أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعيد الجعفر - نحن شعب 1/7 .... كلنا مشاريع للخصب














المزيد.....

نحن شعب 1/7 .... كلنا مشاريع للخصب


سعيد الجعفر

الحوار المتمدن-العدد: 2663 - 2009 / 5 / 31 - 09:42
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



لا أدري من اقترح على دائرة النفوس العراقية استخدام الأول من تموز كتأريخ ميلاد للعراقيين الذين يجهلون يوم ولادتهم. لكن المؤكد أن من اقترح ذلك أطلق فكرته الرائعة عن وعي أومن اللاوعي متيمناً باسم الإله ديموزي. كأن ذلك الشخص أراد أن يقول أن العراقيين هم كانوا وسيبقون مشاريع للخصب. ولو نظرنا الى تأريخ العراق وموقعه لوجدنا أن رأي أرنولد توينبي ينطبق بشكل كبير عليه. فهذا المفكر الكبير يقول أن التحدي المتوسط القوة يؤدي الى حدوث استجابة متوسطة وفي تلك اللحظة تنبثق الحضارات. وفي الحقيقة فإن العراق المحاط بالصحارى والجبال كان دوما, بنهريه الكبيرين وتربته السمحة المكتظة بالخصب, واحة يسيل لرؤيتها لعاب البدو فينقضون عليها مخربين لكل مالا يعرفونه, كي ينتفض العراقيون ثانية من ركام رمادهم ليبدءوا من جديد. وهكذا كان ديدن العراقيين منذ الانبثاق الأول الكبير في أور وحتى التاسع من نيسان الذي لا أقارنه إلا بفرحة السومري الأول الذي اخترع الكتابة. السنا حقا بدأنا أبجديتنا الجديدة يوم التاسع من نيسان.
في كتاب لباحثة روسية يحمل بين طياته بحوثاً آثارية جديدة تخص فترة الألف الثامن وحتى الالف الرابع قبل الميلاد أبان عصر المدينة الدولة أدهشني التنظيم العالي للحياة في زمن كان قسم من الأرض يغط في ظلام والقسم الأصهب مدفون تحت الجليد. فهذا الاعتمال للمشاعر الذي طبع العراقيين مرتبطاً بوهج العمل والحركة الدائبة والمتساوق كما أسلفت مع التحديات والاستجابات المتكررة, خلق ثراءًً روحياً لا مثيل له بحيث أن العراقيون على خلاف الشعوب المحيطة أنتجوا ملحمتين كبريين هما جلجامش والحسين. والقلق والشك الذي اعترى البطل السومري ليس له تفسير سوى اعتمال المشاعر في الروح العراقية بحيث تنحى منحى ملحمياً. فلقد كتب الناقد عبد الجبار عباس يوما بأن الرموز العادية ضاقت بالسياب فالتجأ الى الأسطورة إذ إن السياب يملك بلوى وحرقة مطلقة لا يستطيع أن يجاريها الرمز العادي. وكما أعتقد فأن تلك الحرقة المطلقة هي ليست سوى حرقة العراقي التي أنتجت كل تلك الملاحم, وقد وصف سعدي يوسف حقاً الروح العراقية حين قال:
سموت فردتني سماء خفيضة.
عثرت يوما في إحدى المكتبات في مدينة سانت بطرسبورغ ( لينبن غراد) على ترجمة لقصيدة للشاعر الفارسي الكبير نظامي وهي تحمل عنوان" مجنون" والكتاب صادر عام 1912 في ترجمة الى الروسية ومقدمة لأحد النقاد من قسم الدراسات الشرقية. الذي أثار ذهولي هو أن الناقد ذكر من ضمن ما ذكره أن إحدى البعثات الآثارية عثرت قرب الوركاء على رقم طينية تتحدث عن قصة حب بابلية مشابهة تماماً لقصة قيس وليلى بل حتى أن أسماءاً مثل قيس وليلى ترد فيها لكنها تسبقها بما يزيد على ألف وخمسمائة عام. ولو ثبت صحة ذلك القول لوجدنا أن العراق أنتج ليس فقط ملاحم الشك والشهادة بل وملاحم الحب أيضا.
وكما أعتقد فأن ديموزي إستمر في الذاكرة الشعبية العراقية ليتجسد في شخصيتين بدل شخصية واحدة, هما الحسين القتيل والمهدي الحي أبداً.
وبرأيي أنه لولا الإنقطاعات الحضارية المتكررة دوما في العراق لأخذ العراق الموقع الذي إحتلته بلاد الإغريق. فالشك الفلسفي هو سمة الشخصية العراقية بحيث أن ملحمة جلجامش تفوقت على جميع الملاحم اليونانية ذات الأفكار المسطحة. الم يكن بحث السؤال الوجودي الكبير الرافض لاعتبار الموت حق في تلك الأزمان المبكرة هو أمر مثير حقاً للذهول. لقد كان الشك ديدن العراقيين بحيث أن معاوية في وصيته ليزيد نصحه أن يبدل للعراقيين كل يوم حاكماً لو طلبوا ذلك. الم يؤسس مذهب المعتزلة في العراق؟ الم تنطلق الصوفية وهي مذهب شك بمعنى كونها ترفض يقين المعرفة وسجنها الى حرية العرفان؟ الم ينطلق مذهبان إسلاميان مبنيان على العقل, أعني الحنفي والشيعي, من ا لعراق؟
ورغم المجهود الخارق للدكتور علي الوردي إلا أنه تحدث فقط عن الريبة البدوية في الشخصية العراقية ولم يتحدث عن الشك الذي هو في الحقيقة سدى تلك الشخصية. الشك في الشخصية العراقية يتجسد كما أعتقد في مبدأ الاجتهاد لدى المذهب الشيعي, والعراقيون لهذا السبب ليسوا إيمانيين بطبعهم لهذا السبب, ولو الإنكسارات لأبدعوا في الفكر الإسلامي مذاهب ورؤى ليبرالية بشكل لا يصدق.
لقد أدى الشك الذي طبع الشخصية العراقية الى أن يسلط عليها جلادون يندر مثيلهم هم الجانب المعاكس تماماً للشك وتنوع القناعات. فمن يشبه الحجاج ومن يباري صدام في البطش ويقينية الشر.
فإذا كان كل منا مشروع للخصب وإذا كنا نبعث دوماً من رماد الحروب والإحتلالات كاشفين عن سر النار التي نخبئها في نفوسنا, خالقين عراقاً جديداً هو ليس سوى إعادة لوهج سومر وأكد وبابل ونينوى وبغداد, إذا كنا كذلك فليمت الحاقدين من بعض العرب والعجم الذين لا يستطيعون أن يكتنهوا سر التجدد الأبدي لدينا نحن شعب الأول من تموز.




#سعيد_الجعفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول قوانين الصراع اللغوي
- اللغات السامية في العراق..مقاربة لسانية معاصرة
- سيدة نوبل
- الرؤية اللغوية للعالم
- موت الرأسمالية
- هل اختلطت الأوراق حقاً على المثقف العراقي
- موتيفات اسلامية لدى ستريندبيرغ
- الهجمة الثالثة على التحديث
- الاستشراق الإيتيمولوجي


المزيد.....




- لبنان: غارة مسيّرة إسرائيلية تودي بحياة صيادين على شاطئ صور ...
- -لا تخافوا وكونوا صريحين-.. ميركل ترفع معنويات الساسة في مخا ...
- -بلومبيرغ-: إدارة بايدن مقيدة في زيادة دعم كييف رغم رغبتها ا ...
- متى تشكل حرقة المعدة خطورة؟
- العراق يخشى التعرض لمصير لبنان
- مقلوب الرهان على ATACMS وStorm Shadow
- وزارة العدل الأمريكية والبنتاغون يدمران الأدلة التي تدينهما ...
- لماذا تراجع زيلينسكي عن استعادة القرم بالقوة؟
- ليندا مكمان مديرة مصارعة رشحها ترامب لوزارة التعليم
- كيف يمكن إقناع بوتين بقضية أوكرانيا؟.. قائد الناتو الأسبق يب ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعيد الجعفر - نحن شعب 1/7 .... كلنا مشاريع للخصب