|
كم وجه للمنطق؟!
نزار النهري
الحوار المتمدن-العدد: 2664 - 2009 / 6 / 1 - 01:13
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
من المعروف للجميع ان المنطق هو المنطق، واذا اختلف شيء مع المنطق، فسيكون حكمنا ان الشيء الذي اختلف معه، غير منطقي، هذا هو المنطق، اليس كذلك؟ فلماذا يتشجع بعض الناس عندما يكون المتجاوز على المنطق هم أناس معينون ولا يجرؤوا على ذلك حين يكون المتجاوز شيء آخر؟ مع العلم ان التساؤلات المنطقية لم تتغير ولكن الزاوية هي التي تغيرت.
ولكي لا نرهق القراء بمقدمات مملة، سوف ادخل مباشرة الى الموضوع وسوف اترك الحكم للقاريء.
قبل عدة ايام دخلت على موضوع كتبه الاستاذ محمد عادبدين المحترم، عنوان الموضوع كان ((من حق الزوج إكراه زوجته على المعاشرة الجنسية دون رضاها .. هل هذا منطق ؟؟))، ولقراءة الموضوع
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=156762
لقد اعجبني عنوان الموضوع، وانا بصراحة يعجبني كل شخص يتساءل، ويعجبني في الاستاذ محمد عابدين شجاعته ولو انها نسبية، وهذا ما سنشرحه لاحقا. بعد قراءتي للموضوع رايته محق في تساؤله، ولكنه وجه اللوم الى طرف آخر ليس له علاقة بالمشكلة.
الغرض من السؤال هنا هو النفي، وهذا مايسمى في اللغة الاستفهام لغرض النفي، فحال المدون يقول، هذا ليس منطقا، وانا شخصيا اتفق معه في هذا. يبدأ السيد المدون مقاله بمقدمة جميلة يقول فيها "لقد دَحض القرآن الكريم الأفكار الباطلة التي يعتقد بها الناس ، وأقرَّ بأن طبيعة التكوين وأصل الخلقة بين الرجل والمرأة واحد ، فلم يخلق الرجل من جوهرٍ ذو مكرمة ، و المرأة من جوهر وضيع ، بل خلقهما الله من نفس واحدة و كلاهما من تراب"، وهو يريد من هذه المقدمة اقناعنا ان المرأة متساوية مع الرجل في الخلق، واستشهد بآية قرآنية، وعلى اساس هذه الطرح، احتج على المشايخ والفقهاء بقوله: "و رغم ذلك رفض سادتنا المشايخ إعطاء الزوجة حقها في مقاضاة زوجها إذا ما عاشرها الزوج دون رضاها بحجة أنه لو فتح هذا الباب .. سيفتح باب النزاع بين الزوجين وتتشجع النساء على التمرد والكيد لأزواجهن "، وهنا بيت القصيد، فالمشايخ لم ياتوا بشيء من جيبهم، وهذا ما سنثبته في السطور القادمة.
لقد فات السيد محمد عابدين، ان التمييز بين الرجل والمرأة جاء من الله نفسه، ولم يدَحض القرآن الأفكار" الباطلة" التي يعتقد بها الناس كما يعتقد، بل بالعكس ان هذه الافكار التي عند الناس مرجعها ومردها الى القرآن، وساذكر بعض الامثلة القرآنية التي لا يستطيع احد محاججتنا بها وسنبدا بالاية 178 سورة البقرة ((يا ايها الذين امنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والانثى بالانثى فمن عفي له ...)) فهنا نرى ان الرجل لو قتل انثى مثلا لا يطبق عليه الحد لان الانثى ليست كالرجل، فهل تستطيع سيدي ان تشرح لي وجه المنطق هنا؟ خذ مثلا آخر، سورة النجم الاية 21 (الكم الذكر وله الانثى) وفي هذا استهزاء واضح من الله على اهل قريش، لنسبة الانثى له وهذا ما يترفع عنه، اية اخرى النجم 27 ((ان الذين لا يؤمنون بالاخرة ليسمون الملائكة تسمية الانثى)) استهزاء حتى من التسمية باسماء النساء، الامثلة تطول ونستطيع ان نملأ منها مقالات وساكتفي بهذا وانتقل الى الاية الاهم وهي الاية 34 من سورة النساء ((الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما انفقوا من اموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فان اطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ان الله كان عليا كبيرا))، وهذه الاية هي التي اعتمد عليها الفقهاء فيما ذهب المدون الى عدم منطقيته، وليس الحديث الذي ذكره في موضوعه، ولنحاول شرح هذه الاية كما جاء في كتب التفسير.
الرجال قوامون على النساء، اي ان الرجال ليسوا كالنساء، بل ان قيادة الرجل واجبة، اي انهم مسلطون على النساء، لماذا؟ "بما فضلنا بعضهم على بعض"، البعض الاولى تعني الرجال والبعض الثاني تعني النساء فالتفضيل هنا من عند الله وليس اجتهاد شخصي اخذه الفقهاء من خيالهم، وهذا الكلام الالهي هو الذي جعل نظرة الناس للمرأة تتغير. سبب التفضيل الالهي لم يذكر،مع ان معظم الفقهاء قد نسبوا هذا التفضيل الى (العلم والعقل والولاية)، وهذا التفضيل وحده كافي لسبب قيامة الرجل وترؤسه للمرأة ولكن هناك تفضيل آخر وهو ما اشارت اليه الاية "بما انفقوا من امواهم"، والمقصود هنا المهور والنفقات والكلف التي يصرفها الرجال على النساء، ولكي نكون عادلين اكثر علينا ان نعود لعقد الزواج المنبرم بين الرجل والمرأة لانه شرط اساسي من شروط الحكم في القضية. لنرى ماذا يقول هذا العقد؟ فبموجب هذا العقد، تقول المرأة للرجل، زوجتك نفسي على الصداق المسمى بيننا، وتعني به المهر(مبلغ من المال)، فيقول الرجل قبلت او لم اقبل، فكل فائدة يجنيها الرجل من المرأة سواء كانت جنسية او غيرها، ثمنها هو هذا الصداق، وهذا هو سبب رئيسي ذكر في الاية بالقول "بما انفقوا من امواهم". والان ناتي لصفة النساء الصالحات، يجب ان يكن قانتات، القنوت هو الطاعة، الطاعة لمن؟ الطاعة للرجل، في اي شيء؟ في كل شيء، اقيم من اجله الزواج، ومن هذه الاشياء دعوتها للفراش. حافظات للغيب، ليس عليها اعتراض، واضح هنا ان الطاعة يجب ان تكون مطلقة وذلك لعدم تحديدها فالرجل هو الامر الناهي، واما عن القول،" واللاتي تخافون نشوزهن"، فالنشوز هو عكس القنوت، اي العصيان.فما هو عقاب اللائي لا يطعن ازواجهن؟ في البداية الوعظ والهجر في الفراش اي عدم ممراسة الجنس، فالرجل يجوز له هنا الامتناع عن الجنس، اما هي فيفعل الرجل بها ما يشاء وليس عليها سوى الطاعة، ولم ينتهي العقاب بالوعظ والهجر بل يتعداه الى الضرب، فمن حق الرجل ضرب الزوجة غير المطيعة، هل يريد السيد محمد عابدين منطق اكثر من هذا؟ الضرب والاستمرار في الضرب الى ان يطعنكم.
اما سبب نزول الاية فهو من الاشياء المهمة التي تفيدنا في درس الاحكام، وفي سبب نزول الاية تشير معظم الروايات الى قصص مشابهة وقد تختلف الاسماء ولكن القصة واحدة، وسنروي منها القصة التالية: "أَتَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُل مِنْ الْأَنْصَار بِامْرَأَةٍ لَهُ فَقَالَتْ يَا رَسُول اللَّه إِنَّ زَوْجهَا فُلَان بْن فُلَان الْأَنْصَارِيّ وَإِنَّهُ ضَرَبَهَا فَأَثَّرَ فِي وَجْههَا فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ " فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى " الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء " أَيْ فِي الْأَدَب فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَرَدْت أَمْرًا وَأَرَادَ اللَّه غَيْره"، ومن هذه الرواية نلاحظ ان حتى الرسول كان ينوي ان يفعل شيء ولكنه غير رأيه.
لقد حاول السيد محمد عابدين التبرير مرة اخرى، فكتب مقالا آخر هو ((لماذا نعتبر المرأة ناشــزا ً لو كان أمر الزوج الموجب للطاعة مخالفا للشرع (مجرد هوى) ..؟؟)) على الرابط
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=156907
حاول فيه بطريقة يائسة تأويل الاية بطريقة تتماشى مع ما ذهب اليه ولكن بلا جدوى، فتفسير الاية المعقول هو ما ورد اعلاه وليس كما يريد هو. ولقد زاد السيد محمد عابدين الطين بلة باسئلة اخرى هي:
ـ هل يمكن تعريف الزوج بأن يكون " ناشزا " كما هو سائد في تعريف الزوجة " الناشز " .. ؟ ـ وكيف يمكن للزوجة ان تعامل زوجها الناشز الذي يصدها ولا يهتم بعواطفها ولا يشبع حاجتها كما اوصى الشرع ؟ ـ الشرع سمح بهجر الزوج فراش زوجته في حالة نشوزها، فهل يسمح للزوجة بهذا الحق في حالة نشوز زوجها ؟ ـ هل في مثل الحالة السابقة يحق للزوجة إقامة دعوى طاعة ضد الزوج ؟؟ ـ ولماذا لا نجد هذا البند " نشوز الزوج " فى التشريع المرتكن للشريعة ؟؟
وكل هذه الاسئلة تدور في نفس الفلك.
فقط اردت ان اقدم حلا لهذه المشكلة من وجهة نظري، وهو ان يتم اعتماد عقد زواج (مدني)، يختلف عن هذا العقد، وبموجب هذا العقد، تكون المؤسسة الزوجية عبارة عن شراكة بين الرجل والمرأة وليست ان تبيع المرأة نفسها للرجل.
#نزار_النهري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في شرعية العمليات الانتحارية
-
آيات للحرب والسلام
-
الشباب المسلم بين مطرقة العواطف وسندان الوعّاظ
-
حوريات ام عنب؟
-
اللغط .. في جمع القرآن
المزيد.....
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|