|
مستقبل حالك ينتظر العراق المكتوب يقرأ من عيون اطفاله !
جمال محمد تقي
الحوار المتمدن-العدد: 2656 - 2009 / 5 / 24 - 08:36
المحور:
ملف يوم الطفل العالمي 2009 - كيف نبني مستقبل أفضل لأطفالنا؟
هل يستشعر اي خرتيت من الخاراتيت الجالسة فيما يسمى بمجلس الوزراء او في مجلس النواب او مجلس الرئاسة بحجم الكارثة البيئية والصحية ـ الوجودية ـ التي يتمرغل بها العراق بشرا وارضا وسماءا ومياها بسبب الاشعاعات النووية التي مازالت تطلقها الاليات المدمرة بالقذائف المشبعة باليورانيوم المنضب والمتروكة في كل بقاع العراق من الجنوب الى الشمال ؟ هل يستطيع هؤلاء المدعون سيادة ووطنية مطالبة قوات الاحتلال بجمع هذه المخلفات التي تقدر بالاف الاطنان من الحديد الملوث بالاشعاعات والتي لا ينقطع بثها لدهور قادمة ؟ هل يفهم هؤلاء ان تاثيرات هذه الاشعاعات يتزايد كلما تزايد تموقع العناصر المشعة وتغلغلها في التربة وما تحتها وعليها ؟ هل يفهم هؤلاء ان العراق سيخسر نفسه تماما باعاقة مستدامة اذا لم تجري معالجة علمية لتلك المخلفات ؟ هل يعلم هؤلاء ان لوكيميا الدم ـ سرطان الدم ـ يصيب الاطفال قبل ولادتهم نتيجة تعرض الامهات لشيء من هذه الاشعاعات ؟ هل يهتم هؤلاء بالنسب العالية والمتزايدة للتشوهات الخلقية للولادات الحديثة منذ عام 91 وحتى الان حيث استخدم اليورانيوم المنضب ـ حثالة لاقذر عناصر الفتك المستدامة ـ من قبل الامريكان في حربي الخليج الثانية ، وغزو العراق ؟ هل هؤلاء مؤهلون لمطالبة الامريكان بتحمل المسؤولية كاملة في تخليص العراق وشعبه من هذه المخلفات وتحمل تكلفة معالجة اضرارها ؟ اشك في هذا لان هؤلاء هم من صفق للغزاة وهم من تخادموا معه ومازالوا كي يصلوا للسلطة ويحافظوا عليها ، فكيف سيحملونه مسؤولية جرائم هم شركاء فيها ؟ اكثر من 50 مليار دولار تكلفة تقديرية اولية لجمع وقبر الاليات المدمرة ومعالجة بيئتها المحيطة ، ومتابعة النشاط الاشعاعي واجراء مسوحات علمية مستدامة لقبر مايمكن قبره من تربة واحجار واشجار ملوثة بطول البلاد وعرضها ! اكثر من 10 مليار دولار متطلبات الرعاية المستدامة للمتضررين مباشرة من تلك الاشعاعات ، مستشفيات متخصصة للتسرطن والتشوه ودراسات مختبرية عالية التقنية للانحرافات الجينية المستحدثة ، لكل الاحياء في البيئة المصابة بما فيها الانسان واجنته الجديدة ! راجعوا الاتفاقية الامنية التي ابرمتها حكومة المالكي مع حكومة بوش والتي وافق عليها البرلمان ، التي سميت باتفاقية انسحاب القوات ، هل تضمنت شيء من هذا القبيل ؟
خوف ، رعب ، تشرد ، جهل ، مرض ، جوع ، تسول ، يتم ، انحراف ، عدوانية ، تسكع ، مخدرات ، والاخطر من كل هذا تشوه القيم الاخلاقية والتربوية المجتمعية وانعكاسها المتواتر على الاطفال ، الذين اصبحوا وفي كثير من الاحيان هم اولاياء امورهم وامور من يعتمد عليهم لتدبير لقمة العيش ، كبار لا يرحمون الصغار ، او لا يستطيعون فعل ذلك ـ ففاقد الشيء لا يعطيه ـ اخرين لا يستطيعون حمايتهم ، اخرين يضطرون لتعريض اطفالهم للمخاطر !
نعم مازال هناك اطفال يولدون ويترعرعون بوسط عائلي يتكفل بهم ويسهر على تربيتهم وعلى سلامتهم ولكن حتى هؤلاء ليسوا في مأمن ، فالمناخ السائد ليس حكرا على طبقة بحد ذاتها او منطقة او طائفة ، صحيح ان الفئات الطبقية الغنية قد تحصن نفسها بحدود معينة ولكنها تعجز عن توفير الاجواء الطبيعية للتنشئة السوية مهما حاولت تجنيب اطفالها ما يستوجب تجنبه ، فهي تستطيع مثلا توفير مدارس خاصة مستشفيات خاصة ، وسائل ترفيه ورعاية في محلات سكن امنة ، لكنها لا تستطيع حمايتهم تماما من المخاطر المحيطة ، وعليه نجد كثير من هؤلاء قد ترك العراق ، ناهيك عن حالة اغلب عناصر الطبقة السياسية الحاكمة والذين ابقوا عوائلهم خارج العراق ومنذ البداية ، نعم عوائل اطفال الطبقات الفقيرة هم الاكثر تضررا والاكثر هجرة والاكثر جوعا ويتما ومرضا وحاجة ! خمسة ملايين يتيم ، ومثل هذا العدد محروم من خدمات اساسية مستقرة والتي تحتاجها الطفولة السوية كالعناية الصحية والتعليمية والنفسية ، سبع سنوات والحرب ما زالت قائمة ، اكثر من مليون عسكري وشرطي ومخابراتي وميليشياتي الى جانب جنود الاحتلال ، كل هذا العدد المهول والاوضاع مازالت ترفض التروض للاجندة المعدة سلفا لمستقبل هذه البلاد ، الذي لا يمكن تداول مفرداته دون تقليب الحالة الكارثية للطفولة في العراق الجديد ! ليس من باب معارضة العملية السياسية القذرة الجارية في العراق يتم اعلانه كاكثر دول العالم فشلا ، وفسادا ، وخطورة ، وقمعا للحريات الشخصية ، وليس من باب التجني توقع المزيد من الكوارث الاجتماعية والصحية والسياسية والتعليمية والاقتصادية والانسانية ، لان جهات دولية متخصصة ومحايدة هي من ينبه بالتقارير الموثقة للمخاطر المحدقة القادمة ! اموال من الدول المانحة لتمويل مشاريع اجتماعية واسرية وصحية وتعليمية يذهب اغلبها لجيوب القطط السمان الحاكمة في العراق ، واكثر من ذلك انها تحول الى ارصدة عوائلهم المتنعمة اصلا بما تجنيه من دول اللجوء ، ميزانيات نفطية سنوية مهولة من 50 ـ 70 مليار دولار وعلى مدى الخمس سنوات الماضية ، لم تنجز شيئا يذكر بالنسبة للبنية التحتية في خدمات الكهرباء والماء والمجاري والصحة والتعليم والعمل والرعاية الاجتماعية للايتام والارامل والعوائل المتعففة ، الاموال لا تكفي لان نصفها يسرق والنصف الباقي يصرف على تمويل البطاقة التموينية ، ورواتب لجهاز اداري نصفه متقاعد والاخر متغول ، الى جانب رواتب لمليون عسكري حكومي ومن كل الاصناف ، اما الباقي منها فيستخدم لذر الرماد بالعيون بمقاولات انشائية ترقيعية ، كتحويل المطارات العسكرية القديمة الى مطارات مدنية باجراء بعض التحويرات على ابنيتها وواجهاتها ـ كمطار النجف واربيل والسليمانية والحبانية وذي قار ـ وتصليح بعض المحطات الكهربائية العاطلة ، وصبغ واجهات ابنية المدارس!
الكل يتذكر فضيحة دار الحنان للايتام في بغداد ، هي مستمرة وباشكال متنوعة ليس في العاصمة فقط وانما في الجنوب والشمال ، وهكذا الحال بالنسبة لسجون الاحداث ، لكن سياسة التعتيم اصبحت اشد وطئة ، ورغم ذلك فان تقارير منظمات الامم المتحدة تذكر بين الحين والاخر بجرائم الفساد المتصاعدة ، واخرها كان تقرير عن ممثل منظمة الصحة العالمية في بغداد والذي اشار الى ان معظم المدارس الابتدائية في العراق تفتقرللشروط الصحية الضرورية ـ المياه الصالحة للشرب ، الكهرباء ، دورات المياه النظيفة ، التهوية المناسبة ! ربما يبقى اطفال المنطقة الخضراء هم الاكثر امنا وتميزا ولكنهم ايضا محاصرون ، حالهم حال اطفال مدينة الثورة والشعلة ، واطفال المسؤولين اوفر حظا بالنسبة لظروف الحماية والتغذية والرعاية لكنهم ايضا يعانون من العزلة ، ما اريد قوله ان اوضاع الطفولة في العراق هي كاوضاع المرأة والطبقة العاملة ، فعلاوة على انها سمة من سمات التمايزات الطبقية الاصيلة والمفتعلة ـ الطفيلية الجديدة ، البرجوازية الكمبرادورية ـ فهي ايضا تتغذى وبشكل ديناصوري على حالة الخراب الاجتماعي الاقتصادي الشامل الذي اشاعه وما يزال الاحتلال ومن يحكم برعايته ! ان انقاذ الطفولة العراقية يرتبط بانقاذ العراق من حالة التيه والتخبط والانحطاط الذي يسير فيه بقوة دفع السلطة وقمعها الطائفي والعرقي المحروس بقوة الاحتلال الغاشم وفوضته الشاملة ..
#جمال_محمد_تقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
موت أحمر !
-
الاحتلال واليسارالانتهازي في العراق !
-
الم تر كيف فعل اصحاب الفيل والحمار بالعراق والعالم ؟
-
الثورات التي تآكل نفسها بنفسها!
-
انفلونزا جنون البشر!
-
بشتاشان جريمة بلا عقاب !
-
عمال بلا معامل !
-
ما هي المسألة الاساسية في - الماركسية - ؟
-
اوروبا احرقت اليهود وارسلت من تبقى منهم لاحراق الشرق الاوسط
...
-
لصوص وكلاب !
-
قراءة نقدية لمواقف الحزب الشيوعي العراقي حول موضوعة المناطق
...
-
الحوار المتمدن ومستلزماته الضرورية !
-
14 نيسان يوم السباع !
-
9 نيسان يوم مهان !
-
السياسيون لا يكذبون في واحد نيسان !
-
عزيز محمد سيرة متفردة بالتثبت في الموقع !
-
عالم مزدحم بالاسلحة !
-
مكرم الطالباني سيرة لا تنقطع في الدفاع عن المباديء الحية !
-
وصايا ليست يسوعية !
-
سعادين في رحاب اليمين !
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
|