|
قراءة في نتائج إنتخابات الكويت: صعود المرأة وتراجع التيار السلفي المتشدد ونصيحتى لإسلاميي الكويت!!
أيمن الهاشمي
الحوار المتمدن-العدد: 2652 - 2009 / 5 / 20 - 08:49
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
د. أيمن الهاشمي كاتب اكاديمي عراقي
لابد من إعادة النظر في موقفكم من المرأة واستفيدوا من تجارب اسلاميي مصر والاردن والعراق وتركيا
الأنتخابات التي شهدتها الكويت أخيراً جاءت تتويجا لتجرية ديمقراطية رائدة في المنطقة، إذ تنافس 210 مرشحا من مختلف الأتجاهات (من بينهم 16 إمرأة) على خمسين مقعداً هي مقاعد مجلس الأمة، وجاءت الأنتخابات وسط شحن تنافسي شديد ليس غريبا عن أجواء الأنتخابات، وبخاصة في بلد مثل الكويت يتمتع بالحرية الكاملة، وبعد ثلاث سنوات من خلافات متكررة بين النواب (أو بالأحرى بعضهم) وبين الحكومة، مما أدى إلى إجبار خمس حكومات على الإستقالة، وأسفرت عن حل البرلمان لثلاث مرات، ولاشك أن هذه الأزمات السياسية المفتعلة، أثّرت بشكل أو بآخر على مسيرة مشروعات التنمية وعلى انصراف جهد الدولة لحسم المشاكل الأكثر أهمية وضرورة، وبات الناخب الكويتي يتطلع الى الاستقرار السياسي اكثر مما يهتم بالتجاذبات بين الجهازين التشريعي والتنفيذي، من أجل إعلاء المصالح العليا لعموم الشعب الكويتي فوق التجاذبات السياسية ضيقة الأفق، ويقف في مقدمة أولويات الشعب الكويتي تحقيق الاستقرار السياسي كي تواصل التنمية الشاملة مسيرتها في تؤدة وثقة ونجاح. ولعل النتائج التي آلت اليها الانتخابات، والتي ربما اعتبرها البعض مفاجأة من العيار الثقيل، لكنها في نظر كثيرين، كانت طبيعية ومتسقة مع تطور الأحداث وتطور المجتمع الكويتي ومزاجه الإنتخابي ورسوخ التجربة الديمقراطية التي صارت مثالا يقتبس منه لغيرها من التجارب. فالمرأة الكويتية شقت طريقها بصعوبة لتنال حقها من خلال ماحققته الديمقراطية الكويتية الشفافة من ايصال اربع نساء الى مقاعد مجلس الأمة بإستحقاقهن الفعلي وليس بالكوتا! ولكن الذي فاجاني ان يشار لاحداهن على انها (شيعية!!) وانا اعتقد انها بذاتها تستنكر هذا التصنيف الطائفي المقيت لانها كويتية اولا وليبرالية ثانيا!! وإذا كان البعض يشير الى (صعود وهبوط، تقدم وتراجع) لبعض القوى والتيارات من سلفية وليبرالية وشيعية وقبلية بما يغيّر من صورة الخارطة السياسية الكويتية، إلا أن ذلك أمر طبيعي يثبت حالة الحراك السياسي، وتطور وعي الناخب الكويتي. لكن الخشية كل الخشية من أن تتحول هذه التقسيمات الى تغليب للهويات الفرعية او المذهبية على الهوية الوطنية، في اطار الاستقطاب الطائفي الذي تُنميّه وتغذيّه اطراف لاتريد الخير لشعوبنا واوطاننا، كما ان الخشية من تحوّل النزعات القبلية والمذهبية الى عنصر اعاقة لمساعي تعزيز اللحمة الوطنية ومساعي تغليب هوية الأنتماء للوطن على هوية الأنتماء الفرعية مهما كان لونها وطيفها!.. ولعل قادم الأيام يقود البلاد نحو مزيد من التمكين السياسي وتصعيد نوازع الانتماء للوطن على نوازع الانتماء الفرعي، وان تتوحد الجهود لدعم تشكيل حكومة وطنية تتمتع بالقوة والارادة والكفاءة والمقدرة وترتقي الى مستوى طموحات الشعب، في دفع عجلة التنمية الاقتصادية بقوة الى امام، واجراء الاصلاحات اللازمة، والتمتع بالشفافية الكافية التي تمنع اي (مسعى تأزيمي) من أي طرف كان، وان تكون حكومة محاسبة ذاتية، قبل ان تكون خاضعة لمحاسبة البرلمان. لقد كانت مؤشرات تغيير 16/5/2009 متطابقة مع مزاج الناخب الكويتي وتطلعاته، ورغبته في تجاوز الأزمات السابقة وعدم تكرارها، والأمل في أن تولد سلطة تنفيذية تتوافق مع هذا المزاج وتطلعاته ومع دواعي التغيير التي أحدثها في البنيان السياسي وتركيبة المجلس. نصيحتي للأخوة الإسلاميين!! أما بالنسبة إلى الأخوة الإسلاميين الكويتيين، فإني أقدم لهم النصيحة لله صادقاً في أن لا يعتبوا على الناخب الكويتي ولا على المزاج العام، ولا يرموا باللوم على أحد ولا يصوروها (مؤامرة!!)، بل أقول ناصحاً عليهم مراجعة أنفسهم وتفحص نقاط الخلل في الأداء واسباب التشنج في اتخاذ المواقف التي أدت الى عزوف الناخب الكويتي الحر عنهم. فقد خسرت المجموعتانِ الرئيسيتانِ من الإسلاميين معظمَ المقاعد التي كانتا تسيطران عليها في البرلمان الْمُنْحَلّ، بعد أن فاز "التَّجَمُّع السلفي الإسلامي" بمقعَدَيْنِ، مقابل أربعةِ مقاعد كان يسيطر عليها في البرلمان السابق، بينما فازَتِ "الحركة الدستورية الإسلامية" الْمُنْبَثِقَة عن الإخوان المسلمين بمقعدٍ واحدٍ، مُقَارَنَةٍ بثلاثة مقاعد في البرلمان السابق، وهكذا تراجَعَتْ قوةُ الإسلاميين السُّنَّةِ ومُؤَيِّديهم من 21 مقعدًا في البرلمان السابق إلى 11 في البرلمان الحالي. فموقفهم المتشنج تجاه المراة ودخولها البرلمان وفتواهم بخصوص خوض المرأة الانتخابات باعتباره "غيرَ جائز شرعًا" على أساس أنّ الولايةَ العامةَ لا تجوز للمرأة؛ حيث اعتبرتِ الْمُرَشَّحَاتُ أن الفتوى التي تَحْرِمُهم من الترشُّحِ لها أهداف سياسية، وكان على إسلاميي الكويت أن يستفيدوا من تجارب أقرانهم إسلاميي مصر والأردن والعراق، ولا أظن أن الإسلاميين الآخرين على خطأ وإسلاميو الكويت على صواب!! كما أن كثيرا من المراقبين لاحظوا أنّ التيار الإسلامي افتقد الشعاراتِ الدينيةَ القويةَ التي كانت تميّزه في الانتخابات السابقةِ التي تَخْتَزِلُ وتُحَدِّدُ مواقِفَهُ من القضايا المختلفة، فالإخوان المسلمون لم يخوضوا الانتخابات تحت لافتاتهم التقليدية، بل وأعلن بعض أعضائهم الاستقلال عن التنظيم، كما كان الأداء السلفي في الانتخابات غيرَ قَوِيٍّ بعد أن خاض الْمُرَشَّحُون السلفيون الانتخاباتِ بمناطق محددةٍ، ليس للقبائل تأثير فيها. ويُرْجِعُ المراقبون أيضًا تراجع الإسلاميين في بعض جوانبه إلى جمود وعدم تجديدٍ في الخطاب الدِّعَائي، وفي الأفكار السياسية، فكان الكلام متشابهًا ومُكَرَّرًا إلى درجة كبيرةٍ. لقد كان دخول الإسلاميين البرلمان الكويتي نجاحٌ كبيرٌ لهم ولأطروحاتهم، ولم يستطع أحد أن يوجه لهم تهمة السعي اتغيير النظام كما هو حال إسلاميي مصر أو الأردن أو سوريا، لأن النظام البرلماني الحر في الكويت والذي كان لهم دور في ترسيخه وبناءه وتعزيز تجربته، يتيح لهم ولغيرهم قَدْرًا من الحرية أكبرَ مما تُتِيحُه دولٌ عربيَّةٌ أخرى، فهم يريدون التأثيرَ على المناهج التعليميةِ بالمدارسِ، وسيادةَ المفاهيم الشرعية في الواقع الاجتماعي، وضَبْطََ الدَّوْرِ النسائي السياسي والاجتماعي شرعيًّا، والدفاعَ عن توفير الدَّعْمِ للمواطنين، فالإسلاميون هم الأكثر تنظيمًا؛ حيث يحاولون تجسيدَ أنفسهم في صورةِ مَنْ يدافعون عن الطبقات الدنيا والوسطى، وقد كانوا دائمًا في البرلمان، إلى جانبِ رجال القبائل، القوةَ المحركةَ لإقرارِ مشاريع القوانين والميزانيةِ، وكانوا أصحاب دور في التأثير بالقرار السياسي، لذلك لابد أن يشعر الإسلاميون بحجم الخسارة من تقليص دوْرِهِم، بل ووجودِهِم في البرلمان؛ حيث مركزُ صنع القرارِ والسياساتِ والتأثيرِ في المجتمع. إن على الإسلاميين أن يعقدوا جلسات مصارحة مع مؤيديهم ومع من تخلوا عنهم وانصرفوا لغيرهم للبحث في أسباب هذه الأخفاقة ومعالجة مسيرتهم واعادة موقفهم من مشاركة المرأة مستفيدين من تجارب اقرانهم في الدول العربية وتركيا، وان يعملوا على إدخال المرأة في تنظيماتهم المستقبلية، وأن يقروا لحق المرأة في الأنتخاب والترشيح وعضوية المجلس وتولي منصب الوزارة ، لأنهم بذلك يعيدون الأعتبار لأنفسهم ولجمهورهم الذي خذلهم.
#أيمن_الهاشمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أوقفوا مجازر الإعدام التعسفي: لهذه الأسباب أطالب بإيقاف الإع
...
-
هَلْ سَيُلدغ العراقيون من جُحْرِ التزوير مرّة اخرى؟
-
لماذا -يخافون- من تسليح العراق؟
-
آخر هلوسات نجاد المحروس بالمهدي المنتظر: اكذوبة محاولة اغتيا
...
-
لابد من إعادة تأسيس وهيكلة الشرطة العراقية وإبعادها عن الطائ
...
-
مبروك ياعراقيين صار عندكم شرطتين بدلا من شرطة واحدة!!
-
ماذا بعد فضيحة -كوبونات- جيش الإحتلال الأميركي في العراق
-
حقوق الإنسان في العِرْاقُ بَيْنَ عَصْرَيْنِ؟ ماالذّي تَغَيَّ
...
المزيد.....
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح
...
-
أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202
...
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|