|
دور الفرد في التغيير والوعي الجمعي
كريم الهزاع
الحوار المتمدن-العدد: 2666 - 2009 / 6 / 3 - 09:50
المحور:
المجتمع المدني
مازلت مهموماً في دور الفرد في التغيير ، لذا أقول إذا تجاوزنا المرحلة الإنسانية التي كان فيها الحكام يستمدون عصمتهم من مفاهيم دينية وبالتالي يشعرون الرعية بأن أعمالهم مرضي عنها ومستوحاة من سلطة عليا – الله – إلى أن نفوذ الرجال البارزين الآن المستمد من مفهوم السلطة كسلطة مشاققة بحيث تستحيل بدورها إلى سلطة تمثلها الدولة. وإذا وضعنا المزايا الشخصية في حيزها الصحيح نجد أن السلطة مستمدة من طبيعة شكل الدولة أو العلاقات الاجتماعية بما فيها العلاقة بين الشعب ورئيس الحكومة الذي تسلم مقاليد تصريف الأمور فالدولة هي قمة الهرم في البيئة الفوقية والقائد أو الملك أو الزعيم أو الحاكم الذي يتسنم ذروتها أو ذروة الشكل الجديد للسلطة المشاققة يجسد ذاتياً وموضوعياً الشكل القائم أو المنشود من العلاقات وهي علاقات موضوعية وبناها بنى أساسية وفق الدستور والعقد الاجتماعي بين الحاكم والمحكوم . إن وصول إنسان إلى السلطة يخضع لاعتبارات شتى تبعاً للمرحلة التاريخية أو المستوى الاجتماعي ـ الاقتصادي والحضاري. ولكن ما يعنينا ، بالنسبة إلى الفرد البارز، هو مفهوم السلطة لديه والرؤية التي يسرت له أن يكون له دور في سياق الأحداث. والسلطة على صعيد المفهوم التجريبي لا تعدو كونها علاقة تبعية بين إرادة شخص أو أشخاص يفصحون عنها وتنفي هذه الإرادة من قبل أناس آخرين، وحتى تنفذ هذه الإرادة يقتضي الأمر أن يعبر هذا الشخص ا لبارز أو ذاك، بإرادته، عن أمر قابل للتنفيذ وأن يعرف مسبقاً ما هو ممكن وما هو مستحيل فضلاً عن مراعاته جزئيات وتفاصيل لا حصل لها. وبما أن الحدث، في حال نجاحه، يلغي ضمناً ما يعارضه اجتماعياً فمن الطبيعي أن تتوارى تلك الاحتمالات فلا يبقى أمامنا إلا الحدث أو الفعل والإرادة التي أفصحت عن نفسها بمباشرته وإتيانه. إن الشخص البارز يدخل نفسه في حلبة الحادث التاريخي يحكم ما له من سلطة فهو آمر ومشارك والعلاقة بين الآمر والمأمور هي ما تمكن تسميته بالسلطة المعبر عنها بالدولة بكل ما تحتمله هذه الكلمة من مضامين ومعان. والشخصية هذه عندما تؤخذ بمفردها تحمل في ذاتها بعض الاعتبارات التي تبدو أنها قادت فاعليتها الماضية وأنها تبرز فاعليتها الحاضرة وتقودها في مشاريعها المقبلة. وما من أمر يتم في عالم الإنسان خارجاً عن التاريخية والصيرورة أياً كان المنهج الفكري أو الإيديولوجي الذي يأخذ به الباحث. والإنسان جزء من الطبيعة ولكن موقفه منها ليس موقفاً تأملياً بل فاعلاً، إذ ليس هم الإنسان تفسير العالم وتأويله فحسب وإنما تبديله وتطويره أيضاً. والمعرفة ليست مجرد تأمل وانتماء وإنما هي رغبة وسلطة لتفسير العالم . والسؤال الذي يطرح عن دور الإنسان لا يأخذ هنا إلا معنى واحداً، إذ يعني فقط ما يمكن أن يصير إليه الإنسان، وبعبارة أدق ما هو مبلغ الحدود التي يظل فيها الإنسان صانع نفسه. ولا يمكن أن تعرف فردية الإنسان إلا عن طريق مجموع العلاقات الفاعلة التي يقيمها كل إنسان مع أقرانه ومع الطبيعة . وكل فرد يشكل واقعاً محدثاً بمعنى أن الفرد، بالمكان الذي يشغله من الطبيعة والتاريخ والمجتمع ، هو المحصلة الفريدة لمجموع هذه العلاقات، ومثل هذا المفهوم هو الذي يعترف للفرد بأوفر قدر من النجاح ، إذ لا تكفي معرفة العلاقات الراهنة في نظام معين، بل تقتضي معرفتها من خلال عملية الخلق. وبذلك لا يمثل الفرد منظومة العلاقات القائمة آنياً فحسب وإنما يمثل في الوقت نفسه. تاريخ هذه العلاقات التي أوجزت الماضي برمته. وهكذا لا يعود الفرد تجريداً أو مجرد فكرة عامة جوفاء وإنما حقيقة معقدة بوصفه المركز والعقد من العلاقات النشطة في صيرورتها الدائمة. والعلاقات بين الأفراد شأن العلاقات مع الطبيعة ليست علاقات آلية (ميكانيكية) وإنما هي علاقات فاعلة ومتحركة . إن الصيرورة التاريخية تلغي استقلال اللحظات والأوقات وسبيلها إلى ذلك أن تضع، أمام المعرفة، الكلية المشخصة للعالم التاريخي أي النشوء والارتقاء المشخصين الكليين نفسيهما كموضوع لمنهجية يمكن إدراكها، وفي الوقت نفسه فإن العلاقات بين النظرية والممارسة، ومعها العلاقة بين الحرية والضرورة، تأخذ وجهة أخرى فالواقع الذي صنعناه بأنفسنا يخلص عندئذ من أية صفة وهمية، بدرجة أو بأخرى، لقد صنعنا تاريخنا وإذا كنا أكفياء لاعتبار الواقع بمثابة التاريخ فعندئذ نكون قد ارتفعنا إلى صعيد يسمح بالتمكن من الواقع «كصنيع» أنفسنا. وحدة الذات والموضوع، الفكر والكائن، التي أخذ «الفكر» على عاتقه أمر البرهنة عليها وإظهارها يجد هذا الفكر مكان تحقيقه فيها ويجد جوهره في الوحدة بين ما يصنعه الفكر بقوانينه وبين تاريخ الصيرورة الواقعية. إن سيادة الحرية ليست هبة أو هدية تحظى بها الإنسانية الرازحة تحت نير الضرورة والتي تنالها جزاء ثباتها لها أو أنها أعطية من أعطيات القدر، الحرية ليست الهدف فحسب وإنما الوسيلة في النضال وبذلك نلمس فيها الإنسانية ، من خلال الوعي الجمعي .
#كريم_الهزاع (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شهادة ميلاد للأطفال - الكويتيين البدون - وحالة الإحباط
-
قوة التغيير والخلاص من قوة سطوة الجبرية الدينية
-
قوة التغيير : الفرد بين فهم العالم ومعنى الضرورة
-
قوة التغيير والفاعلية الواعية
-
قوة التغيير.. متى تتحقق ؟ وكيف ؟
-
المرأة الكويتية في البرلمان وقوة التغيير
-
المتلصص: للحقيقة لست مقتنع بكلامك بأن القراءة والكتابة لها ف
...
-
لماذا لست متديناً ؟
-
الفرنكفونية
-
الإرادة العامة .. أو السياسية
-
القانون وعلم الأنماط
-
حرقة الأسئلة .. أو قراءة في المشهد الثقافي الكويتي
-
القولون السياسي
-
نريد حلاً
-
في البحث عن لحظة انعتاق
-
الرقابة والتطرف
-
ما هو شكل الطبخة القادمة في الكويت ؟
-
الدين أفيون الشعوب الفقيرة
-
الديمقراطية في العراق
-
حوار مع الروائي العربي الكبير ... احمد إبراهيم الفقيه
المزيد.....
-
الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال ضد نتنياهو وجالانت لارتكا
...
-
الجنائية الدولية تصدر أمر اعتقال بحق قائد كتائب القسام محمد
...
-
حيثيات تاريخية لإصدار أمر اعتقال نتنياهو وجالانت لارتكاب جرا
...
-
وزيرة إسرائيلية تصف مذكرات الاعتقال الدولية الصادرة ضد نتنيا
...
-
بن غفير يدعو إلى فرض السيادة على الضفة الغربية ردا على مذكرا
...
-
قيادي لدى حماس: مذكرات اعتقال نتنياهو وجالانت تؤكد أن العدال
...
-
المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغال
...
-
المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو ويوآ
...
-
المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغال
...
-
الجنائية الدولية: توجيه تهم ارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية ل
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|