أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جميل السلحوت - الخامس من حزيران والهرولة الى الخلف














المزيد.....

الخامس من حزيران والهرولة الى الخلف


جميل السلحوت
روائي

(Jamil Salhut)


الحوار المتمدن-العدد: 2667 - 2009 / 6 / 4 - 09:06
المحور: القضية الفلسطينية
    


بدون مؤاخذة :

من باب سوء الحظ انني مولود في الخامس من حزيران ، وفي ذكرى يوم مولدي من العام 1967 أيّ عندما بلغت الثامنة عشرة من عمري ، كنت على مقاعد امتحان الثانوية العامة " التوجيهي " في قاعة المدرسة العمرية في القدس القديمة واستمعت الى مكبرات الصوت من سيارات الدفاع المدني تطالب المواطنين بالتزام بيوتهم واخلاء الشوارع ، وكان المعلمون المراقبون يحثوننا على الاسراع في الاجابة وتسليم ورقة الامتحان بالسرعة الممكنة دون ان يخبرونا بان الحرب اندلعت على الجبهة المصرية .
ومع أنني من أسرة ومن بيئة لا تحتفل بأيّ عيد ميلاد لكائن من كان ،حتى ان ذكرى ميلاد الرسولين محمد وعيسى عليهما صلوات الله وسلامة لا يشكلان لنا سوى يوم عطلة رسمية ، الا أنني أحِنّ ولو من باب التجريب الى الاحتفال بعيد ميلادي الذي لم يُحتفل به من قبل ولا من بعد ، لكنني أستحي من نفسي الى درجة التعرّق لأن الخامس من حزيران 1967 شكل ولا يزال يُشكل لعنة عليّ وعلى شعبي وعلى أمّتي ، ففيه سقطت عروس المدائن ، القدس الشريف جنة السماوات والارض تحت براثن الاحتلال الذي لم يرحم البشر ولا الشجر ولا الحجر، وسقطت معها بقية الضفة الغربية وقطاع غزة وسيناء والجولان .
والخامس من حزيران 1967 شكل اضافة الى الهمّ العام علامة قاصمة لي ولأبناء جيلي ، فقد تحطمت على صخرته طموحاتنا في التعليم الجامعي وأحلامنا بالعمل الذي نريد ، وأصبحنا كورقة تذروها الرياح ، ورقة معلقة بين السماء والارض .
وقد أورثني الخامس من حزيران 1967 هموما فوق طاقتي ، ومن هذه الهموم قضاء ثلاثة عشر شهرا وراء القضبان ، أورثتني انزلاقا غضروفيا في العامود الفقري وتقرحات في الجهاز الهضمي لا تزال ترافقني ولا تزال تؤلمني وستبقى الى آخر يوم في حياتي .
وفي الخامس من حزيران 1967 رأيت طائرات معادية تختار أهدافها بعناية فائقة تمهيدا لمدرعات ودبابات ومدفعية تتقدم وهي تحرق الأخضر واليابس امامها ،ويتبعها مشاة يطهرون المنطقة ، ورأيت جنودا ينسحبون على غير هدى ، ينسحبون تاركين أسلحتهم وعتادهم وحتى انهم استبدلوا ملابسهم العسكرية بأخرى مدنية ،انسحبوا دون ان يخوضوا حربا غير متكافئة.
وفي الخامس من حزيران رأيت والدي – رحمه الله – يرفع سرواله الأبيض على زاوية حبل الغسيل امام بيتنا دلالة على الاستسلام ، رفعه ودموعه تنساب على وجنتيه من ذلّ الهزيمة .
وفي الخامس من حزيران رأيت مدنيين يقتلون دون ذنب اقترفوه ، وفي قريتي الصغيرة سقط الى قمة المجد المرحوم محمد محمود خلايلة ، جميل حمدان سليم ، والشاب محمد عبد حسن عبده ، والفتاة ابنة محمد حسين منصور ، ورأيت جنودا سقطوا عند خطوط التماس ، حاربوا وصمدوا قدر استطاعتهم الى ان استشهدوا واقفين .
وفي الخامس من حزيران رأيت آلافا مؤلفة من ابناء شعبي ينزحون من خطوط المواجهة الى مناطق اكثر أمنا ، بعضهم عاد الى بيوته بعد ان هدأت المعارك ، وبعضهم واصل طريقه الى الضفة الشرقية من نهر الاردن ، رأيت عجائز يجرون أجسادهم بما تبقى لهم من قوة هربا بحياة غير مأسوف عليها ، نساء حوامل ، ونساء يحملن أطفالا رضعا ، ويقدن أطفالا أكبر منهم قليلا ، الكل يبكي ويصرخ ، خوفا وجوعا وعطشا ووهنا .
في الخامس من حزيران 1967 " توحدت " فلسطين على غير ما تمنيناه ، "توحدت " فلسطين تحت الاحتلال .
في الخامس من حزيران وقبلها ببضعة اسابيع سمعنا خطابات وأناشيد لا يمكن وصفها الا بالغوغائية والهمجية ، فكانت سلاحا ضدنا ، ولم تكن يوما سلاحا بأيدينا خطابات وتعليقات وأهازيج خاطبت سمك البحر ، ونسيت مخاطبة وحوش الصحاري التي تلقفتنا .
في الخامس من حزيران كانت النكبة الحقيقية لشعبي وأمَتي... فأكثر من مليون لاجئ جديد انضموا الى قوافل اللاجئين السابقين الذي شردوا في النكبة الاولى ، وبعض اللاجئين الجدد لجأوا للمرة الثانية .
في الخامس من حزيران بكى من بكى وضحك من ضحك ، وكنا نحن الباكين...
في الخامس من حزيران ، تعلم غيرنا من عثراتنا ولم نتعلم نحن ، تكلم البعض منا عن هزيمة ، ثم ما لبث ان اسماها " نكسة " ثم ما لبثت النكسة ان تحولت نصرا لأن القوات الغازية لم تستطع اسقاط الأنظمة " التقدمية " التي خاضت الحرب ، وذهبت الأنظمة "التقدمية" وبقيت أوطان محتلة ، وبقي شعب يذوق ألوان الهوان .
في الخامس من حزيران 1967 أنشد الراحل توفيق زياد :
ان كبونا خطوة الى الخلف
فمن أجل ألف الى الامام
ولم يطل به العمر كي يرى ان خطوة انظمتنا الى الخلف في العام 1967 قد قادتنا الى ملايين الخطى الى الوراء.
وفي حزيران 2009 القدس معزولة تماما عن محيطها الفلسطيني وامتدادها العربي،والحفريات تنخر جسدها والاستيطان والتهويد يثقلان كاهلها،وجدران التوسع الاحتلالي والحواجز العسكرية والمستوطنات تمزق جسد الضفة الغربية الى أشلاء متناثرة.ومليون ونصف المليون فلسطيني في قطاع غزة يعانون الأمرين من حصار التجويع الذي تفرضه اسرائيل والعالم أجمع بمن فيهم الأنظمة العربية.
في الخامس من حزيران 2009اكثر من مائتي مستوطنة في الضفة الغربية وجوهرتها القدس ،ويقطنها اكثر من نصف مليون مستوطن.



#جميل_السلحوت (هاشتاغ)       Jamil_Salhut#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اثنان وأربعون عاما عجافا
- اطفال الشرق الاوسط في يوم الطفل العالمي
- ذاكرة سلمان ناطور في رحلة الصحراء تأريخ للمأساة وسخرية من ال ...
- دولة تحارب شعبها
- هل سيسمع اوباما -لا- العربية
- مجموعة -اكليل من شوك- القصصية والتميز شكلا ومضمونا
- في ذكرى نكبة فلسطين
- التعذيب في العراق وغيره
- وقفة مع الاول من ايار
- قراءة في ديوان الشاعر تميم البرغوثي
- سرّ الرائحة قصة أطفال تدعو للحفاظ على البيئة
- اسرائيل دولة يهودية وللفلسطينيين التيه
- القدس مدينة التعددية الثقافية
- الثقافة المحلية ليست بالحسبان
- -السنجاب الخائن- حكايات على شكل قصص
- ثقافة - العصرنة -
- القدس العاصمة الأبدية للثقافة العربية
- السحر - حكاية شعبية
- أخلاقيات الحروب وجرائمها
- في انتظار فارس الأحلام


المزيد.....




- وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق ...
- جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
- فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم ...
- رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
- وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل ...
- برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية ...
- الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في ...
- الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر ...
- سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة ...


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جميل السلحوت - الخامس من حزيران والهرولة الى الخلف