اذا كان كلامك صحيحا فمن الممكن ان نبيع هذه الصور ونصبح من الاثرياء.. ـ صدقني اذا قلت لك ان ذلك لا يهمني.. ـ وماذا يهمك اذن..؟ ـ يهمني ان يعرف العالم كله اي خطر تشكله اسرائيل على العالم وعلى منطقة الشرق الاوسط تحديدا.. انهم يخدعون العالم كله بالحديث عن كونهم مضطهدين وان العرب يريدون الفتك بهم بينما لديهم ما يزيد على مئة قنبلة نووية ومفاعل قوته 150 ميجاوات ينتج كل انواع القنابل الحرارية والهيدروجينية والنيوترونية، وهذا المفاعل به 2700 عامل وكنت انا ضمن 150 عاملا فقط الذين كان مسموحا لهم بدخول كل اقسام هذا المجمع النووي قال له صديقه الكولومبي.. اذا كانت معلوماتك هذه صادقة فسوف تنقلب الدنيا رأسا على عقب اذا نشرت هذه المعلومات.. ـ وكيف ننشرها..؟ ـ اترك هذه المهمة لي.. بدأ اوسكار جيرار وصديقه النووي الاتصال بكل صحف العالم الا ان احدا لم يصدق ما يقوله هذا الرجل وقال له احد محرري صحيفة اميركية هل من المعقول ان تدخل مفاعل نووي ومعك كاميرا وتصور وتخرج دون ان يكتشفك احد؟ انني لا اصدق.. اما انك عميل او مجنون.. ـ لم ييأس جيرار وقرر اخيراً ان يتصل بمواطن استرالي شهير جداً بل انه اشهر رجل في عالم الصحافة وقبل ان يسأل موردخاي قال له جيرار سنتصل بماجنيت روبرت ميردوخ ملك الصحافة بلا منازع ومالك الصنداي تايمز البريطانية.. وهل سيصدقنا؟ ـ نحن في استراليا وهو قريب منا ولن نخدعه.. بالفعل اتصل جيرار بروبرت ميردوخ الذي قرر ان يمضي معهما للنهاية وطلب الجريدة في بريطانيا وامرهم بارسال محرر الى سيدني لاستطلاع الامر. وصل الصحفي البريطاني بيتر هونام الى سيدني وفي الموعد والمكان المحددين كان فانونو وجيرار وهونام يجلسون معاً حيث تأكد هونام من جدية ما يتحدث فيه فانونو وفي نهاية الجلسة قال هونام.. ليس أمامك الا ان تأتي معي الى لندن لكي ننشر هذه التفاصيل وسوف تحصل على 75 ألف دولار اميركي مقابل نشر المعلومات والصور ووافق فانونو وصديقه الكولومبي.. وسافر الثلاثة الى لندن. بلاغات علمت المخابرات الاسترالية بكل ما دار في هذا اللقاء الثلاثي وفي اليوم الذي غادر فيه الاسرائيلي فانونو سيدني كانت المخابرات الاسترالية تبلغ الموساد بالقصة كاملة وابلغتهم انه الآن في طريقه الى لندن.. كما ابلغت المخابرات البريطانية بوصول فانونو الى اراضيها!! اصبحت الآن القصة على كل لسان.. وتساءل الصحفيون البريطانيون بعد كشف اسرار الترسانة النووية لماذا فضح السر النووي الاسرائيلي الآن! وقال الكتاب في مقالاتهم واعمدتهم ان هناك احتمالا ان تكون «اسرائيل» قد عمدت الى كشف هذه القصة عن المفاعل النووي بعد ان ادرك العسكريون الاسرائيليون الخطر الذي يواجههم بعد وصول صواريخ SS-21 السوفييتية الدقيقة الى سوريا وان سوريا يمكن ان تزود هذه الصواريخ برؤوس كيماوية وانها نتيجة هذا الخوف ارادت ان تخيف سوريا بنشر هذه القصة عن مفاعلها النووي لترتدع سوريا وبقية البلاد العربية المجاورة لها، خاصة وان شامير مقبل على مفاوضات سلام مع العرب واذا حدث وقدم تنازلات للعرب فإنه يقدمها بأمان للمستقبل الذي تحميه القنابل النووية.. صحوة.. وغفلة.. استيقظ فانونو فجأة ليجد نفسه لا يزال داخل قطار الانفاق الذي سار به مسافة طويلة قبل ان يعود الى لندن مرة اخرى حيث نزل من القطار واتصل برئيس تحرير الصنداي تايمز الذي اكد عليه الا يظهر في الاماكن العامة وان يكون حريصاً اذ لابد ان اسرائيل قد ارسلت فريقاً من الموساد للبحث عنه.. لم تكن هذه المعلومة جديدة على فانونو الذي كان متأكداً من ذلك تماماً.. وبالفعل كان بيريز قد اصدر اوامره للموساد لاحضار فانونو من بريطانيا ولكنه لم ينس ان يحذر رئيس جهاز الموساد من حساسية الاحتكاك بالحكومة البريطانية او سيادتها وقوانينها وبالتالي كانت مهمة الموساد صعبة ولم يعرف الفريق الذي وصل الى بريطانيا من اين يبدأ الى ان جاءتهم التعليمات بمراقبة الصنداي تايمز ليل نهار بكاميرات من كل الانواع. وجد فانونو نفسه يتصل بصديقه اوسكار لكنه لم يجده وعندها قرر ان يزور المحرر الانجليزي بالصنداي تايمز وساقته قدماه الى مقر الجريدة وبعد نصف ساعة خرج منها ليجلس على مقهى وطلب فنجاناً من القهوة في نفس اللحظة التي نظر فيها نحو باب المقهى حيث دخلت شقراء لفتت نظره انها ابتسمت له فدعاها على فنجان قهوة ولم تمانع، وتكررت لقاءاتهما الى ان اختفت فجأة. مضت عدة ايام قبل ان يخرج من مكمنه مرة اخرى ووجد نفسه يسير في اتجاه ميدان ليستر وهناك لم يصدق نفسه فقد كانت ساندي الجميلة في مواجهته تماماً وفي الميدان عابها على اختفائها فتعللت بالمرض وقالت له سأعوض لك غيابي ما رأيك لو سافرنا الى روما عدة ايام؟ بشرط ان تشتري انت التذكرة باسم غير اسمي.. وبعد يومين كانت ساندي وفانونو في مطار هيثرو في طريقهما على الطائرة البريطانية رحلة 504 من لندن الى روما في 30 سبتمبر 1986، وخلال الرحلة اكدت له ان بيتها سيكون اكثر اماناً من القلق والتوتر الذي يعيشه في لندن. واختفى فانونو من لندن ومن بريطانيا كلها وانقطعت اخباره عن كل من يعرفونه الى ان وصل لشقيقه في «اسرائيل» معلومة تقول ان اخاه قد اختفى في ظروف غامضة في بريطانيا فهدد برفع الامر الى المحكمة العليا ان لم تكشف الحكومة الاسرائيلية النقاب عن سر اختفاء شقيقه فاعلنت الحكومة الاسرائيلية بعد 40 يوماً من اختفائه انه موجود باسرائيل ورهن المحاكمة واكتشف فانونو وهو في ايطاليا ان ساندي لم تكن سوى عميلة للموساد ما ان دخل الشقة معها في روما حتى فوجئ بثلاثة اشخاص يقيدونه ثم قامت ساندي بحقنه بحقنة مخدرة ووضع في صندوق ونقل بطائرة صغيرة الى ميناء بحري حيث نقل بحرا الى «اسرائيل» وظل في البحر اسبوعاً قبل ان يصل الى «اسرائيل» حيث ألقي بزنزانة مظلمة ليس بها الا فراش ملقى على الارض حوكم فانونو على اساس ثلاث تهم، الخيانة والتجسس الخطر وجمع معلومات سرية بقصد اضعاف امن الدولة وعقدت المحكمة بشكل سري في محكمة بالقدس حيث غطيت كل نوافذها بلون قاتم وخلال نقله من السجن الى المحكمة كان الجنود يلبسونه خوذة كخوذات قائدي الدراجات البخارية حتى لا يسمع اسئلة الصحفيين ولا يستطيع الكلام ولكنه مع ذلك استطاع اثناء عودته من احدى جلسات المحاكمة الى السجن من اشكلون ان يكتب تفاصيل ما حدث له على راحة يده وذراعه ويضع كف يده على نافذة السيارة حيث عرف العالم كله انه خطف من روما بوساطة الموساد وساندي. في مارس 1988 حكم على فانونو بالسجن 18 سنة واعتبر خائناً عوقب طبقاً لقوانين الدولة التي لديها استعداد ان تخسر حتى اصدقائها لكي تستمر.
وكان موردخاي فانونو، التقني الإسرائيلي الذي عمل لمدة 10 سنوات في مركز الأبحاث النووية قد أكد في اعترافاته التي أذيعت بتلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية في مارس الماضي أن إسرائيل قد أنتجت حوالي 100 قنبلة نووية، وأن مفاعل ديمونا ينتج 40 كيلوجرامًا من البلوتونيوم سنويًّا. ويقضي فانونو الآن مدة عقوبة 18 عامًا بتهمة إفشائه أسرارًا عسكرية. وقال فانونو: "يعلم الجميع أنني لم أسجن لأني سرقت أو قتلت، أنا هنا بسبب ما أومن به، وإذا أُخذ في الاعتبار مبادئي والمعلومات التي حصلت عليها، فسيكون حتمًا عليّ أن أفعل ما فعلت"، ويضيف "لقد كانت حريتي ومجازفتي بحياتي ثمنًا دفعته لأكشف الستار عن مخاطر الأسلحة النووية المحيطة بالمنطقة". وفي عام 1999 نشرت صحيفة يدعوت أحرونوت الإسرائيلية لأول مرة مقتطفات من سجلات عمرها ثلاثة عشر عاما من محاكمة موردخاي فانونو المتهم بكشف أسرار البرنامج النووي الإسرائيلي لإحدى الصحف البريطانية، وحسب السجلات التي يصل عدد صفحاتها إلى ألف ومئتين ، قال فانونو للمحكمة إنه أراد التأكيد على حقيقة كانت معروفة لدى الجميع، وهي امتلاك إسرائيل لأسلحة نووية، وأن هدفه كان الضغط على إسرائيل من أجل إخضاع برنامجها النووي للرقابة الدولية، وقد سمح بنشر تفاصيل المحاكمة بناء على طلب تقدمت به الصحيفة قبل أربعة أشهر و موافقة المدعي العام. وخصصت يدعوت أحرونوت نصف صفحتها الأولى وتسعة صفحات داخلية لمقتطفات من سجلات المحاكمة وقد انتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق شيمون بيريز، والذي يعتبر مهندس البرنامج النووي الإسرائيلي، قرار السماح بنشر مقتطفات المحاكمة، وقال إن كل دولة لها حق الاحتفاظ بأسرارها في بعض المجالات.
ومنذ قضية فانونو تسرب القليل عن التطور النووي في إسرائيل ولكن في عام 1997 كتب أفنير كوهين وهو أكاديمي إسرائيلي كان يدرس في شيكاغو وبوسطن كتابا عن تاريخ برنامج الأسلحة النووية بعنوان إسرائيل والقنبلة. وقال كوهين ان عمله لا يحتوي على أسرار مشفرة ولا أي معلومات جديدة ولكن الرقابة الإسرائيلية منعته , وفي النهاية تم نشره في أميركا. وقبل أسبوعين من إلقاء القبض على ياكوف عاد كوهين إلى القدس لإلقاء كلمة في مؤتمر أكاديمي وقال للمراسلين ان مسئولين بالشرطة والأمن زاروه واستجوبوه لمدة 50 ساعة منذ عودته , ومن غير المعروف ما إذا كانت هناك صلة بين كتاب كوهين واعتقال ياكوف. ورغم أن معظم الإسرائيليين يسلمون بأن إسرائيل قادرة على إنتاج أسلحة نووية فإنها دائما ترفض تأكيد أو نفي أية أنشطة تتضمن مفاعلها في ديمونة بصحراء النقب. وحسب التقارير العلمية وصور الأقمار الصناعية لديمونا المنشورة بمجلة "جينز إنتلجنس ريفيو" المتخصصة في المسائل الدفاعية الصادرة في لندن عام 1999 والتي استندت في معلوماتها إلى صور التقطتها الأقمار الصناعية التجارية الفرنسية والروسية، فإن المفاعل النووي يعاني من أضرار جسيمة بسبب الإشعاع النيتروني. ويحدث هذا الإشعاع أضرارًا بمبنى المفاعل، فالنيترونات تنتج فقاعات غازية صغيرة داخل الدعامات الخرسانية للمبنى مما يجعله هشًّا وقابلاً للتصدع.
هذا إضافة إلى أن المفاعل أصبح قديمًا (40 عامًا) بحيث تآكلت جدرانه العازلة. كما أن أساساته قد تتشقق وتنهار بسبب قدمها محدثة كارثة نووية ضخمة. وعلى الرغم من استبدال بعض الأجزاء من المفاعل فإن هناك خلافًا جديًّا يدور حول ما إذا كان من الأفضل وقف العمل في المفاعل تمامًا قبل وقوع كارثة. فالدلائل تشير إلى أن مفاعل ديمونا -أهم منشأة نووية إسرائيلية- دخل في مرحلة الخطر الإستراتيجي؛ بسبب انتهاء عمره الافتراضي والذي يظهر واضحًا للعيان من خلال تصدعه وتحوله إلى مصدر محتمل لكارثة إنسانية تحصد أرواح مئات الآلاف من الضحايا إن لم يكن الملايين. ويرى الخبراء أن إصابة الكثير من سكان المناطق المحيطة بالمفاعل الشائخ بالأمراض السرطانية والعاملين فيه أيضًا كان بسبب تسرّب بعض الإشعاعات من المفاعل. فقد كشف تقرير أعدته القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي أذيع بتاريخ 1-7-2003، أن العشرات من عمال المفاعل النووي ماتوا تأثرًا بالسرطان في وقتٍ ترفض فيه إدارة المفاعل والحكومة الإسرائيلية مجرد الربط بين إصابتهم -ومن ثَم موتهم- وبين إشعاعات متسربة. وقد نسب تقرير القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي إلى أحد العمال الذين أصيبوا بالسرطان تأكيده "أن الحرائق كانت تندلع بشكل يومي تقريبًا داخل المفاعل، وقد استنشقنا بخار المواد النووية الخطيرة"، فيما صرّح عامل آخر "كنت عدة مرات أجد نفسي داخل غيمة صفراء من المواد السامة". بدأ تشغيل مفاعل ديمونا في كانون الأول/ ديسمـبر 1963، بدعم من فرنسا التي زودت إسرائيل بالآلات والمعدات اللازمة لذلك. وكانت طاقته آنذاك لا تتعدى 26 ميجاوات، مما يترجم إنتاجيًّا بحوالي 8 كيلوجرامات من البلوتونيوم، وهذا يكفي لصناعة قنبلة نووية واحدة بقوة 20 كيلو طنًّا من المتفجرات. وفي السبعينيات رفعت إسرائيل طاقة الإنتاج القصوى لمفاعل ديمونا إلى حوالي 70 ميجاوات، بزيادة قدرها 44 ميجاوات، بينما تسعى إسرائيل حاليًا لزيادة الكفاءة الإنتاجية لمفاعل ديمونا لتصل إلى ما يقارب 100 ميجاوات، متجاهلة كل ما يعانيه المفاعل من مشاكل.
جدير بالذكر أن خبراء الطاقة النووية استنادًا إلى معلومات فانونو يؤكدون أن مفاعل ديمونا يصنع للكيان الصهيوني 5 قنابل نووية سنويًّا بقوة تبلغ 20 كيلو طنًّا للقنبلة الواحدة. ويشكل إنتاج البلوتونيوم إحدى أخطر العمليات في العالم؛ إذ إن إنتاج كيلوجرام واحد من البلوتونيوم ينتج أيضا 11 لترًا من سائل سام ومشع مثل مركبات الأيزوسيانيد Iso-cyanide كمنتج جانبي، وعلى الرغم من كل المشاكل التي تواجه مفاعل ديمونا فإن إسرائيل تواصل إنتاج البلوتونيوم داخله. البلوتونيوم الخام الذي يتم إنتاجه في مفاعل ديمونا عبارة عن مسحوق حامضي أخضر اللون، يسخن في درجات حرارة عالية جدًّا، ويتحول إلى سائل يتم ترشيحه لتنتج بعدها "أزرار" صغيرة بوزن 130 جرامًا. ويمكن للمفاعل طبقًا لاعترافات التقني الإسرائيلي فانونو أن ينتج 9 أزرار أسبوعيًّا. أي أن مفاعل ديمونا ينتج سنويًّا 40 كيلوجرامًا من البلوتونيوم، أي ما يساوي 10 - 12 قنبلة، ويسود الاعتقاد لدى الخبراء ان المفاعل الإسرائيلي استهلك خلال الأربعين عامًا الأخيرة 1400 طن من اليورانيوم الخام. ومفاعل ديمونا من النوع الحراري. قامت بتنفيذه شركة سان جوبيان الفرنسية التي تملك الحكومة الفرنسية 66% من أسهمها. ويشبه مفاعل سافانا ريفر الأمريكي في ساوث كارو ، يقع مفاعل ديمونا النووي أو ما يسمّى بـ"مركز الأبحاث النووية" وسط صحراء النقب. والمنطقة صحراوية جبلية قليلة السكان. ولا يعرف أحد الاسم العربي لها، وإن كان هناك من يطلق عليها أم دومنة أو أم أرديمة. لكن من المؤكد أن أرض ديمونة كانت ملكًا لة تعرف باسم عرب التائهة. تحيط بالمفاعل أشجار عالية ونباتات كثيفة لإبعاده عن الأنظار. وأقيمت حول الموقع أسلاك كهربائية وطرق لدوريات الحراسة. وتمهد التراكتورات التربة الوحلية يوميًّا لتسهيل اكتشاف آثار الزوار غير المرغوب بهم. ونصبت إسرائيل بطاريات مضادات جوية حول المكان لإسقاط كل جسم طائر يظهر على الرادار. على سطح الأرض يوجد بناء من طابقين يحتوي على مرافق مثل مقصف، مكاتب، مخازن وحمامات. يقع هذا البناء بسيط المظهر على مسافة غير بعيدة من جسم المفاعل الذي تغطيه قبة ظاهرة لكل من يسافر على طريق ديمونا - إيلات. تسيطر غرفة مراقبة المفاعل على جميع فعاليات الطوابق الخمسة الواقعة تحت الأرض. وقد تحولت هذه الغرفة مع مرور الوقت إلى غرفة الشخصيات المهمة جدًّا. وتلقب هذه الغرفة بـ"شرفة جولدا"؛ لأن جولدا مائير خصصت الكثير من وقت فراغها في مطلع السبعينيات للتجول داخل المفاعل للإشراف على عمله. ورغم ما وصلت إليه التقنيات داخل المفاعل من تطور فإن كافة الدلائل العلمية تشير إلى أن التطور الكبير في التقنيات لا يمكن أن يمنع حدوث كوارث نووية، وخير دليل على ذلك وقوف التقدم التقني الأمريكي عاجزًا أمام كارثة "ثري مايل" النووية، والروسي أمام كارثة "تشرنوبل".. فهل تفلح إسرائيل في منع كارثة "ديمونا"؟ الذى أخفقت أكثر من 15 دولة عربية في تمرير قرار يخضع برنامج إسرائيل النووي للتفتيش الدولي بالمؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا 15-9-2003.. واضطرت لسحب مشروع القرار على وعد أن يطرح المشروع النووي الإسرائيلي للمناقشة في اجتماع العام الحالي.
المصادر
http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/news/newsid_3642000/3642421.stm> http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/news/newsid_535000/535395.stm" target="_blank" class="aLink">http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/news/newsid_535000/535395.stm> http://www.vanunu.freeserve.co.uk/htdocs/background.htm" target="_blank" class="aLink">http://www.vanunu.freeserve.co.uk/htdocs/background.htm> http://www.alwatan.com/graphics/2001/April/23.4/heads/ft9.htm" target="_blank" class="aLink">http://www.alwatan.com/graphics/2001/April/23.4/heads/ft9.htm> http://www.islam-online.net/Arabic/Science/2003/09/article14.SHTML" target="_blank" class="aLink">http://www.islam-online.net/Arabic/Science/2003/09/article14.SHTML> http://www.albayan.co.ae/albayan/2002/11/22/tar/1.htm" target="_blank" class="aLink">http://www.albayan.co.ae/albayan/2002/11/22/tar/1.htm>
#عصام_البغدادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل أستفاق بريجنسكي أخيرا؟
-
لا حياد بين الوطن والمحتل
-
أما آن الاوان لكي تراجع نفسك؟
-
اغتيال العلماء العرب-علماء اخرون
-
اغتيال العلماء العرب –يحي المشد
-
أغتيال العلماء العرب - سميرة موسى
-
مؤتمرات القمة العربية
-
هل للعراقيين القدرة على التسامح؟؟
-
مكافحة برامج التجسس و المواقع الاباحية
-
محاولة الانفراد بمنطقة الشرق الاوسط
-
هل يحتاج العراق الى مهاتما جديد
-
الاغتيالات السياسية في الشرق الاوسط
-
عندما يتحول الاعلامى الى فلكي
-
الامن الدوائى العربي
-
الولايات المتحدة دولة أستعمار ام دولة عدوان
-
ستيفن وليم هو كينج: خياران أمام البشرية: استعمار الفضاء أو ا
...
-
برنارد لويس : مستقبل الشرق الاوسط
-
مجلس الحكم والكفاءات العراقية
-
نعوم إفرام تشومسكي
-
من الاحداث التاريخية لشهر شباط
المزيد.....
-
-أخبرتني والدتي أنها عاشت ما يكفي، والآن جاء دوري لأعيش-
-
لماذا اعتقلت السلطات الجزائرية بوعلام صنصال، وتلاحق كمال داو
...
-
كيم جونغ أون يعرض أقوى أسلحته ويهاجم واشنطن: -لا تزال مصرة ع
...
-
-دي جي سنيك- يرفض طلب ماكرون بحذف تغريدته عن غزة ويرد: -قضية
...
-
قضية توريد الأسلحة لإسرائيل أمام القضاء الهولندي: تطور قانون
...
-
حادث مروع في بولندا: تصادم 7 مركبات مع أول تساقط للثلوج
-
بعد ضربة -أوريشنيك-.. ردع صاروخي روسي يثير ذعر الغرب
-
ولي العهد المغربي يستقبل الرئيس الصيني لدى وصوله إلى الدار ا
...
-
مدفيديف: ترامب قادر على إنهاء الصراع الأوكراني
-
أوكرانيا: أي رد فعل غربي على رسائل بوتين؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|