|
مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد-من وضع رجال دين أم رجال- دولة-؟
غسان المفلح
الحوار المتمدن-العدد: 2662 - 2009 / 5 / 30 - 08:26
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
جاء في نص القانون ما يلي: المادة13 عند اختلاف طائفة الزوجين تكون المحكمة الروحية المختصة بالنزاع المتعلق بالحقوق المبينة في المادة السابقة هي محكمة الطائفة التي ينتمي إليها الزوج. المادة14 تكون أحكام المحكمة الروحية قابلة للطعن أمام غرفة شرعية خاصة في محكمة النقض، يكون أحد أعضائها من غير المسلمين يختاره مجلس القضاء الأعلى.* ---- بداية لابد من شكر موقع نساء سورية، على إثارة هذا الموضوع الهام والحساس، والذي يعني المواطن السوري، في حياته اليومية، ويحتك بها أيما احتكاك! ويمكن له أن يعيد صياغة المجتمع السوري برمته، وفق هذا الأس الشقاقي. ومن كتب عن هذا القانون، بغض النظر عن أهواءه وانتقاداته له، فإنه يشارك في إبداء رأيه، في قضية تخص حياته وحياة مجتمعه، قضية تجمع بين العام والفردي، وهذا بحد ذاته، تعبير عن أمل أن تناقش كل أوضاع البلد، بوصفها هما فرديا عند الجميع. بعد قراءتي للقانون، وبعض الكتابات عنه، وجدت مجموعة من المغالطات، وأولها كانت المغالطة التي تفصل بين من كتب مشروع هذا القانون وصاغه وبين آليات عمل الدولة، كسلطة ونظام وأجهزة دواوينية. لم يكتب هذا المشروع لجنة منبثقة عن تيارات اجتماعية وسياسية وفكرية من زاوية تنوع التفكير القانوني والحقوقي، بل كتبت من قبل لجنة كلفتها الحكومة وسمتها بالأسم، والسؤال إذا كانت اللجنة ظلامية، كما فهمت ممن نقد المشروع، فيصبح السؤال، لماذا إذن عينت هذه اللجنة؟ مشروع القانون إذن هو من كتابة الدولة- السلطة ذاتها، وليس من قبل طرف مجتمعي، أو حتى لم تساهم به بعض تنظيمات المجتمع الأهلي المهتمة بهذا الحقل. ثم نأتي إلى قضية أخرى، التشريعات الطائفية والدينية يجب ان تكون مكفولة في الدستور وفي قانون الاحوال الشخصية أيا تكن الجهة التي تكتب مثل هذا القانون وتصيغه. ولكن لا يجب مطلقا أن تقترب هذه التشريعات من مفهوم السيادة القانونية للدولة. وهنا الخطورة في القانون وهنا بالضبط ما يجعل هذا المشروع يحتك بالجانب السياسي الذي بدوره يحتك بالحياة الشمولية في البلد. فتشريع كل طائفة أصبح سياديا، ولا فوقه سيادة جمعية دولتية، وهذا خطر ويؤسس لسيادات مجتمعية، ما تحت دولتية، والأهم ما تحت مدنية، وهنا بيت القصيد. وهذه بالضبط ما تغيب عن هذا القانون والشاهد هنا هي المادة 13 التي اوردناها كمقدمة لهذه المقالة، فهي تنفي الصفة المدنية للمواطن جملة وتفصيلا وتحوله إلى فرد في دين وطائفة فقط، وفقط هنا تعني نفي الصفة المواطنية عن الفرد أو عن المدني بوصفه، مشروع متساو مع غيره من المشاريع الفردية، وهذه نقطة تحتاج على مقالة توضيحية أخرى، ليس مجالها هنا. في نص المادة انتهاكين صارخين" الأول للمرأة بإعادتها إلى المحكمة الشرعية لدين الرجل مهما كان انتماءه الديني أو الطائفي، وهذا انتقاص مرعب ومريب بالآن معا، انتقاص من حق المرأة بالمساواة الدينية، ويكرس من جديد سلطة الرجل بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى. لم نتحدث هنا عن المساواة الإنسانية لأن هذه يكفلها القانون المدني فقط. بينما النظرة الأولى حول المساوة الدينية تحتاج إلى إصلاح ديني لسنا بوارد الحديث عنه الآن. ولهذا نحن نحتاج إلى قانون مدني يشمل الجميع ويتعامل معهم وفق حقوق المواطنة المنصوص عنها في كافة المواثيق الدولية التي وقعت سورية على معظمها. القانون المدني لا يلغي الزواج الديني، وإنما يحمي من لا يريد الزواج الديني، بل يريد ارتباطا قانونيا بين طرفين متساويين في الحقوق والواجبات، وبالتالي متساويين إنسانيا وهذا هو الأهم والمهم. فالزواج المدني لا يلغي الزواج الكنسي في أرقى دساتير العالم. أي لا يلغي من يريد الزواج على الطريقة الدينية أو وفقا لتشريعاته الطائفية. وهذا حق لا يجب التعرض له، إلا من زاوية إصلاح المجتمع مدنيا وبالحسنى والفكر والتربية والتعليم، لكي يستطيع الفرد معرفة نفسه كمواطن له نفس الحقوق والواجبات مع أي مواطن أخر مهما كان دينه أو طائفته أو جنسه أو عرقه. لهذا ببساطة يمكن القول أن من يهاجم هذا المشروع القانون يجب أن يركز على الحاجة لقانون أحوال شخصية مدني له صفة السيادة الوطنية مافوق الدينية والطائفية والجنسية- التمييز بين الرجل والمرأة- وجعله مادة من مواد التربية والتعليم في المدارس بطريقة سهلة وعلمية، ترفع من مفهوم المساوة بين الرجل والمرأة من جهة، وتجعل التلميذ يتعلم بأنه مواطن مثله مثل غيره من رفاقه في الدراسة، والنادي والشارع، ويستطيع كمسيحي أن يحب مسلمة ويتزوجا إن أرادا دون أن يغير أحد منهما دينه. القانون المدني حاجة سورية أولية واساسية، ولا تلغي التشريعات والقوانين الجزئية المستمدة من تشريعات دينية أو طائفية. والقانون المدني هو قانون وضعي لأنه يشكل العماد الأساسي من العقد الاجتماعي لأي مجتمع ودولة تؤمن بحقوق الإنسان.
*المادة15 تختص المحكمة الشرعية في الأمور الآتية: 1-الإذن للنائب الشرعي وغيره في الأحوال التي يوجب فيها القانون إذن القاضي الشرعي. 2-تنظيم الوصية والوقف الخيري والحقوق المترتبة عليه. 3-إشهار الإسلام وعقود الزواج وتثبيتها والطلاق المخالعة. 4-حصر الإرث الشرعي ونصب النائب الشرعي لناقص الأهلية وعديمها والمحكوم عليه بعقوبة جنائية. 5-المساعد القضائي للأصم الأبكم أو الأعمى الأصم، أو الأعمى الأبكم إذا تعذر عليه التعبير عن إرادته. 6-فرض النفقة وإسقاطها بالتراضي. 7-نسب الولد بإقرار أبويه. 8-جميع الأمور الإدارية والمالية المتعلقة بالقاصرين والمحجور عليهم وبإثبات الأهلة.
#غسان_المفلح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصر دولة قبل أن تكون نظاماً سياسياً
-
المعارضة السورية، ملاحظات واقتراحات.
-
سجلنا مواقف...وماذا بعد؟
-
كيد المعارضون وضعف المعارضة- جبهة الخلاص كنموذج-
-
وقفة مع ما يجري! واقع حالنا.
-
نعم النظام السوري ممانع
-
التغيير في الميزان السياسي
-
لماذا وقع الإخوان المسلمون في الفخ؟
-
الحوار لا يلغي التوافقات داخل المعارضة السورية
-
التغيير بين سلطة الفكر وميزان السياسة.
-
المعارضة السورية بين التعليق الفكري والسياسي لنشاطها.
-
ما الجديد في المصالحة العربية؟
-
قرار جلب البشير لايمس السودان
-
الحوار مع النظام لا يؤسس على اتهام المعارضة.
-
غزة على حدود نفاقنا!
-
قضية الحذاء العراقي الخصاء المعرفي والقيمي ينتج التبجح
-
المعارضة السورية والذكرى ال60 لحقوق الإنسان
-
الحوار المتمدن وفسحة المعنى.
-
خواطر حول المعارضة السورية- عدنا للبث.
-
متعة ألا ترد على صديق ولكن الشأن سوري.
المزيد.....
-
الخارجية الفلسطينية: تسييس المساعدات الإنسانية يعمق المجاعة
...
-
الأمم المتحدة تندد باستخدام أوكرانيا الألغام المضادة للأفراد
...
-
الأمم المتحدة توثق -تقارير مروعة- عن الانتهاكات بولاية الجزي
...
-
الأونروا: 80 بالمئة من غزة مناطق عالية الخطورة
-
هيومن رايتس ووتش تتهم ولي العهد السعودي باستخدام صندوق الاست
...
-
صربيا: اعتقال 11 شخصاً بعد انهيار سقف محطة للقطار خلف 15 قتي
...
-
الأونروا: النظام المدني في غزة دُمر.. ولا ملاذ آمن للسكان
-
-الأونروا- تنشر خارطة مفصلة للكارثة الإنسانية في قطاع غزة
-
ماذا قال منسق الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط قبل مغادر
...
-
الأمم المتحدة: 7 مخابز فقط من أصل 19 بقطاع غزة يمكنها إنتاج
...
المزيد.....
-
التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من
...
/ هيثم الفقى
-
محاضرات في الترجمة القانونية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة
...
/ سعيد زيوش
-
قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية
...
/ محمد أوبالاك
-
الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات
...
/ محمد أوبالاك
-
أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف
...
/ نجم الدين فارس
-
قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه
/ القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ اكرم زاده الكوردي
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ أكرم زاده الكوردي
-
حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما
...
/ اكرم زاده الكوردي
المزيد.....
|