|
هل هناك أمل بإعادة تأهيل الأصولي؟
نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 2656 - 2009 / 5 / 24 - 06:33
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الرئيس الأمريكي، المسلم المرتد، باراك حسين أوباما، عازم فعلاً، على إغلاق سجن معسكر خليج غوانتانامو وظهر إصراره واضحاً خلال خطابه الأخير يوم الخميس أول من أمس. ومن السجال الحامي، والذي وصل حد التراشق والتلاسن، الذي دار افي نفس اليوم، بين أوباما وبين رموز الإدارة السابقة متمثلة بنائب الرئيس ديك تشيني تظهر حدة التباين في وجهات النظر حول هذا الموضوع الذي يمس الأمن القومي الأمريكي، ويخلق حساسية عالية بين الفريقين. ويبدو، في هذا السياق، بأن الإجراءات التنفيذية لتطبيق قرار الرئيس الأمريكي باراك أوباما بإغلاق أبواب سجن غوانتانامو وسد رياح الانتقادات العنيفة التي باتت تصم "آذان" و"تلوث"، هكذا، سجل الحريات وحقوق الإنسان في أمريكا، قد بدأت بالفعل.
غير أن ذلك لن يتم، على ما هو مرجح هكذا، وبسهولة، وقبل معرفة ماذا سيحل بأولئك السجناء حين يعانقون الحرية من جديد، وضرورة وضعهم تحت "العيون"، إياها، لرصدهم والـتأكد مما سيفعلونه وكيف سيكون عليه وضعهم، ومن أنهم لن يعودوا إلى "مزاحهم" الدموي الثقيل جداً مع القوة الأعظم في التاريخ.
وإلى ذلك، تقول تقارير صحفية وإعلامية، يتم تداولها على نطاق واسع، بأن الولايات المتحدة قد وافقت من حيث المبدأ على نقل مائة معتقل إلى مواقع ذات إجراءات أمنية أقل من تلك المعتمدة في السجن الأشهر في العالم اليوم. وهي، بنفس الوقت، على وشك توقيع اتفاق يقضي بنقل محتجزين من القاعدة من الجنسية اليمنية من غوانتانانو، إلى مواقع تتمتع بإجراءات أمنية أخف في المملكة العربية السعودية. ويقول مسؤولون أمريكيون بهذا الصدد، بأن وزارة الدفاع قد توصلت إلى اتفاقية، بهذا الشأن مع المملكة العربية السعودية، واليمن، للإفراج عن أكثر من مائة من المحتجزين من معتقلي القاعدة. وأنه سيتم نقل هؤلاء المشتبه بهم، والمعتقلين حالياً، في سجن تابع للبحرية الأمريكية في خليج غوانتاناموا، كوبا، إلى السعودية، لما وصف بأنه عملية إعادة تأهيل لهم. ويضيف هؤلاء المسؤولون بأن المعتقلين اليمنيين سيوضعون في مواقع ذات إجراءات أمنية أخف، ولكن تحت مراقبة إليكترونية مستمرة طوال الوقت. ومن الجدير ذكره، بأن عدداً من السعوديين الذين كانوا متواجدين، سابقاً، في أحد مراكز إعادة التأهيل قد فرّوا ودخلوا اليمن. وقيل في حينه أيضاً، بأن ذاك المركز احتوى على 117 نزيلاً سعودياً، كان قد أطلق سراحهم من غوانتانامو. وأضاف أحد المسؤولين قائلاً: " لقد كنا نتناقش طوال الوقت عما سيقومون به في السعودية، وعن الإجراءات الأمنية التي ستحول دون فرارهم".
وكان روبرتس غيتس وزير الدفاع الأمريكي قد بحث في السادس من شهر مايو، أيار الحالي، عملية إطلاق السراح المقترحة بالنسبة لليمنيين، وذلك خلال زيارة قام بها للمملكة العربية السعودية. وأردف غيتس، بأن الولايات المتحدة كانت على وشك توقيع اتفاقية رسمية مع كل من الرياض وصنعاء حول الأمر، غير أن مسؤولين آخرين قالوا بأن اليمن لم تقبل هذا العرض. ونقل عن غيتس قوله: " أنا لم أطلب من السعوديين ذلك، وهم لم يتطوعوا لفعل ذلك، أيضاً". وطبقاً للاقتراح، فإنه سيتم إرسال المعتقلين اليمنيين من سجن غوانتانامو، إلى مركزين سعوديين على الأقل يستخدمان لإعادة التأهيل لأفراد من القاعدة في المملكة. وعرفت المنشأتين بـأسماء" مركز الأمير محمد بن نايف، ومركز المناصحة". وسيقوم اليمنيون في المنشأتين السعوديين، كما أوضح المسؤولون، بحضور محاضرات تتحدث عن الإسلام، كما سيستمعون لشهادات عن كيفية استغلال القاعدة للمسلمين. ويقولون، بأن جميع المنتمين للقاعدة الذين تم إرسالهم لهذه المنشآت، سابقاً، قد أنهوا فترة تأهيلهم بالتنصل من أي ولاء لحركة العصيان الإسلامية، (القاعدة).
وكان الرئيس باراك أوباما قد أصدر، سابقاً، أمراً بإطلاق سراح جميع المعتقلين الإسلاميين من سجن خليج غوانتانامو خلال العام المقبل. ومن الجدير ذكره في هذا الصدد بأن المواطنين اليمنيين يشكلون الغالبية العظمى من المائتين والواحد والأربعين نزيلاً في السجن من القاعدة. ويسعى اليوم بإلقاء كامل ثقله في الموضوع لتحقيق هذه الغاية، وبالرغم من الاعتراضات التي واجهها في الكونغرس، والتي تتعلق بتأمين الاعتمادات الازمة وتمويل خطة الإغلاق، وحتى من داخل أعضاء حزبه من الديمقراطيين الذين وقفوا له بالمرصاد في سبيل ذلك.
ويبدو أن إعادة تأهيل منتمين للقاعدة والإرهاب، تشكل هاجساً للأمنيين الغربيين، ونظرائهم العرب، وهناك شكوك كبيرة حول فرص نجاحها وإعادة دمج أولئك في المجتمع من جديد دون خوف من عودتهم لممارسة الإرهاب. ويمكن التساؤل في نهاية المطاف.
غير أنه يمكن القول، هاهنا، بأن العملية ليست سهلة على الإطلاق. فالتحول نحو الإرهاب يمر بمراحل متدرجة من التكوين حتى تصل لشكلها النهائي الانفجاري والدموي، وربما، ومع كثير من التحفظ، تلعب الجينات الوراثية عاملاً في ذلك، إضافة إلى التنشئة الأسرية، والثقافة المدرسية والمجتمعية، والاستعداد الفطري، ناهيك عن الكثير من العوامل السياسية، والاجتماعية والاقتصادية، والأهم من كل هذا وذاك، الشخصية والنفسية، التي تساهم في إنتاج الأنموذج الإرهابي المثالي بنسخته المعروفة لدينا. فليس شرطاً، أن كل من شب في بيئة محافظة ومتدينة وفقيرة هو مشروع إرهابي، كما أنه ليس شرطاً، بأن كل من شب في بيئة منفتحة وغنية هو مشروع لـ "لا إرهابي"، ولعل مثال الثنائي الأشهر بن لادن-الظواهري هو أنصع مثال هنا. ومن هنا فالعملية قد تطلب أكثر من دورة أو مشروع إعادة تأهيل، وربما لا تمنح الوقت الكافي، ضمن ما هو مطروح من تصورات، لإحداث نقلة نوعية وجذرية في بنية الشخص الإرهابي، عقلياً، ونفسياً، ومعرفياً، وسلوكياً. أما موضوع القضاء على الفكر الإرهابي واجتثاث شأفته من مجتمعاتنا الناطقة بالعربية، فتلك قضية بحث مختلفة تماماً، وتتطلب جهوداً وأزماناً، قد تطال أجيالاً قادمة، ستأتي بعد عشرات السنين، نظراً لغربة الفكر التنويري وندرته، وغياب التيارات الحداثية والعلمانية والإنسانية، بشكل عام في مجتمعاتنا، وهيمنة العلاقات الما قبل وطني.
فهل ستفلح إعادة التأهيل تلك، ويقلع هؤلاء عن النزعة الإرهابية التي تأصلت لديهم مجتمعياً، بشكل أولي، ومن ثم تفتحت ورأت النور في ربوع التنظيم الإرهابي الدولي، أم أن من شبّ على شيء شاب عليه، ولا جدوى، بالتالي، لا من التأهيل ولا من إطلاق السراح؟ هذا، بالتأكيد، ما سيتم التعرف عليه لاحقاً، وعن كثب، وإن غداً لناظره قريب؟
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إيروتيك تشاينا
-
مذبحة التاميل: لا نفط عندك تهديها ولا مال
-
لماذا تشوش سوريا على فضائيات المعارضين؟
-
الصحوة الكويتية: لا للإسلاميين ونعم للمرأة
-
ثورة البراقع اللامرئية
-
-أماه: أني أرى الأنشوطة تقترب من عنقي-: القصة الكاملة لإعدام
...
-
إفلاس المعارضة السورية
-
الحرب على الفئران والخنازير
-
من قتل الحريري إذن؟
-
انهيار النظام القضائي العربي
-
الخنازير وأمراضها
-
العدالة المأجورة
-
العرب والتخلف الإليكتروني
-
تحوّلات إيران الكبرى: هل تعترف إيران بإسرائيل؟
-
استقبال الفاتحين الأبطال: عودة نجاد وأردوغان!!!
-
أيُ الوصفات تفيد؟
-
هل دماء ابن لادن شيعية؟
-
فقه الجنس: برامج إباحية، أم وعظية؟
-
اعترافات مصريّة خطيرة
-
القاهرة وحزب الله: من يتهم من؟
المزيد.....
-
144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة
...
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
-
بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|