أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد طولست - مغازلة الطارئين














المزيد.....

مغازلة الطارئين


حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 2666 - 2009 / 6 / 3 - 08:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


غير خاف أن تضاريس الخريطة السياسية إكتضت بالعديد من الأحزاب والقادة الذين ملؤوا الدنيا صخبا وضجيجا، في الوقت الذي تبقى فيه معظم إنتاجاتهم شاحبة مكرورة، محرومة من نعمة الإشراق الإبداعي الواجب توافره في من يسعى منهم للصدارة ويروم الريادة، ما دفع بالأجيال الجديدة إلى الانصراف عنهم وعن برامجهم التي لا تساهم في إشاعة الحبور المنتظر، ولا تمنحهم الشعور الوجداني بإستعادة كرامتهم المعطوبة في زمن تزايدت فيه الحاجة إلى مسك الديموقراطية وعطر العدالة.
إن السعي من اجل الصدارة والريادة على مختلف الأصعدة هاجس كبير لدا كل طموح، وحق مشروع ومتاح في الوقت نفسه لجميع الناس، لكن الفرق يبقى ويكمن في من يحمل المشروع ويسعى وراء تحقيقه ويصنع الفارق بينه وبين غيره ممن يرومون الرياسة والقيادة عن طريق استغباء الآخرين واستحمارهم، بانتحال صفات النضال، واحتكار الوطنية على حساب الوطنيين الحقيقيين. وكما هو معروف وبديهي. ليس كل من أمسك بالسبحة، أولبس عباءة الورع يكون تقيا نقيا يخاف ربه؛ كما أنه ليس كل من تغنى بالوطن والمواطنة، يكون بالضرورة وطنيا..!!
فالتنافس على احتلال المراتب المتقدمة، أمر لا يخصم من حجم وضرورة الأحزاب ولا يقلل من قدر زعمائها، بل يدفع الاهتمام بهم إلى أبعد الحدود وأعلى المستوياته غير المسبوقة، لكن حالة التمادي في التسلق والمبالغة فيه يحوله إلى آفة اجتماعية ممقوتة تزكم الأنوف، وتعم فئة عريضة من البشر يتلونون بتلون المواقف ويتحركون بطرق شتى للوصول للقمم التي لا يستأهلونها هذا السلوك الهدام الذي يعزى لضعف الجوازع الديني والروحي و الجانب التربوي والعلمي والأخلاقي، لاشك هو الذي يفتح الباب واسعا ويهيأ الأجواء أمام إصرار الجيل الجديد على رفض المؤامرات المعطرة بألوان الأكاذيب الجميلة والوعود الهفهافة الأخاذة، التي تستهدف ازاحته عن أحلامه وطموحاته في إستلهامه ذاكرة غد جديد يصارع اليأس والموت، وينتصر على التشابه والعزلة، ويضيف جدارا كفؤا ومتينا لصرح العدالة والحب والديموقراطية.
والغريب في هذا الأمر الذي كان ومازال حديث الشارع السياسي الفاسي على وجه الخصوص، والرأي العام المغربي بوجه عام.. واللافت فيه، هو أن أغلب مدمني تسيير الشأن المحلي، والراغبين، بل "الذين يموتون رغبة فيه" في الترشح للانتخابات الجماعية القادمة، بكل أطيافهم، وتوجهاتهم، ومرجعياتهم – إن كانت للكثير منهم مرجعيات- باتوا جميعهم يتقربون من "الطارئين على الوطنية" الذين لم‮ ‬يدفعوا أدنى ضريبة من أجلها‮، ومع ذلك أصبحوا، في هذا الزمان الرمادي الأغبر، وطنيين أقوياء بأقل تكلفة، وملاذ نجاة لمصاصي الدماء الجشعين غير القانعين، وفرصة سانحة لاستحواذ "العايقين الفايقين" الذين لا يحسنون الظن بأحد، كما لا يُحسن بهم،لا ظن ولا ثقة، المدفوعين بتملقهم الغبي ومغالطاتهم المكشوفة، وبإغراءات الوجاهة والسلطة، على ما لا يستحقون، بتشبطهم المارقة، عفوا تسلقهم الصبياني خلف "كروسات" الطارئين، وامتطاء موجاتهم.
فما يجري ببلدنا في الآونة الأخيرة، من نصب علىالوطنية وتحايل على دلالاتها. له وقع الكارثة لا النكبة، لأن النكبة أخفّ إيلاماً من الكارثة، سواء كان من الأشخاص أو المؤسسات التي تتظاهر بأن ليس لها في مجتمعنا مطامع، مضمرة أهدافا ومخططات خطيرة، تعمل أنتليجينسيتها، مند عشرات السنين جاهدة لتحقيقها بالنصب الذي لا يعترف بنمطية أو هوية، وتقدم ما تستطيع من مال وفكر، ل"تضبيع" الشعب وإستحماره.
و أمام هذا الغباء وذاك الدهاء، لم يعد للناخب التائه في هذا الجو الأدكن والمعقد بحمّى الصراعات السياسية الساخنة والباردة، من خيار سوى دخول اللعبة بتكتيك جديد وأكثر جسامة، وذكاء، وحيطة من تلاعبات المرتزقة بالعواطف والإحساسات الإنسانية للمواطنين البسطاء والمثقفين، حتى يفوتوها فرصا على الذين لم يحملوا قط، عبر تاريخهم التافه، أي هم وطني أو إنساني، ولم يُظهروا أي حنكة أو كفاءة خلال كل المسؤوليات التي قرصنوها لأنفسهم ولدويهم. وذلك بالهروب الإيجابي تجاه صنايق الاقتراع لأبعاد غير المرغوب بهم, بأساليب ديمقراطية متحضرة من خلال البدائل الوطنية ذات التاريخ المشرف وتزكية النزاهة والكفاءة والمصداقية التي لازالت تأثث عرض البلاد وطولها..
مفارقة قاسية ومؤلمة جدا و ‬تثير الاشمئزاز والحنق الوطني، ‮أن يتصدر الطارؤون على الوطنية كل المشهد السياسي بخطاب‮ ‬ينال من الوطنيين الحقيقيين ويزايد على نضالياتهم، فقط لأنهم مختلفون عنهم ومعهم في‮ ‬توجهاتهم وأهدافهم ورؤاهم التي لا تزعم احتكار الوطنية ‬رغم كل ما بذلوه في‮ ‬سبيل القضية الوطنية في‮ ‬الأيام الصعبة، والرحلة الشائكة. طارئون‮ لم يتعلموا أبجديات الوطنية الأولى في مدرسة تاريخنا الوطني‮، والتي تبرؤوا منها في‮ ‬فترات الاختناق السوداء، حين كانت الوطنية تؤدي مباشرة للمنافي والسجون. لكنهم عادوا اليوم في غفلة من الناس ومن الوطنيين، عادوا مع انتخابات فترة ما يعرفه بمغرب الانفتاح، ليفصلوا لأنفسهم وطنية في أشحب صورها وأبأسها على الإطلاق، وركبوا عليها لتنفتح أمامهم أبواب البرلمانات، ومنافذ المجالس الجماعية، وتشرع في وجوههم خزائن البلاد، ويتمكنوا من خيراتها ويعبثوا بثرواتها العميمة. بعد أن هربوا منها، بل تبرؤوا من كل ما له صلة بها، في‮ الفترات العصيبة من تاريخنا الوطني‮ ‬المجيد. ولا شك أن هناك قادة وأحزابا يخرجون عن تلك القائمة السوداء. هناك رواد جادون، موهوبون، قادرون على إثبات حضورهم في حمأة الصراع الوطني الجاد الباحث عن وضع القدم في المكان المناسب والساحة الأكثر إتساعا لخدمة الوطن والمواطن. لكن ما نسبتهم؟؟ وما عددهم؟؟ واحد إثنان ثلاثة في المئة.. وماذا يستطيعون فعله أمام هذا الكم الهائل من المرتزقة الطارئين المفطورين على الضرب بالقيم الوطنية الأصيلة عرض الحائط ؟.



#حميد_طولست (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مغامرة الكتابة ؟؟
- توهج الكلمة
- الصحافة الإلكترونية تتمأسس بالمغرب
- الهدر و سوء التدبير
- الأسلمة الموضة الجديدة
- الشغيلة في عيدها الأممي
- لماذا كل هذا الانشغال بالانتخابات؟؟؟
- الأستاذ محمد مليطان يحاور المدون الأستاذ حميد طولست بعد المؤ ...
- حصان طروادة بمقاطعة المرينيين بفاس
- حميد طولست يحوار الفنان التشكيلي سعيد العفاسي
- السلطة
- دوام الحال من المحال
- .الأحاديث النبوية وأسئلة لا بد منها
- رد على رد
- إعداد النشأ ليس قصرا على الأمهات
- ظاهرة التسول ...
- قادة من ورق
- آفة الفقر والجوع
- لماذا لا يلمع ويثرى إلا مدعو النضال والوطنية ??!
- تشابه الأحياء الشعبية


المزيد.....




- في دبي.. شيف فلسطيني يجمع الغرباء في منزله بتجربة عشاء حميمة ...
- وصفه سابقًا بـ-هتلر أمريكا-.. كيف تغير موقف المرشح الذي اختا ...
- كوبنهاغن تكافئ السياح من أصدقاء البيئة بالطعام والجولات المج ...
- بوتين خلف مقود سيارة لادا أثناء وصوله إلى افتتاح طريق سريع ب ...
- الدفاع الروسية تنشر مشاهد لقصف مواقع تابعة لقوات كييف باستخد ...
- إسرائيل.. شبان من الحريديم يعتدون على ضابطين كبيرين في الجيش ...
- ماذا تخبرنا مقاطع الفيديو عن إطلاق النار على ترامب؟
- إصابة 3 إسرائيليين في إطلاق نار في الضفة الغربية، والبحث جار ...
- مؤيدو ترامب يرون أن نجاته من الموت -معجزة إلهية-
- جو بايدن: أخطأتُ بالدعوة -لاستهداف- دونالد ترامب


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد طولست - مغازلة الطارئين