اسماعين يعقوبي
الحوار المتمدن-العدد: 2651 - 2009 / 5 / 19 - 09:03
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
السيد الوزير المحترم
لقد خصصت الكثير من الوقت لإعداد هذه الدراسة ووضعها بين أيديكم لكن ليس عبر البريد لا السريع ولا المضمون, وإنما عبر الانترنيت. قمت بهذا الإجراء ليس رغبة مني في ان يطلع عليها الجميع وان كان ذلك سيحدث ، وإنما حفاظا على أموال الشعب. إذ من الممكن ان تلتقطها لا قدر الله يد غير نظيفة وما أكثرهم وتبيعها لجهات وخبراء أجانب أو مغاربة ليعيدوها إليكم بعد ذلك مكتوبة بالفرنسية أو الإنجليزية ومختومة ب " كأبينبي انتير ناسيونال لإعداد الدراسات التقنية للحد من حوادث السير " وذلك مقابل مبلغ قد يعطل ميزانيتكم ويرهنها لحين انتهاء ولايتكم وولاية من سيخلفكم في تلك الوزارة لتخلفوه انتم في وزارة أخرى مما سينتج عنه بعض التشنج الذي سيؤثر على الأداء الحكومي لحكومة 2012 .
/ الوضعية الحالية :
تتميز الوضعية الحالية في المغرب بما يلي:
1- عدم تغطية الطرق المعبدة لجميع التراب الوطني مما يفتح المجال أمام الخطافة الصغار الذين يسترزقون من أعمال الخطافة الكبار الذين خطفوا ميزانية الطرق.
2- الطرق المعبدة لا تصلح في مجموعة من المواقع لمرور السيارات والحافلات بفعل اهترائها وعدم صيانتها وطرق إعدادها حيث يعمد المسئولون إلى تطبيق الأوامر القاضية بالاقتصاد في الأشياء، فعوض العشر سنتمترات سمكا، أربع أو خمس وبدل الستة أمتار عرض أربعة ، وبدل الستين كلم طولا أربعين, وبدل الحفر الردم, وبدل الجسر تحويل اتجاه الطريق عبر منعرج نصف دائري ....بل ان الطرق السيارة التي يؤدي المواطنون ثمنها مضاعفا عبر استخلاص الضرائب منهم وعبر دفع واجب المرور لا ترقى إلى مستوى طريق عادية بفعل طريقة الإنجاز وغياب الصيانة.
3- تعدد مستعملي الطريق الواحدة رغم اختلاف السرعة والإمكانيات. ففي نفس الطريق تمر سيارة الدفع الرباعي الكات كات كالريح ، ويمر فولفو محملا بإنتاج معمل كامل ولا تتجاوز سرعته 10 كلم في الساعة, وكذلك الشاحنات والسيارات العادية ، والدراجات النارية والدراجات الهوائية والبقر ويختمها صاحب الخطوة خطوة , الفيلسوف الذي لا يمل ولا يكل, و يعرف ان في العجلة ندامة ويتأمل دائما بلاكة لا تسرع يا أبي فنحن في انتظارك .
4- السيارات المستعملة في مجملها دخلت المتاحف في أوربا وصيغت على ما اظن أسماء جديدة تحفظ ذاكرتها. ف الكات كات على ما يبدو استلهمت اسمها من الايركات لكنها وللأسف نسيت أنها يمكن ان تنتقل معها في نفس الطريق وفي بعض الأحيان ان تصطدم بها مخلفة أضرارا كبيرة تصل حد فقدان الحياة .
5- الرشوة تنخر المجتمع وعبرت عنه جميع التقارير المغربية والخارجية ، بل يمكن ان نقول انه المجال الذي نحطم فيه الرقم القياسي بعد الأمية . وهذا الداء للأسف ينخر أجهزة الأمن الساهرة على سلامة وحياة المواطن وصور اليوتوب لا تحتاج إلى تعليق أو اختلاق تهمة الإساءة إلى المغرب .
6- هناك تناقض صارخ في الخطابات التي يلقيها المسؤولون، فحين تم تحذير السياح الأجانب من التوجه إلى المغرب بفعل حرب الطرق المعلنة من جهات متعددة، تجندتم لنفي الادعاءات والدفاع عن سمعة وطننا العزيز , واكدتم ان الحوادث عادية مقارنة مع بعض الدول، لكن حينما أردتم تمرير مدونتكم ، هولتم من حوادث السير وأصبحت عدسات التلفزة تتحرك شمالا وجنوبا ، شرقا وغربا لتبحث عن ضحايا الحوادث قصد دغدغة عواطف المواطنين .
7- غياب وقاية بعد الحوادث ، فسيارات الإسعاف التي تحتاج إلى من يسعفها تتواجد على بعد مئات الكلمترات ولا يتم تحريكها إلا بعد فوات الأوان وشهادة المواطنين لخير دليل على ذلك . ما عدا حين يكون المتضررون أجانب, فحضورها يسبق اصطدام الحافلات, وهذا فعل تستحقون عليه التنويه.
8- آلات الديبناج تجول وتصول في المدن وخارجها ليس بحثا عن متضرر لمساعدته وإنما في عملية قنص لسيارات راسية في الطرطوار المصبوغ بالأحمر والذي يتزايد يوما بعد يوم لان كل رشة بالصباغة تجلب فريسة جديدة وكأننا نلعب لعبة الكاش كاش .
9- مدارس تسليم رخص السياقة ، وضعها لا يخفى على احد, ونصيحة المونيتور تكون دائما غير ماطيحش الباريير حدا الناس والباقي على حسابنا .
10- الموارد البشرية وضعها مأساوي فلا مأوى ولا حماية طبية ولا اشتراط لمستوى تكويني ولا دخل قار, لا عطل, لا احترام لساعات العمل, لا مرافق في الطريق وحينها تصبح القارورة رفيقة الطريق سواء إلى نقطة الوصول أو نقطة اللاعودة .
11- المسؤولين عن الطريق لا حول ولا قوة لهم فان طبقوا القانون ، توصلوا بمكالمة توبيخ وزجر لأنهم اعترضوا سيارة فلان ابن فلان السياسي فلان وان لم يقوموا بذلك تعرضوا لنفس المصير لأنهم سمحوا لسيارة محملة بالحشيش او ... ان تعبر الطريق .
12- الطبقة العليا وأبناؤهم وأحفادهم لا رقيب عليهم ولا حسيب فسواء كان الضوء اخضرا أو احمر أو بنيا فهو دائما يتخذ لديهم لون الإناء الذي يوجد لديهم، وقتل إنسان أو قطيع من الناس لا يكلفهم ولو مبيت ليلة واحدة في مخفر الشرطة وما حدث في فاس والقنيطرة والدار البيضاء والرباط لأبسط الأمثلة على ذلك .
13- حوادث السير في المغرب تكلف خزينة الدولة الملايير من الدراهم التي يمكن استثمارها في مجالات اقتصادية واجتماعية أخرى أو في جيوب إقطاعية. كما أنها تخلف أموات ومعاقين وأرامل ... يجدر بكم الاستفادة من خدماتهم ومص دمائهم قطرة قطرة بدل الموت السريع .
...
/ الحلول المقترحة من طرفكم :
ان ما أثارني فيكم سيادة الوزير, هو حبكم للإنسان ودفاعكم المستميت عنه وعن حقه في الحياة . ولذا تحملتم مشاق السفر إلى عدة بلدان بحثا عن حل لهذه الحرب الخفية.
وصراحة فقد استمعت إليكم كثيرا و إلى التوضيحات التي أعطيتموها حول مدونة السير التي قال عنها الكثيرون إنها مستوردة وأنها لا تلاءم الواقع المغربي لا من حيث البنية التحتية ، ولا من حيث العقوبات ولا من الزج في السجن بالمخالفين إلى غيرها من التعرضات التي تلقتها .
كنت سأقف إلى جانبكم في هذه المحنة لولا ثلاثة أسباب/أخطاء :
1- كان عليك ان تطرح على المعترضين سؤالا عريضا على الشكل التالي : وأي قانون يلائم الوضع والبيئة المغربية حتى تلائمه مدونتي ؟
2- - كان عليك ان تتحداهم بان يأتوك بقانون غير مستورد .اللهم ان كان الاختلاف حول الدولة المصدرة والتي كانت تاريخيا فرنسا ، فقد ظلمت نفسك بالبحث عن أسواق جديدة .
3- انك أشركت عباس الفاسي في نقاش المدونة والدفاع عنها ، فالذي حطم وتلاعب بآمال وآلام 30 ألف مغربي فيما يمكن تسميته بفضيحة العهد الجديد لا يمكن ان يستمع إليه احد سوى قاضي التحقيق والنيابة العامة حينما نتجاوز جدار الانتقال /الردة الديموقراطي .
وصراحة فتصميمك وعزمك قد بدا يؤتي أكله ، حيث ان كل الذين صفقوا لك ولمدونتك تناقص حماسهم ثم تحول إلى هجوم عنيف مما أدى إلى توقيفها مجددا لان الكل يتعامل بمنطق حنا مع الرابحة ، كما نقابتك التي دعت إلى مقاطعة الإضراب والتصدي له، عقدت معها جلسة عمل على غرار النقابات الداعية للإضراب . وقد أوقفت نقابتكم البهرجة بعد ان تم تحقيق مكتسبات واقتراح تعديلات على المدونة . (واستسمح سيادتكم على ركاكة أسلوب هذا المقطع لأني لم أجد صيغة أخرى ولأنني أصبت بدوران الرأس في هذا الموقف ). فلا المثالية ولا الجدلية بقادرة على فك هذه المعادلة وان استطعت حلها فستحطم الرقم القياسي الذي كان بحوزة عباس الفاسي وستصبح أمينا عاما للحزب ثم وزيرا أولا .
كيفية معالجة المشكل :
يتبين من خلال الوضعية المزرية التي تسود في قطاع النقل ان الحلول المقدمة من طرفكم لا تزيد الطين إلا بلة .
لذا استسمحكم بداية لأقدم لكم ما أراه مناسبا لمثل هاته الوضعيات المحرجة والمكلفة ماليا وبشريا مع إبراز بعض المشاكل التي قد تنتج عنها حتى تكون على بينة وبصيرة من أمرك .
أظن انه خلال دراساتك الدنيا والمتوسطة والعليا ، وجولاتك في معظم الدول سواء الشرقية أو الغربية أو حتى في المغرب ، سمعت واطلعت على مفاهيم جديدة من قبيل الحكامة الجيدة ، التدبير المفوض ، الخصخصة ... والتي قطع فيها المغرب أشواطا كبيرة لا ينافسه في ذلك انس ولا جان. ففي غضون سنوات قليلة أصبح الاوربيون والأمريكيون والخليجيون يقومون بكل شيء نيابة عنا ، فمن تزويدنا بالماء إلى الكهرباء ، إلى إطعامنا وتوفير الواد الحار لفضلاتنا إلى جمع الازبال ... والأمور على حسب ما يقول المسئولون تتجه من حسن إلى أحسن وفي غضون سنوات ستتم تغطية كامل التراب الوطني .
فكرتي التي هي مصدر الدراسة هي كالتالي: لماذا لا نخضع قطاع الطرق لمثل هذا التسيير حيث سنتعاقد مع شركة أسبانية أو نرويجية ان كنت لم تؤد لهم فاتورة الدراسة الأولى ، وفق دفتر تحملات واضح المعالم تتعهد فيه الشركة أو الدولة المسيرة ب :
- تعبيد جميع الطرقات وجعلها في مصاف طرق الدول المتقدمة .
- إرساء رادارات لمراقبة السرعة
- تحديد 5 حوادث في اليوم معدل أقصى دون ان تخلف أمواتا
- إعادة دراسة الشبكة الطرقية ورفع الاختناق الذي تعيش فيه بعض المدن المغربية كالبيضاء – مراكش – الرباط – فاس .
- توفير باركات في جميع الأماكن لتسهيل تحرك المواطنين
- تحديث جميع الأسطول البري في غضون 5 سنوات مع اعطاء مساعدات وتشجيعات للمواطنين.
- تخصيص أيام دراسية وتحسيسه لجميع السائقين ومستعملي الطريق
- عزل المجال الحيواني عن مجال تحرك الحافلات ....
وستكون مداخيل الشراكة المتعهدة مما يلي :
- الاتاوات والغرامات المفروضة على مخالفي الطرق
- عائدات استعمال الطرق السيارة التي ستخطي المغرب من جباله الى انهاره وبحاره
- مساعدات الدولة عبر تخصيص نصف ميزانية وزارة النقل للشركة خلال الثلاث سنوات الأولى للمشروع .
ان هذه الدراسة ان كتب لها النجاح ستمكننا من :
- الحفاظ على أرواح الناس الذين تزهق أرواحهم يوميا
- توفير الأمن للناس عبر إعادة نشر رجال الأمن بعيدا عن الطرق التي ستعين فيها الشركة مراقبيها .
- توفير فرص الشغل للشباب المعطل
- تنمية اقتصادية واجتماعية رائدة عبر استقطاب السياح والمعدات
- اقتصاد ميزانية النقل والحوادث وتخصيصها للصحة والتعليم والبحث العلمي ...
ولكنها في المقابل ستطرح إشكالات عديدة نجملها في ما يلي :
- أنكم السيد الوزير ستلاحظون مرتبكم يتقلص بقدر كبير. فلا تعويض عن السفر ولا استقبالات ولا ظهور اعلامي ....
- ان المحظوظون وابناؤهم لا يمكنهم التملص من اداء الغرامة لان المدير العام للشركة مقيم بالخارج ولا يمكن حتى محاولة الاتصال به ، وفي حالة التعنت في الاداء فالمتروبول سيقوم بواجبه وهكذا فمن الممكن السيد الوزير ان داست سيارتك احد المواطنين ان تتعرض لنفس العقوبة التي يتعرض لها المواطن العادي وقد يزج بك في السجن وتفقد اثرها سمعتك ووظيفتك لا قدر الله.
وأتمنى قبل ان تتبنوا او ترفضوا هذه الدراسة المتواضعة ان تتريثوا وتشيروا خبراءكم قبل ان تضطروا مرة أخرى إلى مواجهة من شرع معكم المدونة في البرلمان وان تستقبلوا نقابة تدعوا إلى مقاطعة الإضراب للتفاوض حول المدونة او ان تعطوا الكلمة لمغرق السفينة ليتحدث نيابة عنكم .
#اسماعين_يعقوبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟