جهاد مدني
الحوار المتمدن-العدد: 2662 - 2009 / 5 / 30 - 08:36
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
للسييد نادر قريط أسلوب شيق مطعم ببعض الفكاهة الجزلة الأمر الذي يجعل قرآة كتاباته أمر ممتع وتزود القارئ بمعلومات قيمة تشي بالمجهود الذي يبذله للأحاطة بها. هناك معجبون كثر للسيد قريط وأنا منهم وهذا مادعاني لأخذ زمام المبادرة أسوة بالسادة الذين أستاؤا من مقالاته الأخيرة التي تدفع القارئ نحو الحيرة والسؤال: هل نضب معينه المعرفي؟ هل لديه صراع نفسيٌ ما يدفعه لآن يضع كتاباته موضع أستنكار معرضاً نفسه {للشرشحة}؟
في الحقيقة لم يهن علي أن يصل العبث أو الملل أوحتى الغيرة بكاتب يتوفر على معلومات غزيرة وأطلاع واسع على مسالك الثقافة وتاريخها, بحيث يختلط عليه النقد بالسفسطة بالمشاكسة وينتهي مناكفاً لعدد من كتاب الحوار اللامعين بعينهم أبتداءً بالسيدة وفاء سلطان مروراً بالسيد كامل النجار والسيد شامل لينتهي به المطاف بالسيد سيد القمني, وكأن لسان حاله يقول: أنا أريد أن أصادر عليهم تعليقات القراء المعجبين, لأنهم سذج ومخدوعين, بل يجب أن توجه رسائل الأعجاب الىّ وحدي فقط, فالعروبة وغزة والجماعات الأسلامية ضحايا تحتاج الى مرافعاتي ضد أمريكا واسرائيل ووفاء سلطان وأخرين.
لقد فكرت بالأمر ملياً ووجدت أغلب الظن بأن جذور هكذا سلوك تعود الى سنوات طفولته, وهو ليس فريداً في ذلك بل غالبية الأطفال الذين شعروا بأن أهلهم لايوفونهم قسط كافي من الأهتمام قاموا بتصرفات تتراوح بين العناد وبين العدوانية كتحطيم أنية أو الأعتداء على من هو بنظرهم أضعف منهم لالشيء سوى لفت أنتباه الولدان اليه, أي أنا أشاكس اذاً أنا موجود, مع علمهم المسبق بأن العقاب لهم بالمرصاد. وحينما لاينتبه الوالدان لأزمة أبنهم أو أبنتهم فأن الدائرة الشيطانية تأخذ بالنمو ويظل تأثيرها جلياً حتى في سنوات النضج بل وتمتد الى مراحل متقدمة من العمر.
أن المتتبع لمقالات السيد نادر والتي تناول فيها السيدة وفاء بشيء أقرب للهجاء منه للنقد الموضوعي والتي ُتشكل له بشكل لاواع الفريسة الأسهل كونها أنثى أولاً{رجال الحارة} وأصولها تعود الى نفس أصوله السورية ثانياً{تحقير الذات} ولنجاحها بحصد قدر كبير من الأعجاب بجرأتها حينما أدلت بأراء يعتبرها المؤمنون صادمة ومهينة, سيشك بأن مابينه وبينها سببه ثأر أو تصفية حسابات قديمة. نفس الأمر ينطبق على السيد كامل النجار الذي يلي السيدة سلطان في الترتيب لكونه مصري أولاً{لايخفى على أحد ذلك التحدي الصامت بين السوريين والمصريين على لقب أذكى العرب وأشطرهم} وثانياً لتبادل النجار وسلطان التعاطف{صاحب عدوي=عدوي} ولرصيده المتنامي من القراء المعجبين بأطروحاته. أن الخطأ الفادح الذي أرتكبه السيد قريط ضد اليسد النجار حينما كتب تعليق على احدى مقالاته ناسبأ بكل ثقة بالنفس سبب نقد الأخير المتواصل للقرآن لأصوله القبطيه, الأمر الذي أضطر السيد كامل للأفصاح عن سيرته الذاتية وأعترافه بأنه كان يوماً ما أخوانياً وبذلك يكون السيد قريط قد قفز في الظلام قفزة نوعية جعلته يهبط على أرضية مفروشة بالشوك وشظايا الزجاج على حد تعبير الأديبة غادة السمان والتي قد تكون نجت بجلدها لكونها لاتريد الكتابة في منتدى الحوار المتمدن ربما خشية من أظافر السيد قريط وأنيابه.
لقد أعتقدت بأن حالة الأحتقان الذاتية قد أنتهت بتسفيه أفكار الثنائي سلطان والنجار, ولكن ثقب قريط الأسود شفط لدائرته السيد شامل وانبرى لمبارزة السيد حجي ويبدو بأن صمت هذا الأخير دفع بالسيد قريط للألتفات على نحو هستيري للسيد القمني بحيث لم يترك للقراء أدنى شك بأن الأمر لايتعلق بنقد أدبي أيجابي بقدر مايتعلق بعقدة نفسية و{من شر حاسد اذا حسد} وهذا في تقديري أمر مؤسف يعكرالأجواء الثقافية الداعية للتنوير والليبرالية العلمانية بعيداً عن{نوستالجيا} القومية العربية التي مازال السيد قريط على مايبدو متأثراً بها بالرغم من المسافة الفاصلة مابين النمسا وبين سوريا التي تريد عنوة بعث الحياة في أحفورة المجد العربي التليد بشتى الوسائل{ مع الأذن من مكيافيللي} أضافة لتنصيب نفسه كما يحلو له أن يصف نفسه بمحامي الشيطان وهي على وزن منبر من لا منبر له{ مع الأذن من الجزيرة} فهو سرعان ما يتحول الى منافح عن الأسلام أو المتأسلمين بحجة الموضوعية وعمق الرؤيا مع علمه الأكيد بأنه لو وقع بين أيديهم سوف يجمعون أقلامه ويصنعون منها خازوق يليق بمقامه لديهم.
من يدري, فقد يشكل هذا الأسلوب له متعة مجانية غير عابئ بسخط القراء والكُتّاب, وهذا أمر مهين لايليق بمثقف لديه مايقوله, فالسيد نادر أسهم بشكل كبير في أضافة معلومات حاسمة وضرورية عبر ترجمته لنتاج بعض المفكرين الألمان الذين يشككون بظاهرة الفتوحات الأسلامية وكذلك مدة ال 150 سنة الضائعة والتي تشكل تحد كبير للمشتغلين على التاريخ الأسلامي أو المسيحي. ايضاً مساهماته حول حقيقة شخصية المسيح ومحمد, كل تلك مواضيع في غاية الأهمية وأرجو من الأستاذ نادر التركيز عليها وكسب سبق ترجمتها في حلقات لما فيها من فائدة وأسهام في أضاءة ماتم تعتيمه بشكل ممنهج عبر هستيريا السلطة باي ثمن حتى لو تم أختلاق شخصيات وأحداث وهمية فيما مضي, يتم حالياً أراقة الدم من أجلها {لكي يسلم الشرف الرفيع من الأذى} وانا متأكد بأنه سوف ينال ماتهفو اليه نفسه بل ستمتد قامته وتلامس عنان السماء {أشكرك لآنني لم أعرف بأن عنان معناها السحاب بالأرامي}.
نهاية أود القول بأن السيد نادر قريط هو مشروع أديب ناجح وكبير قد يضاهي برنارد شو في سخريته وتعليقاته اللاذعة لو تم له دمج ثقافته العالمية مع روح الدعابة لديه خلف هدف واضح وبرؤية ثاقبة.
أستسمحك عذراً لوبدر مني شيء أثار حفيظتك وهدفنا النهائي هو الثقافة والعلم ولا فضل لكاتب على أخر الا بالأبتكار والموضوعية.
#جهاد_مدني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟