أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جورج كتن - لكي لا تنزلق الحركات الأصولية للفشل والانهيار















المزيد.....

لكي لا تنزلق الحركات الأصولية للفشل والانهيار


جورج كتن

الحوار المتمدن-العدد: 814 - 2004 / 4 / 24 - 11:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا شبيه لحزب "العدالة والتنمية" الإسلامي التركي الحاكم في المنطقة العربية، التي تعج بالحركات والتيارات الإسلامية الأصولية العاملة غالبيتها لإعادة عقارب الساعة للوراء بتبنيها تحت غطاء الدين، برامج سياسية قاصرة عن مواكبة العصر. فالحزب الجديد الأكثر معاصرة والأقل أصولية، بعد انشقاقه عن "الفضيلة" الإسلامي الذي خسر معظم أصوات ناخبيه، فاز في انتخابات تشرين الثاني 2002 بما يقارب ثلثي مقاعد البرلمان التركي ليشكل الوزارة برئاسة أردوغان، في بلاد يطبع الحياة فيها الصراع بين الحداثة والبنى الاجتماعية المتخلفة منذ تأسيس الدولة أوائل القرن الماضي، عندما دفعت الأتاتوركية البلاد للتخلي عن الجذور التي تشدها للشرق المتخلف. إلا أن تركيا لم تحسم أمرها بعد لتصبح دولة حديثة بالمعايير الغربية، فرغم أنها القوة العسكرية الثانية بعد أميركا في الحلف الأطلسي، فإن انضمامها للاتحاد الأوروبي تأخر حتى الآن لأسباب سياسية واقتصادية واجتماعية.
يطرح حزب "العدالة والتنمية" هوية مختلفة، رغم أنه جزء من ظاهرة المد الإسلامي السياسي التركي، فهو يميز بين المؤسسات الدينية، وبين الدولة والحزب كمؤسسات سياسية، فقد استبدل العقائد والمشاعر الدينية ببرنامج سياسي على أسس ديمقراطية وحوار مع الآخر وتداول للسلطة... فالحزب يتكون من ديمقراطيين إسلاميين على غرار الديمقراطيين المسيحيين في الغرب، متدينين كأفراد وليس كتنظيم، فأردوغان مثلاً نموذج لإسلامي يؤم الجامع للصلاة أيام الجمع، وزوجته تتحجب، لكنه في السياسة علماني يلتزم بالتراث الأتاتوركي، ويعتبر العلمانية كفصل للدين عن الدولة، عنصراً هاماً في النهج الديمقراطي الذي يؤمن به. ولا اعتراض للحزب على العلمانية السائدة، ولكن على مفاهيم خاطئة لها تقيد حريات الشعب، وتقتصر دعوته الإسلامية على تمكين المتدينين من حرية أداء شعائرهم، وإزالة القيود عن استخدام الحجاب –للرأس فقط- كجزء من الحريات وحقوق الإنسان وليس كفرض ديني، ورفع القيود عن المدارس الدينية الخاصة التي تخرج أئمة وخطباء للمساجد.
وهو حزب لا يدعو لدستور إسلامي يعتمد الشريعة ولا يسعى لتطبيق الحدود الإسلامية..، يطرح ديمقراطية علمانية لا تعادي الدين بل تستوعبه، كبديل لديمقراطية علمانية أتاتوركية تقصي الإسلام وتضيق عليه، أي تعديل التطرف العلماني دون الانزلاق للتطرف الأصولي، والعمل لمصالحة بين الدين والعلمانية. ويؤكد جميع قياديي الحزب أن هويته المعلنة هذه هي الحقيقة، وليس تقية تخفي هدفاَ غير معلن لإقامة دولة دينية، وهي تهمة توجهها له الطبقة السياسية القديمة التي انهارت بعد غرقها في الفساد وإغراقها البلاد في أزمة اقتصادية شاملة. بينما المتشددون في الإسلام السياسي، السري المسلح الذي يدعو بعضه للخلافة، والعلني الديمقراطي المعارض للعلمانية، يتهمونه بالارتداد عن القضية.
يتلخص برنامج الحزب بتأمين الحريات والحياة الكريمة للجميع والتحديث للبلاد، فهدفه تحسين البناء الاجتماعي أي شؤون الدنيا، وترك شؤون البناء الأيديولوجي، فالهم الأساسي إخراج تركيا من أزمتها الاقتصادية وتأمين الاستقرار لوقف التضخم والغلاء، ومكافحة الفساد ومعالجة مشكلة البطالة وعدم المساواة، وإصلاح النظم التعليمية وتأمين الخدمات الصحية والضمانات الاجتماعية لحماية ذوي الدخل المحدود، وإقامة مجتمع حداثي متحضر يؤمن بالحريات وحقوق الإنسان ويصون القيم الإسلامية. وأبرز ما أنجزه حتى الآن إلغاء قوانين مقيدة لحرية التعبير، وإلغاء عقوبة الإعدام، وتشديد العقوبات على الأشخاص المدانين بارتكاب أعمال التعذيب، والسعي لتقليص صلاحيات مجلس الأمن القومي الذي أصبح يجتمع كل شهرين بدل كل شهر، ورفع حالة الطوارئ المفروضة على المنطقة الكردية منذ 15 سنة، والسماح بالبث التلفزيوني والإذاعي باللغة الكردية، وإلغاء قانون يسمح باعتقال المنادين بحقوق الكرد، والسماح للكرد بإطلاق أسماء كردية على أولادهم...
أما في المجال الخارجي فقد تجاوب مع جهود الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي الموجهة لتوحيد الجزيرة القبرصية، واستطاع رفض السماح للقوات الأميركية بعبور الأراضي التركية لشن الحرب على العراق مما قربه من الموقف الأوروبي، لكنه لا يسعى لمواجهة مع "أميركا إمبريالية معادية للإسلام" حسب تعابير سياسية عربية، بل يؤكد استمرار الشراكة الاستراتيجية معها. كما سعى لموازنة السياسة التركية في الصراع الشرق أوسطي، بتحسين العلاقات مع سوريا وإيران ودول عربية أخرى، دون أن يؤثر ذلك على العلاقات التركية الإسرائيلية، مما يرشحه لدور وسيط في الجهود لإنهاء الصراع في المنطقة.
إلا أنه لا بد لنظام حزب العدالة والتنمية من القيام بالمزيد من الإصلاح في المجال السياسي بالعمل لدستور جديد يلتزم بدقة المعايير الديمقراطية، والمزيد من تحديد دور العسكر بتعديل القوانين التي تسمح لهم بالتدخل في الحياة السياسية، بعد طمأنتهم إلى أن العلمانية بخير ولا يمكن التراجع عنها، فالعسكر التركي لا يسعى للسلطة وتدخلاته في اللعبة السياسية محدودة بالمقارنة مع العسكر العربي الذي احتكر السلطة في عدد من البلدان العربية لعدة عقود. كما لا بد من المزيد من إعطاء الكرد حقوقهم السياسية لتشكيل أحزابهم بحرية دون تدخل القضاء المفترض تأمين استقلاله وإخراجه من دائرة نفوذ العسكر، بالإضافة لحقوقهم الثقافية لتعليم لغتهم الخاصة، وإصدار عفو عام عن معتقليهم، أي الانتقال إلى الحل السياسي والإنساني كبديل للحل الأمني الذي ساد حتى الآن، كل ذلك يعجل في قبول انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، وهو هدف تجمع عليه غالبية القوى السياسية والمجتمعية في تركيا.
إنجاز هذه المهمات سيجعل من الإسلام الديمقراطي التركي، الذي يسعى لمصالحة بين الديمقراطية والعلمانية وبين الإسلام والحداثة، نموذجاً للاعتدال والتوافق مع المصالح الشعبية، في عالم عربي وإسلامي يتراوح إسلامه السياسي بين الانهيار والفشل، فقد انهار حكم الطالبان الظلامي المتحالف مع القاعدة الإرهابية، وفشل حزب "الفضيلة-السعادة" التركي الأصولي بالعودة للحكم إذ لم يحصل سوى على 3.5 من الأصوات، وتحول التيار الأصولي الجزائري والمصري المتشدد إلى ارتكاب المجازر ضد مواطنيه، وفشل التيار الأصولي السوداني في الاحتفاظ بسلطة حزبه الواحد الشمولي بعد أن أقصاه عسكره عنها، ولن يكون مصير التيار الصدري العراقي بأفضل، ببرنامجه العامل لنقل العراق من الديكتاتورية الصدامية البائدة إلى استبداد أشد تخلفاً.
أما الخاتمية فإن محاولتها لإصلاح نظام رجال الدين الإيراني ومصالحته مع الديمقراطية، انهارت في الانتخابات الأخيرة بعد منع ترشيح الإصلاحيين، مما ترك الباب مفتوحاً للعلمانية كحل وحيد باق لإنقاذ إيران من تسلط العمائم... بينما بعض الحركات الإسلامية الناجحة نسبياً، هي التي لم تصل إلى أي سلطة بعد، وتطرح نفسها كحركة تحرر أو معارضة لسلطة ديكتاتورية سائدة، وربما يكون الإسلام السياسي التركي المعتدل نموذجاً لها لكي لا تغرق في أصوليتها ومعاداتها للحداثة وتصويرها فهمها للدين كحل لمجتمعات تسعى للحاق بالعصر، وليس للرجوع قروناً أخرى للخلف.



#جورج_كتن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في المبادرات نحو شرق أوسط أفضل
- نثمن تخلي رياض الترك عن الأمانة العامة
- حزب ديمقراطي كنموذج مصغر لنظام ديمقراطي قادم
- مزيد من الحوار حول المسألة الكردية العراقية
- حلاً إنسانيا للمسألة الكردية العراقية
- نحو قطع آخر خيوط أوهام الأيديولوجيا وجهة نظر حول مشروع موضوع ...
- هل نشهد نهاية الديمقراطية الإسلامية؟
- تفكيك السياسة الخارجية الأميركية
- أولوية النصوص على الوقائع! ماذا تبقى من الماركسية؟
- نحو أحزاب ديمقراطية تزيح حزب -ما العمل- المركزي والشمولي
- المخاض العسير- لعراق ديمقراطي عقبات وحلول
- وثيقة جنيف والنخب العدمية
- أممية شعبية قيد التشكيل


المزيد.....




- ثبت تردد قناة طيور الجنة الجديد على النايل سات وعرب سات
- تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 Toyor Aljanah نايل سات وعرب ...
- اللواء باقري: القوة البحرية هي المحرك الأساس للوحدة بين ايرا ...
- الإمارات تكشف هوية مرتكبي جريمة قتل الحاخام اليهودي
- المقاومة الإسلامية تستهدف المقر الإداري لقيادة لواء غولاني
- أبرزهم القرضاوي وغنيم ونجل مرسي.. تفاصيل قرار السيسي بشأن ال ...
- كلمة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي بمناسبة ...
- قائد الثورة الاسلامية: التعبئة لا تقتصر على البعد العسكري رغ ...
- قائد الثورة الاسلامية: ركيزتان اساسيتان للتعبئة هما الايمان ...
- قائد الثورة الاسلامية: كل خصوصيات التعبئة تعود الى هاتين الر ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جورج كتن - لكي لا تنزلق الحركات الأصولية للفشل والانهيار