أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - زهدي الداوودي - وداعا قحطان الهرمزي: أحد أعمدة جماعة كركوك














المزيد.....

وداعا قحطان الهرمزي: أحد أعمدة جماعة كركوك


زهدي الداوودي

الحوار المتمدن-العدد: 2656 - 2009 / 5 / 24 - 08:47
المحور: سيرة ذاتية
    



حين تناهى إلى سمعي خبر رحيل قحطان الهرمزي غير المتوقع، أحسست بضربة صاعقة في أعماقي أذهلتني وفجرت في داخلي كومة من الذكريات والشجون التي تمتد إلى أكثر من نصف قرن. قلت مع نفسي: كان ينبغي أن لا يفارقنا قحطان بهذه السرعة، بيد أن التمني شيء والواقع المر شيء آخر. كان صامتا، خجولا، متواضعا، نادرا ما يتحدث عن نفسه، وإذا تحدث فعن حق، قال ذات مرة في معرض الحديث عن الأدب في كركوك:
" أنا أسست جماعة كركوك" سالني أحد الأصدقاء الشباب بتهكم عن حقيقة هذا الكلام، ذلك أنه لم يعرف من هو قحطان الهرمزي. قلت: إذا كان ثمة مؤسس حقيقي لجماعة كركوك، فهو قحطان الهرمزي، الذي تناساه معظم الذين كتبوا عن جماعة كركوك، سواء عمدا أم جهلا. وأرجو أن يكون السبب هو الأخير.
كان الفارق الزمني بيننا أربعة أعوام. كنت في الصف الأول المتوسط وهو في الصف الرابع الثانوي على ما أتذكر، تعرفنا ببعضنا بحكم صداقة والدينا في طوزخورماتو وبحكم صداقتي مع شقيقه الممثل عصمت أو بالأحرى بحكم اهتماماتي الأدبية المبكرة. كان ذلك في بداية الخمسينات. كنت إذ ذاك أقرأ قصص الأطفال ومشتركا في مجلة "سندباد" حيث تعرفت من خلال ما كان يسمى بندوة سندباد عن طريق المراسلة بكل من باسم عبد الحميد حمودي وحازم عبد الرحمن العاني وهمام هاشم الآلوسي وغيرهم. وكانت الجريدة الحائطية التي كنا نصدرها بين حين وآخر باسم "بابل" ، مطبوعة بطابع أدب الأطفال. وحين اطلع قحطان على نشاطاتي الأدبية تلك، أشعرني بأن إمكاناتي الأدبية هي فوق اهتماماتي، فأعارني مجموعة من الروايات والقصص العالمية لكتاب مثل موباسان وتشيخوف وغوركي وغيرهم وحثني على كتابة القصة القصيرة. وتمكنا من تطوير الجريدة الحائطية (الصبيانية) المعلقة على جدار غرفة صغيرة من بيتنا ونقلها إلى الثانوية، فتعليقها على مدخل القاعة الرئيسة بعد موافقة مدير المدرسة الأستاذ موسى نعمان الذي وظف إمكاناتنا الفنية في تنشيط الحركة المسرحية في المدرسة. وكان يستعين في ذلك بمدرس اللغة العربية الأستاذ نوري أكبر. وكان قحطان يحثني على مواصلة الكتابة وإرسالها للنشر في الصحف المحلية. كان ينقحها بدأب ويعيد كتابة بعضها. وتم فعلا نشر كتاباتي الأولى في صحف النديم الأسبوعية وكركوك وصدى الشباب وفتى العراق الموصلية وصوت المحاربين والحرية وغيرها وكنا عند النشر نضع تحت أسمائنا عبارة من "جماعة أبناء الشقاء". وفي سفراتنا الأسبوعية إلى كركوك، عرفني بكل من المرحوم يوسف الحيدري، أنور الغساني، مؤيد الراوي، فاضل العزاوي وعلي شكر البياتي، نورالدين الصالحي وبكر وطارق وصلاح الذي كان يحضر الاجتماعات بانتظام في منتصف الخمسينات. وهكذا وجدت نفسي داخل حلقة أدبية – سياسية معارضة للعهد الملكي، عرفت فيما بعد على نطاق العراق بجماعة كركوك. وعندما تم اعتقال قحطان الهرمزي وأنور الغساني وعلي شكر البياتي، انتهى تقليد عقد الاجتماعات السرية وكتابة المحاضر.
وبعد ثورة 14 تموز 1958 قادنا قحطان الهرمزي في حملة سلمية للاستيلاء على جريدة كركوك وتم الاتفاق مع صاحبها المرحوم شاكر الهرمزي على أن نشرف نحن على تحريرها وبرزت وجوه جديدة ملازمة للجماعة مثل جليل القيسي، محي الدين زه نكنة، سركون بولص، علي السعيدي والأب يوسف سعيد و جان دمو وغيرهم.
كان قحطان عاطفيا جدا. وأعتقد أنه كان يتحرك دوما حسب ما تمليه عليه عاطفته الحساسة إلى جانب ذلك كان عاشقا كبيرا ظهرت حقيقته في قصائده الصافنازية الرقيقة. وتألم جدا وعن حق لما لحق بقوميته التركمانية من أذى في حوادث كركوك الدامية. وأوحت إليه الأحداث المريرة على شكل صدمة عنيفة أنه أمام كارثة إبادة جماعية لبني قومه. ويتجلى ذلك الشعور في كتابه الجميل "أيام شديدة البؤس". وبدا له أن الجماعة لم تتضامن معه في تحوله الذي اعتبروه نوعا من الانقلاب أو ردة. وتحولت ثورة 14 تموز التي كان يحلم بها إلى كابوس يجثم على قلبه الحساس ومما زاد في محنته الانقلاب البعثي الذي القى به في سجونه المرعبة بسبب مواقفه الصلبة ونضاله ضد سياسة الصهر القومي وعدم انحنائه أمام عاصفتهم السوداء.
بعد انقطاع دام أكثر من ثلاثة عقود من الزمن، عدت إلى كركوك. كان ذلك في شباط 2004 . طلبت من شقيقي بهرام أن يدلني على بيت قحطان، وإذا بهما يسكنان في نفس الزقاق. وأما جليل القيسي، فدلني على بيته الكاتب الشاب حبيب مال الله. وكان أن التقينا ثلاثتنا في بيت قحطان الهرمزي. وسهرنا إلى وقت متأخر من الليل ونحن نستعيد ذكريات نصف قرن. أهو حلم أم سراب؟
كنت قد هيأت نفسي للقاء آخر، ولكن مع من؟
سأظل أسهر هذه المرة مع نفسي، أغوص في مجاهل قرن مضى، أقطف منه أجمل الأزهار لأضعها على قبور يوسف الحيدري وجان دمو وسركون بولص وجليل القيسي وقحطان الهرمزي.
وداعا قحطان الهرمزي.. إننا لن ننساك.




#زهدي_الداوودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سر غياب حمه جان
- كامل شياع ، ميدالية شرف الكلمة
- لمصلحة من هذه الحملة ضد الكورد؟
- دعوة مخلصة لسياسة واقعية
- كردي فيلي يبحث عن هويته
- إلى اليسار در
- إبراهيم الداقوقي في ذمة الخلود
- حذار من توريط البيشمه ركه في القتال
- أن نكون أو لا نكون


المزيد.....




- من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا ...
- ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا ...
- قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم ...
- مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل ...
- وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب ...
- واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب ...
- مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال ...
- -استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله- ...
- -التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن ...
- مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - زهدي الداوودي - وداعا قحطان الهرمزي: أحد أعمدة جماعة كركوك