أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ميثم الجنابي - العرقية والطائفية – ديناصورية محدثة!















المزيد.....

العرقية والطائفية – ديناصورية محدثة!


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 2660 - 2009 / 5 / 28 - 08:47
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


إن استقراء تاريخ الأمم وتجاربها السياسية القديمة والحديثة تكشف عن أن خرابها وانحطاطها محكوم بانغلاقها الذاتي. وللانغلاق أشكال ودرجات عادة ما يبدأ بالتحزب الضيق لينتهي بطوائف اشد ضيقا. وكلاهما نتاج لانغلاق أوسع تصنعه تقاليد الاستبداد والقهر. وهي ظاهرة اقرب إلى البديهة يمكن التدليل عليها من خلال تأمل المسار التاريخي للدول والإمبراطوريات القديمة والمعاصرة. ولا يشذ التاريخ العراقي القديم والمعاصر عنها.
غير أن لكل مرحلة خصوصيتها. فإذا كان تاريخ العراق الحديث محكوما، وبالأخص بعد انقلاب الرابع عشر من تموز عام1958 بصعود الراديكالية السياسية، فان نهايته المأساوية تكمن أساسا في سيطرة واستحكام التقاليد الحزبية الراديكالية الضيقة. بعبارة أخرى، إن السر الأكبر لانحطاط العراق السياسي والاجتماعي والأخلاقي المعاصر يكمن في سطوة الحزبية الضيقة. بعبارة أخرى، إن السبب الجوهري الكامن وراء الانحطاط البنيوي الشامل للنظام السياسي والمدني العراقي يقوم في استفحال النظام الحزبي، والرؤية الحزبية، والسطوة الحزبية، أي تغليب الجزء على الكلّ. وقد بلغت هذه الظاهرة ذروتها في ظل الدكتاتورية الصدامية والتوتاليتارية البعثية. إذ أوصلت الجميع إلى إدراك إحدى البديهيات الكبرى للعلم السياسي والبدائل العقلانية القائلة، بان النظام الأمثل والأصلح للدولة والأمة هو النظام المدني الشرعي، أي النظام الذي يتمثل فكرة العام والكل وأولويتها في مواقفه من الدولة والمجتمع والأفراد والثقافة والقيم والحقوق. ومع أنها فكرة اقرب إلى البديهة في العالم المعاصر ومعقولة بمعايير المنطق المجرد، إلا أن التجربة العراقية الأخيرة بعد سقوط الصدامية تكشف عن أن النخب السياسية، والأحزاب منها بشكل خاص مازالت اشد تخلفا من الماضي. بمعنى أن تجربة ست سنوات ما بعد الصدامية، تشير إلى بقائها وسريانها في أنماط الرؤية الحزبية والممارسة العملية للأحزاب الكبرى والصغرى. بحيث تحولت "العملية السياسية" إلى مساومات جزئية وتافهة للمصالح الحزبية. وعوضا عن توتاليتارية مريضة واحدة نقف أمام أمراض متنوعة من الانحطاط. قد يكون أكثرها استفحالا هو صعود الحزبية الطائفية والعرقية والجهوية والفئوية.
طبعا أن هذه الأمراض ليست معزولة عن الماضي. لكن قيمة الأحزاب والنخب السياسية تقوم بالضبط في قدرتها على تجاوز وتذليل مصادر التخلف والانحطاط، وليس إعادة إنتاجها. وهو السبب القائم وراء انغلاق "العملية السياسية" ذاتها. وذلك لأنها عملية حزبية وليست سياسية بالمعنى الدقيق للكلمة، أي أنها خالية من الأبعاد الاجتماعية والوطنية. وهو الدرس البليغ الذي أدركه الناخب العراقي في الانتخابات الأخيرة بصورة أوسع وأعمق وأسرع من الأحزاب "العريقة". فالعراقة لا تعني العراق بالضرورة، كما أنها قد تعني بقايا أطلال وديناصورية أوهام "كبرى". وليس مصادفة أن يهدم الناخب العراقي هذه الأطلال والأوهام في لحظة سريعة وحرجة. بحيث جرى للمرة الأولى في تاريخ العراق الحديث وضع النخب والأحزاب والسياسية أمام مهمة المراجعة النقدية الفعلية والوقوف الحذر والخائف أمام المجتمع. وضمن هذا السياق يمكن النظر إلى الانتخابات الأخيرة على أنها البروفة الأولية السياسية الأولى فعلا لصنع التاريخ السياسي للعراق الحديث.
لقد دفع الناخب العراقي مهمة تحويل الحزب السياسي التقليدي (العراقي) إلى حزب سياسي اجتماعي (وطني). وإذا كانت "ظاهرة الحبوبي" في كربلاء من بين أكثرها جلاء بهذا الصدد، فإنها مجرد إحدى المؤشرات الجلية لهذه العملية. بمعنى أنها التعبير المناسب عما يمكن دعوته بانتقال الوعي السياسي العراقي العام من الوعي المباشر إلى الوعي غير المباشر في التعامل مع الأحزاب والسلطة والمجتمع، أي الانتقال في مواقفه النقدية من الأحزاب صوب النفس.
فقد كان انتخاب الحبوبي هو الوجه الآخر وغير المباشر لانتخاب النفس في مواجهة الأحزاب. وهي فضيلة بمعايير الرؤية النقدية، ورذيلة بمعايير النظام السياسي الأمثل. فالحبوبي ليس فكرة أو منظومة أو تقاليد. وبالتالي فان تفضيل اختياره على الأحزاب يبقى في نهاية المطاف جزء من تقاليد الرفض وليس البناء. وفي هذا تكمن تناقض الفضيلة والرذيلة فيه. فهو فضيلة فيما يتعلق بالموقف النقدي والرافض للأحزاب التقليدية، ورذيلة من حيث إشارته إلى خلو العراق من أحزاب اجتماعية قادرة على اخذ زمام المبادرة من اجل بناء دولة عصرية ومجتمع مدني ونظام ديمقراطي فعلي.
أما من الناحية الموضوعية، فإننا نقف أمام ما يمكن دعوته ببداية الانقلاب في الموقف من الأحزاب التقليدية. أما المهمة اللاحقة فتقوم في تحويلها إلى مؤسسة اجتماعية سياسية وطنية بديلة. وهي الظاهرة التي يمكن تحسس معالمها الأولية في فوز المالكي. فالمالكي هو الصيغة العراقية لظاهرة الحبوبي، أي للظاهرة الاجتماعية السياسية الرافضة لتقاليد الحزبية الضيقة. وليس مصادفة أن يكون فوز المالكي قد جرى من خلال تغليب فكرة الدولة والشرعية، أي الطابع المدني وليس الحزبي. بينما تعرض أولئك الذين تمسكوا بالحزبية (الطائفية وغيرها) لهزيمة ساحقة.
كل ذلك يشير إلى حقيقة كبرى ألا وهي أن فوز الأحزاب السياسية القادم لم يعد جزء من تقاليد المؤامرة والمغامرة، بل من تقاليد الارتقاء إلى مصاف الرؤية الاجتماعية والوطنية. كما إننا نعثر فيها على التلاشي المحتوم للقوى الأشد تقليدية وانغلاقا بوصفها الموجة الأولى لانقراض ما يمكن دعوته بالقوى الديناصورية "الحديثة"، واقصد بذلك حزب آل الحكيم (بين الشيعة) والحزب الإسلامي (بين السنة) والأحزاب التقليدية (بالمعنى التقليدي) الكردية (آل برزان وعائلة الطالباني). بعبارة أخرى، إننا نقف أمام ظاهرة انقراض القوى الأكثر تمثلا وغلوا بايديولوجيا الانغلاق الطائفي والعرقي. فجميعهم من صنف واحد. الأمر الذي يعطي لنا إمكانية الحكم بمصيرهم الموحد أيضا. وذلك بسبب جذورهما الموحدة في الرؤية والذهنية والنفسية والأسس الاجتماعية. وإذا كانت النزعة "العرقية" من بين أشدها ثباتا ورسوخا فلأنها التعبير غير المباشر عن الأسس والمقدمات الأشد ثباتا ورسوخا للبنية التقليدية في مجال الوجود الاجتماعي والوعي. ولكل انقراض مقدماته وأطره. فالطائفية تندثر بسبب ارتقاء الوعي الثقافي والصراع الاجتماعي، بينما تندثر العرقية بسبب تعارضها مع فكرة بناء الدولة والمواطنة والشرعية. وهي الظاهرة التي يمكن رؤية ملامحها في "نزعات الموت" المتأوهة في خطاب هذه القوى الثلاث والصراع العنيف في داخلها. لكنه صراع لا يمكن توقع حلولا عقلانية فيه، بسبب طبيعته الذاتية. وذلك لان القضاء على الطائفية والعرقية يفترض الخروج عليها كليا. إنهما غير قابلان للإصلاح لأنهما لا يمتلكان منظومة حية، بل يعيشان بقوة الغريزة البدائية النابضة في نفسية وذهنية الطائفة والعرق. وكلاهما بنية تقليدية صرف.
إن البدائل الكبرى هي على الدوام تحرر من مغامرات الفردية والبنية التقليدية أيا كان شكلها ومحتواها وباعثها. أما البدائل الكبرى المتعلقة بمصير ومآل الدولة والأمة، فإنها تفترض وجود منظومة قيم ومفاهيم ومبادئ ومؤسسات عاملة وفاعلة بمعايير الرؤية الاجتماعية والوطنية. الأمر الذي يضع مهمة إعادة النظر النقدية بتجربة سنوات ست من فكرة الدولة، والنظام السياسي، والمجتمع، والنخبة، بالشكل الذي يحررهم من ثقل وبقايا الطائفية والعرقية "المتجددة" عبر فيدرالية عرقية قبيلة، وطائفية حصص، وتقاسم غنائم حزبية، أي كل ما وجد تعبيره فيما يسمى "بالديمقراطية التوافقية" التي هي عين السعي المحموم لإضفاء الشرعية على "فيدرالية" عرقية ومحاصصة طائفية وحزبية غنائم.



#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السياسة الإيرانية الإقليمية ولعبة المصالح العالمية
- -الخطر الإيراني- وعقدة الأمن الإيرانية
- -القضية الإيرانية- مشكلة عابرة أم معضلة مزمنة
- صيرورة الفكرة الماركسية عن التاريخ
- ماركس وفلسفة التاريخ الفعلي
- الأموية والسنّة – خلفاء عتاة وجبرية مقدسة!
- الأموية والفتنة
- شروق الماركسية وغروبها
- ماركس -المرايا المتحطمة-!
- المثقف ومهمة صنع التاريخ القومي
- المثقف العراقي وحقائق المرجعية الأبدية للروح
- أفاق الأصوليات (الدينية) السياسية في العراق
- المثقف وروح القلق واليقين
- الراديكالية السياسية للغلاة الجدد!
- المثقف – الحلقة الرابطة لديمومة الروح التاريخي للأمم
- الراديكالية الشيوعية والبعثية العراقية وانقلاب القيم!
- المثقف وإبداع الأبد
- الموجة الأخيرة للزمن الراديكالي
- طوفان الزمن الراديكالي وبداية التاريخ العقلاني
- المثقف ومرجعيات الروح المبدع


المزيد.....




- رصد طائرات مسيرة مجهولة تحلق فوق 3 قواعد جوية أمريكية في بري ...
- جوزيب بوريل يحذر بأن لبنان -بات على شفير الانهيار-
- مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في ...
- لحظة هروب الجنود والمسافرين من محطة قطارات في تل أبيب إثر هج ...
- لحظة إصابة مبنى في بيتاح تكفا شرق تل أبيب بصاروخ قادم من لبن ...
- قلق غربي بعد قرار إيران تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة
- كيف تؤثر القهوة على أمعائك؟
- أحلام الطفل عزام.. عندما تسرق الحرب الطفولة بين صواريخ اليمن ...
- شاهد.. أطول وأقصر امرأتين في العالم تجتمعان في لندن بضيافة - ...
- -عملية شنيعة-.. نتانياهو يعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي في ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ميثم الجنابي - العرقية والطائفية – ديناصورية محدثة!