الزوراء لا يزال يرزح تحت سطوة الإقطاع

عيسى الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 2660 - 2009 / 5 / 28 - 09:05
المحور: عالم الرياضة
    

الزوراء هو النادي الذي تسبب في تأسيس أول نقابة عمالية في العراق والشرق الاوسط .. وذلك عقب رفض السلطات الحكومية لطلب كان قد تقدم به لفيف من عمال السكك الحديدية يتقدمهم الميكانيكي محمد صالح القزاز لأنشاء نادٍ خاص بمؤسستهم في عام 1924 , إسوة بباقي مؤسسات الدولة . حيث وَلد قرار الرفض ردود افعال غاضبة لدى عمال السكك و نظمت على اثره سلسلة من التظاهرات والاحتجاجات تجاوزت عمال السكك ومشكلتهم لتشمل كل عمال العراق بقطاعيه العام والخاص الذين وجدوا ظالتهم في تلك المظاهرات للمطالبة بجميع حقوقهم و ضماناتهم المعيشية .. وعلى اثر تلك المظاهرات تأسست نقابة العمال , وبعد انتظار طويل ومرير وبدعم كبير من نقابة العمال اجيز لعمال السكك الحديدية تأسيس ناديهم عام 1937 ليطووا بذلك صفحة المخاض العسير وليفتحوا صفحات جديدة من المعاناة والتحدي.

كانت ميزانية النادي تستقطع من رواتب عمال السكك الحديدية بالاضافة الى واردات بعض النشاطات الفنية والادبية التي كانت تقام على قاعاته الفسيحة ولم يكن للنادي اي تمويل حكومي رسمي لهذا كان يصنف كنادي اهلي مستقل.

تمكن نادي السكك خلال فترة قياسية ان يكسب ود الجماهير ويشكل مصدر ازعاج و احراج لفرق المقدمة امثال القوة الجوية وآليات الشرطة واللاسلكي والفرقة الثالثة ومصلحة نقل الركاب والمشاة والميناء وغيرهم من الفرق العريقة .. إلا ان تسلسل السكك في البطولات القطرية بقي متأخر نوعا ما , حيث انه لم يحقق طيلة تاريخه سوى لقب يتيم عام 1973 لبطولة دورة بغداد الخاصة اما على صعيد دوري المؤسسات فلم يتجاوز المرتبة الثالثة .

كان نادي السكك يحمل الصبغة اليسارية التي اكتسبها من مؤسسيه الاوائل و كوادره و لاعبيه الذين كانوا ينتمون الى الطبقة العمالية الكادحة المسحوقة والتي كانت في ذلك الوقت منجذبة بشكل كبير نحو الماركسية وشعاراتها الفضفاضة . كانت هذه الصبغة حجة كافية للنظام البعثي البائد لأستصال النادي من جذوره , حيث طمر 32 عام من تاريخ هذا النادي العريق بعدما الغي رسميا وشكليا ولكن في الواقع لم يتم سوى تغيير اسمه من السكك الى المواصلات عام 1969 ومن ثم الى الزوراء عام 1972 .
تناوب البعثيون على ادارة النادي وعملوا جاهدين على تشويه سمعته امام الجماهير الرياضية من خلال الانحياز المغرض و زرع التفرقة بينه وبين باقي الاندية لكن رغم كل جهودهم ومحاولاتهم البائسة آبا الابيض الى ان يكون ناصعا .. فلم تجدي حيلهم ومكائدهم وبقى حب الزوراء كبير في قلوب جماهيره .

لم تحمل المتغيرات السياسية في العراق بعد (سقوط الصنم) سوى مزيداً من العاناة والالم للزوراء فبعدما السق به البعثيون صفة النادي الشيوعي بعد انقلابهم المشؤم عام 1968 , هاهم القادة الإتلافيون الجدد يلسقون بالنادي صفة جديدة ومناقضة لسابقتها ألا وهي صفة النادي البعثي .. بموجب هذه الصفة المغرضة باتت محاربت النادي البعثي واجب وطني يسعى اليه كل من اراد اثبات وطنيته , فكان اول الغيث هو أستثناء النادي من قرار مجلس الوزراء الداعي لإعادة ربط الاندية بوزاراة الدولة ومؤسساتها إلا بشروط تعجيزية وضعها م. عامر عبد الجبار اسماعيل وزير النقل وابرز تلك الشروط هو تغيير اسم النادي مجدد , وكإنما كتب على هذا النادي ان يغير اسمه وهويتة مع كل تغيير سياسي في العراق.. عدم الانصياع لشرط الوزير أدى الى تقطيع اوصال النادي وبيع بعض ممتلكاته واراضيه وتفريغه من النجوم والغاء العديد من نشاطاته والعابه الرياضية كخطوة تمهيدة لأعلان أفلاس النادي واغلاق ابوابه بوجه ابنائه وعشاقه وبهذا السيناريو تتم عملية (اجتثاثه) ويمنح معاليه وسام النضال الوطني وتسدل الستار على معانة النادي ورحلته مع الاقطاع السياسي التي امتدت الى 72 عام.

#عيسى_الربيعي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات