|
الأمازيغية والعلمانية وحقوق الأنسان
عزيز عقاوي
الحوار المتمدن-العدد: 813 - 2004 / 4 / 23 - 08:43
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
تمهيد: ختم المؤتمر السابع للجمعية المغربية لحقوق الانسان اشغاله في وقت متاخر من يوم الاحد 11-4-2004 بالمصادقة على البيان العام و انتخاب اعضاء اللجنة الادارية الاثنى و خمسون و انسحاب عضو بمبررات غير واضحة ،وادا كانت محطة المؤتمر السابع للجمعية المغربية لحقوق الانسان قد مرت فى جو من احترام كبير للديمقراطية الداخلية ان على مستوى احترام موعدالمؤتمر ،التحضيرله،انتخاب المؤتمرين أ و النقاش داخل الورشات، فان ثمة معيقات لا زالت تعتري المسيرة المتميزة للجمعية.
لقد تأسفت كثيرا و معي العديد من المناضلين على ضعف التكوين و التأطير الحقوقي لعدد من المناضلين. فهدا أحد المناضلين فى لجنة "البيان العام" ياخذ الكلمة ويتحدى بالميكروفون في يقين تام ان كان في اللجنة من يعطيه مثال وحيد على دولة بها لغتان رسميتان،في اشارة الى اللغة الأمازيغيةالتي لا يجب التنصيص على حمايتها دستوريا فى راى المتدخل . و هنا اترك التعليق للقراء.
و اسهاما منى فى توضيح بعض المفاهيم، اقدم هذه الورقة كاستمرارلنقاش بعض النقط الساخنة داخل المؤتمر .
الامازيغية : عود على بدء
فى اعتقادى حصل تطور كبير في فكر العديد من الفاعلين السياسيين , الثقافيين ,الحقوقيين و النقابيين بل و في فكر النظام السياسي القائم بنفسه في المغرب، فيما يتعلق بفهم القضية الامازيغية و ان بخلفيات مختلفة واهداف واضحة.
و عرفت الحركة الديمقراطية التقدمية الامازيغية كيف تتجاوز النقاشات البيزنطية المغلوطة و القفز على المستنقعات التي يحاول البعض جرها اليها لكي لا تخرج منها و تبقى سجينة الحلقيات العقيمة :من هم سكان المغرب الاقدمون ؟ من اين اتوا؟ هل الامازيغية لغة ام لهجة ؟ الظهير المسمى بربري و سياسة فرق تسود ؟ باي لهجة سنتكلم ريفية-أمازيغية- سوسية...خلق التفرقة؟ التمويل الخارجي ؟ ...الى غير ذلك من الترهات الفكرية و السياسية التي لم تعد تقنع احدا...
ان الزخم النضالي الكبير الذي عرفه المغرب الكبير في السنوات الاخيرة على مستوى الحقوق الثقافية بشكل خاص و على مستوى النضال السياسي العام جاء نتيجة للتطورات التي شهدها العالم بعد انهيار التجارب البيروقراطية التحريفية و الدوغمائية الغير قادرة على استيعاب حركية مجتمعاتها و فهم الجدل التاريخي بعيدا عن التنميط الفكري و الاديولوجي .
ان الانشطارالذي عرفه العالم و تمرد المجتمعات على القوالب الحزبية التي لم تفلح في اداء مهامها التاريخية، قد فتح الباب على مصراعيه امام بروز المجتمع المدني نضالا و ممارسة و ان كان المفهوم ليس بجديد، و بالتالي اصبح لكل المطهدين و المحرومين ضحايا الرأسمالية المتوحشة و الانظمة الرجعية و الديكتاتورية، منبر للاحتجاج و المطالبة .
و في هذا الاطار ظهرت الحركة الامازيغية التقدمية و الديمقراطية كمعبر ثقافي عن الحرمان الثقافي بأبعاده الطبقية التي تعاني منها شريحة واسعة من الشعب المغربي، على اعتبار ان المغرب الغير النافع بالتعبير الاستعماري هو مغرب ذو ساكنة امازيغية بالاساس، و بالتالي فالمطالبة برد الاعتبار للهوية الامازيغية هو انصاف في العمق لمناطق بأكملها ثقافيا ، اجتماعيا و اقتصاديا و رفع واقع التهميش بالاعتماد على الرأسماال البشري القاطرة الحقيقية و قطب الراحة في كل تغيير حقيقي .
هل يعقل اليوم، و الحقوقيون يتقدمون النضالات من أجل الدفاع عن الحقوق بشمولياتها و كونياتها ان يوجد بيننا حقوقيون يمارسو العمل الحقوقي بخلفيات سياسية حزبية ضيقة؟ ان على المناضل الحقوقي أن يعي أن ممارسة الفعل الحقوقي هو فعل صعب و قاس لانه يتعارض احيانا كثيرة و ثقافته و قناعاته السياسية و الايديلوجية لانه يقتضي الايمان بحق الآخرمهما كان الاختلاف . اما أن تكون حقوقيا أو لا تكون.
فماذا لو طرح اليوم بالمغرب مشكل الشواذ جنسيا ؟ و ماذا لو أميط اللثام عن مشكل الدعارة ؟ و ما هو الموقف الحقيقي لكل حقوقي من قضية تقرير المصير بجنوب المغرب ؟ و ماذا عن حقوق الاقليات اليهودية المغربية و المذهب المالكي ...؟ أكيد أن ممارسة الفعل الحقوقي في عمقه الفلسفي و بعده الانساني أكثر صعوبة من الفعل السياسي .
العلمانية : في البداية كان الانسان.
من بين القضايا التي اثارت نقاشا حادا داخل المؤتمر السابع للجمعية المغربية لحقوق الانسان، قضية العلمانية أو بتعبير أكثر وضوحا قضية فصل الدين عن الدولة .هنا مرة أخرى كما هو الشأن بالنسبة للأمازيغية يبدو أن اشتداد النقاش كان مع الأسف نتيجة لهم مغلو ط وخاطئ للعلمانية في علاقتها مع البعد الحقوقي للمفهوم ، وليس افرازا موضوعيا للاختلاف في التصور في تعارضه أو تطابقه مع المنطق الحقوقي.
ان العلمانية- أو اللائكية كما يحب البعض أن يسميها اما مراوغة لتفادي تهمة الالحاد أو للأعتقاده أن هناك تمييز بين المصطلحين- مطلب حقوقي بامتياز، انها كذلك و كما يقول اسماعيل المهدوي في مجلة " أدب و نقذ " القاهرية عدد 44 :" اتجاه واضح بسيط و متواضع و مع ذلك تراكمت عليه تغليطات و تجهيلات المتعصبين ".
ليس هدفي هنا أن أخوض في القراءات التاريخية للمفهوم و تحديد الاشتقاقات و الاستعمالات ربما في مناسبة أخرى ، لكن غرضي هو توضيح أن العلمانية لا تتنافى و حقوق الانسان بل هي مفهوم حقوقي بامتياز، على اعتبار و بكل بساطة أن النظام الفرنسي و الذي ينعت بأكثر العلمانيات علمانية، قد استطاع حماية الحقوق الدينية و الثقافية لكل المداهب الدينية داخل الجمهورية الفرنسية، بل و حماية الحقوق الدينية لكل المذاهب داخل الدين الوحيد، بل و في الجمهورية العلمانية الفرنسية يجد كل المضطهدين دينيا ملجأ آمنا و رحبا. فلماذا نبحث أن نكون ملكيين أكثر من الملك و مسلمين أكثر من الاسلام؟
ألم يكن الرسول محمد علمانيا عندما طلب من علي بن أبي طالب في صلح الحديبية أن يحذف بسم الله الرحمان الرحيم من بداية الاتفاق، و محمد رسول الله في نهايته.ألم يكن هذا سلوكا علمانيا بامتياز، و فصلا للدين عن الدولة؟ لست أريد و أنا أسوق هذا المثال أن أبرر ضرورة التعاطي الاجابي مع العلمانية، و لكن فقط لأشير أن التناول المبدئي لقضايانا الجوهرية هو الذي يجب أن يحكمنا.
.
لقد اعتبر البعض أن طرح العلمانية في مؤتمرالجمعية، تسييس للعمل الحقوقي وضرب للاستقلاليتها، وأرى أن عدم طرحها مغازلة للفكرالأصولي ومحابة لأصولية المخزن على حساب قناعتنا الحقوقية والمبادئ التي أسست عليها الجمعية وخاصة مبدئي الكونية والشمولية.ان المادة الثامنة عشرمن الاعلان العالمي لحقوق الانسان تقول بوضوح "لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هدا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته ، وحرية الأعراب عنهما بالتعليم والممارسة واقامة الشعائر ومراعاتها سواء كان ذلك سراأم مع الجماعة."كما أن المادة الثلاثون من نفس الاعلان تأتي لتبرز أكثرأنه لامجال لأي تأويل محتمل للأي بند من بنود الاعلان لضرب أو هدم الحقوق الواردة فيه.تقول المادة:
"ليس في هذا الاعلان نص يجوز تأويله على أنه يخول لدولة أو جماعة أو فرد أي حق في القيام بنشاط أو تأدية عمل يهدف الى هدم الحقوق والحريات الواردة فيه."
عزيز عقاوي - خنيفرة-
#عزيز_عقاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ
...
-
بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق
...
-
مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو
...
-
ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم
...
-
إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات
...
-
هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية
...
-
مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض
...
-
ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار
...
-
العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|