|
دلائل الالوهية وبراهينها واثبات لزوم المربي للإنسان منذ الأزل وإلى الأبد
راندا شوقى الحمامصى
الحوار المتمدن-العدد: 2666 - 2009 / 6 / 3 - 08:46
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
من جملة دلائل الالوهية وبراهينها ان الانسان لم يخلق نفسه بل الخالق والمصور له غيره: ومن اليقين الذي لا مرية فيه ان خالق الانسان ليس مثل الانسان لان الكائن الضعيف ليس في مقدوره ان يخلق كائنا آخر مثله والخالق الفاعل يجب ان يكون حائزا لجميع الكمالات حتى يمكنه ان يخلق ويصنع فهل من الممكن ان يكون الصنع في نهاية الكمال والصانع غير كامل؟ وهل يمكن ان يكون النقش في نهاية الاتقان والنقاش غير ماهر في صنعه مع ان النقش من عمله وصنعه والنقش لن يكون مثل صانعه والا لنقش نفسه ومهما كان النقش في نهاية الكمال فانه اذا قورن بالنقاش يبدو في نهاية النقص: وعليه فالامكان معدن النقائص والله تبارك وتعالى مصدر الكمان وان وجود النقائص في عالم الامكان لدليل على كمالات الله: فمثلا اذا نظرت الى الانسان ترى انه عاجز فعجز الخلق دليل على قدرة الحي القدير فان لم تكن القدرة لما عرف العجز: اذا فعجز الخلق دليل على قدرة الحق ولو تكن القدرة لم تحقق العجز ومن هذا العجز ندرك ان في العالم قدرة0 مثلا في عالم الامكان فقر فلا بد من وجود الغنى الذي يتحقق به الفقر وفي العالم جهل فلا بد من وجود العلم الذي يتحقق به الجهل لانه لو لم يكن العلم لما تحقق الجهل لان الجهل عدم العلم ولو لم يكن الوجود لما تحقق العدم0 ومن المسلم به ان عالم الوجود خاضع لاحكام ونظم لا يتجاوزها ابدا وحتى الانسان مجبر على الموت والنوم وغيرهما اي انه محكوم في بعض المراتب ولا بد لهذا المحكوم من حاكم وما دام الاحتياج صفة الممكنات ومن لوازمها الذاتيه فلا بد من وجود غني بذاته: فمثلا يعلم من وجود المريض ان هناك صحيحا ولو لم يكن هناك الصحيح لما ثبت وجود المريض: وعليه صار من المعلوم انه يوجد حي قدير حائز لجميع الكمالات لانه ان لم يكن متصفا بالكمالات بأسرها لكان كالخلق ايضا كما وان ادنى صنعة من الصنائع في عالم الوجود تدل على صانع لها فهذا الخبز مثلا يدل على ان له صانعا0 سبحان الله ايدل تغيير هيئة الكائنات الجزئية على صانع وهذا الكون العظيم اللا متناهي اوجد نفسه بنفسه وتحقق من تفاعل المواد والعناصر؟ قما اوضح بطلان هذه النظرية! هذه ادلة نظرية للنفوس الضعيفة ولو فتحت عين البصيرة لشاهدت مائة الف دليل من الدلائل الباهرة: مثال هذا لو كان للانسان احساس روحي لاستغنى عن دليل لاثبات وجود الروح- أما النفوس المحرومة من الفيض الروحي فتحتاج لاقامة الدلائل المحسوسة. لو نمعن النظر في عالم الوجود نلاحظ ان عالم الجماد والنبات والحيوان والانسان كلا وطرا في حاجة الى مرب فاذا لم يكن للارض مرب يتعهدها تصير غابة وتخرج نباتا لا فائدة فيه اما اذا وجد لها من يتعهدها ويرعاها فانها تؤتي أكلا يقتات به ذو الارواح: اذا صار من المعلوم ان الارض تحتاج الى عناية الزارع ورعايته لها: انظروا الى الاشجار انها لو تركت بدون مرب فانها لاتأتي بثمر وتكون عديمة الفائدة اما اذا تربت وتعهدت فذلك الشجر الغير المثمر يصبح مثمرا وبالتربية والتلقيح والتطعيم تعطي الاشجار ذات الاثمار المرة فواكه شهية- وهذه ادلة عقلية واهل العالم اليوم في حاجة الى الدلائل العقلية0 وكذلك انظر الى الحيوان تجده بالتربية يصبح اليفا واذا ترك انسان بلا تربية يصير حيوانا بل لو ترك والطبيعة يصير احط من الحيوان اما اذا ربيته الفيته ملاكا لان اكثر الحيوان لا يأكل ابناء نوعه اما الانسان في السودان باواسط افريقيا فانه يفتك بابناء نوعه ويأكلهم ومن هذا ترون ان التربية هي التي تجمع الشرق والغرب تحت راية حكم الانسان: والتربية هي التي تظهر كل هذه الصنائع العجيبة: والتربية هي التي تروج هذه الفنون والعلوم العظيمة: والتربية هي التي تظهر هذه المكتشفات فلولا المربي لما تهيأت باي وجه من الوجوه اسباب الراحة والمدنية هذه كما ترى ولو ترك انسان في صحراء بحيث لا يرى احدا من ابناء نوعه فلا مرية في انه يصبح حيواناً محضاً0 يعلم من هذا انه لا بد من المربي ولكن التربية على ثلاثة انواع تربية جسمانية وتربية انسانية وتربية روحانية- فالتربية الجسمانية هي لنشوء الجسم ونموه وذلك يكون بتسهيل سبل المعيشة وتوفير اسباب الراحة والرفاهية التي فيها يشترك الانسان والحيوان0 واما التربية الانسانية فهي عبارة عن المدنية والترقي والسعادة يعني السياسة والنظام والتجارة والصناعة والعلوم والفنون والاستكشافات العظيمة والاختراعات الجليلة التي بها يمتاز الانسان عن الحيوان واما التربية الالهية فهي تربية ملكوتية هي اكتساب كمالات الهية هي التربية الحقيقية اذ بها يكون الانسان في هذا المقام مركز السنوحات الرحمانية ومظهر( لنعملن انسانا على صورتنا ومثالنا) وهذا هو المقصد الاسمى للعالم الانساني0 فنحن الآن نريد مربيا واحدا يكون مربيا جسمانيا ومربيا انسانيا ومربيا روحانيا نافذ الحكم في جميع الشئون0 ولو يقول احد انني كامل العقل والادراك وغير محتاج لذلك المربي فهو منكر للبديهيات ومثله كمثل الذي يقول انني لست محتاجا للتربية واعمل حسب ما يوحيه اليُ فكري وبنفسي يمكنني الحصول على كمالات الوجود: أو مثل اعمى يقول انني في غنى عن البصر لان هناك عميان كثيرين وهم عائشون اذاً صار من الواضح المشهود ان الانسان محتاج الى المربي ولا شك ان هذا المربي يجب ان يكون كاملاً في جميع المراتب وممتازاً عن جميع البشر في كل الشؤون لانه لو كان كسائر البشر لا يكون مربياً مخصوصاً وانه يجب ان يكون المربي مربياً جسمانياً ومربياً انسانياً ومربياً روحانياً اي ينظم الامور الجسمانية ويشكل الهيئة الاجتماعية حتى يحصل التعاون والتعاضد في المعيشة وتنظم وترتب الامور المادية في كل الاحوال0 وكذلك يؤسس التربية الانسانية اي يجب بذلك ان يربي العقول والاذهان لتكون قابلة للترقيات الكلية فتتسع دائرة العلوم والمعارف وتكشف حقائق الاشياء واسرار الكائنات وخاصيات الموجودات وتزداد يوما بعد يوم التعاليم والاكتشافات ويستدل من المحسوسات على المعقولات0 وكذلك يربي تربية روحانية حتى تهتدي العقول والمدارك لمعرفة ماوراء الطبيعة وتستفيض من نفحات روح القدس وترتبط بالملأ الاعلى وتصبح الحقائق الانسانية مظاهر السنوحات الرحمانية حتى تتجلى جميع الاسماء والصفات الالهية في مرآة حقيقة الانسان وتتحقق الاية المباركة( لنعملن انسانا على صورتنا ومثالنا )0 ومن المعلوم ان القوى البشرية لا تستطيع القيام بامر عظيم كهذا ولا يمكن ان تكفل النتائج الفكرية امثال هذه المواهب فكيف يمكن لشخص واحد بدون ناصر او معين ان يؤسس هذا البنيان الرفيع اذاً لابد له ان يؤيده القوة المعنوية الربانية ليتسنى له القيام بهذا العمل الجليل0 اذ ذاتا واحدة مقدسة تحيي العالم الانساني وتغير هيئة الكرة الارضية وترقي العقول وتحيي النفوس وتؤسس حياة جديدة وتضع تعاليم بديعة وتنظم العالم وتدخل الامم والملل في ظل راية واحدة وتنجي الخلق من عالم النقائص والرذائل وتحثهم وتشوقهم الى الكمالات الفطرية والاكتسابية لابد وان تكون هذه الذات مؤيدة بالقوة الالهية حتى تعهد اليها القيام بهذا العمل العظيم ويجب ان ينظر بعين الانصاف لان هنا مقام الانصاف ان الامر الذي لايمكن لجميع دول العالم وملله اجراؤه وترويجه بكل القوى والجنود أجرته نفس مقدسة بدون ناصر او معين0 فهل يمكن ادراء هذا بالقوة البشرية؟ لا والله: فحضرة المسيح مثلا رفع علم الصلح والصلاح وهو وحيد بينما جميع الدول القاهرة تعجز عن هذا العمل مع جميع قواها0 فكم من الدول والملل المختلفة مثل الروم وفرنسا والمانيا والروس والانكليز وغيرهم استظلوا تحت خيمة واحدة فظهور حضرة المسيح كان سبب الالفة بين تلك الاقوام المختلفة حتى ان بعضهم من الذين امنوا بحضرته ائتلفوا لدرجة ان فدوا باموالهم وارواحهم بعضهم بعضا واستمر ذلك الى زمن قسطنطين الذي كان سبب اعلاء امر حضرة المسيح ولكن بعده دب الخلاف فيما بينهم لاغراض مختلفة: وخلاصة ماتقدم ان حضرة المسيح جمع هذه الامم ولكن بعد مدة مديدة اصبحت الدول سبب الاختلاف مرة اخرى0 والمقصود من هذا هو ان حضرة المسيح وفق الى امور عجز عنها جميع ملوك الارض لانه وحد الملل المختلفة وغير العادات القديمة انظروا الى الرومان واليونان والسريان والمصريين والفينيقيين وسائر الملل الاوربية كم كان بينهما من الاختلافات فقضى عليها وازالها السيد المسيح وكان سببا لايجاد المحبة بين جميع هذه القبائل: نعم ولو ان الدول بعد مدة غير قصيرة اخلت بهذا الاتحاد الا ان المسيح كان قد قام بعمله0 والخلاصة ان المربي الكلي يجب ان يكون مربيا جسمانياً ومربياً انسانياً ومربياً روحانياً مؤهلاً بقوة اخرى فوق عالم الطبيعة حتى يحوز مقام المعلم الالهي فان لم يظهر مثل تلك القوة القدسية لا يقدر على التربية لانه في ذاته ناقص فكيف يستطيع ان يربي تربية كاملة0 مثلاً اذا كان المربي جاهلا فكيف يستطيع ان يعلم غيره: واذا كان ظالماً فكيف يجعل غيره عادلاً- او ناسوتياً فكيف يجعل غيره الهياً: حينئذ يجب علينا ان ننظر بعين الانصاف هل المظاهر الالهية الذين ظهروا كانوا حائزين لجميع هذه الصفات ام لا ؟ فاذا لم يكونوا حائزين لهذه الصفات وهذه الكمالات لما كانوا مربين حقيقيين اذاً يجب ان نثبت للمفكرين بالدلائل العقلية نبوة حضرة موسى ونبوة حضرة المسيح وسائر المظاهر الالهية0 وهذه الدلائل والبراهين التي نذكرها هي دلائل معقولة لا منقولة: وقد ثبت بالدلائل العقلية ان العالم في حاجة قصوى الى المربي وتلك التربية يجب ان تحصل بالقوة القدسية ولا شبهة في ان تلك القوة القدسية هي الوحي وبهذه القوة التي هي فوق قوة البشر يلزم تربية الخلق0 (من مفاوضات عبد البهاء)
#راندا_شوقى_الحمامصى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اصحاب الكهف
-
من يخط طريق المستقبل-(2)
-
من يخط طريق المستقبل؟-(1)
-
الأمل في السلام العالمي الذي هو وعد حق
-
النظام العالمي القادم والعولمة
-
أركان النظم العالمي
-
نداءٌ إلى قادةِ العالمِ-تفهُّم مغزى أحداثِ التّاريخ
-
العالم ما بين الأمس واليوم
-
محاولة عقيمة لتجريم الفكر البهائي في مصر تبوء بالفشل
-
( ان الله تعالى كامل في ذاته ويجب أن يكون خلقه أيضًا كاملا .
...
-
المفهوم البهائي للطبيعة الإنسانية
-
عصر ذهبي بين يدي إنسانية طال عهدها بالانقسام والعذاب
-
صرخة إلى العالم الإنساني- انقذوا هؤلاء الإنسان
-
خطوة نحو اتحاد الجنس البشري
-
المحافظة على صيانة وموارد الأرض والبيئة
-
فئات المحررين و الباحثين الذين كتبوا حول تاريخ الدين البهائي
-
تتعدد أديان الله ويستمر فيضها فهى تُكمل بعضها وجوهرها واحد -
...
-
الجبر والاختيار
-
الحجاب والنقاب هو الظاهر-أما الجوهر فهو العفة والتقديس
-
من جواهر المعاني
المزيد.....
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي
...
-
أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى
...
-
الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي-
...
-
استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو
...
-
في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف
...
-
ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا
...
-
فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
-
ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|