|
أدونيس : الشاعر الناقد
سفيان زدادقة
الحوار المتمدن-العدد: 2650 - 2009 / 5 / 18 - 05:17
المحور:
الادب والفن
نشر في الخميس ٢٨ آب (أغسطس) ٢٠٠٨ إنّ أدونيس لم يكن في مراحله الفنية كلّها مجرّد شاعر، لم يرتض لنفسه الشعر فحسب، بل نهض ـ راغبًا أو راهبًا ـ ليقوم بدور المفكّر المنظّر، فنجده إلى جانب كلّ ديوانٍ شعري يصدره يصدر معه كتابًا ومقالات تتحدث وتشرحُ، تفسّرُ وتبرهنُ، وتبرّرُ ما يرد في ذلك الديوان أو تلك القصيدة، كأنه لا يزال يحنّ ـ بإصرار ـ إلى ذلك العهد القديم الذي كان يجمع فيه الشاعر ـ إلى جانب وظيفة الشعر ـ وظائفَ أخرى مكمّلةٍ كالسّحر والكهانة والعرافة والطب .. وهو يُعنى بالموقف الفكري عنايته بالموقف الشعري، فهما كفرسيْ رهانٍ لديه، يتسابقان في الظهور ويتنافسان، ولا يبرز الشّعر إلا ليبرز الفكر الذي يعاضده ويسندُهُ . والحق أنّ أدونيس لم يكن الوحيد الذي سلك هذا المسلك، وارتضى هذا المذهب، بل سلكه عشرات المبدعين من الذين واجهوا في الوسط الثقافي العربي الفجوةَ بين الخبرة الجمالية الجديدة من ناحية، والمعاييرَ النقدية السائدة من ناحية أخرى، وهي معاييرُ تكون عادة متخلّفةً عن ركب الإبداع بأشواط، فأقبلوا على الكتابة النقدية لشرعنة إبداعهم وتكريسه نقديا، يلاحظ أحد البحاثة أنه قد ’’بدأت تباشير الحداثة العربية في الأدب مع التطلعات الأولى لانتزاع التعبير من أسر المطلق، والنظر إليه كفاعلية تاريخية . فالنظر التقليدي إلى التعبير الشعري، بخاصة، يجعله لا زمانيا أو لا تاريخيا، وصلنا كاملا نـهائيا . لذلك كان منيعا على التطور غنيا عن التجدد’’ [1] وهو ما يتجلى ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ في كتابات الشعراء والمبدعين من أمثال نازك الملائكة، وصلاح عبد الصبور، وإدوارد الخراط، وجبرا إبراهيم جبرا، ومحمد برادة، وعبد العزيز المقالح .. وقبل هؤلاء جميعا طه حسين، والرافعي، والعقاد، والمازني .. وكلّ هؤلاء كان التنظير النقدي لديهم مواكبًا وموازيًا للممارسة الإبداعية الفنية .
لكنّ أدونيس ـ في ثقافتنا العربية المعاصرة ـ تميز عن هؤلاء جميعا بكثرة إنتاجه الشعري والنقدي ونوعيته واستمراريته، كما خصص جزء كبيرًا من كتاباته النقدية لنقد الواقع العربي ثقافيًا ومعرفيًا خصوصًا في كتبه الثلاثة "الثابت والمتحول"، "زمن الشعر"، "الشعرية العربية"، محاولاً استخلاص القوانين الكلّية المتمثلة في النظم المعرفية للثقافة العربية، وهي نظمٌ تقوم على أصولٍ راسخة تأتي علوم اللغة والدين على رأسها، نحوًا وبلاغةً وفقهًا وكلامًا وتفسيرًا، كما قدّم قراءةً مستفيضةً وجديدةً للتراث الشعري، ورؤيةً لمثال الشعرية الحقة في مختاراته المسمّاة "ديوان الشعر العربي"، وهو في كلّ ما يكتبه لا يكّفُ عن إعلان انتماءه الفلسفي إلى تيار الحداثة، مستهدفًا المناطق الأكثرَ تحريمًا والمسكوتُ عنها واللامفكّرُ فيها في دواليب الفكر العربي على امتداد تاريخه، متقاطعًا ومتماهيًا مع منجزات الفكر الأوروبي المعاصر، بغير التزام منه بمنهج محدّد، بل إنه يعلن رفضه المنهجَ، والأطرَ المحدّدةَ سلفًا، إنه أشبه ما يكون بالباحث السفسطائي عن الحقيقة، وتصوّرُهُ النقدي زئبقيٌ، كثيرُ المتغيرات، يرفض الثبات، ويعلن الفلوت من كلّ رسوخٍ أو تحديد .. وقراءاته للأفكار وتاريخها، قراءاتُ شاعرٍ أكثر منها قراءاتُ ناقد . وذلك ـ على نحوٍ ما ـ ما يحلو له تسميتُهُ بالكتابة .
إنّ الكتابة الإبداعية إذن بالمفهوم المعاصر تعدّ نوعا من المعرفة، في الوقت نفسه الذي تعبّر فيه عن خبرة جمالية اكتسبها المبدع عبر تأثرات القراءة، لذا فإنّ إقبال عدد من المبدعين ـ في الشرق والغرب ـ على الكتابة النقدية لا يبدو إلا استكمالا نظريا وتنظيريا لهذه الخبرة الجمالية أو تأسيسا معرفيا لها . فالمبدع حين يحوّل العالم الخارجي والداخلي إلى قيم معينة لا بد أن يمارس حتما شيئا من النقد، ’’من أجل الإعداد لثورة جمالية تؤسس للقيّم التي يدعو إليها، برغم إدراكه الضمني أنّ دعوته لمجاوزة القيم السائدة تشتمل أيضا ـ وفي هذا مفارقة ساخرة ـ على مجاوزة دعوته ذاتـها في الحاضر أو المستقبل’. [2] وذلك أمر طبيعي تقتضيه سنن الحياة وقوانين التطور، فلا شيء ثابت ولا شيء دائم، إنما الكلّ يسعى نحو التحوّل والتكيّف، فالقيم الجمالية التي يصدر عنها المبدع أو يدعو إليها، ومهما بلغت حداثتها وجدّتها، لا بدّ أن تصير ذات يوم من الماضي، جزء من الذاكرة، وجزء من التراث . وقد لا تجد لها مكانا في الآتي من القراءة أو الآتي من الكتابة .
فإذا جئنا للخطاب النقدي الذي ارتبط بالتحوّل في ثقافتنا العربية المعاصرة، وخير من يمثله من النقاد كمال أبو ديب، وخالدة سعيد، ورجاء النقاش، وإلياس خوري، وغالي شكري، ومن النقاد الشعراء يوسف الخال، وأنسي الحاج، ومحمد بنيس .. فضلا عن أدونيس بالطبع، نكتشف أنّ هذا الخطاب وُجدَ في الأصل ليمارس فعلَ المواكبة للتجربة الإبداعية عموما والشعرية منها بوجه خاص، ’’ليس من أجل تصنيفها بل من أجل أن يقول لغتها . يحاول أن لا يعكس واقع التجربة الشعرية فقط بل يعكس طموحاتها أيضا’’ [3]. وقد يكون ذلك هو السبب في أزمة المصطلح النقدي العربي وتشتته وتعدديته، بحيث يكاد يكون لكلّ ناقد اصطلاحاته الخاصة، والتي تجعل خطابه يحتاج في قراءته إلى استعمال مرجعية مخصوصة بالناقد المقروء دون غيره، بل إنّ هذا الخطاب لا يؤدي ـ على الجملة ـ دورَهُ الأساسي بما هو قراءة للنصّ، بقدر ما يؤدي دورَ التبرير والتنظير والتماس الأسباب لصاحبه في هذه المسألة أو تلك .
بل إنّ الأمر يبلغ عند البعض ـ ومنهم أدونيس ـ أن تتحول كتاباته النقدية نوعا من مرآة الذات، يقرأ فيها أدونيسُ الناقدُ أدونيسَ الشاعر، وقد يكون مرد ذلك إلى شعور الشاعر الطليعي بأن ما يُكتب عنه من نقدٍ قد لا يمّسُ جوهر إبداعه ولا يعطي صورةً مرضيةً عن المنجز النصّي الذي يقدّمه، لذلك نجد الكثير من الشعراء يمارسون النقد وكأنّ شعارََهُم المثلُ العربي القديم "ما حكّ جلدكَ مثل ظُفرك"، وربما لم نصل بعد ـ ونحن لا زلنا تاريخيا نتدرج في طور النهضة والمثاقفة ـ في حاجة إلى هذا النوع من السلوك الثقافي، أن يتولى الشاعر بنفسه مهمتين : مهمة الإبداع الجديد والمختلف والطليعي، والوقت نفسه مهمة التبشير به والدّعوة إليه والتأسيس المعرفي له في تربته التي يُزمَعُ أن يزرع فيها . وذلك ما يجعل من هذا النقد جزء لا يتجزأ من التجربة الشعرية، وهو باعتباره كذلك يقع بين لحظتين، ’’لحظة البحث عن لغته العلمية المفهومية، ولحظة الكتابة على هامش الشعر أو من خلاله أو من مستقبله . ودراسة هذا النقد وتصنيفه سوف يكون مؤشرا بالغ الدلالة لمرحلة ثقافية كاملة، لأنها تكشف عن جدل الولادة وإشكالياتها’’ . [4]
لذلك يشبّه الشاعرُ الناقدُ أو القارئُ ببروكست [5] الشخصية اليونانية الأسطورية، لأنّ هذا القارئ ـ المنفعل وغير المحايد وغير الموضوعي ـ يمارس قراءةً ذوقيةً خاصة، ’’يقطع أجزاء من النصّ، ويجذب إليه أجزاء أخرى، حتى تنسجم مع التأويل الذي يقترحه، أو يريد أن ينقله أو يفرضه، لهدف يجاوز النصّ المنقود، ويسعى إلى أفق جمالي أرحب، يشرك فيه قاعدة عريضة من القراء، أو يحمل إليهم قلقا معرفيا’’ [6] وعليه فإنّ القراءة التي تتغيا إعادة ضبط المعايير الجمالية وتحيينها تسمحُ للشاعر أن يحقق سلسلة التواصل بينه وبين قارئه، وتشغيل الفاعلية عن طريق السعي إلى إعادة برمجة هذا القارئ وصناعته من جديد، كيما يصبح قادرا على التلقي والفهم والاستجابة، إذ لا يمكنُ إرسال نصّ حداثي لقارئ لا يزال تقليديًا، فذلك فشلٌ مسبق في التواصل، وتمهيدٌ للقطيعة بينهما، ولا يوجد من هو أهلٌ للتمرد والتقويض ورفض السائد أكثر من الشاعر، ذلك أنّ الناقد المحترف يسعى بطبيعته دوما إلى البحث عن القواعد والأصول، ويسّرُهُ دائمًا ثباتُ النظرية وصلاحيتها لامتحان الزمن، ويأنفُ غريزيًا من التحولات والفوضى واللانمطية، لأنها تعني ببساطة لديه استحالةَ الفهم والتقعيد والنظرية والمنهج . لذلك كلّه لا يوجد من هو أفضلُ من الشاعر المبدع أو المبدع الناقد ليقوم بهذه المهمة الضرورية، تجنبًا لأن تخنقَ التقاليدُ ـ إذا استمرت طويلا في الزمن ـ كلَّ إبداع وكلَّ تجديد . إنّ الشعر ـ النقد حسب هذا التأويل يُوصفُ بأنه ’’مغامرةٌ تهدف إلى فتح دروب الحرية كفعل للاختيار، والولوج في المجهول، وهو ما يمكّن من خلق تجريب إبداعي يكشف المنحجّب، ويعرّي بؤرة التوتر الحيّ الخالق دوما لأسئلته اللامتناهية، كما يعرّي أيضا جوهر الديناميكية الفاعلة للإنسان، أليس هذا التجريب ـ كما يقول غادامير ـ أمرٌ يتعلق بالجوهر التاريخاني للإنسان ؟ ’’ . [7].
وقيمته المعرفية الفاعلة في تاريخ حضارتنا التي كفّت عن التفكير والمناظرة والاجتهاد منذ قرون طويلة، يقول : ’’لقد نظرّتُ لما أسميته بقول المجهول مقابل التقليدية التي نظرّت وتنظّرُ لقول المعلوم، وفي هذا ما أتاح تفجيرَ كثيرٍ من الحدود في النظرة الموروثة إلى الأنا والجسد واللغة، وأتاح الدخول إلى عالم المكبوت العربي .. وفي هذا أكّدتُ على أنّ الشعرية العربية تقوم في جانبها الطليعي اليوم على التجريب المفتتح، وعلى أنّ الخصوصية الإبداعية، هي تبعا لذلك خصوصية الذات الشاعرة، لا خصوصيةُ الجماعة أو التراث، وعلى أنّ الشعر سير في فضاء الحرية، وتأسيس له في آن، أي أنه تحرّكٌ دائمٌ في هذا السياق ـ سياق التاريخانية ـ يمكن أن نفهم فعل النقد عند أدونيس، في اتجاه ما لا ينتهي، وفي هذا ما يجعل الكتابة الشعرية استقصائية، خارج المعطى المحدود والمحدّد، أي ما يجعل منها مشروعا لا يكتمل إلا جزئيًا، شأنَ الإنسان نفسه’’ . [8].
هنا يكشف هذا النقدُ أنّ الذات ليست بريئةً ولا محايدةً في تمثلها للعالم والأشياء، بل يقوم بينها وبين الموضوعات، عالمٌ كاملٌ من الرغبات والشخوص والصّور .. مما يشي ’’بأنّ الخطاب ليس شفافًا في تمثيله لعالم المعنى. فلا الذاتُ تقطفُ المعاني البكر، ولا الكلام هو مجرّدُ آلة الفكر . بل إنّ للمسألة وجهها الآخر، وهو أنّ الكلام مخاتلٌ، وأنّ النصّ هو عمل متشابهٌ مراوغ يقع أبدا على الحدود بين الكائن ورسومه، أو بين المعنى وظلاله، أو بين الرؤية والعبارة، أو بين الوضوح والغموض’’ [9] لذلك يسعى أدونيس ـ مستغلا ملكة الكلام هذه وقدرة النصّ على الانفتاح ـ لبلوغ ذروة التفجير، تفجير الرؤية القديمة الموروثة بسعيه الدائب نحو خلق عالم شعريّ ـ معرفي يعتمد التوفيقية أو المشاكلة، حيث تتداخلُ في خطابه العام ـ النقدي والشعريّ على السواء ـ خطاباتٌ مسافرةٌ متعدّدة، بعضها مستمدٌ من التراث القديم، عربي وغير عربي، وبعضها الآخرُ يندرجُ في صلب مقولات الخطاب الفلسفي المعاصر، ومفاهيمِ الشعرية الغربية الحداثية منها والحداثية الفائقة، ومن خلال هذا الفعلِ ـ الدّمجِ ـ الصهرِ يتمكّنُ أدونيس من اختراق الخطابين معا والظفر بجوهرهما الكامن، مركّزا في خطابه ـ التلقيني أحيانا ـ على التشاكلات والتقاطعات، مهملاً ومتناسيًا ـ بالضرورة ـ كلّ التباينات والتناقضات . لذلك لا غرو أن نجد في بعض شعره ـ وشعر التيار الطليعي عموما ـ نزعاتِ البطولة والفحولة والانتصارية واليقينية بل والرّسالية النبوية، وتزدحمُ قصائدُهُ بسطوة الموضوعات الحداثية المجرّدة كالحبّ، الحرّية، الرفض، الغربة، المستقبلية، الثورة، التجاوز، التأله .. الخ، جنبًا إلى جنب مع سطوة اللغة في صورة المجاز والاستعارة والرمز بشكّل مكثفٍ وملّح، وسطوةِ الأنا الغنائية المتضخمة، والمفاهيمِ المجرّدة المتعالية على قارئها بغموضها . والنتيجةُ ـ كما يرى فوزي كريم ـ أنّ أدونيس ’’عمّق الهوة بين نصّه وبين تجربته الروحية المقموعة بسبب تهيامه بالشكّل الجديد، الغامض الواضح أو المتشظي، والذي يعكس وعيًا بحداثةٍ لا تنتسبُ إليه أصلا، ولم يضعها موضع تساؤل’’. [10]
إنّ أدونيس لا يجب أن يحاكَمَ كناقدٍ، أي وفق الأكاديمية والضبط المنهجي والجانب المرجعي، بل يجبُ النظر إليه باعتباره فنانًا، وتحديدًا فنانًا ثوريًا، والثوارُ معروفون بنزقهم وفوضويتهم ورفضهم وحماسهم وأيضا بجسامة أخطائهم، فلقد أصبحت تجربته الشعرية ـ كما يقول عادل ضاهر ـ دليلَهُ الأهم في مساره المعرفي والفكري، ’’أصبح تعامله مع عالم الأفكار، بل وحتى إقبالُهُ عليه للتزود منه بما يلزمه، مدفوعًا برغبته في إثراء تجربته الشعرية وخاضعًا لمستلزمات تعميقها . لم تستهوه مثلا دراسة الأساطير أو دراسة أدبيات الصوفيين كما تستهوي العالمَ الباحثَ المدققَ الذي يطلب المعرفة لذاتها، بل استهوته لما فيها من طاقة على إكساب كتابته الشعرية أبعادا كانت تنقصها’’ . [11] وهذا ما يجعل من أدونيس ـ في حقل المشاريع الفكرية الكبرى ـ يُصنّفُ ضمن الهواة إذا جاز التعبير، فلا يمكنُ مقارنة مشروعه مع مشاريعَ مؤسسةٍ كمشاريعِ أركون والجابري وحسن حنفي ونصر حامد أبو زيد مثلا من ناحية شمولها المعرفي ورسوخها الاصطلاحي ومرجعيتها الفلسفية المنضبطة منهجيًا . إنه شاعرٌ ضاق بالفقر والخواء في ساحة النقد العربي فانبرى يقوم بما لم يقم به النقادُ المتقوقعون حول مفاهيمهم القديمة عن الأدب والأدبية، وهو في الحقيقة نزوعٌ يكاد يكون عالميا في أزمنتنا الحديثة، فكولردج، وإليوت، وفرجينيا وولف، وجيمس جويس، ورولان بارت، وبريتون، وأندري جيد، وسارتر، وألبير كامو .. وعشراتٌ غيرهم مارسوا التنظير والكتابة النقدية والفلسفية جنبا إلى جنب مع الكتابة الإبداعية الجمالية، بل إنّ الحدود بين النقد وهذه الكتابة تمحي باستمرار، صار هناك رواياتٌ نقديةٌ وقصائدُ رؤيوية، ومفاهيمُ جديدةٌ عن إبداعية النقد وتداخل النصوص والنصّ الجامع .
لكن .. ما يبقى هو كينونةُ الشعر وسؤاله، سواءٌ أكان أدونيسُ شاعرا يتناقدُ، أم ناقدًا يتشاعرُ، فتصدّعُ الذات الذي نعانيه بإفراط في زماننا هذا هو رحمُ السؤال الشعري، والمحضنُ المفرّخُ للفكر المتجاوِزِ المحلّقِ، فسؤالُ الشعر هو سؤالٌ وجودي بامتياز، أيًا كان شكل هذا الشعر أو جماليته، تُطرَحُ في ثناياه علاقةُ الإنسان بالأشياء وباللغة والزمن والآخر، وبهذا السؤال أيضًا ـ ومدفوعًا به ـ يسترسلُ أدونيسُ في نقد الحداثة التي انطلق منها ذات يومٍ ليكشف ـ في مساءلةٍ شجاعةٍ ونادرة ـ أوهامَهَا العربيةَ التي ترّسخُ التقليدَ إذ تعلنُ الإبداع، وتكّرسُ الأصل إذ تقوّضُ القائمَ، وتستبدلُ سلطةً بأخرى أشدّ وأفظع .
*سفيان زدادقة دكتور وروائي جزائري أستاذ شاب بجامعة سطيف أول روائي كتب الرواية التاريخية و كانت رواية يوبا هي باكورة أعماله، روايته سادة المصير أرّخت لحقبة مؤلمة من تاريخ الجزائر و أحدثت نقدا ثقافيا وجدلا إعلاميا أعيد طبعها بدار العلوم ببيروت.
[1] ـ خالدة سعيد . حركية الإبداع . ص 09 ..
[2] ـ اعتدال عثمان . إضاءة النص . قراءات في الشعر العربي الحديث . ص 160 .
[3] ـ إلياس خوري . دراسات في نقد الشعر . ص 185 .
[4] ـ المرجع نفسه . ص 186 .
[5] بروكست بطل يوناني أسطوري ، كان قاطع طريق يقوم بوضع ضحاياه على سريره الشخصي ، فمن وجده أطول منه قطع ساقيه ، ومن وجده أقصر منه يقوم بجذب أطرافه حتى تطول
[6] ـ اعتدال عثمان . إضاءة النص . ص 172 ..
[7] ـ عبد العزيز بومسهولي . الشعر والتأويل . ص 07 .
[8] ـ أدونيس . الشعر العربي الشعر الأوروبي . مجلة مواقف . عدد 41 ـ 42 . ص 10 .
[9] .علي حرب . نقد النص . ص 11 .
[10] ـ فوزي كريم . ثياب الإمبراطور . ص 27 .
[11] عادل ضاهر . الشعر والوجود . ص 26 .
#سفيان_زدادقة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
-
شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
-
حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع
...
-
تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|