أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - منير شحود - عن الأستاذ الجامعي مرة أخرى















المزيد.....

عن الأستاذ الجامعي مرة أخرى


منير شحود

الحوار المتمدن-العدد: 811 - 2004 / 4 / 21 - 04:37
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


(تعقيب على حديث السيد وزير التعليم العالي لنشرة "كلنا شركاء..")
بداية, لا بد من القول أن محبتي لمهنة التعليم, وقد مارسته في المدارس مذ كنت طالبا في كلية الطب بجامعة دمشق, إلى جانب أعمال أخرى متنوعة, كانت الدافع الرئيس في توجهي لدراسة اختصاص تشريح الإنسان, كأحد أهم العلوم الطبية الأساسية. وكنت أعتقد أن امتهان التعليم الجامعي سيؤمن لي الحد الأدنى لحياة كريمة, تمكنني من التفرغ لمهنة التدريس, أجلّ المهن وأنبلها.
وكنت دائما فخورا بأساتذتي في جامعة دمشق, أحترمهم وأقدرهم, ومنهم الأستاذ الدكتور محمود أبا زيد, رحمه الله, الذي تعلمت منه روعة التواضع الإنساني, وكيف يكون الإنسان طبيبا, وقد شاء القدر أن نجتمع في الغربة بحثا عن لقمة العيش الكريمة, فصرنا أصدقاء.
ومنهم أيضا الأستاذ الدكتور إياد الشطي وزير الصحة, ومازالت محاضراته محفوظة في ذاكرتي, رغم مرور أكثر من عشرين عاما.
ومنهم أيضا الأستاذ الدكتور هاني مرتضى وزير التعليم العالي, الذي سأناقش سيادته في بعض النقاط التي جاءت في مقابلته المنشورة في نشرة "كلنا شركاء في سوريا" بتاريخ 8/4/2004.
في رده على السؤال المتعلق بالمقارنة بين خريجي الدول الاشتراكية سابقا والدول الغربية, وضع السيد الوزير المشكلة في إطارها الصحيح؛ فالأمر يتعلق بالأستاذ الجامعي ذاته, بصورة رئيسة, وبقدرته على تطوير نفسه, كما قال. وبالفعل, فإننا نجد الأساتذة المتميزين, الذين تخرجوا من الدول الاشتراكية أو الغربية, على حد سواء, كما نجد بالمقابل من لم يستطع تطوير مقدراته من كلتا المدرستين. ومع ذلك لا نستطيع أن نغفل ظروف الفساد التي رافقت تحلل دول الكتلة الشرقية, مع أن أثر هذه الظروف لم ينعكس على دراسة المعيدين بدرجة كبيرة, والذين تحولوا إلى أساتذة, باعتبار أن هؤلاء كانوا غالبا من المتفوقين, بقدر ما انعكس على من كان يدرس الدراسة الجامعية الأولى, وجل هؤلاء من الذين أوفدوا للدراسة في بعثات جبهوية وحزبية, وقد استفاد معظم هؤلاء, على حساب بلدهم, من ظروف الفساد, فتحولوا إلى تجار في رحلات مكوكية, يحسدهم عليها السيد كيسنجر من حيث النتائج والمكاسب!. وكانت الدراسة من بين اهتماماتهم, إن لم تكن آخرها. ومن عمل في التدريس من هؤلاء أو أولئك, صار يتصرف بمنطق التاجر, فكانوا أحفادا حقيقيين لفنيقيينا ذائعي الصيت!.
وعند إجابته على الأسئلة المتعلقة بالوضع المادي للأستاذ الجامعي, يثبت السيد الوزير أنه يجيد فن البروبوغاندا, كوزير في حكومة, انتظرنا منها الكثير, وتحقق أقل القليل. يقول السيد الوزير: ".. لا يمكن أن نقارن راتب الأستاذ الجامعي في سورية، وهو بلد مواجهة يقف في وجه إسرائيل، اضطر أن يخصص 70% من إمكانياته الاقتصادية لسنوات طويلة لتكوين جيش يدافع عن البلد أمام خطر مستمر، وهذا بمجمله انعكس سلباً بشكل أو بآخر على سوية الرواتب في سورية بشكل عام، بالتالي على راتب أساتذة الجامعات أيضاً،..". لن نناقش السيد الوزير في مدى دقة النسبة السابقة, أو أنها كانت السبب الرئيس لتردي الوضع المعاشي للأستاذ الجامعي وغيره من المواطنين, وأحب أن أترك هذا الجانب إلى من يفهم في الاقتصاد أكثر مني بكثير!.
وفيما يتعلق بوضع الكتاب الجامعي, يشير السيد الوزير إلى الزيادة التي حدثت على مكافأة تأليف الكتب الجامعية. هذا جيد بالطبع, بيد أنه لن يُحدث تحسنا ملموسا في الوضع المادي للأستاذ الجامعي, باعتبار أن تأليف الكتاب غالبا ما يكون بالمشاركة, وقد تمر سنوات قبل تتوافر فرصة المساهمة في تأليف كتاب جديد.
إن المشكلة الرئيسة, برأينا, تتمثل بقانون التفرغ, الذي ساوى بين من يعمل ومن لا يعمل, ويذكرني ذلك بنظام المرتبات الذي كان معمولا به في البلدان "الاشتراكية" السابقة. والمشكلة ,أيضا, في الطريقة التي طُبق فيها القانون, عندما صدر منذ سنوات كثيرة, واحتساب تعويض التفرغ 200% على أساس الراتب المعتمد عند صدور القانون وليس الراتب المتحرك الفعلي, ما جعل نسبة الـ 200% من الناحية العملية تنحصر بحدود 50 – 75% لا غير!.
إننا نسمع عن إصلاح هذا الخلل البين في تطبيق القانون منذ أكثر من عشر سنوات, على أمل أن نكحل عيوننا بتطبيقه في القريب العاجل, مع أنه لن يحدث انقلابا في حياة الأستاذ الجامعي, الذي مازالت فرص العمل في الخليج, على قلتها, الأمل الوحيد في توفير حد مقبول من الدخل, يمكنه من التفرغ للعلم.
ونتساءل, وتساؤلنا هذا موجَّه للقضاء السوري, ألا يمكن مقاضاة من طبق قانون التفرغ بهذه الطريقة؛ أي احتساب التفرغ تبعا للراتب المعمول به منذ أكثر من 25 سنة, والمطالبة بالتعويض المادي, المترتب عن عدم احتساب التفرغ تبعا للراتب المتحرك؟!.
وكما قال السيد الوزير, فإن معرفة اللغة الإنكليزية أصبحت أمرا مفروغا منه للدخول إلى عالم العلم والتقانة. ولكن, لا يمكننا إغفال الجانب المتعلق بقلة الحوافز المتعلقة برغبة الأستاذ في تطوير نفسه؛ بسبب البحث عن لقمة العيش, والأسلوب "الاشتراكي" في الإدارة, الذي لا يعطي عمل الأستاذ الجامعي وجهده الأهمية التي يستحقها. فالتعويضات, تبعا للجهد والعمل, تكاد تكون معدومة. فلا يتقاضى الأستاذ شيئا عن الساعات الإضافية, مهما بلغت. وتحل المشكلة ببساطة: أنت متفرغ! بمعنى آخر ستتقاضى راتبك, في كل الأحوال!. ولنضرب مثالا بالملموس: يقوم كاتب هذه السطور بتدريس مقررين بالمشاركة, وثلاث مقررات بمفرده, اثنان منهما لا يتعلقان باختصاصي, إنما أدرسهما اجتهادا, وحلا لمشكلة, وتوفيرا على الجامعة!. ويمكن أن يتصور المرء أن هذه المقررات, وهي من العلوم الطبية الأساسية, تشكل عشر (1/10) المقررات الطبية مجتمعة, وإذا استثنينا المقرر الذي أدرسه في جامعة أخرى (حلب), فإنني لا أتقاضى قرشا واحدا مقابل ذلك!.
إن الوضع المادي للأستاذ الجامعي السوري أصبح أشبه بفضيحة, نخاف التطرق إليها خشية العار!. وإن حوالي 90% من الأساتذة الذين حصلوا على مساكن في جامعة تشرين لا يستطيعون سداد أقساطها, التي كانت تزيد عن كامل المرتب, وبلغت ضعفه في بعض الأحيان, عند استلام المساكن. ألا يشكل مثل هذا الأمر قلقا دائما مخافة إخلاء هذه المساكن في أية لحظة, وبقوة القانون؟!.
وعندما سُئل السيد الوزير عن "وجود توجه سياسي بتحديد دور الجهات الوصائية في التدخل في الأمور الفنية تحديدا والكفاءات العلمية,..", رفض السيد الوزير, جملة وتفصيلا, وجود أية إزعاجات أو ضغوطات, إطلاقا, فقال:" الحقيقة ينظر إلى الموضوع بشكل غير سليم 100% ..". وأنه, ومنذ زمن طويل, لم يجد السيد الوزير أية مشكلة في التعامل مع الجهاز الحزبي في الجامعة, مذ كان مديرا لمشفى الأطفال, وحتى تاريخه. إن مثل هذا التعاون أمر جيد, وقد حدثت تطورات إيجابية بهذا الخصوص في السنوات الأخيرة, مع أنها لم تكن جوهرية, لجهة وضع معايير متعددة للتقييم. لكن الحديث عن عدم وجود مشكلة في التعيينات , الحالية منها والسابقة, ربما يكون نابعا من تجربة شخصية للسيد الوزير, وليس معيارا يمكن سحبه على كل الحالات؛ وإلا لما كانت صدرت القرارات المتعلقة بتحديد دور الحزب في التعيينات العلمية!.
ويضيف السيد الوزير: " .. والشعب لابد أن يضحي بشكل أو بآخر، إن كان أستاذاً في الجامعة أو تاجراً أو عاملاً، هذا ثمن يتوجب علينا أن ندفعه في ظروفنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي نتعرض لها، وهذه التضحية من الممكن أن تكون ضمن الحدود التي نحافظ فيها على سوية وكرامة أستاذ الجامعة، بشكل لائق، وأعتقد أن الدولة تتفهم هذا الأمر، ونأمل خلال الأسابيع القادمة وليس الأشهر أن نحصل على موافقة مجلس الوزراء على قانون تنظيم الجامعات الذي يعطي الأساتذة بعضا مما يستحقونه.".
وأشار السائل, بحق, إلى أن بناء سوريا قوية, لا يمكن أن يكون دون وجود كادر مؤهل وعلمي وخبير, بُناته أساتذة الجامعات, وهو من صلب المواجهة مع "إسرائيل". وقد أكد السيد الوزير على ذلك فقال: " بالتأكيد وهذا ما أكد عليه السيد الرئيس بشار الأسد، من خلال زيادة ميزانية التعليم العالي بشكل ملحوظ جداً خلال السنوات الأخيرة، ودعم التعليم العالي بكل توجهاته، والحقيقة إن سورية تمر بفترة ذهبية لأنها برئاسة شاب متفتح وعالم بكل معنى الكلمة، وخريج جامعاتنا ومختص بأحد الدول الأجنبية المتقدمة في بريطانيا، ويعلم تماماً عمق ما تعنيه كلمة تطوير التعليم في بلد مثل سورية، وأنا متفائل جداً بدعم السيد الرئيس وتوجيهاته، لكن يجب علينا أن نعترف أن الدعم ضمن حدود إمكانيات البلد، ولا يمكن أن نطلب المستحيل، وإنما نطلب الشيء القابل للتطبيق، وحتى الآن لم نطلب شيئاً للتعليم العالي إلا وحصلنا عليه ونحن نشكر القيادة السياسية والسيد رئيس الجمهورية لهذا التعاون.".
يجيء وزراء ويذهب آخرون, وتبقى الحال على ما كانت عليه. ومن كثرة ما تحدّث وزيرنا السابق عن الجامعة الافتراضية والتعليم الافتراضي, وحلّق عاليا فوق جامعاتنا الأساسية الأصيلة, كاد أن يسحرني, فخلت أنني أتبع وزارة افتراضية بالفعل!.
وحتى يخرج قانون تنظيم الجامعات المنتظر منذ مدة طويلة إلى النور, نقول للسيد الوزير بأن الشعب السوري ضحى بالكثير, ولم يبخل بالدم أو المال, ومع ذلك فهو يشاهد بأم عينيه ثروات بلاده, وهي تتجمع في أيدي فئة قليلة, لم تقدم للوطن أكثر مما قدمه باقي المواطنين. كرَّم الله وجه عليّ بن أبي طالب, عندما قال: "ما مُتِّع غنيّ إلاَّ بما أُخذ من عنق فقير".



#منير_شحود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قومجة وأمركة ومقاومة
- كيف ينصر بعض السوريين -عراقييهم-؟!
- -الرجل المريض- عربيا
- قدر العراق أن يكون الأنموذج, فهل يكونه؟
- أشباح يحرسون الخطوط الحمر
- التعليم الجامعي في سورية... آلام وآمال
- مأسسة الأمن, أم أمننة مؤسسات الدولة؟
- مبادئ التربية الجنسية
- الصحة الجنسية
- خمسة جنود صهاينة مقابل بيضتين!
- الحجاب والاحتجاب من منظور تطوري
- المشروع الجيني البشري
- الاستنساخ: أنواعه وآفاق تطبيقاته
- في سوريا تخمة وطنية وسقم ديمقراطي
- بعيدا عن الواقع... ومن أجله
- نقد ذاتي وغيري
- تحية لصديق جديد
- بين ثقافة الاستشهاد و-عقيدة- الانتحار
- مثقفو وشعب... حبيبتي سوريا
- تقاسيم على وتر الخوف


المزيد.....




- سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي: ...
- أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ ...
- حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال ...
- -أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
- متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
- الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
- الصعود النووي للصين
- الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف ...
- -وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب ...
- تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - منير شحود - عن الأستاذ الجامعي مرة أخرى