أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جواد البشيتي - لو كان الفساد رجلاً..!














المزيد.....


لو كان الفساد رجلاً..!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2656 - 2009 / 5 / 24 - 08:47
المحور: المجتمع المدني
    


"لو كان الفقر رجلاً لقتلته!". ربَّما يكون علي بن أبي طالب هو صاحب هذا القول العظيم، فليس لدينا حتى الآن من الأدلَّة المستمدَّة من مراجع وكُتُب التاريخ ما يؤكِّد، أو ينفي، نَسْب هذا القول للإمام علي.

وعَظَمَة هذا القول ليست في نصِّه، وإنَّما في "الضِمْني" منه، والذي أخاله على هيئة العبارة الاستكمالية الاستدراكية "ولكن.."، فالفقر ليس برجلٍ حتى نقتله، وإنَّما "نظام" يُنْتِج، ويعيد إنتاج، الفقر.

وكذلك "الفساد"، الذي نلعنه ونذمه.. ونحاربه، بـ "الحملات" تارةً، والتي في مقدَّمها "الحملات الحكومية لمكافحته"، وبما يشبه الصلوات طوراً، فكلَّما استبدَّ بنا الشعور بالعجز عن مواجهته والتصدِّي له عَظُم إيماننا بالمعجزات، فَدَعَوْنا عليه، وعلى كلِّ أكَّالي السُّحْت، والذي هو ما خبث وقبح من الكسب، فلزم عنه العار، كالرشوة وأخواتها.

"الفساد" ليس برجلٍ.. ليس بوزير أو نائب..، حتى "نقتله"، فقتل البعوض بعوضةً بعوضةً لا يجدي إنْ لم نتوفَّر، في الوقت نفسه، على تجفيف "المستنقع". وإنِّي لأستطيع أن أحامي عن كل فاسِد من معشر الوزراء والنواب.. قائلاً إنَّه لم "يُوْلَد" فاسداً، وإنَّما "أصبح" فاسِداً، فَلْتُولَّوا وجوهكم شطر "الفساد"، بصفة كونه نظاماً ومؤسَّسة.. ونمط عيش (وتفكير).

برودون نَظَر في الثراء والأثرياء، فلم يتعمَّق ويتوسَّع في النظر إلاَّ بما يكفي لتوصُّله إلى "استنتاج سطحي" مؤدَّاه أنَّ "المِلْكيَّة الخاصة (أو الشخصية)" هي "السرقة"؛ أمَّا ماركس فاسْتَنْتَج إذ تعمَّق وتوسَّع في النظر أنَّ هذه المِلْكيَّة ليست "السرقة"، وإنَّما الوسيلة، أو الأداة، للسرقة (بمعناها المختلف عن الشائع والعادي).

و"الفساد"، بصفة كونه "نظاماً"، إنَّما هو في المقام الأوَّل تلك "الوسيلة"، أو "الأداة"، التي بفضلها يتمكَّن هذا أو ذاك أو ذلك من ذوي المناصب والوظائف العامة والحكومية من سرقة ونهب المال العام، و"أكل السُّحت"، والانضمام إلى "طبقة مُحْدثي النعمة"، التي لا نظير لها في سوئها خَلْقاً وخُلُقاً..، ومن (وهذا ما لا يقل أهمية) العيش بلا أدلَّة (صالحة قضائياً) على جرائمه، وكأنَّه في جوف "ثقب أسود"، لا معلومة يمكنها الإفلات من قبضة جاذبيته.

ومع ذلك، يمكن (ويجب) أن تَضْرِب الحكومة، وبيدٍ من حديد، هذا الفاسِد أو ذاك أو ذلك؛ ولكن ليس عملاً بقانون "محاربة الفساد"، وإنَّما عملاً بذاك القانون القديم الذي بموجبه كان يُعاقَب السارق ليس على سرقته وإنَّما على فشله في "إتقان الجريمة الكاملة"، أي على افتضاح أمره!

والفاسِد، في نظام يُنْتِج، ويعيد إنتاج، الفساد، ويتوفَّر على "مأسسته"، لا يُعاقَب على ما اقترف من جرائم الفساد، التي يحيط بها "محاربو الفساد الحكوميون" علماً، وإنَّما على فشله في حجب "الأدلَّة" عن عيون "الرأي العام"، وعن عيون "صُنَّاع الرأي العام"، أو "السلطة الرابعة"، التي يحقُّ لها في بلادنا أن تتَّخِذ من "القردة الثلاثة" شعاراً لها!

ما أكثر جرائم الفساد حين نَعُدها؛ ولكنها في "القضاء" و"المحاكم" قليل، فـ "الفساد" الذي تمكَّن وانتشر وعمَّ وتأصَّل، متحوِّلاً من "الاستثناء" إلى "القاعدة"، بلغ منتهاه، عَظَمَةً وقوَّة وسلطاناً، إذ جَعَل الأدلَّة على جرائمه في بروج مشيَّدة، فلا تُدْركها عيون "الرأي العام" و"السلطة الرابعة"، مع أنَّ المواطنين والصحافة يرون تلك الجرائم كرؤيتهم للنهار، ويرون في المطالبة لهم بالإتيان بأدلة عليها ما يَعْدِل، لجهة معناها ومنطقها، المطالبة لهم بالإتيان على دليل "مُفحِمٍ" على وجود النهار!

لقد خَبِرْنا واختبرنا "دولة القانون"، فـ "المعلومات" التي تملكها الدولة بلا ريب، والتي فيها كل الأدلة والإثباتات على جرائم الفساد، لا يُسْمَح لها أبداً بالوصول إلى عيون وأسماع المواطنين والصحافة، ثمَّ يتحدُّون "المتَّهِمين" من المواطنين والصحافة قائلين "هاتوا برهانكم إنْ كنتم صادقين"، فلا تجريم، في "دولة القانون"، بلا أدلة وإثباتات ووثائق..!

وويل للصحافي إنْ ركب رأسه، وكَتَبَ ونَشَرَ، عملاً بـ "قانون اليأس".. قانون "أنتَ إنْ سكتَّ مُت، وإنْ نَطَقْت مُت، فَقْلْها ومُت".

ويلٌ له، فهو عاين ما يعانيه المجتمع من جرائم الفساد؛ ولكنَّه اتَّهَم بلا أدلة وإثباتات ووثائق..، فأصبح مُتَّهَماً بجريمة تقشعر لها الأبدان، مستحقَّاً عليها أشد عقاب!

إنَّ عليه، بدلاً من ذلك، أن يؤمِن بمعجزة أنَّ الراتب الوزاري أو النيابي.. هو وحده المال الذي ما أن تَقْبض عليه "يد مبارَكة" حتى يكثر ويتكاثر، فتغدو "الملاليم" منه "ملايين"!





#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في -فوضى الفتاوى-.. كاد يُحرَّم الحلال ويُحلَّل الحرام!
- ما يردع إسرائيل عن مهاجمة إيران!
- -جمود تفاوضي- حتى نهاية العام الحالي!
- -ساعة الحقيقة- في البيت الأبيض!
- السياسة في فضائها المنحني!
- عندما نتبادل مع إسرائيل القلق من إيران!
- لعبة ضارة تدعى -التدليس اللغوي-!
- مُثَلَّث أوباما!
- -عباريم- تَحُدُّه -الأوهام- غرباً و-الحقائق- شرقاً!
- ردٌّ من جواد البشيتي على ما نُشِر من تعليقات على مقالته -ويس ...
- ويسألونكَ عن -الجاذبية-..!
- أغْمَضوا أعينهم فرأوا -غموض- نتنياهو!
- ثقافة -الانحطاط الثقافي-!
- صحافتنا مصابة ب -أنفلونزا الرقابة الذاتية-!
- -أنفلونزا الخنازير- أم -أنفلونزا الرأسمالية-؟!
- -الشيزوفرينيا السياسية الفلسطينية-.. داء أم دواء؟!
- قنبلة صوتية من نوع -سيداو-!
- في فِقْه -السلام الاقتصادي-!
- نتنياهو في منتصف الطريق بين -لا- و-نعم-!
- حتى لا يتحوَّل العرب إلى -أقلية قومية-!


المزيد.....




- تصويت تاريخي: 172 دولة تدعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير
- الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا روسيا بشأن مكافحة ت ...
- أثار غضبا في مصر.. أكاديمية تابعة للجامعة العربية تعلق على ر ...
- السويد تعد مشروعا يشدد القيود على طالبي اللجوء
- الأمم المتحدة:-إسرائيل-لا تزال ترفض جهود توصيل المساعدات لشم ...
- المغرب وتونس والجزائر تصوت على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام وليبي ...
- عراقجي يبحث مع ممثل امين عام الامم المتحدة محمد الحسان اوضاع ...
- مفوضية اللاجئين: من المتوقع عودة مليون سوري إلى بلادهم في ال ...
- مندوب ايران بالامم المتحدة: مستقبل سوريا يقرره الشعب السوري ...
- مندوب ايران بالامم المتحدة: نطالب بانهاء الاحتلال للاراضي ال ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جواد البشيتي - لو كان الفساد رجلاً..!