أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد مهدي - سيرة مناضل في سبيل الجمهورية - الحلقة الأولى : ضياع في غابات الفلسفة















المزيد.....

سيرة مناضل في سبيل الجمهورية - الحلقة الأولى : ضياع في غابات الفلسفة


وليد مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 815 - 2004 / 4 / 25 - 08:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لقد كان يسمع منذ طفولته عن الأنبياء ووحي السماء ولربما كان لطبيعته كثيرة الحساسية والتشكك أن يشك منذ البداية فيما يسمع.. لكن ورغم الشك صدق ما كان يسمع فقد نشأ نشأة دينية تأثرت بالأجواء الاجتماعية خصوصا وان أخواله من العلويين في العراق، كانت لإرادته الصلبة وخياله الجامح دور بارز وأساس في خلق نمط فكري بدائي خاص اعتبره البعض نوعا من الشذوذ الذهني أو حالة من الإفراط في أحلام اليقظة..حيث شعر في بواكير طفولته إن بامكانه أن يكون مثل الأنبياء ويشاهد الملائكة..وهكذا بدأت محنته الكبرى ومثل العذارى اللائي لا يدركن حقيقة المشقة التي سيلاقينها بعد وقبل أن يصبحن أمهات خصوصا عند الحمل والولادة..مضى ذلك الصبي في طريق اللاعودة إلى المستقبل تاركا وراءه الماضي.
نشأ غلاما متدينا في بيئة اجتماعية مكنت خياله من الاستغراق و(الاجتهاد) في تصور الملكوت الإلهي وكان يحلم في الدخول إلى الحوزة العلمية ليكون عالما فيلسوفا مثل محمد باقر الصدر الذي لم يكن قد قرأ له وقت ذاك إلا كتابا واحدا في العام 1989 وهو ( بحث حول المهدي)، كان (ادم) قد بلغ من العمر ثلاثة عشر ربيعا وقد أكمل قراءة: النص والاجتهاد، علل الشرايع، الاحتجاج، قصص الأنبياء، المراجعات، وبعض من أجزاء البيان في تفسير القران للخوئي وتفسير السبزواري، إضافة إلى كتب كثيرة في الدين تخص المذهب الجعفري وبقية المذاهب الأخرى في الإسلام، وبالتأكيد لم تكن قراءة ذلك الغلام صاحب الحافظة الفولاذية قراءة البالغ الناضج.. لكنها كانت دافعا ومحركا له في مسيرته العلمية ليكون مفكرا رائدا للمذهب الجعفري الذي يراه في ذلك العمر سبيل الله الذي يضل كل من لم يحثث خطاه في جادته، و توصل إلى يقين بان معاناة المذهب بصورة عامة كامنة الانفراج في شخصية الإمام المهدي والذي ركز جل اهتمامه للتقصي عنه والبحث في سبل الاهتداء إليه، إن أهم ميزة كانت تميزه عن أقرانه هي انه لا يؤمن بالمستحيل أبدا، ولذا فقد اعتقد انه قادر على أن يلتقي بالمهدي وما عليه إلا إن يجد السبيل إلى ذلك.( علما إن المهدي في عقيدته شخص حي متخفي بين الناس لأكثر من ألف عام..!)
وفي الحقيقة لم يكن دخول الحوزة الإسلامية سهلا أبدا..فنظام صدام حسين كان يضرب الشيعة بقبضة من حديد لذا منعه أهله من مجرد الاتصال بأي طالب من طلاب الحوزة الذين كثر النظام ألبعثي آنذاك فيهم التقتيل والتشريد.
في العام 1989 وفي طريقه من البصرة إلى بغداد جلبت له الأقدار رفيقا في مقعد السفر، كان في ذلك الوقت في العشرينات من عمره وسيم جدا، حنطي البشرة..هادئ جدا وقليل الكلام..كان ينظر إليه بنظرات غريبة..وبعد حديث تقليدي دار بينهما ليتطور إلى حديث فكري تناول مسالة المهدي والملاحم والفتن التي ستمهد لظهوره، قال له ذلك الشاب الذي رفض أن يذكر له إ سمه:
قد يكون للمهدي وجود وقد لا يكون موجودا على الإطلاق لكن لتعلم إن العالم لا يغيره إلا أبناء هذا العالم بما فيه من صفات طبيعية، والله على كل شيء قدير لكنه لا يفعل كل شيء في هذا العالم..وإلا ما كان آدم ليهبط من الجنة على الإطلاق وما أرسل الله من نبي إلا بلسان قومه والمصلح الاجتماعي المرتقب يجب أن يتحدث الإنكليزية لأنها لغة العالم الجديد في القرن الحادي والعشرين وإذا تحدث الإنكليزية وجب عليه أن ينسى القران كأسلوب وحجة للإصلاح العالمي..وهنا قاطعه ادم:
لماذا لا يترجم القران والحديث إلى اللغة الإنكليزية؟
ابتسم ذلك الشاب وقال له: لماذا لم يترجم الرسول محمد عليه الصلاة والسلام التوراة والإنجيل إلى اللغة العربية؟
فأجابه على الفور: إن الرسالة الإسلامية تطلبت معجزة بلاغية لغوية فلا يجب أن تكون إلا بلسان العرب..
فرد عليه ذلك الشاب: ومعجزة هذا الزمان تتطلب كتابا إنكليزيا يتظمن الإعجاز العلمي والتقني في الأسس العلمية.أليس كذلك!؟
عند ذلك سأله ( آدم) عن الملة أو الدين الذي ينتمي إليه هذا الشاب فرد عليه:
إنه مسلم وعلى ملة إبراهيم..ورفض أن يبين له ما إذا كان سنيا أو شيعيا وقال:
إن المسلم الحقيقي لا يفكر بهذه الأمور على الإطلاق …
واستمر الاثنان بالحديث حتى نهاية الرحلة ولعل ابرز ما اثر به من حديث ذلك الشاب هو عندما سأله إن كان المرء بامكانه رؤية الله أو الملائكة ليكون هاديا للناس..فأجابه قائلا:
- ليست رؤية الملائكة أو الله هي التي تحل المشاكل في هذا العالم..والحقيقة ربما خلفت (النبوة) مشكلات اكبر..!
كان جوابه بهدوء ونبرة موسيقية موحية..فما كان من آدم إلا أن يقول:
- (أتخيل) أن ذلك سيحدث..وربما شككت في رؤية الملائكة وكأنها أحلام غير حقيقية..لكن لابد من قناعة أدركها..كي اعرف الحقيقة..واعرف هل أواصل البحث أم لا عن الملائكة والمهدي..؟
- حسنا..( أجابه ذلك الشاب) عليك أن تدرك أولا ان الأنبياء الذين تود أن تكون مثلهم ليسوا أولئك الذين قرأت عنهم أو شاهدت أفلاما تروي قصصهم..
لقد كانوا أناسا يعانون من الضياع الذي تعانيه أنت اليوم..وسط مجتمعات لا تختلف كثيرا عن مجتمعات اليوم سوى إن الأولين امتطوا الخيل والجمال في السفر ونحن الآن نركب القطار..
قال كلماته الأخيرة منفجرا بالضحك..لكن آدم لم يضحك..!
..وبعد صمت قليل عاد ذلك الشاب ليسال آدم:
- هل تعتقد إن الأنبياء كانوا سيسكتون على ما يجري في مجتمعاتهم من ظلم لو لم ينزل عليهم جبرائيل..؟ لا تزال صغيرا يا آدم لتجيب على هذا السؤال
وأمهلك عشر سنوات لذلك إذا ما بحثت عن الحقيقة..
وانتهت الرحلة وتفارق الاثنان ولم يعرف آدم عن رفيق دربه أي شيء عدا انه عالم في العلوم النووية وحاصل على شهادته من الولايات المتحدة الأمريكية..وانه يحمل الجنسية الأمريكية وهو أيضا من اصل عربي!
ودارت الأيام وهذه السويعات القليلة ثابتة في ذهن هذا الصبي لا تدور، ومرت الأعوام وصورة ذلك الشاب راسخة في الذاكرة كأنها مرت اللحظة..
ثلاثة عشر عاما..مرت وآدم يبحث في فحوى كل الديانات في هذا العالم …ثلاثة عشر سنة وهذا الذي أراد أن يصبح مفكرا يخسر كل يوم من دنياه شبابه وطموحاته التقليدية البسيطة...
ثلاثة عشر ربيعا من عمره مرت كأنها شتاء قارس موحش بالحزن والعزلة والانكفاء..ثلاثة عشر سنة وهو يبحث عن ثلاث:
المـهدي، وجبرائيل، والله الذي خلق هذا العالم..أين هو..ومن هو..وماذا يريد...؟؟؟
وهل كان الأنبياء سيقفون موقف المتفرج لو لم ينزل عليهم جبرائيل..؟
وفي النهاية..أيقن بان الحقيقة لن تظهر إذا ما بقي ضائعا في غابات الفلسفة المترامية ولن يسود العدل أبدا باستثمار قفار المذاهب والديانات المتعددة..لذلك ( أنكر) كل شيء..وضرب المذاهب والفلسفة والتاريخ عرض الحائط..وقرر أن يبدأ من جديد...

نهاية الحلقة الأولى( ضياع في غابات الفلسفة)
من:
سيرة مناضل في سبيل الجمهورية

وليد مهدي مسلم
24 /4/2004



#وليد_مهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منظومة المعرفة البشرية والعقل الكوني
- ما هي حقيقة القانون..؟؟


المزيد.....




- الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص ...
- ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
- مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
- إيران متهمة بنشاط نووي سري
- ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟ ...
- هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
- عاجل | مراسل الجزيرة: 17 شهيدا في قصف إسرائيلي متواصل على قط ...
- روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة. ...
- مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
- مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد مهدي - سيرة مناضل في سبيل الجمهورية - الحلقة الأولى : ضياع في غابات الفلسفة