|
الجزيرة العليا استعادة لتأريخ مغيب !!!
إبراهيم اليوسف
الحوار المتمدن-العدد: 810 - 2004 / 4 / 20 - 07:18
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
توطئة: لقد فتحت عيني منذ بداية وعيي على فسيفساء جد جميل في مدينة - قامشلي - التي تكاد تكون صورةطبق الأصل لكامل منطقة الجزيرة السورية ، بل كامل سوريا، حيث المسلم إلى جانب المسيحي إلى جانب اليهودي، إلى جانب الزردشتي - الايزيدي - ...والعربي، إلى جانب الكردي، إلى جانب السرياني إلى جانب الآشوري إلى جانب الأرمني... مشكلين بذلك لوحة وطنية رائعة. لا أخفي عن القارئ الكريم، بأنني أحد هؤلاء الذين تجذبهم هذه اللوحة – تحديداً – ولعلي – منذ بداية وعيي ، سعيت وأسعى في كتاباتي ، ورؤاي،للذود عن مفردات هذه اللوحة،مجتمعة،مناصراً المظلوم في وجه ظالمه، دافعاً ضريبة ذلك،مع أن جميعنا كان يدري، وجود تراتبية واضحة في سجل المواطنة ،وثمة أذى واضح ،بل وحيف يقع على كاهل بعض مفردات هذا الفسيفساء، وعلى نحو سافر...! هذه رؤيتي- بكل تأكيد – لكل أبناء الجزيرة السورية،ماضياً،وحاضراً،ولن أحيد عن النظر إلا ضمن هذا المنظور ،لكل هؤلاء،لأكون كلاً من – هؤلاء- على حده ،حين يقع عليه الظلم ، الذي اريدألايبقى البتة،و طالما أحسست بقرب صديقي السرياني، أو صديقي العربي مني ، تماماً ، كما أحد أفراد أسرتي الشخصية ،وهو لم يكن إلا شعوراً حقيقاً، يجسد ما في أعماقي، تجاه هؤلاء ،تماماً،وهو ما سأسعى طوال حياتي لتكريسه وتعزيزه ،وديمومته ، بأكثر.. ، وعدم التخلي عنه البتة.تحت وطأة أي ظرف كان . لكن ،ما هو مؤلم ،أن أحداث 12 آذار - وإضافة إلى الأذى العياني الذي ألحقته بابن الجزيرة –وبخاصة الكردي _،وعلى نطاق آخر، تحاول الإساءة لجملة الوشائج الرائعة التي تربط أبناء الجزيرة بعضهم ببعض، وأنا عندما أقدم هنا وجهة نظر تاريخية – لمحض إيضاح بعض الحقائق - فإنما أفعل ذلك مكرهاً في مواجهة كتابات بعض الأخوة التي رأيتها جاءت متسرعة، وليتها ظهرت في وقت آخر،خارج هذه المحنة، بل الامتحان الذي تم ، وهو ما أسميته شخصياً ومن وجهة نظري لأول مرة ، وإن حاول سواي النظر إليه من منظوره الشخصي، وهو من حقه طبعاً...
بانوراما ( المكان )) حتى ظهور الإسلام :
جاءت تسمية ميسوبوتاميا لمنطقة مابين الرافدين من اليونانية , أو مثلث الخابور ، وهي تبدأ من منابع دجلة والفرات، في ما يسمى الآن : الهضبة التركية! ، وباتجاه سوريا والعراق , أو العراق مباشرة , ولعل أقدم تاريخ هذه المنطقة يعود إلى منتصف الألف الثالث قبل الميلاد ومن المعروف أن السومريين غير الساميين كانوا يحكمون منطقة جنوب العراق , ويمتد نفوذهم السياسي حتى الجزيرة ، كي يؤول الحكم في القرن 24ق.م إلى الأكاديبن في المنطقة نفسها ، وهم من أقدم الشعوب السامية ، كي تظل الجزيرة مسرحاً للقوات الأكادية . وإذا كانت هذه المرحلة ــ ذاتها ـ قد شهدت نزوح الحوريين من مناطقهم الأم ، صوب الجنوب ، فانه يمكن الحديث عن ممالك سومرية في جنوب العراق ، حيث نجد في هذه الفترة هجرة الشعوب الزغروسية ، واللولوبيين ، وهم قبائل سيطرت على كردستان ، بالإضافة إلى الكوتيين كي تكون الجزيرة السورية مناطق نفوذ سومري !
ونجد في العام 2350ق.م ــ ظهور المملكة الأكدية التي سيطرت على المناطق السومرية ــ سياسياً ــ مع بروز اللولوبيين والكوتيين ، لنلحظ في هذه الفترة ، انتشار الحوريين من مواطنهم الأم ـ وهي المناطق المحيطة ببحيرة وان ــصوب الجنوب الشرقي ، والجنوب الغربي . اذ ظهرت في الجنوب الشرقي ــ كردستان ـ مملكة خمازي ، لتعرف البلاد ب: سوبر ـ سوبورتو ـ وهي تسمية جغرافية ، مقبل التسمية اللاتينية : الحوريين ـ بيد أنه في الجنوب الغربي ـ الجزيرة ة السوريةـ ظهرت مملكة ـ اوركيش ــ ( تل موزان ) إذ صار الحور يون يشكلون ثورة أساسية في المنطقة ، رغم مواجهتها من قبل الحملات الحربية المتكررة من قبل الأكديين ، لتحل ـ اثر العلاقات المستجدة ــ المصاهرات ــ فترات سلام ، لا سيما بعد زواج ملك أوركيش من ابنة ملك أكد ...! إن هذا الاستقرار جعل مملكة الحورييين في القرن ال23ق.م تتمكن كي تكون القوة الاولى في كردستان والجزيرة السورية إلى جانب القوة الأكدية التي كانت تجيء كقوة ثانية في تلك المنطقة ! ، وان كان السومريون قد استطاعوا استعادة مقاليد الحكم حوالي قرن من الزمن ، إلا أن أوضاع ــ كردستان والجزيرة ــ ظلت ـ حتى في هذه الفترة كما كانت عليه تحت السيطرة الحورية الكاملة ....! لقد اتسع نطاق الوجود الحوري في المناطق المجاورة , رغم بروز أهمية ودور شبه سامي جديد هم : الاموريون، وموطنهم وادي الفرات الأوسط، وهي مناطق دير الزور الحالية ،إذ سيطر الأموريون على مناطق سومر وأكد ــ جنوبي العراق ــ ومن المعروف انهم أقاموا ممالك في سوريا ــ ماري حلب ــ قطنا ( قرب حمص ) ولقد قلص هؤلاء من النفوذ الحوري ــ سياسياً ـ كي تتحول الجزيرة إلى كيانات صغيرة ، سياسية حورية ــ أمورية ــ تعاونت ــ لرد الحملات العيلامية القادمة من جنوب غرب ايران ، والحملات العيلامية القادمة من الأناضول . ولقد لوحظ أن التفاهم بين الحوريين والأموريين قد بلغ أوجه ،لدرجة أنه تمت وعلى غرار علاقة الحوريين بالأكديين من خلال مصاهرات ملفتة ، بل انه تم التسمي من قبل كل منهما باسماء مشتركة ، بل وانهما بدأا الانتشار للعمل في المناطق الأخرى ... , ومن هنا وجدنا في القرنين ال18ــ 17ق.م حوريين في ماري ، إذ انتشروا غربي الفرات حتى مناطق اسكندرون ( ألالاخ ) وحتى قطنا قرب حمص ــ وإذا كنا قد وجدنا في القرن 16ق.م بدء ضغط الممالك الأمورية ، وترافق ذلك مع قدوم القبائل الميتانية المرتبطة بالحوريين بعلاقات النسب إلى الجزيرة ، وان هذه القبائل الجديدة ، حركت سياسياً ، وعسكرياً الحوريين الأصليين الغربيين ، في المنطقة التي كانوا قد اعتمدوا على السلم والتفاهم في وجودهم ! لقد ساعدت الأوضاع العامة على التمازج الحوري / الميتاني ــ لتنهض بالتالي مملكة حورية ميتانية تحكم كل أرجاء الجزيرة من عاصمتها( وشوكاني) عند منابع الخابور ، وصارت من القوى الأساسية في المنطقة إلى جانب المصرية ــ الحثية ــ الكاشية الحاكمة في العراق ، هذه القوى الثلاثة أرادت أن تتقاسم السلطة على الأراضي السورية المنقسمة إلى ولايات صغيرة ، تبحث عن تحالفات لحماية حكمها . واستطاع الحوريون والميتانيون مد نفوذهم غرب الفرات ، إذ احتلوا حلب ، ألالاخ ، قطنا ، كي تدوم سيطرتهم حتى أواسط القرن الثالث عشر ق.م ، وعلى الرغم من فقدهم السيادة السياسية ، الا أنهم ظلوا موجودين في أراضيهم ، ومدنهم ، كي ينزاح قسم منهم إلى الخلف حيث المواطن الآمنة : آمد ــ أي طور عابدين ويمكن اعتبار القرنين 12/11ــ ق.م فترة منظمة في تاريخ بلاد الشام ، إذ أن شعوب البحر احتلت , ودمرت الكثير ، رغم عدم وجود مصادر بين الأيدي لتوضيح كل ذلك ... ومع مطلع الألف الأول .ق.م برزت أهمية الآراميين ( الساميين ــ أجداد السريان ) إذ صارت لهم ممالك في مختلف مناطق سورية ، الحالية ، حيث أنه في الشرق ( شمال بلاد الرافدين ) صارت السيادة للآشوريين ، فتحول الصراع ــ بعد ئذ ــ إلى صراع ممالك آرامية متعددة ، غير موحدة ، تريد الاستقرار ، بالإضافة إلى مملكة آشورية قوية عنيفة : عسكرياً ــ ذات فكر توسعي ، ولقد دامت هذه المرحلة ثلاثة قرون ، كي يقضي الآشوريون بعدها على كل أحلام الآراميين ....., حكم الآشوريون ــ المنطقة ـ بأكملها ــ في العام 612ق.م ، حيث تحالف آراميو جنوب العراق الذين سموا نسبة إلى آكد ــ قبائلهم ( كلدو) بالكلدانيين ــ مع الميديين سكان مناطق كردستان إيران ، والجزء الشرقي من كردستان العراق، حتى مجرى ديالا ، اذ تقاسم الكلدانيون والميديون حكم المنطقة : الميديون كانوا يحكمون شمالي بلاد الرافدين حتى منابع الفرات ، والكلدانيون يحكمون في وسط وجنوب بلاد الرافدين ، وأجزاء من سورية وذلك حتى 539، حيث سيطر الأخمينيون اليزدانيون على المنطقة بأكملها ، ووصلوا حتى مصر ، حتى (33ق.م حيث كان أول احتلال أجنبي للمنطقة ، وهو الاحتلال اليوناني بقيادة الاسكندر .. خلال الحكم الاخميني هاجرت قبائل عربية من الجزيرة العربية إلى جنوبي العراق ، ووسطه ، في المناطق القريبة من بحر الفرات ، بحثاً عن موطن استقرار وعيش ....! ولقد دامت عملية ــ تحولهم ـ من البداوة إلى الدستور قروناً ، واستفادوا من الاختلاط بالآراميين (الكلدانيين ) هناك ، حتى نشأت ممالك مشتركة ، ثم مستقلة ، كمملكة المناذرة في جنوبي العراق ، ومملكة الحضر في الجزيرة العراقية ، ومملكة تدمر والأنباط ، ثم مملكة الغساسنة في مناطق حوران السورية ، وذلك خلال القرون التالية للميلاد . كي ـ تتغلغل القبائل العربية مع الفتوحات الإسلامية في المناطق السورية الداخلية .
كلمة أخيرة : لقد حاولت جاهدا - وأنا القارئ غير المختص في التاريخ – العودة الى المصادر غير الكردية – بل الأجنبية _ والعربية منها على نحو خاص ، خلال تقدم هذه الاضاءة التاريخية ، وبعيدا عن الاشارات الاستفزازية ، متوقفا عند بداية ظهور الاسلام ، تاركا لسواي الغوص في تاريخ هذه المرحلة اللاحقة ، نظرا لتوافر مصادره بأكثر ..!! مكررا – مرة أخرى _ ان دافعي من وراء هذا الجهد المتواضع – والكتابة في حقل ليس لي ، هوأن أؤ كد من ناحيتي – كغيري من أبناء هذا الوطن – اننا جميعا شركاء في الخريطة ، والوطن ، وليس من أحد ضيف على مائدة .... سواه !!؟؟؟
المصادر د. أحمد إرحيم هبو ـ تاريخ بلاد الرافدين جامعة حلب - 2003 د. عيد مرعي ـ تاريخ بلاد الرافدين دار الأبجدية الحو ريون .. تاريخهم وحضارتهم - جر نوت فيلهلم ت : د. فاروق إسماعيل ( دار جدل دمشق 2000 )
#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
على هامش أحداث 12 آذار حوار مع صديق مختلف ...! 3 / 3
-
على هامش احداث12آذار حوار مع صديق مختلف 2من 3
-
على هامش احداث 12 أذار حوار مع صديق مختلف 1/3
-
أكراد سوريا مهاجرون أم يراد تهجيرهم...!!؟
-
خدش الطفولة - إلى محمد غانم
-
المثقف العربي و محنة الكردي 3 من 3
-
المثقف العربي و محنة الكردي 2 من 3
-
نصف رؤية....13
-
الدرس الكردي
-
اية وحدة مجتمعية دون الاجابة عن اسئلة المواطن....!؟
-
نبوءة القتل والخراب
-
الكردي في يومه السابع…………..!
-
محمد غانم ....!اكرادك بخير يا صديقي ...!
-
هكذا تطفأ الفتنة ............! عماد فوزي الشعيبي نموذجاً
-
السيد الدكتور بشار الأسد !
-
من المقال المفخخ إلى الحزام الناسف ميشيل كيلو نموذجاً
-
الكردي ((يكتب إسمه ..!))
-
أخطاء عبثية ام أضغان عمياء؟
-
دليل العاثر إلي برج الناشر
-
حذار من النفخ في القرب المثقوبة....!!
المزيد.....
-
أثناء إحاطة مباشرة.. مسؤولة روسية تتلقى اتصالًا يأمرها بعدم
...
-
الأردن يدعو لتطبيق قرار محكمة الجنايات
-
تحذير من هجمات إسرائيلية مباشرة على العراق
-
بوتين: استخدام العدو لأسلحة بعيدة المدى لا يمكن أن يؤثرعلى م
...
-
موسكو تدعو لإدانة أعمال إجرامية لكييف كاستهداف المنشآت النوو
...
-
بوتين: الولايات المتحدة دمرت نظام الأمن الدولي وتدفع نحو صرا
...
-
شاهد.. لقاء أطول فتاة في العالم بأقصر فتاة في العالم
-
الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ باليستي قرب البحر الميت أ
...
-
بوتين: واشنطن ارتكبت خطأ بتدمير معاهدة الحد من الصواريخ المت
...
-
بوتين: روسيا مستعدة لأي تطورات ودائما سيكون هناك رد
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|