عزيز الحاج
الحوار المتمدن-العدد: 814 - 2004 / 4 / 24 - 11:06
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
لا شك في كون بصمات محترفي الموت من صداميين وقاعديين تدين جريمة التفجيرات المروعة في البصرة التي راح ضحايا لها المئات من قتلى وجرحى من بين المدنيين ورجال الشرطة العراقية. إن دماء هؤلاء الشهداء، من أطفال ونساء ورجال، تدين هذا الحلف الشرير الذي يتعاون معه ما يدعى بجيش المهدي كما برهنت حوادث الفلوجة والوقائع التي من آخرها شهادة الصحفي الفرنسي الذي اختطفوه هناك واضطروا لإطلاق سراحه.
إن الجريمة المروعة في البصرة دليل مؤلم جديد على أن خطر هؤلاء على أمن العراق والعراقيين وعلى حاضر الشعب ومستقبله، هو الخطر الأكبر الذي يواجهنا وهو الخطر المسنود بكل الطرق وبمنتهى القوة من سوريا وإيران.
وإذ نؤكد من جديد هذه الحقيقة التي برهنت عليها حوادث وتجارب عام من بعد سقوط نظام صدام، فإن المؤلم في الوقت نفسه وجود ظاهرة سبقت الإشارة لها مرارا وفي مناسبات عديدة. والمقصود هو مدى تخلف وغوغائية رد الشارع العراقي المتحرك على جرائم القتل والتفجير والتفخيخ. إن هذا الشارع الذي راحت تسيره الإشاعات المغرضة والدعايات السياسية المعادية للديمقراطية، سواء من رجال دين مسيسين أو أعوان صدام أو بعض الفضائيات، يرد على الجرائم لا بإدانة أصحابها ورفع الصوت عاليا ضد الإرهاب، بل يسير في الشارع تحت شعارات ذات القوى والأطراف المعادية ضد مجلس الحكم وضد قوات التحالف. وقد برز ذلك مرة أخرى في البصرة. فعندما وقعت الانفجارات تحركت القوات البريطانية للدفاع عن أهل المدينة فقوبلوا برمي الحجارة من جموع من المرجح أن يكون بينها عناصر الجريمة نفسها. وفي مظاهرات اليوم التالي تكررت الظاهرة نفسها بدلا من اتخاذ المأساة الحزينة فرصة للتعبير عن أقصى الغضب من الإرهاب والمطالبة بتشديد حملات وإجراءات مجلس الحكم والتحالف للقضاء على خطرهم.
لا يمكن أن يشفى المواطنون الذين خرب صدام نسيجهم الاجتماعي وقيمهم الأخلاقية ووعيهم الوطني شفاء عاجلا من آثار ذلك الخراب، الذي زاده ووسع مداه المتطرفون الدينيون من دعاة السلطة. وليس عمليا توقع الانتقال في فترة عام أو عامين إلى ديمقراطية كاملة ووصول مستوى الشعور بواجبات المواطنة لمستوى ما في البلدان الديمقراطية العريقة. ولكن كنت ممن يأملون أن يتحقق الحد الأدنى على الأقل حتى اليوم. ولكن ردود الفعل من الشارع على الإرهاب خيب مع الأسف ظني.
لقد خرج شعب أسبانيا كله يوم التفجيرات في القطارات. وبصرف النظر عن الخلافات السياسية فقد تصدر قادة الأحزاب والمجتمع المدني تلك المظاهرات متكاتفين. لقد كنت أتمنى شيا قليلا من مثل هذا الرد على مختلف التفجيرات التي وقعت قبل البصرة في بغداد وفي مدن أخرى وصولا للبصرة اليوم ولكن الشارع المتهيج قد خطفه حتى الآن الإسلاميون المتطرفون وفلول صدام وأعوان إيران ودعاياتها وفتاوى دينية عربية وتحريض الجزيرة والعربية.
أسأل أيضا: هل إن هذه الظاهرة المأساوية بعيدة عما أعتبره تقصيرا كبيرا من المسؤولين العراقيين ورجالات الأحزاب والمراجع الدينية؟ وأقول كلا! ولهذه النقطة مقال تال...
#عزيز_الحاج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟