أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - مازن كم الماز - في نقد النزعة الإنسانية














المزيد.....

في نقد النزعة الإنسانية


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 2653 - 2009 / 5 / 21 - 09:51
المحور: حقوق الانسان
    


لا بد من استخدام مطرقة كبيرة جدا لتحطيم الأصنام الجديدة التي بناها أصحابها لتحل مكان الأصنام القديمة , لا بد من إزالة تلك الهالة المقدسة القديمة الجديدة التي يريد الكهان الجدد أن يضعوها حول أصنامهم الجديدة , لا بد من تمزيق القناع السحري الأسطوري الذي تضعه الخطابات الأصولية أو ما تسمى بالحداثية على وجهها لتجعلنا نصدق و نؤمن بوجود دين جدير بالإتباع أو إله ما في مكان ما جدير بالعبادة , المقصود هنا هو أسطورة الإنسان ذاتها التي أعلن فوكو عن سقوطها بموت صاحبها كما روجت لها الحداثة البرجوازية , إن المقصود هو فكرة التقدم البشري نفسها نحو نهاية ما للتاريخ , نحو سادة نهائيين للعالم , نحو أصنام لا يمكن لأي نبي قادم تحطيمها , نعم من المؤكد أن هناك شكل ما من التقدم باتجاه فهم أفضل للعالم و ربما لتواجد إنساني أكثر غنى , لكنه ليس تقدما غائيا و لا حتميا , بمعنى أنه يجري على شكل قفزات و ليس بشكل خطي مستقيم , و الأهم من ذلك أنه ليس باتجاه هدف أو غائية ما , إنه في الأساس يخضع لقانون الاحتمالات و ليس لقوانين حتمية , و من هنا فقط يمكن الحديث عن مصدر لحرية إنسانية ما في صنع التاريخ مع تقدم الوعي الإنساني الفردي و الجمعي , ليس على التوافق مع حتمية ما يجب فهمها و تقديسها , بل على الضد من احتمالات معادية بشكل واع بالضرورة , إن الزعم بأن هذا التقدم أدى و يؤدي مثلا إلى هذه الثقافة الراهنة من حقوق الإنسان ساقط بالضرورة و تفرضه فقط قوة السلطة العالمية الراهنة السياسية و العسكرية و تفوقها التقني و المعرفي , ما تزال القوانين الرومانية تدرس حتى الآن في كليات الحقوق في العالم و يمكن اعتبارها تطورا حقيقيا في القوانين البشرية الوضعية , لكن مشاهد القتال بين العبيد حتى الموت , أو التهامهم من قبل الوحوش الكاسرة , مثلت التسلية الأساسية للطبقة الأرستقراطية في الإمبراطورية , هكذا كان التعايش بين تلك القوانين و بين وضعية العبيد في روما , ربما كانت القرابين البشرية أيضا جزء من طقوس الهنود في حضارة المايا و غيرها , لكنها كانت ذا طبيعة دينية على الأقل و لم تجر بكل بساطة في سبيل تسلية السادة , كما هو الحال في كل مكان هناك دوما أفضلية للبدائيين في مواجهة المتحضرين أو المتمدنين , و لم يكن المغول وحدهم من استعمل العنف المنفلت ضد خصومهم أثناء فتوحهم , كان حجم المجازر يتوقف على مقاومة الشعوب المغلوبة و ليس على درجة الشعور الإنساني عند الفاتحين , و حتى اليوم تعتبر الفتوحات , أو احتلال أراضي الغير و نهبها شكل مشروع من أشكال الحصول على الملكية الخاصة و استثمارها , لم يكن قتل الإنسان أو التضحية به نتيجة فقط لبدائية تلك الأقوام , بل كان في الحقيقة نتيجة لظهور الذهب كتجسيد نهائي للملكية الخاصة , لقد ولد الجشع الذي لا يرضيه أي مقدار ممكن من الذهب , لم يكن الصليبيون الذين احتلوا القدس في القرن الحادي عشر أو الإسبان الكاثوليكيون الذي ذبحوا أعدادا لا تحصى من الهنود الوثنيين سعيا وراء الذهب أقل همجية من خصومهم المسلمين أو الوثنيين , الذهب كان كافيا لتبرير كل هذه الدماء , و في أحيان أخرى الأخلاق , أو الصيغة السائدة منها , التي تخدم القوة السائدة بالضرورة , في الطقوس الإسلامية هناك طقس همجي يمارس جماعيا هو طقس قتل الزاني و الزانية رجما بالحجارة حتى الموت , يتجاوز هذا الطقس سائر الطقوس بما فيه من دموية و مشاركة جماعية في فعل القتل نفسه و وسيلة القتل ذاتها , ما دامت المرأة هنا تعامل كملكية خاصة لا يحق سوى لسيدها الاستمتاع بها بغض النظر عن إرادتها , أما في القرن الماضي فقد قضى مئات ملايين البشر في ساحات المعارك و معسكرات الاعتقال في جنون غير مسبوق في تاريخ البشرية على هذه الأرض , كان الموضوع هو تحرير الإنسان كما زعم يومها , يكفي أن نذكر هنا كيف جرى "القضاء على النازية و العسكرية اليابانية" , في بلادنا انتهى تحرير الإنسان أولا إلى الرعب المرتبط باسم صدام و عبد الناصر و الأسد الأب ثم إلى الرعب الذي ارتبط بفرض الديمقراطية بالأساطيل و بمقاومة الاحتلال على السواء , تفتح اليوم كل نشرات الأخبار بقصص مجازر جديدة يرتكبها حراس الفضيلة الأصوليون أو الأساطيل التي تمثل الحداثة البرجوازية , أليس من السخرية بعد كل ذلك الحديث عن أي شيء يتعلق بحقوق الإنسان أو حتى بالإنسان في عالم كهذا , الطريقة التي جرى بها اكتشاف الإنسان في نطاق ما عرف بعصر الأنوار جديرة فقط بالاحتقار بقدر ما تحتقر هي الإنسان الفعلي , تماما مثل الطريقة التي يفرض من خلالها رجال الدين على البشر أن يصبحوا بشرا وفقا لمشيئة و أوامر و نواهي إله هم وحدهم يعرفون أين يوجد و ماذا يريد و لماذا خلق البشر , تماما كالطريقة التي يكرم فها رجال الدين المرأة و الإنسان بتطويب تحويلهم إلى ملكية خاصة بزيتهم المقدس و الإصرار على أن يكون عبدا أو مملوكا مخلصا غبيا لسادته , بينما يتساءل من يريد أن يبيعنا بعض الأصنام الكاسدة : أحقا لا تريدون صنما تعبدونه , أتطيقون أن تعيشوا دون وهم , سراب , يمنحكم بعض العزاء , كي نموت مطمئنين في معارك القتلة , فحتمية القتلة لا تترك مجالا للناس كي يختاروا بين الموت و الحياة ,



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (2)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقد نقد الماركسية و القومية السائدة سوريا
- محاولة لتعريف الأناركية
- في ذكرى رحيل نزار قباني :الشاعر و الزعيم
- في مواجهة قانون الأقوياء
- شيطنة الأصولية
- الشيوعية -التحررية- : لا ديكتاتورية , بل أقصى حرية للمنتجين
- ما بعد خروج الإخوان السوريين من جبهة الخلاص
- الإله و الإنسان
- النخبة , السلطة , المجتمع , و النهضة و الحرية
- المشهد الأوبامي
- العولمة في منظور جون بودريار
- القداسة بين الإسلام السياسي , السلطة , و مفهوم الحرية الإنسا ...
- أكثر عن رأسمالية الدولة 2
- لا ضحايا و لا جلادين لألبير كامو
- من كتاب كورنيليوس كاستورياديس : المجالس العمالية و اقتصاديات ...
- أكثر عن رأسمالية الدولة
- دعوة لتشكيل جمعية أو لجنة للدفاع عن حقوق العمال السوريين في ...
- ما الذي تفعله عندما تخسر عملك أو منزلك ؟
- لينكون في مئويته الثانية
- لا حاجة لتكريس سجننا , المطلوب هو فقط تحطيمه


المزيد.....




- الضفة الغربية: نزوح جماعي وهدم واسع للبيوت في مخيمي نور شمس ...
- تبادل مئات الأسرى العسكريين بين روسيا وأوكرانيا
- ليبيا.. اللجنة الاستشارية تسلم تقريرها النهائي لبعثة الأمم ا ...
- السعودية.. الداخلية تعلن إعدام مواطن -اغتصب حدثًا واعتدى علي ...
- رئيس غانا يفرض عقوبات صارمة على وزرائه في حملة موسعة لمكافحة ...
- مسؤول في الجيش الإسرائيلي: -حماس- قد تصبح أكثر عنفا تجاه الأ ...
- قتلوا زوجي وثلاثة من أبنائي واختفى زوج ابنتي
- سوريا.. اعتقال عقيد سابق بالنظام المخلوع متورط بـ أحداث السا ...
- نظارة ذكية لمساعدة المكفوفين في تحسين حياتهم اليومية
- الاحتلال يمدد اعتقال الصحافي سعيد حسنين


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - مازن كم الماز - في نقد النزعة الإنسانية