|
المراجع والخلفية العقائدية والنظرية للتطرف الديني بالمغرب - الحلقة الأخيرة
إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)
الحوار المتمدن-العدد: 815 - 2004 / 4 / 25 - 08:12
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ومن المراجع التي يعتمد عليها المتطرفون إضافة لابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب –صاحب الدعوة الوهابية –هناك جملة من المفكرين العرب أو المسلمين المعاصرين نذكر منهم محمد حسن البنا وسيد قطب وأبو أعلى المودودي ومحمد قطب وعلي عبد الرزاق وعبد القادر عودة وسعيد حوى ومحمد عبد السلام فرج وغيرهم. وعبد القادر عودة يعتبر أحد المنظرين والمفكرين المصريين الذين سطع نجمهم في خمسينات القرن الماضي بمصر.
ومن مؤلفاته كتاب "الإسلام وأوضاعنا السياسية "وهو مؤلف يتمحور حول الفكرة التالية: لقد قبل الفقهاء حكم الإمام الجائر والفاسد لتفادي الفتنة، لكن الفتنة الكبرى هي قبول حكم هذا الحاكم الذي لا يطبق شرع الله.وهذا خطأ فادح ،إذ يختبئون وراء الخوف من الفتنة لتبرير رفضهم إعلان الجهاد ضد ذلك الحاكم لأن من واجب كل مسلم يؤمن بالله ورسوله أن يدرك أن الفتنة الحقيقية هي ترك الحاكم يستمر في المس بأحكام الدين الإسلامي وبما أنزل الله وبذلك تركه يستمر في إضعاف سلطة المسلمين .
أما محمد عبد السلام فرج (حركة الجهاد المصرية ) ،فيعتبر أن فئة المسلمين الملتزمين هم الذين يستطيعون بناء الدولة الإسلامية ،وبالتالي فلا مناص من إعلان الجهاد ضد كل حاكم لا يلتزم بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية وما أنزل الله ،باعتبار أنه يرفض رفضا قاطعا تأسيس حزب إسلامي أو المشاركة في اللعبة السياسية والامتثال لقواعد الديموقراطية كوسيلة للوصول إلى السلطة .مادام يعتبر أن ذلك لن يوقف السلطة القائمة من الاستمرار في عدم الالتزام بتطبيق ما أنزل الله.
وفيما يخص سعيد حوى، فهو من المفكرين الإسلاميين السوريين.يعتبر أن الشريعة الإسلامية لا يمكن فرضها إلا بالجهاد.ويرفض اعتبار مواجهة الأنظمة تشكل إثما وخطيئة تؤدي إلى الفتنة كما يعتقد المعتدلون .ويرد عليهم قائلا إذا كان الأمر كذلك ،هل كان نبيا الله إبراهيم وموسى على خطأ عندما عارضا النمرود وفرعون ؟ وإن كل رفض لحاكم لا يطبق أحكام الدين هو رفض مشروع ومبرر بأحكام القرآن والسنة ،وبالتالي من حق المسلمين إعلان الجهاد ضد الحاكم الذي لا يطبق أحكام الشريعة .
ومن الآيات القرآنية الأكثر استعمالا من طرف المتشددين تجدر الإشارة إلى إبراز الآية 255 من سورة البقرة والآيات 60و65و73و74 من سورة النساء والآية 46 من سورة المائدة والآيتين 39و61 من سورة الأنفال ومن المعلوم أن جل علماء الإسلام قد عملوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم على فهم روح النص القرآني انطلاقا مما سمي بأسباب النزول التي تؤرخ للظروف والملابسات التي نزلت فيها الآية القرآنية أو التي ورد فيها الحديث النبوي.وذلك لتفادي كل التأويلات المغايرة للشرع أو التي لا تأخذ بالظروف التاريخية التي جاء فيها الوحي القرآني.مما ساهم في تكوين طريقة ومقاربة جديدة في الفكر الإسلامي تتمحور حول أسباب النزول .وقد اعتبر السيوطي والنسابوري من المستحيل فهم النص القرآني دون الأخذ بعين الاعتبار أسباب النزول والظروف المحددة له.إلا أن البعض ذهب في اتجاه عزل النص القرآني عن إطاره التاريخي وأسباب نزوله لتطويعه وجعله يستجيب لطروحاتهم وتصوراتهم، واعتمد أصحاب هذا الرأي على التفسير الحر في النص.وهو تفسير لا يتجاوز الحرفية إلى تفسير يوضع في سياق أكبر وأوسع في إطار مقاصد العقيدة مما ساهم أحيانا كثيرة في تحويل هذه العقيدة من رؤية تسامح وعدل إلى فعل وحركة ظلم وعدوان باسم الدين والعقيدة .
وجاء في كلام الشاطبي أنه قال: أسلم أبو عمران التجيبي قال: كنا بمدينة الروم، فأخرجوا إلينا صفا عظيما من الروم، فخرج إليهم من المسلمين مثلهم أو أكثر –وعلى أهل عقبة بن عامر، وعلى الجماعة فضالة بن عبيد –فحمل رجل من المسلمين على صف الروم حتى دخل فيهم فصاح الناس وقالوا: سبحان الله يلقي بنفسه إلى التهلكة –يتأولون قوله تعالى (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ).فقام أبو أيوب الأنصاري فقال: يا أيها الناس، إنكم لتؤولون هذه الآية هذا التأويل.وإنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار: لما أعز الله الإسلام وكثر ناصروه فقال بعضنا لبعض سرا دون رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أموالنا قد ضاعت، وإن الله قد أعز الإسلام وكثر ناصروه، فلو أقمنا في أموالنا فأصلحنا ما ضاع منها فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم يرد علينا ما قلناه ( وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ).
إن إخفاء سبب نزول الآية على الناس وقتئذ جعلهم يفهمون منها ما لا يراد بها، فلم يتحقق لهم المراد إلى أن كشف أبو أيوب عن سبب نزولها.
إن الجهل بأسباب موقع الشبه والإشكاليات وقد روى أبو عبيد عن إبراهيم التيمي قال: «خلا عمر ذات يوم فجعل يحدث نفسه: كيف تختلف هذه الأمة ونبيها واحد ودينها واحد وقبلتها واحدة ؟ فقال ابن عباس: يا أمير المؤمنين، إنا أنزل علينا القرآن فقرأناه وعلمنا فيما نزل وإنه سيكون بعدنا أقوام يقرأون القرآن ولا يدرون فيم نزل فيكون لهم فيه رأي ،وإذا كان لهم فيه رأي اختلفوا ، فإذا اختلفوا ،اقتتلوا .قال : فزجره عمر وانتهره ، فانصرف ابن عباس ، ونظر عمر فيما قال ،فعرفه فأرسل إليه فقل علي ما قلت ؟ فأعاده عليه ، فعرف عمر قوله وأعجبه » ويعتبر العلامة الواحدي قضية ربط تفسير كتاب الله العزيز بالسنة النبوية أول درج المبتدئين المنشغلين بعلوم الكتاب الحكيم، وبيان سبب نزول الآي القرآني طريق قوي في فهم معاني القرآني الكريم.
وقال السيوطي أن معرفة أسباب النزول ( التنزيل ) لازمة لمن أراد علم القرآن.
إن علم المعاني والبيان الذي يعرف به إعجاز نظم القرآن فضلا عن معرفة مقاصد العرب، إنما حواره على معرفة مقتضيات الأحوال.فالكلام يختلف حسب حالية وبحسب المخاطبين وغير ذلك .فعلى سبيل المثال الاستفهام لفظه واحد لكن يدخله أكثر من معنى آخر كالتقرير والتوبيخ وغيرهما، والأمر قد يدخله معنى الإباحة والتهديد والتعجيز مثلا ولا يدل على المعنى والمراد إلا الظروف والأمور الخارجية.وإذا فات نقل بعض الظروف أو القرائن الدالة فات فهم الكلام جملة أو بعضه.
وغالبا ما يستشهد المتشددون بآيات لمحاولة دعم أفكارهم وأفعالهم إلا أن استشهادهم يكون دون تبيان سبب نزول الآية المستشهد بها.
ومن هذه الآيات: الآية 255 من سورة البقرة (فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم ) وهذه الآية نزلت في شأن الحصين وهو أحد الأنصار الذي أرغم اثنان من أبنائه على اعتناق الإسلام في حين فضل البقاء على مسيحيته.
والآية 60 من سورة النساء (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم أمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا ).ولقد أخرج ابن حاتم والطبراني بسند صحيح عن ابن عباس قال: كان أبو برزة الأسلمي كاهنا يقضي بين اليهود فيما يتنافرون فيه، فتنافر إله ناس من المسلمين.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة أو سعيد عن ابن عباس قال: كان الجلاس بن الصامت ومتعب بن قشير ورافع بن زيد وبشر يدعون الإسلام فدعاهم رجال من قومهم من المسلمين في خصومة كانت بينهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعوهم إلى الكهان حكام الجاهلية، فأنزل فيهم الآية.
فهذه الآية جاءت في شأن خصومة بين منافق يهودي.فدعا هذا الأخير المنافق إلى النبي صلى الله عليه وسلم ودعا المنافق اليهودي إلى حاكمهم الذي يأخذ الرشوة .فلما اختلفا اجتمعا على أن يحكما كعب ابن الأشرف.
والآية 65 من سورة النساء : (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدون في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) وبصدد هذه الآية أخرج الأئمة الستة ( وهم البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة، وعد بعضهم مالكا عوض ابن ماجة وبعضهم أبدله بالدارمي ).
عن عبد الله بن الزبير قال: خاصم الزبير رجلا من الأنصار في شراج الحرة –التي يسقون بها –فقال الأنصاري للزبير: سرح الماء يمر ؟ فأبى عليه الزبير فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير: «اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك ».فغضب الأنصاري وقال : يا رسول الله إن كان ابن عمتك ؟ فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: «اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر ثم أرسل الماء إلى جارك ».وهذه مسألة خاصة بالسقي ، والحكم فيها أن السقي للأعلى فالأعلى لا حق للأسفل حتى يستوفي الأعلى حاجته ، سواء كان الأعلى أحدث ملكا أو إحياء من الأسفل أو مساويا له أو أقدم منه . وقال الزبير: فما أحسب هذه الآية إلا نزلت في ذلك. إذن نزلت هذه الآية في خصام بين الزبير بن العوام ورجل آخر، فقضى الرسول صلى الله عليه وسلم للزبير، فقال الرجل إنما قضى لابن عمه، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
-والآية 46 من سورة المائدة: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون )
-والآيتان 39و61 من سورة الأنفال: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ورباط الخيل ترهبون نه عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقون من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون ) (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الذين كله لله فإن الله بما تعملون بصير )
-والآيتان 73و74 من سورة النساء: (فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نوتيه أجرا عظيما، وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والوالدين الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك نصيرا ).
هذه مجرد إشارات إلى جملة من المرجعيات والخلفيات العقائدية والنظرية للتطرف الديني بالمغرب.
#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)
Driss_Ould_El_Kabla#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المراجع والخلفية العقائدية والنظرية للتطرف الديني بالمغرب -
...
-
المراجع والخلفية العقائدية والنظرية للتطرف الديني بالمغرب -
...
-
الصحافة النسوية بالمغرب
-
المغرب : تحالفات بالجملة لكن بدون جدوى سياسية في مستوى طموح
...
-
الحكامة والمغرب
-
الشباب والسياسة
-
المغرب: نعم لطي صفحة الماضي …لكن كيف ؟
-
بشائر التعاون العسكري الأمريكي العربي
-
الدكتور المهدي المنجرة قلق جدا بصدد الغد القريب
-
العولمة حقيقة قائمة لكن من الممكن تغييرها
-
هل عثمان بنجلون ضحية للمخزن الاقتصادي بالمغرب
-
خديجة الروسي ، المناضلة بصمت
-
اتفاقية تبادل الحر مع المغرب خطوة أخرى على در تكريس استراتيج
...
-
انتظر العرب ومازالوا ينتظرون
-
وجهة نظر حول الإرهاب وضعف التقنية في العالم العربي
-
الواقعية العربية تحقيق الممكن أم الاستسلام للواقع؟
-
كيف يمكن تحويل الثروات النفطية من نقمة إلى نعمة عربية
-
سنة بعد احتلال العراق
-
كيف ينظر الاتحاد الأوربي لاتحاد المغرب العربي
-
من السهل التصدي للإرهاب
المزيد.....
-
كلمة مرتقبة لقائد الثورة الاسلامية بذكرى تأسيس منظمة تعبئة ا
...
-
كلمة مرتقبة لقائد الثورة الاسلامية آية الله السيد خامنئي بمن
...
-
إيران تنفي التورط بمقتل حاخام يهودي في الإمارات
-
قائد الثورة الاسلامية يستقبل حشدا من التعبويين اليوم الاثنين
...
-
144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة
...
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|