|
مساهمة في الحوار مع الدكتور طارق حجي (اخيرة)
حسقيل قوجمان
الحوار المتمدن-العدد: 2661 - 2009 / 5 / 29 - 09:38
المحور:
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
اشار الاخ صائب خليل الى موضوع فائض القيمة لم اجده في هذا المقال لد. حجي. وكان النقاش يدور حول من الذي تحدث عن فائض القيمة او اكتشفه أهو كارل ماركس ام هو شخص اخر؟ اذ ان د. حجي وجد ان طومسن ذكر فائض القيمة قبل كارل ماركس ووجد الاخ صائب عند بحثه في المواقع الالكترونية ان هذا صحيح وان طومسن ذكر فائض القيمة قبل كارل ماركس. وكان الاخ صائب قد اقترح ان يقوم حسقيل قوجمان بمهمة بحث هذه النقطة. ولكن دراستي الذاتية للماركسية كما ذكرت لا تؤهلني للاجابة على هذا السؤال لاني لم ادرس المقدمات التي ادت الى نشوء الماركسية في اصولها. فانا عاجز عن تقرير ما اذا ذكر طومسن موضوع فائض القيمة والى مدى كان توصله الى خواص هذا القانون. ولكن ما اهمية اكتشاف من هو اول من ذكر فائض القيمة اذا تذكرنا ما علمنا اياه د. حجي من ان الماركسية كلها عبارة عن جدلية هيغل انتقلت على ظهر فويرباخ الى كارل ماركس؟ النقطة موضوع النقاش هنا هي هل هناك علم نقي منسوب لعالم واحد في التاريخ؟ ان العلم حركة مثل غيره من الحركات. والحركة تتقدم وفقا لقانون الحركة، القوانين الديالكتيكية او الجدلية كما تترجم عادة. وليس هناك في التاريخ عالم اكتشف علما من اوله الى اخره. كل علم يتقدم بخطوات تغيره تغييرا كميا لا يؤدي الى اكتشاف بارز محدد وهذا هو القانون الديالكتيكي الاول. ولكن هذه الخطوات، التغيرات الكمية غير المحسوسة، تصل الى درجة اكتشاف قانون جديد، او التوصل الى اختراع بالغ الاهمية، اي الى تغير نوعي، يعزى الى ذلك العالم الاخير. اننا نعزو اكتشاف النور الكهربائي الى اديسن. ولكن اختراع اديسن كان نتيجة لاكتشافات قام بها علماء اخرون هي التي انتهت بالاكتشاف الكبير، النور الكهربائي. ان قانون التحولات الكمية التي تؤدي الى تحول كيفي ينطبق انطباقا تاما على تطور كل اكتشاف علمي في شتى العلوم الطبيعية. واذا جرى التغير الكيفي على يد عالم معين وليس على يد جماعة من العلماء، كما كان التوصل الى القنبلة الذرية الذي كان نتيجة عمل متواصل طوال الحرب العالمية الثانية من قبل مجموعة من اكبر علماء الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، فيكتب اكتشاف ذلك العلم باسم هذا العالم المحدد كما تسمى النسبية باسم اينشتاين والنور الكهربائي باسم اديسن والجاذبية باسم نيوتن. والقانون الديالكتيكي الاخر هو عدم وجود ظاهرة طبيعية تتطور منفصلة عن مجمل الظواهر الطبيعية المحيطة بها. اذ ان تطور الظواهر الطبيعية مترابط تؤثر كل ظاهرة فيه على الظواهر الاخرى ويكون التطور الحقيقي للظاهرة نتيجة تلاحم كافة الظواهر المحيطة بالظاهرة التي يجري بحثها. ولا يستطيع الانسان دراسة ظاهرة بعينها منفصلة عن سائر الظواهر المحيطة بها وبدون الاستفادة من الاكتشافات المتعلقة بالظواهر الاخرى. فلم يكن بالامكان فلق الذرة لولا التقدم الصناعي في بناء المفاعلات الذرية او اكتشاف اليورانيوم او التقدم في تطويره الى بلوتونيوم وبدون ايجاد الاجهزة والمواد اللازمة لتحمل درجات الحرارة المستعملة في هذه الاجهزة الى اخر ذلك من التطورات التي لا استطيع تعدادها لجهلي في هذا الموضوع المعقد. ان تلاحم الظواهر الطبيعية وتاثيرها على بعضها حقيقة واقعة في الطبيعة بصرف النظر عن ارادة الانسان او تأثيره. وان اكتشاف الانسان لهذه الظواهر والاستفادة منها هو الاخر غير ممكن بدون دراسة الظاهرة المعينة ضمن الظواهر المحيطة بها والمؤثرة في حركتها. ان ما جاء بخصوص الظواهر الطبيعية وحركتها وفقا للقوانين الديالكتيكية ينطبق على الظاهرة الطبيعية التي اسمها الانسان والمجتمع. فالعلوم الاجتماعية كلها مترابطة ولا يمكن دراسة احداها بالاستقلال عن دراسة الظواهر المحيطة بها. فتطور الفلسفات المثالية والمادية خلال القرون وتطور العلوم الطبيعية الانسانية في تاريخ المجتمع وتحولات المراحل الاجتماعية المرتبطة بهذه التطورات كانت المقدمات اللازمة لاكتشاف النظرية الماركسية. وابرز ما نلاحظه من التطورات البارزة في هذا الصدد هو اكتشاف هيغل للقوانين الديالكتيكية. وفلسفة فويرباخ المادية. وكان من حظ كارل ماركس ان يبين ان القوانين الديالكتيكية التي اكتشفها هيغل تجري في الطبيعة وليس في الفكرة المثالية التي بحثها هيغل. وادى اكتشاف كارل ماركس بان الظواهر الطبيعية كلها تتحرك وفقا للقوانين الديالكتيكية التي اكتشفها هيغل الى تطوير معرفة الانسان لظاهرة المجتمع الانساني. والماركسية هي دراسة حركة المجتمع الانساني وتطور تغيراتها الكمية الى تغيرات نوعية وارتباط كافة التطورات البشرية ببعضها وبالظواهر الطبيعية غير البشرية المحيطة بها ايضا. كل علماء الطبيعة قبل وبعد اكتشاف الماركسية كانوا ديالكتيكيين في بحوثهم العلمية بصرف النظر عن معتقداتهم الفكرية او الدينية. فالعالم حين يبحث ظاهرة طبيعية يدرس الحركة المتعلقة بالظاهرة التي يريد دراستها وليس بالافكار الدينية والفلسفية المنتشرة عنها. ان كون داروين شخصية دينية لم يكن الاساس في بحثه حول تطور الحياة على الكرة الارضية. انه درس الظاهرة التي كان يبحثها بصرف النظر عن التفكير في خالقها او في كونها فكرة ام حقيقة. وهذا ينطبق على كل باحث في الظواهر الطبيعية ومنها الظاهرة الطبيعية التي اسمها الانسان. فما هو علم الماركسية؟ هو منح الانسان القدرة على البحث العلمي فيما يتعلق بجميع الظواهر الطبيعية ومنها الظاهرة الطبيعية الانسانية بصورة واعية بدلا من الصورة غير الواعية التي كان العلماء يمارسونها قبل اكتشاف الماركسية. فقد كان وعي ماركس للماركسية او الاشتراكية العلمية كما اسماها هو الذي منحه القدرة على دراسة تاريخ تطور المجتمع الانساني الناتج بالدرجة الرئيسية عن تطور الانتاج الاجتماعي وتاثير هذا الانتاج على الوضع الاجتماعي والتحولات الاجتماعية حتى بلوغ المجتمع الراسمالي الذي عاشه. وكانت الماركسية هي التي مكنته من دراسة المجتمع الراسمالي بكل تعقيداته والتوصل الى القانون الطبيعي الذي يتحكم في اتجاه المجتمع الراسمالي في المستقبل. فالنظرية الماركسية او الاشتراكية العلمية هي وسيلة لدراسة الظواهر الطبيعية وظاهرة المجتمع دراسة واعية علمية دقيقة باختلاف الوسائل الاخرى غير الماركسية. نعود الان الى قانون فائض القيمة. لا اعرف المدى الذي توصل اليه طومسن في ذكره لهذا القانون ولكن المهم في هذا الموضوع هو كيف تعامل كارل ماركس مع هذا القانون. كان الاستغلال الطبقي في المرحلتين السابقتين للمرحلة الراسمالية للمجتمع البشري سافرا وملحوظا. فقد كان العبد ملكا لسيده يستولي السيد على كل انتاجه ويحق له التصرف بالعبد وفقا لمشيئته الى درجة القتل والبيع والشراء لقاء ابقاء العبد على قيد الحياة ومنحه فرصة انجاب عبيد اخرين. وكان الاقطاعي يستغل الفلاح استغلالا ملحوظا واضحا باجباره على العمل اياما معينة من الاسبوع في ارضه مجانا اضافة الى الخدمات الاخرى التي كان يكلفه ويكلف عائلته بها. وحين تحول المجتمع البشري الى المرحلة الراسمالية لم يعد هذا الاستغلال واضحا وظاهرا. فقد اعتقد الكثير من الباحثين في هذا الموضوع ان الاستغلال انتهى واصبح الانسان حرا يبيع قوة عمله عن طريق التعامل الحر العادل بينه وبين الراسمالي الذي يستخدمه. فالراسمالي يدفع للعامل الاجور التي يتفق عليها معه لقاء عمل العامل في مصنع الراسمالي. فالعلاقة علاقة عادلة طبيعية يساوم العامل على قيمتها ويدفع الراسمالي هذه القيمة على شكل الاجور. فلا وجود للاستغلال في هذه المعاملة اذا نفذها الراسمالي تنفيذا عادلا بدون اجحاف. ونشأت نظريات لا تحصى عن هذه العلاقة المتعادلة بين العامل والراسمالي وعن مصدر الارباح التي يحققها الراسمالي رغم ان العملية هي عادلة بالنسية لطرفي العملية. فالراسمالي يدفع للعامل قيمة قوة عمله الحقيقية ويبيع السلع المنتجة بقيمها الحقيقية ومع ذلك يحصل الراسمالي على ارباح لابد ان تكون هناك اسباب تمكنه من الحصول عليها. فكل المعاملات الجارية في السوق تجري وفقا لقيمها الحقيقية سواء اكانت اجور قوة عمل العامل ام قيم السلع المنتجة. وليس في الواقع امكانية خدع السوق والحصول على الارباح عن طريق هذا الخدع. لم يكن بالامكان اكتشاف قانون فائض القيمة قبل اكتمال اكتشاف قانون القيمة لان قانون فائض القيمة هو تطبيق قانون القيمة على سلعة قوة العمل. وتاريخ تطور اكتشاف قانون القيمة طويل جدا لان الفلاسفة اليونان حاولوا وقطعوا اشواطا في طريق اكتشاف هذا القانون ولكنهم لم يستطيعوا التوصل اليه نظرا الى انهم كانوا يعيشون في مجتمع العبيد. وقد درس كارل ماركس جهود هؤلاء الفلاسفة واقتبس من طرق مناقشتهم للموضوع وكذلك درس كل الجهود الاقتصادية وخصوصا جهود الاقتصاديين الانجليز في هذا الاتجاه ولا ادري ان كان عالما اخر توصل الى الصيغة النهائية لقانون القيمة ام كان كارل ماركس هو الاخير ولكن ليست لهذا اهمية كبيرة لان عمل كارل ماركس لا يقتصر على اكتشاف قانون القيمة وانما سار في الموضوع قدما واكتشف قوانين اخرى تستند الى قانون القيمة. فاكتشاف قانون القيمة كان شرطا اساسيا لاكتشاف قانون فائض القيمة. وقانون القيمة بكل بساطة هو ان قيمة اية سلعة هي ساعات العمل الضرورية اجتماعيا المبذولة في انتاجها. الحديث هنا عن القيمة التبادلية للسلعة اي قيمة مبادلتها بسلعة اخرى. وهذا يختلف عما يسمى القيمة الاستعمالية، اي الفائدة التي يستطيع الانسان الحصول عليها من حيازة السلعة عن طريق استعمالها. فلكي يتحقق اكتشاف قانون فائض القيمة اذن كان من الضروري اولا اكتشاف قانون القيمة. والشرط الضروري الاخر لاكتشاف قانون فائض القيمة هو تحول قوة عمل الانسان الى سلعة. ففي المجتمعات السابقة للمجتمع الراسمالي لم تكن قوة عمل الانسان سلعة ولم تصبح سلعة تباع وتشترى في السوق الا عند نشوء الشكل الراسمالي للانتاج. فقبل اكتشاف هذين القانونين لم يكن بالامكان التفكير في اكتشاف قانون قائض القيمة. وميزة كارل ماركس هي انه كشف عن سر الارباح التي يجنيها الراسمالي عن طريق شراء قوة عمل العامل وتشغيله في مصنعه. اكتشف ان هذه الارباح لا تجري في السوق حيث يجري شراء وبيع قوة العمل. اكتشف ان هذه الارباح تكمن في الفرق بين قيمة قوة العمل التبادلية وقيمتها الاستعمالية. اكتشف ان هذه الارباح تجري خارج السوق حيث تجري الاستفادة من القيمة الاستعمالية لقوة العمل. تجري في المعمل او المصنع الذي تستخدم فيه قوة عمل العامل في الانتاج. اكتشف الفرق بين قيمة قوة عمل العامل وقيمة المواد التي ينتجها خلال ساعات عمله كل يوم. اكتشف الفرق بين القيمة التبادلية لقوة عمل العامل، قيمة شراء هذه القوة، الاجور التي تشكل القيمة الحقيقية لقوة عمل العامل، اي قيمة ساعات العمل الضرورية اجتماعيا المبذولة في انتاجها، الطعام والكساء والمسكن وانجاب الاطفال وغير ذلك من متطلبات انتاج قوة العمل لدى العامل وهو قانون القيمة الذي توصل كارل ماركس الى اتمام اكتشافه بعد التغيرات الكمية في هذا الموضوع التي اجريت على يد فلاسفة وعلماء من قبله، وبين الاستفادة من القيمة الاستعمالية لقوة العمل التي يجنيها الراسمالي من استخدام قوة العمل التي اشتراها. فالقيمة الاستعمالية لقوة العمل هي عمل العامل كامل ساعات العمل اليومية التي تغيرت بتغير الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للمجتمع الراسمالي. اكتشف ان العامل لدى عمله في المصنع يحتاج الى العمل بعدد ساعات العمل اللازمة لاعادة انشاء قوة عمله لكي يستوفي القيمة التي تقاضاها ثمنا لبيع سلعته، ولكنه يعمل لدى الراسمالي ساعات تفوق هذا العدد من الساعات اللازمة لانتاج قيمة المواد اللازمة لاعادة قوة عمله اي لجعله قادرا على العمل في اليوم التالي. كشف ان ارباح الراسمالي، وارباح الطبقة الراسمالية العالمية كلها، هو ما تنتجه القيمة الاستعمالية لقوة عمل الطبقة العاملة، اي العمل، زيادة على الساعات اللازمة لتسديد قيمة قوة العمل التي يقبضها من الراسمالي. اكتشف ان ليست للراسمالية ارباح غير هذه الارباح المكتسبة من الفرق بين قيمة قوة عمل العامل والقيمة الاستعمالية لقوة عمل العامل اي العمل. (لا نبحث هنا بقايا الاستغلال الاقطاعي التي تكتسب فائض القيمة بصورة اخرى عن طريق الاستغلال المباشر باجبار الفلاح على العمل بدون مقابل وهي ظاهرة تتضاءل بعد نشوء المجتمع الراسمالي وتتحول تدريجيا الى علاقة راسمالية بتحويل الزراعة الى زراعة راسمالية غير اقطاعية.) ميزة كارل ماركس في اكتشاف قانون فائض القيمة او التعامل معه هي انه كشف السر في مصدر ارباح الطبقة الراسمالية الذي كان خافيا على علماء الاقتصاد الاخرين قبله. وقانون فائض القيمة هذا ليس نظرية يمكن ان تختفي اذا نشأت نظريات اخرى مختلفة عنها وانما هو واقع طبيعي يبقى ثابتا ما دامت هناك علاقة انتاج راسمالية بين العامل والراسمالي. واذا تصور د. حجي ان الماركسية قد حلت في متحف التاريخ فان قانون فائض القيمة غير مشمول بذلك لانه يجري بصورة طبيعية كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة في حياة المجتمع الراسمالي. ولم يكن دور كارل ماركس والماركسية سوى اكتشاف القانون في حركته الاجتماعية الدائمة. من خواص الماركسية انها لا تنظر او تبحث الظواهر بجمودها او ثباتها وانما ترى جميع الظواهر الطبيعية والاجتماعية حركة وتتبعها في حركتها وتدرس اتجاه هذه الحركة والنتائج التي تنجم عنها. هذا ما فعله كارل ماركس في اكتشافه او دراسته او بحثه للقانون الاجتماعي الطبيعي، قانون فائض القيمة. فكيف يبدأ عمل فائض القيمة وما هو اتجاهه والى اية نتائج يصل؟ يبدأ قانون فائض القيمة عمله حين يحول انسان نقوده الى راسمال. وبما ان هذه العملية تصح على كل انسان راسمالي يجري البحث كأن هذا الانسان هو كامل الطبقة الراسمالية. يشتري او يستأجر مكانا للعمل والمكائن والادوات والمواد الخام والوقود اللازمة لانتاج السلع التي ينوي انتاجها ويدفع اثمانها من نقوده. ولكي يستطيع الانتاج في هذه المواد التي اعدها يحتاج الى قوة تعمل بها وتشغلها فيشتري سلعة قوة العمل ويدفع اجورها، ونفترض هنا انه يدفع قيمتها كاملة غير منقوصة. ويبدأ العمل. ومنذ اليوم الاول ينتج كل عامل قيمة تفوق قيمة سلعته التي باعها الى الراسمالي لان ميزة قوة العمل هي ان استعمالها يخلق قيمة جديدة. ويقوم العامل او مجموع العمال بانتاج سلع يستلمها الراسمالي بصورة سلع ليست منتجة من اجل استعماله الشخصي لها بل منتجة من اجل بيعها واستعادة الراسمال الذي وظفه فيها مع زيادة هي قيمة فائض القيمة الذي اكتسبه من عمل عماله. وبما ان الانتاج الذي اكتسبه استلمه بصورة سلع يجد الراسمالي نفسه بحاجة الى بيع هذه السلع لكي يستطيع اعادة العملية واكتساب المزيد من فائض القيمة. من هم الذين يشترون سلعه؟ انهم نفس الاشخاص الذين اشترى الراسمالي منهم الادوات والمكائن والمواد الخام والوقود وكذلك العمال الذين دفع لهم اجورهم والاشخاص الذين استخدمهم لتقديم بعض الخدمات اللازمة للعملية. ولكن المشكلة هي ان هؤلاء لا يستطيعون شراء سلع الا بما استلموه من نقود من هذا الراسمالي. ولكن قيمة السلع التي استلمها الراسمالي تزيد على قيم مشترياته بمقدار قيمة فائض القيمة. فليس لدى العمال ومقدمي الخدمات وباعة المواد الاولية مصدر لكسب النقود سوى ما يدفعه الراسمالي لهم من نقود. لذلك فان مشتريه لا يستطيعون ان يشتروا من سلعه باكثر من النقود التي دفها لهم لقاء مكائنهم والمواد الخام واجور العمال التي دفها ثمنا لسلعتهم الوحيدة، قوة عملهم، وكذلك اثمان الخدمات التي قدمها له مستخدمون بشتى المجالات لكي يضمن استمرار انتاجه. ولهذا تبقى السلع التي تمثل فائض القيمة في مخازن الراسمالي اذ ليس لمشتريه ما يكفي من النقود لشرائها. وتشكل هذه السلع المتبقية تغيرا كميا لا يشعر به الراسمالي الذي يستمر ويواصل عملية الانتاج والشراء ودفع الاجور لمواصلة انتاج سلعه. ووفقا للقانون الديالكتيكي لا بد في لحظة معينة ان تتحول التغيرات الكمية الى تغير نوعي. فما هو التغير النوعي الذي يحصل نتيجة لتراكم التغيرات الكمية الحاصلة نتيجة قانون فائض القيمة؟ التغير النوعي هو الازمة حين تصبح السلع المتراكمة سنة بعد سنة عبئا على الراسمالي لا يستطيع تصريفها وبيعها. وهذه هي ازمة فيض الانتاج. عن طريق دراسة مسيرة قانون فائض القيمة بهذه الطريقة توصل كارل ماركس الى قانون طبيعي يتحكم في النظام الراسمالي كله هو قانون الازمات الاقتصادية، ازمات فيض الانتاج حين تتحول النقود والسلع المتراكمة لدى الطبقة الراسمالية، بينما تعاني جماهير المشترين من الجوع والحاجة والفقر لعدم وجود النقود لديهم لشراء سلع الراسمالي. توصل كارل ماركس الى ذلك قبل اكثر من قرن ونصف. وحاول علماء الاقتصاد الراسمالي بعد كل ازمة ان يجدوا وسيلة للتخلص من تكرار الازمة فلم يفلحوا. وها نحن اليوم نشاهد اشد ازمة في تاريخ النظام الراسمالي. ازمة مركبة من الانهيار المالي حيث تجمعت النقود وازمة فيض الانتاج حيث تراكمت السلع. ازمة تجمع النقود والبضائع لدى الطبقة الراسمالية وفقدان النقود والبضائع لدى الطبقات الكادحة. وقد دفعت هذه الازمة الدول الغنية العشرين الى عقد مؤتمر قمة لايجاد حل للخلاص من هذه الازمة. ولجأ علماء الاقتصاد الراسمالي الى كتاب الراسمال يدرسونه وينقبون فيه بحثا لعلهم يجدون فيه ما يساعدهم على التخلص من الازمة واخذوا يتحدثون عن ضرورة ايجاد نظام اقتصادي جديد غير راسمالي. وطبيعي انهم لن يجدوا في كتاب الراسمال ما يساعدهم على ذلك لان الحل الذي يقترحه كتاب الراسمال كنتيجة طبيعية لمسار النظام الراسمالي هو ازالة النظام الراسمالي ولا بديل لذلك مهما عمل واجتهد الراسماليون وعلماؤهم لايجاد حل غير هذا. ولا شك ان شركة د. حجي الخاصة قد تأثرت بشكل او باخر بهذه الازمة لذا لا يستطيع انكار الازمة وانكار تأثيراتها على الشركات الراسمالية بشتى اشكالها. ولا يستطيع الزعم بان قانون القيمة وقانون فائض القيمة وقانون التحول الناجم عن مسيرة وتطور قانون فائض القيمة قد حلت جميعها في متحف التاريخ. ومن المعروف ان الراسمالية تجد بعض الوسائل التي تخفف من وطأة الازمة او تبعد زمان حدوثها. جزء من السلع المتراكمة يصرف على الراسماليين انفسهم كمواد فنية وترفيهية اذ ان فقر الجماهير العاملة لا يشمل الراسماليين الذين يحوزون على النقود اضافة الى البضائع المتراكمة. ولكن اهم الوسائل التي يستخدمها الراسماليون في ابعاد زمن الازمات او تخفيف وطأتها او التسريع في انهائها هو انتاج السلاح. لان الاسلحة بضاعة لا تباع عادة في الاسواق كما تباع الاحذية والملابس والسيارات والدراجات وانما تباع الى الحكومات. والحكومات تستطيع ان تجد النقود بطرق عديدة. واليوم نجد الى جانب انتاج الاسلحة انتاج مواد اخرى شبيهة بالاسلحة من حيث تاثيرها على الازمات هي انتاج مواد غزو الفضاء. فهي الاخرى تباع الى الحكومات وليس الى الاشخاص. وانتاج الاسلحة يتطلب الترويج لها. والترويج للاسلحة هو الحرب. ففي الحروب يزداد استخدام الاسلحة زيادة كبيرة وتزداد حاجة الدول المتحاربة الى الاسلحة. ومن اهم مصادر الدول المتحاربة في ايجاد اثمان الاسلحة هو طبع النقود الورقية والقاؤها في السوق مما يؤدي الى التضخم النقدي بكل مساوئه. واستنادا الى كل ذلك توصلت الماركسية الى اعتبار الحروب من طبيعة النظام الراسمالي. والتاريخ اثبت ذلك ويثبته لنا كل يوم. اكتفي بهذا القدر من المناقشة وما توصلت اليه من قراءة هذا مقال د. حجي، او مقدمة الكتاب المعنون "الماركسية الى اين" ولا اشعر برغبة في قراءة مقالات اخرى وكتابة مواضيع اخرى للحوار مع د. حجي الا اذا طلب مني الاخ صائب خليل مناقشة موضوع يراه مهما حيث اضطر الى دراسته ومحاولة بحثه.
#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مساهمة في الحوار مع الدكتور طارق حجي (ثانية)
-
مساهمة في الحوار مع الدكتور طارق حجي (اولى)
-
خطاب لستالين ينشر لاول مرة
-
اول ايار يوم الاعتراف بان عمال العالم طبقة واحدة
-
دور الحزب الماركسي في الحركة العمالية
-
موقع الطبيب في الاصطفاف الطبقي
-
متى يجوز لحزب ماركسي الاشتراك في حكومة؟
-
سذاجة طرح الماركسية على التصويت
-
الحزب الماركسي حزب الطبقة العاملة فقط
-
نقاش مع عبد الحسن حسين يوسف (اخيرة)
-
نقاش مع عبد الحسن حسين يوسف (ثانية)
-
نقاش مع عبد الحسن حسين يوسف (اولى)
-
الصراع الطبقي وتوازن القوى (اخيرة)
-
الصراع الطبقي وتوازن القوى (اثانية)
-
الصراع الطبقي وتوازن القوى (اولى)
-
حول اراء العراقيين العائشين في المهاجر
-
ملاحظات حول كتاب بشتأشان بين الالام والصمت 2-2
-
ملاحظات حول كتاب بشتأشان بين الالام والصمت 1-2
-
المحرقة في غزة وموقف احمدي نجاد منها
-
حول مقترح تشكيل اتحاد كتاب الحوار
المزيد.....
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
المزيد.....
-
نَقْد شِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمانية 1/2
/ عبد الرحمان النوضة
-
اللينينية والفوضوية فى التنظيم الحزبى - جدال مع العفيف الأخض
...
/ سعيد العليمى
-
هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟...
/ محمد الحنفي
-
عندما نراهن على إقناع المقتنع.....
/ محمد الحنفي
-
في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟...
/ محمد الحنفي
-
حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك
...
/ سعيد العليمى
-
نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب
/ عبد الرحمان النوضة
-
حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس
...
/ سعيد العليمى
-
نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|