|
الطفلُ ربيعُ المجتمعِ وربما خريفُهُ!
سعيد علم الدين
الحوار المتمدن-العدد: 2664 - 2009 / 6 / 1 - 11:09
المحور:
ملف يوم الطفل العالمي 2009 - كيف نبني مستقبل أفضل لأطفالنا؟
الطفل هو اغنية الحياة الوديعة الوردية الفريدة التي لن تتكرر ولكنها مع الايام ستكبر وتتحول الى انسان عادي او ربما طاغية شرير او ملهم عبقري: كجاليليو او اينشتاين، كموزارت او بتهوفن، كشكسبير او جبران خليل جبران، او وربما اوربما كهتلر او ستالين، كتشاشيسو او صدام حسين، كمقتدى الصدر او حسن نصر الله، كبشار الاسد او خامنئي ايران. ولهذا فالطفل هو ربيع المجتمع في براعمه المتفتحة أزهارا وربما أشرارا، كما اسلفنا. هو ربيع المجتمع بأزهاره اليانعة وببسمته الضاحكة: براءة وطيبة ورقة وعذوبة ونعومة وصفاء للحياة وما ستحمله له في طيات ايامها القادمات من فرح وسعادة وبؤس وشقاء وتبقى حياة الطفل حتى وفي قمة السعادة هي الذميمة الكبرى والبلاء الذي مصيره المحتوم الراحة الأبدية بالغياب القسري والانتهاء. فالحياة فرضت على الطفل تعسفا وعشوائية واستبدادا وكلنا اطفال التعسف والعشوائية والاستبداد فلنتحرر بجرأة من أثقال الحياة وترهلات الماضي وركام التاريخ الموروث وسخافاته المحفورة في العقل الشرقي ولنواجِهَهُ بصلابة النساء وهمم الرجال الاشداء تجددا وابداعا. فنحن من نهيئ المستقبل الواعد المثمر للطفل ونحن من يتحمل المسؤولية الاولى في بؤس وشقاء وجهل وحرمان وفقر وتخلف اطفالنا أي اجيالنا أي مستقبل مجتمعاتنا. ولا عجب ان تكون المجتمعات العربية والاسلامية غارقة في قمة التخلف والجهل والاستبداد والفقر والشقاء، بسبب اطفالنا السابقون أي اجدادنا الذين اورثونا هذا المستنقع المريض الموبوء بكافة العقد والتعقيدات والتحجر، مقارنة مع كافة مجتمعات الكرة الارضية. ولا يمكن اليوم مقارنة معظم المجتمعات العربية والاسلامية الا مع بعض المجتمعات الإفريقية الموغلة في البدائية والتخلف. ولهذا ولا عجب ان تفر عشرات الملايين من العرب والمسلمين للعيش بحرية في الدول الغربية الديمقراطية الراقية المنفتحة الحافظة لحقوق انسانها بقوانينها. الطفل هو ربيع المجتمع وجمال الحياة بكامل معانيها ويعبر عن ذلك افضل تعبير المثل القائل: القرد بعين امه غزال. فالام المتعلمة الواعية السوية ستنشئ لنا في أسوأ الظروف غزلانا نبني بهم مستقبلا واعدا. والام الأمية الجاهلة السطحية فستنشئ لنا في أفضل الظروف رجالا فاشلين مقعدين تقليديين، وربما ايضا قرودا وابالسة وربما خنازير وتماسيح يجزون رقاب ضحاياهم ولا يحسون ولا يشعرون مع آلام ومآس الآخرين. بالتاكيد الاب الجاهل المتطرف يتحمل ضعف المسؤولية. وهكذا عندما نحشو عقول اطفالنا بالخرافات والعنتريات والغيبيات والانتصارات الوهمية الفارغة فلا عجب ان يخرج لنا اطفالا مشوهين دينا وخلقا ومعاقين انسانيا واجتماعيا كابن لادن ومقتدى الصدر والظواهري وابي حمزة المصري الذي حشا عقول اطفاله بالخزعبلات والكره والحقد فقبع هو في السجن بتهمة الارهاب فتبعوه هم بتهمة السرقة والاحتيال. وهكذا فقد قضت محكمة بريطانية بسجن 3 أبناء للمسلم المتشدد مصطفى كامل مصطفى الملقب بأبي حمزة المصري، الذي يقبع في سجن بريطاني بتهمة حثّ أتباعه على قتل غير المسلمين، بعد إدانتهم بالتورط في سرقة سيارات فاخرة. وأبلغ ادعاء المحكمة في لندن بأن حمزة مصطفى كامل (22 عاما) ومحمد كامل مصطفى (27 عاما) ساعدا في إدارة عملية الاحتيال التي استمرت عامين مع محسن غيلان (28 عاما) ابن زوجة رجل الدين. وذكرت وكالة برس أسوشيشن للأنباء أمس الخميس 28-5-2009، أن كامل الذي اعترف بالتعامل المضلل في سيارات مسروقة وغسيل الأموال حكم عليه بالسجن عامين ونصف، وأن مصطفى حكم عليه بالسجن عامين بعدما أقر بالذنب في تهمتين بالاحتيال. كما حكم بالسجن أربعة أعوام على غيلان الذي اعترف بالتآمر للاحتيال، ووصف بأنه "عنصر رئيسي" في العملية. ومن هنا فمستقبل اطفالنا وبالتالي مجتمعاتنا لا يمكن ان يبنى على الخرافات والخزعبلات وثقافة السبايا وغسل دماغ الطفل بالافكار الشمولية والغيبة الى تفقده حرية الاختيار ليصبح اداة طيعة بيد المتطرفين المجرمين. مستقبل اطفالنا لا يمكن ان يبنى على الحقد والكره وثقافة الموت والذبح والاغتيال السياسي وقتل الابرياء العزل ومنهم الاطفال وتبجيل الانتحار ورفض الفكر الاخر ومحاربة المخالف وقمع النساء وقتل الحلاقين والمعارضين ومثليي الجنس. ولهذا فأطفالنا ان احسنَّا تربيتهم حسب القيم الاخلاقية ومبادئ حقوق الانسان والديمقراطية فهم سيكونون ربيعنا القادم بالعطاء، وان أسأنا تربيتهم فسيكونون شتاءنا العاصف بالانواء. ويبقى الطفل تلك النبتة الندية التي هي ربيعُ المجتمعِ المتألق التعددي الديمقراطي الناجح المزدهر او خريف المجتمع المتخلف الشمولي الاستبدادي الفاجر الفاشل البائس المتكبر المتعثر. وكما سنزرع سنحصد! وكما زرع ابو حمزة المصري حصد! وكما زرعت الحركات السياسية الاسلامية الشمولية الظلامية السنية الشيعية الحاقدة حصدت دماء واشلاء وركاما وخرابا وتقهقرا ومنهم من صار مقره السرداب لا يخرج منه ولا في الاحلام، ومنهم من عشش مع الوطاويط في المغاور والكهوف لا يخرج منها الا تحت جنح الظلام! ويبقى الطفلُ هو ربيعُ المجتمعِ الزاهرِ في الحدائق الغناء او ربما خريفهُ الساقطِ كتساقط اوراق الخريف على الطرقات!
#سعيد_علم_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الديمقراطيون للديمقراطيين والخبيثون للخبثاء!
-
ولن تنتصر الثورة المضادة والسما زرقا!
-
وهل الشعبُ مُلكٌ من أملاك ميشال عون؟
-
رُدَّ على هذا الْهُراء يا شعبَ الوفاء!
-
اجرام الحركات الاسلامية يرتد عليها
-
السابع من ايار: يوم العار!
-
الحسدُ يأكلُ قلبَ عون
-
الفرحة لمن يضحك في النهاية!
-
هل هناك فرقٌ بين الاسلام والمسلمين؟
-
عندما يخلط عمر كرامي بين الداخل والخارج
-
حاسبوهم !
-
فوز الدويلة خسارة للدولة
-
وكيف سيثبتون أنهم شموليون؟
-
لماذا انحناءة اوباما صفعة لملالي إيران؟
-
ومتى سيقولون مشايخ -حزب الله-: إن الله حق؟
-
محمد رعد يهدد الشعب اللبناني
-
لماذا الخوف من حرية التعبير؟
-
هل في لبنان ديمقراطية؟ (6) والأخير
-
هل في لبنان ديمقراطية؟ (5)
-
كامل مدحت شهيد الدولة الفلسطينية
المزيد.....
-
آخر ضحايا فيضانات فالنسيا.. عاملٌ يلقى حتفه في انهيار سقف مد
...
-
الإمارات تعلن توقيف 3 مشتبه بهم بقتل حاخام إسرائيلي مولدافي
...
-
فضيحة التسريبات.. هل تطيح بنتنياهو؟
-
آثار الدمار في بتاح تكفا إثر هجمات صاروخية لـ-حزب الله-
-
حكومة مولدوفا تؤكد أنها ستناقش مع -غازبروم- مسألة إمداد بردن
...
-
مصر.. انهيار جبل صخري والبحث جار عن مفقودين
-
رئيس الوزراء الأردني يزور رجال الأمن المصابين في إطلاق النار
...
-
وسيلة جديدة لمكافحة الدرونات.. روسيا تقوم بتحديث منظومة مدفع
...
-
-أونروا-: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال
...
-
رومانيا: رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا يتصدر الدورة الأولى من
...
المزيد.....
|