أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إدريس جنداري - في الحاجة إلى حوار حضاري متعدد الأقطاب















المزيد.....


في الحاجة إلى حوار حضاري متعدد الأقطاب


إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)


الحوار المتمدن-العدد: 2665 - 2009 / 6 / 2 - 08:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يروج الحديث اليوم في كل أنحاء العالم عن ضرورة التأسيس لحوار حضاري مثمر بين شعوب العالم ؛ و يرتبط هذا النوع من الحوار جوهريا بالمسألة الدينية ؛ ما دامت أعنف الحروب التي عرفها التاريخ البشري كانت ذات بعد حضاري /ديني ( طبعا مع عدم تناسي الأبعاد الاقتصادية و السياسية ) إلى درجة أن (هكتنكتون) صاغ نظرية بأكملها ؛ يتحدث من خلالها عن الصراع القادم بين الحضارات ؛ و خصوصا بين الحضارة الغربية /المادية من جهة ؛ و الحضارة الشرقية الروحية من جهة أخرى ( الإسلام و الديانات الهندية الصينية ) .
و تثبت الكثير من الأحداث الجارية الآن جزءا و لو قليلا من هذه النظرية ؛ ففي مختلف الكتابات السياسية و الفكرية الأوربية و الأمريكية المتابعة لما يجري من أحداث ؛ نجد الإسلام كحضارة يحضر كعدو لذود لحضارة الغرب ؛ تحت مسمى الإرهاب ؛ الذي ألصق قسرا بالحضارة الإسلامية ؛ باعتباره فعلا تدمير يا يحمل أبعاد حضارية / دينية ؛ و يسعى إلى تغيير الأوضاع السياسية و الاقتصادية السائدة في العالم .
لذلك كان من الضروري في ظل هذه الأوضاع التي تنشر الرعب في العالم ؛ كان من الضروري التأسيس لحوار بين الغرب و العالم الإسلامي ؛ باعتبارهما مكونين حضاريين عرفا عبر التاريخ الكثير من الصراعات و الحروب ( الفتوحات الإسلامية – الحروب الصليبية ) .
و قد شهد العالم في ظل هذه الإرادة المشتركة للحوار الكثير من المؤتمرات التي تسعى إلى احتضان هذه الدعوة ؛ من إسبانيا إلى أمريكا ... و كان الهدف دائما هو محاولة التخفيف من حدة الصراع القائم بين الغرب و العالم الإسلامي .
ضمن هذه الحركية الجارية ؛ و التي تسعى إلى رأب الصدع الحاصل تاريخيا ؛ بين مكونين حضاريين مختلفين جوهريا ؛ يحضر صراع من نوع أخر ؛ و هذه المرة ليس بين الإسلام و الغرب فقط ؛ و لكن بين مذهبين يشكلان نفس الدين ؛ و بين شعبين عاشا جنبا إلى جنب مدة قرون طويلة من الزمن ؛ إنه صراع بين الإخوة الأعداء ؛ بين الفرس/ الشيعة من جهة ؛ و العرب /السنة من جهة أخرى ؛ و هذه المرة لن تجدي نظرية هكتنكتون نفعا ؛ لأن الصراع قائم بين عدوين يحملان اللون الأخضر معا .
فهل يمكن اعتبار أن هذا الصراع يحمل بعدا حضاريا بأبعاد دينية ؛ مع العلم أن المذهبين معا يرتبطان بنفس الدين ؟
أم إنه صراع يحمل أبعاد قومية ؛ حضرت على مر التاريخ الإسلامي بين العرب والفرس ؛ لكنها تعود الآن بقوة مع صعود القوميين الفرس المحافظين إلى الحكم ؟
أم إنه - على خلاف جميع هذه الاحتمالات – صراع استراتيجي حول من يمتلك الشرعية الواقعية لقيادة المنطقة و الاستفادة من ثرواتها المادية و الرمزية ؟
إن التساؤل حول طبيعة الصراع القائم ؛ هو في الحقيقة تساؤل حول طبيعة الحوار الذي يجب أن يتأسس ؛ و هو حوار يجب أن يكون سابقا عن أي حوار محتمل مع الآخر الغربي ؛ لأن المحاور ( بكسر الواو) الذي يتميز بالتعدد بل و بالصراع و التصادم ؛ لا يمكنه أن يقود حوارا ناجحا مع الآخر .
لذلك فإن ملحا حية الحوار الداخلي بين السنة و الشيعة ؛ تبدو أولى من الحوار بين العالم الإسلامي و الغرب ؛ لأن الصراع الداخلي القائم يؤثر سلبا على علاقة الذات مع الآخر ؛ و بالتالي يهدد أي حوار محتمل بالفشل في أولى مراحله .
لكن و قبل الدخول في أي حوار بين السنة و الشيعة ؛ يجب تحديد نوعية الصراع القائم أولا ؛ هل هو صراع حضاري /ديني أم صراع قومي أم صراع استراتيجي ؛ و تحديد نوعية الصراع أقرب السبل لتحديد نوعية الحوار ؛ الذي يجب أن يتأسس.
و بناء على ما يجري من أحداث في منطقة الشرق الأوسط ؛ و ما يرافقها من تحليلات سياسية و فكرية ؛ فإني شخصيا أدعم الطبيعة الاستراتيجية لهذا الصراع ؛ مع عدم نفي عوامل أخرى مؤثرة –طبعا- و على قائمتها الجانب القومي ؛ لكن الطابع الاستراتيجي يبقى هو الغالب في الأخير ؛ خصوصا و أن منطقة الشرق الأوسط تعرف تحولات جذرية منذ أحداث ( 11 شتنبر) ؛ و ما رافقها من هجمة أمريكية شرسة ؛ كانت تسعى إلى قلب الموازين السائدة في المنطقة ؛ و قد تحقق جزء من ذلك عبر احتلال العراق و أفغانستان ؛ و فرض أجندة سياسية جديدة على المنطقة .
و باعتبار أن إيران ؛ خرجت قوية من هذه الحرب المدمرة ؛ بحيث تم تدمير عدوين لذودين في المنطقة ( النظام البعثي و النظام السلفي الطالباني ) ؛ فإن الدولة الفارسية فتحت أعينها على صناديق من الذهب مكدسة ؛ يمكن أن تصل إليها بأقل مجهود ممكن ؛ عبر الدخول في صراع متعدد الاتجاهات ؛ فمن جهة هي تقود حربا ضد الغرب و على رأسه أمريكا ؛ و من جهة أخرى فهي تقود حربا أخرى ضد المذهب السني في المنطقة ؛ و الذي تعتبره امتدادا للمصالح الغربية /الأمريكية ؛ و كذلك باعتباره مذهبا يحتكر الحديث باسم الإسلام
منذ قرون .
لذلك فإن إيران بدخولها في هذا الصراع المتعدد الاتجاهات تثبت بالملموس على أن الجانب الحضاري/الديني في هذه الحرب لا يهم ؛ بقدر ما يهم الجانب الاستراتيجي ؛ بحيث تسعى الدولة الفارسية إلى التحول إلى لاعب إقليمي أساسي ؛ يتحكم في كل التوازنات القائمة في المنطقة من دون منافسة . و لعل فهم طبيعة هذا الصراع هو ما يفرض على الجانب العربي تفهم طموحات إيران هذه و التعامل معها من منظور استراتيجي ؛ يحقق مصلحة الطرفين معا .
فمن جهة يجب احترام مكانة إيران في المنطقة كلاعب إقليمي أساسي ؛ ما دامت تتوفر على جميع المقومات الأساسية للعب هذا الدور ؛ و من جهة أخرى يجب على العرب أن يشكلوا رؤية مشتركة متماسكة لمجموع قضايا المنطقة ؛ و أن يتقدموا كمحاور واحد يدافع عن المصالح العربية المشتركة في المنطقة ؛ من دون تهديد مصالح إيران طبعا .
و لعل حوارا استراتيجيا من هذا النوع ؛ هو المدخل الأساسي لفتح حوار آخر على المستوى المذهبي ؛ و إذا تم الوصول إلى تحقيق مصالح مشتركة بين العرب و إيران في المنطقة ؛ من دون أن يشعر أي طرف بالتهديد الذي يمكن أن يشكله الطرف الآخر ؛ فإن المسألة الدينية/المذهبية ستحل بشكل تلقائي ؛ لأن الصراع في الأصل لا يتخذ هذا الطابع الديني /المذهبي ؛ و لكن على العكس من ذلك هو صراع استراتيجي حول من يمتلك الشرعية الواقعية للتحكم في منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا ؛ باعتبارها تشكل امتدا للعالم الإسلامي الكبير .



#إدريس_جنداري (هاشتاغ)       Driss_Jandari#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الحاجة إلى تعريب التشيع
- الخصوصية الروحية المغربية : ما بين السنة و الشيعة
- الوهابية و الخومينية صراع استراتيجي بطعم مذهبي
- خطر التشيع و التحدي الاستراتيجي الإيراني
- الشيعة و السنة : المذهبية الدينية في خدمة الإيديولوجيا السيا ...
- مفهوم الأمن الأخلاقي : دفاعا عن القيم المغربية المشتركة
- مفهوم الأمن الروحي و ترسيخ الخصوصية الروحية المغربية
- في الحاجة إلى القراءة العلمية للظاهرة الدينية : حول المقاربة ...
- في الحاجة إلى القراءة العلمية للظاهرة الدينية الإسلامية : ال ...
- في الحاجة إلى القراءة العلمية للظاهرة الدينية - نقد مسلمة ال ...
- القراءة العلمية للظاهرة الدينية مدخل نحو التأسيس للعلمانية
- ما بين العلمانية و العلمانوية : في الحاجة إلى القراءة العلمي ...
- في الحاجة إلى النقد المزدوج : ما بين التطرف اليساروي العلمان ...
- في الحاجة إلى نبذ ثقافة الشيخ و المريد : تعقيبا على مريدي وف ...
- بعد الحلقة الأخيرة من سلسلتها : وفاء سلطان امرأة عابرة في كل ...
- الظاهرة الحمساوية و الظاهرة الليبرمانية : لا بد من تدارك الخ ...
- العراق الجديد : الفينيق ينبعث من رماده
- طابور الهزائم : تاريخ من الشعوذة و السحر
- ما بين خالد مشعل و محمود عباس : صراع التصريحات في وضع فلسطين ...
- بعدما فشلت في الخارج صواريخ القسام تسعى إلى قلب المعادلة في ...


المزيد.....




- 100 ألف فلسطيني يصلون العشاء في المسجد الأقصى
- استقبال مواطنين من الطائفة الدرزية السورية أثناء دخولهم إسرا ...
- وفد درزي سوري يعبر خط الهدنة بالجولان لزيارة الطائفة في إسرا ...
- 80 ألفا يؤدون صلاة الجمعة الثانية من شهر رمضان في المسجد الأ ...
- بأنشودة طلع البدر علينا.. استقبال وفد من رجال الدين الدروز ا ...
- كابوس في الجنة: تلوث المياه يهدد جزر الكناري!
- تعرف على 10 أهم بنوك إسلامية في أوروبا وأميركا
- حماس: اعتداءات المستوطنين يستوجب موقفا اسلاميا حازما
- حماس: منع الاحتلال اعتكاف المصلين للمرة الثانية في المسجد ال ...
- على أنغام -طلع البدر علينا-.. وفد من رجال الدين السوريين من ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إدريس جنداري - في الحاجة إلى حوار حضاري متعدد الأقطاب