أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عادل الخياط - صفقة من لحم !














المزيد.....

صفقة من لحم !


عادل الخياط

الحوار المتمدن-العدد: 814 - 2004 / 4 / 24 - 11:03
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


قضيت وقتا طويلا تحقن الشرايين , تداوي الجروح, تقص الأعضاء المحترقة والزائدة , تمد يدك داخل الأرحام المنتفخة , تغوص بين الدماء الفاسدة , تسهر الليالي الطويلة , تناول الشرائط والخيوط وآلات أو أدوات التشريح و .. و .. و
دُهشت رغم السكر ! ثم قلت له بحنق : لو كنت حقيرا مثلك لكسرت هذي الزجاجة فوق رأسك العفن , ماذا تعني بهذا الكلام ؟
: تمهلْ , تمهلْ يا صديقي , على رسلك يا صاحبي , أنت تسمع فقط , فهل سمعت بماء الحياة , فقد جئتك به بقدح من ذهب ! "
إزدادت دهشتي : تكلم !!؟؟
مثل غول مخيف إكفهر ليل الثالث عشر من رمضان بغتة , حجبت ضياءه الساطع غمامة المد القادم ! لكن هل حقا كذلك ؟ : بين الشك واليقين .. لا , أنا على يقين الآن , إنه السراط الجديد , بل شرع لابد منه ! "
خرجت أفور تحت جمر من جحيم الويل , سرت جثة بلا رأس !! الضوء هجين فيه مسحات من سواد الليل , والمارة بين الظلمة والنور أشباح من عالم الأرواح . طفت الشوارع .. الأزقة .. عبرت الجسور .. هذا ما أظن , ومن المحتمل جلست في أحد المقاهي , أو ربما في أحد البارات مرة أخرى , الغريب إن سبب الدهشة التي ألقت بي قي متاهة هذا الفلك المفرغ , تلاشت تماما !! تداعيت من عالم إلى آخر .. نحو عوالم مجهولة , لكن أية عوالم ؟ لا أعلم , أضغاث , كل شيء أمسى هكذا !! غير أنني رغم هذا التيهان رجع رأسي قبالة باب الدار الخشبي , ولا أدري كيف حدث هذا ؟ ومع ولوجي بدأ وطر جديد .. رميت بجسدي المتهالك على السرير , إلا أنه الآن قلق منتظم , يحمل معه رنين كلماته المسمومة المنعشة , وتحت وطأتها تبخرت أقداح الخمر التي كرعتها قبل أن ينتصب أمامي ليغريني بحديثه المتلألئ , بضحكته الصفراء , الباهتة الناصعة !! إنهم يعلمون أين يكمن الداء , وأنتم لا شك تعلمون , لكن هل ثمة حل لذلك ؟
: " بالطبع جئت هنا وكلي ثقة أنك لن تتعبني . الحقيقة أنا الذي أشرت عليهم , أيضا هم يعلمون أنك أكثر واحد ستفهمنا إلى هذا العرض , فلا أعتقد أن إنسانا موزونا يرفض عرضا مغريا مثل هذا . "
:" وما السر في هذه العملية , وبإستطاعتكم طمرهُما , أو حتى تقطيعهما في الشارع وأمام عيون الناس ولا أحد يلومكم , بل على العكس يرشون الورود فوق رؤوسكم ! "
:" هذا ليس شغلك , أنت تنفذ فقط . "
: والآن , أي آن , مثلما قال لكَ , هل يوجد إنسان عاقل يرفض مثل هذا العرض , أجل , لكن لماذا لم يخبرني عن سر هذه العملية ؟ أنا أعرفهما , الشاب دخلَ قبل يومين في قسم الباطنية , والفتاة في قسم العظام .. قضية نصفها واضح , والنصف الآخر غامض ؟ ما الدافع من حقن شاب في نحو السادسة عشرة من عمره بفايروس - السيدا - إذا كان هناك حرجا من قتله ولا أعتقد ذلك , فبإمكانهم حقنه سما وقتله !؟ كذلك الفتاة , الواضح إنهم يريدون فضحها , ما الدافع إلى ذلك ؟ هل هو , هي ذو شأن كبير ؟ وأي شأن في غلام صغير , وقروية ساذجة ؟ " : وبعد ؟ .. مرة أخرى : لا تكن أحمق , ستظل طول حياتك أجيرا , منهكا , خاويا , إنه المجد , عجيب , هل ثمت إنسان يُعرض عليه المجد ويرفض ؟ : نعم هرم من جماجم , مجد ملوث , أي لوث ؟ هل تعتقد أن هناك شيء إسمه لوث وآخر إسمه نقاء ؟ كن على يقين إنها كلمات يختلقها المُفلسون , معقول إنك لا زلت مُغلقا على هذا النحو ؟! .. فجأة أحسست جيثوما يغل عنقي بقوة , فإنتفضت من على السرير, ثم فتحت النافذة وأخذت أنشق : سأعتق عنقك , لكن قلي " المُفلسون " , أية خسة هذه , أي سقوط ؟ هل حقا تقدم على عمل كهذا ؟ غلام وقروية , ولماذا , مهما بلغت المغريات , كيف تلطخ يدك بهذه العملية القذرة , أي حيوان أنت ؟ " : ها , ماذا , لكني لم أقرر بعد ." .. : تذكر إنك لمجرد فكرت على ذلك النحو , فسيبقى ذلك نقطة سوداء في جبينك , أي نقود , هل يساوي مُلك الدنيا عملا كهذا ؟ يا لك من نذل !! "
ضربت رأسي في عروة النافذة , ثم إمتد بصري في خضم الفضاء المشتعل , فتراخت أعصابي , وأخذ نفسي يعود إلى تموجه السابق . وإذ ذاك أحسست بكف تمسح على رأسي : " ماذا يقول هذا , أية مثالية يتبجح بها , أين كان حين أدناك زمنك إلى أسفل السافلين , ورفع غيرك إلى السماء , ما هذه المهزلة التي يتحدث بها !! " : اللعنة , أرى ألقاً في كلامك , يظهر إن التجرد صار قانونا لا بد من إتباعه , وما دام الزمام بيدي فسوف لن أفلته , وليكن ما يكن , فلتنقلب الدنيا , وهل تعتقد إنها إلى الآن لم تنقلب؟!
وسرَّحت جسدي على السرير , وما دام إبليس قد ختمَ على الصك , فقد نفخ في الرأس نبوءة السر الأعظم , وها هي الرؤيا تومئ إلى النبأ اليقين :
" فمن بين سحب الدخان يتراءى شعاع الشمس ومضارب الخيام , وبالتدريج تتلاشى السحب المتصاعدة , ويظهر الشعاع بقوسه الملون , ومضرب الخيام بخيمته الكبيرة التي تتوسطه والعلم المشتعل الذي يعانق السماء , ويقف على جانبي القرص المشع رجل وإمرأة كبيران في السن , وعند أربعة رؤوس من القزح الملون أربعة شباب , والرأسان الآخران فتاتان , كذلك علم النار يشرئب عاليا قدام الخيمة الكبيرة . فجأة حلقت غربان نحسة , لا أدري من أين جاءت , فوق رؤوس الرجل والمرأة والفتية معهما وفوق العلم الملتهب , وإنبرت تنعق , وإسترسلت في نعيقها .. حتى سقط اللذين يُمسكون بالقوس الملون , وإنكفأ العلم المحلق , وإذا بالفتية والرجل والمرأة داخل مربع كبير , محاط بسور شاهق , وبالخيمة الكبيرة وحيدة مهجورة , تلعب بها ريح ذات صوت كسوط جلاد محترف !!
سفوان - مخيم اللاجئين - 1991



#عادل_الخياط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إغتيال الرنتيسي وإشكالية الجنة والنار .. دعوة إلى جميع الإسل ...
- سين - عين .. تذكير إلى حازم جواد .. نص قصير جدا مُهدى إلى رو ...
- التاسع من نيسان ونهاية الفوهرر العروبي - 5
- التاسع من نيسان ونهاية الفوهرر العروبي --- 4
- ميكافيلية فوهرر العروبة القزمْ !؟ .................. --- 3
- ميكافيلية فوهرر العروبة القزمْ !
- ميكافيلية فوهرر العروبة القزمْ !؟
- حمدان الحسني ورحلة العذاب والإنفصام
- النفط أخصبَ المُخيلة العروبية بعد نضوبها !؟
- رؤيا الخراف الوحشيه
- قوميو البترول المعاكس
- هل أصبح سعدي يوسف قوميا ؟ رد على موضوع سعدي يوسف : بم نباهي ...
- على خلفية القرار 137 المجتمع السليم نتاج لدولة القانون والحر ...
- الإرهاب .... نظرة تاريخية موجزة
- أُسطورة بلاد الثلج
- حكاية رجل الأنترنت الذي فقد عقله
- شجرة السلطان


المزيد.....




- صور سريالية لأغرب -فنادق الحب- في اليابان
- -حزب الله-: اشتبك مقاتلونا صباحا مع قوة إسرائيلية من مسافة ق ...
- -كتائب القسام- تعلن استهداف قوة مشاة إسرائيلية وناقلة جند جن ...
- الجزائر والجماعات المتشددة.. هاجس أمني في الداخل وتهديد إقلي ...
- كييف تكشف عن تعرضها لهجمات بصواريخ باليستية روسية ثلثها أسلح ...
- جمال كريمي بنشقرون : ظاهرة غياب البرلمانيين مسيئة لصورة المؤ ...
- -تدمير ميركافا واشتباك وإيقاع قتلى وجرحى-..-حزب الله- ينفذ 1 ...
- مصدر: مقتل 3 مقاتلين في القوات الرديفة للجيش السوري بضربات أ ...
- مصر تكشف تطورات أعمال الربط الكهربائي مع السعودية
- أطعمة ومشروبات خطيرة على تلاميذ المدارس


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عادل الخياط - صفقة من لحم !