|
كوارث الفكر القومي والطائفي
غازي صابر
الحوار المتمدن-العدد: 2650 - 2009 / 5 / 18 - 08:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
المقال لايتطرق الى بنية الفكرين وفلسفتهما ، بقدر ما يشير الى الكوارث التي جاؤوا بها الى المنطقة والعالم . في البداية إن وجودهذه الأفكار القومية والطائفية هي نتاج طبيعي للمرحلة التاريخية ( الأقتصادية والأجتماعية) و التي ترزح تحتها الشعوب العربية والأسلامية . ومن البديهيات إن كل إنسان يولد ينسب الى قومية معينة أو الى دين أو طائفة ، ولا ذ نب لنا بهذا ، لكن الكوارث التي نشير اليها : هي إقحام الدين أو القومية أو الطائفة في السياسة . فمن غير الجائز تشكيل الأحزاب والكتل السياسية على أساس هذه المسميات ، والسعي بأسم هذه المسميات الوصول الى السلطة والتحكم بكل موارد الدولة لصالح تلك القومية أو تلك الطائفة ، ومصادرة حقوق وأراء بقية القوميات والطوائف في البلاد . وأكبر الكوارث هي إيمان تلك الأحزاب بطرق القوة المسلحة للسيطرة على السلطة ، وفرض الأمر الواقع على الجميع . وإستمد الفكر القومي والطائفي هذا النهج في السيطرة على السلطة من نهج الخلافتين الأموية والعباسية . لكن الجديد في زماننا هو صراعهما على من يكون صاحب القرار الأول : الحاكم ( الخليفة ) أو الحزب الديني ( رجل الدين ) .
كوارث الفكر القومي
في سنين القرن الماضي ، وصلت أحزاب أو قيادات عسكرية تؤمن بالفكر القومي الى السلطة ، وهذا ما حدث في مصروسوريا والعراق وليبيا وبلدان إخرى . وكانت طرق الوصول هي الأنقلابات العسكرية وعن طريق القوة . ولأنها لاتمثل الأكثرية في المجتمع ، بل تمثل الأقلية المشحونة بالفكر القبلي العصبوي والممتزج أحياناً بالفكر الديني المتشدد ، فانها إنتهت إلى سيطرة زعيم واحد أو عائلة واحدة على مقدرات كل دولة من هذه الدول . وهذه هي نهاية المطاف لمستقبل كل الحركات القومية في التأريخ . وأول الكوارث تقع أثناء الأنقلاب. وقد تكون مدمرة ، وهذا ما حصل في إنقلاب البعث عام 1963في العراق . والكارثة ليست بحجم الدماء التي سفكت ، ولا باعداد الناس الذين زجوا في السجون ، بل بما ترتب على هذا الأنعطاف الأجباري في مسيرة المجتمع، والذي أفضى الى إنهيار إقتصادي وإجتماعي، وتدمير وتشويه للذات الوطنية . ومنذ أن وجّدت كارثة فلسطين عام 1948، وأصحاب الفكرين طرحا القضية وكأنها قضية وجود وتحديد مصير للعرب أو اليهود ،بمعنى لاوجود لأحدهما بوجود الآخر . وقد إعتاش وعاظ السلاطين على هذه القضية، بينما الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والتي طالتها نيران الحروب بسبب هذه القضية يعانون التشرد والضياع في بقاع الأرض . وكان من الممكن إعتبارها قضية بين دولتين مختلفتين على تحديد مساحة الأرض بينهما وهذا ما نادت به هيئة الأمم وقوى معتدلة في المنطقة . 1 وطالما بقيت هذه القضية في هذا النفق المظلم ، نفق الدين والقومية فأنها لن تحل ، الا أذا نظر اليها من منظور عصري وجرى حلها على إسس علمية وإنسانية . ومن الكوارث البارزة للحكومات القومية :هي الحروب الكارثية التي قامت بها بدعوى مصلحة الأمة وقضاياها المصيرية ، الا وهي حروب 1967 حزيران و1980 بين العراق وإيران ، وما تبعتها من حروب الخليج والتي إنتهت بدخول القوات الأمريكيةالى المنطقة والعراق عام 2003 وبقوات عسكرية فاقت كل قوات دول المنطقة من حيث القوة والفتك . ومن الكوارث القادمة هي قضايا القوميات والطوائف الصغيرة داخل البلد الواحد، والتي لاتريد النظم القومية الحاكمة الأعتراف بها ومعالجتها على إسس إنسانية وعلمية . فالسودان هذه الدولة التي بحجم قارة من حيث المساحة والتي تعيش فيها العديد من القوميات والأثنيات المختلفة ، لكن الفكر القومي والديني الحاكم في السودان لا يقبل بغير الحكم العربي الاسلامي ولطائفة معينة في الأسلام . وكذلك في المغرب والجزائر وبلدان عربية و إسلامية إخرى . وسنسمع في كل موسمٍ جرائم جديدة ودماء تسفك كما حصل في جنوب السودان أو في دارفور أو في كردستان أو الصحراء الغربية . ولأن الفكر القومي وأحزابه يؤمنون بأن الغاية تبرر الوسيلة ، فأنهم لا يفكرون بحجم الجرائم التي يقومون بها ضد شعوبهم ، لأن غايتهم الوصول الى السلطة ، وهذا النهج يجمعهم مع المنظمات والأحزاب الطائفية والتي ترتكب كل يوم أبشع الجرائم بحق الناس والوطن من أجل السيطرة على السلطة وإقامة دولة الأسلام الموعودة .
موضوعة الدين والسياسة والطوائف الله في كتابه يخاطب النبي : إنا أرسلناك مبشراً ونذيرا . أي ناصح للخير الذي يوصل الناس لرضى الله يوم القيامة ، ومحذراً الناس من إتباع الشر ، وهذا يغضب الله يوم الحساب . وهنا النبي والذين من بعده من رجال الدين ، لا يحق لهم ممارسة دور القاضي والجلاد في الحياة الدنيا ، إنما عليهم الارشاد، والأنسان هو صاحب الأختيار في موضوعة العبادة . ومفهوم جمع السلطتين السياسية والدينية بيد الخليفة ولدت زمن الأمويين، ثم أخذ بها العباسيون . فأول ما راود معاوية بعد إن إستتبت له الأمور،هو بناء إمبراطورية عربية واسعة على غرار الأمبراطوريتين الفارسية والرومانية . وقد إستفاد من مشورة الكتاب الذين يعملون لديه، وكثيراً منهم لديه إطلاع على أنظمة الحكم في فارس. وتيمناً بهذه المسيرة ، أمر الخليفة هشام بن عبد الملك بترجمة كل الكتب التي تتحدث عن إصول الحكم في فارس . ومن أبرز ماإخذ به هو ما كتبه الملك الساساني أردشير 240 م والذي يعتبر مؤسس الدولة الفارسية والذي أنهى حكم الطوائف بعد إن إحتلت من قبل الأسكندر المقدوني، والذي حولها الى دويلات وطوائف . وأردشير يعتبر ( الدين والملك توأمان لاقوام لأحدهما إلا بصاحبه ) . ولأن الملك ضل الله على الأرض فعلى الرعية الطاعة وعلى الملك العطف على الرعية . وقدجمع أردشيربيده السلطتين السياسية والدينية من خلال رجال الدين، والذين يلازمونه ويستمعون لمشورته . وهذا ما نهجت عليه الخلافتين الأموية والعباسية .2 وبهذه المفاهيم أخذت الأحزاب القومية ، وتأخذ اليوم الأحزاب الدينية وتسعى للسلطة ، لكن بزعامة المراجع الدينية وليس بزعامة الحاكم ( الخليفة ) كما هو الحال في الخلافتين أو عند القوميين .
الوهابية الطائفية
هذه الطائفة سبقت بقية الطوائف في العصر الحديث في إقحام الدين بالسياسة، ومن خلال تحالف محمد بن عبد الوهاب شيخ الطائفة 1703 ــ 1792 مع محمد بن سعود جد ملوك أل سعود، للقتال سوية وتشكيل دولة إسلامية على منهج الطائفة في الجزيرة . وتستمد هذه الطائفة أفكارها من إبن تيمية ومن الأمام أحمد بن حنبل والذي يوصف برائد الجبرية في الإسلام . ونجحوا في إحتلال كامل الاراضي السعودية وقيام المملكة 1902 ــ 1935 . وقد تعرض هذا التحالف الى التدهور نتيجة لتشدد شيوخ الطائفة في مراقبة حتى تصرفات الملك، ووصل الأمر الى مراقبة طول شاربه وطول ثوبه . 3 عندها نصح الأمريكان والبريطانيين، حلفاء الملك بتوجيه نشاط الطائفة الى الخارج ، لأبعادها عن العائلة المالكة و لكي يصب هذا الأبعاد في خدمة صراع الناتو ضد السوفيت أيام الحرب الباردة .ونجحت الطائفة في بناء العديد من المساجد في بلدان العالم منافسة للكنائس المسيحية . ونجحوا في تشكيل وبناء العديد من المدارس الدينية وعلى نهج الطائفه في البلدان الفقيرة ، وخصوصاً في باكستان المجاورة للهند الهندوسية وأفغانستان المجاورة للسوفيت . وأستغلوا فقر هذه البلدان عن طريق دفع الرواتب المجزية لطلاب هذه المدارس، والتي نجحت في تخريج الألاف من الإنتحاريين للدفاع عن تعاليم الطائفة خلال العقود الخمسة الأخيرة . وأثمر هذا التعاون بين الغرب والطائفة الى إخراج السوفيت من أفغانستان ، فكانت دولة طالبان المتشددة . والتي أثمرت كوارث من الفقر والتخلف على شعبي باكستان وأفغانستان من خلال تطبيق أفكارهم المتشددة ، فكانت 11 سبتمبر، وكان دخول قوات الناتو الى أفغانستان لتحريرها من طالبان . ولتفرهذه الوحوش الأدمية بشكل مجاميع مسلحة الى كل العالم العربي والإسلامي بأسم القاعدة وأتباع الفكر السلفي ، فكانت مذابح الجزائر وأحداث اليمن ودخول الزرقاوي الى العراق ، وكانت دياناتهم وهداياهم الرعب والموت وفي كل البلدان التي عشعشوا فيها . ومن أكبر الكوارث في فكر طالبان والقاعده أو السلفية كما يسمون أنفسهم، و يدّعون أ نهم يمثلون الفكر الوهابي هو تكفيرهم لكل إنسان لا يؤمن بالاسلام سواءً كان يهودياً أو نصرانياً . ويكفرون حتى طائفتي الشيعة والصوفية ويحللون قتل معارضي أفكارهم وبأبشع صور القتل ، كالحرق بالنار أو التفجير بالقنابل أو قطع الرقاب ورمي الجثث في المزابل . وأوسع ساحة مارسوا فيها الفتك بالإنسان والمباني هي الساحة العراقية ، فالذي مارسوه بحق هذا الشعب لم يصل اليه حتى هولاكو في بشاعته، وتحطيم الحالة النفسية لأفراد المجتمع .
تحزب بقية الطوائف
في ثلاثينيات القرن الماضي ، قدم حسن البنا نفسه في مصر كممثل للطائفة الأم وهي السنية ، وبدأ الأخذ بمقولة الجمع بين السلطة والدين ، وقد أسس جماعة إخوان المسلمين وقد زاحمت بقية الأحزاب أنذاك ثم إنظم اليها سيد قطب وساهم بدفع الجماعة وتعاونها مع الضباط الأحرار في ثورة يوليو 1952 . أما الشيعة الأمامية فقد حدثت فيها إنعطافة في خمسينيات القرن الماضي ، وهي ضرورة تشكيل الأحزاب والأخذ بمبدأ الجمع بين الدين والسياسة ، وكان رائداهذا التوجه هما محمد باقر الصدر والأمام الخميني وبمباركة مرجع الطائفة الأمام محسن الحكيم . وهناك من يعتقد إن التشيع العلوي هو غير التشيع الصفوي، فالأول يقصد به الشيعة العرب الذين يؤمنون بأن لعلي المكانة الثانية بعد النبي ، والصفويون هم الفرس الذين دخلوا الإسلام وشايعوا الأئمة بعد ألامام الحسين ، ولأعتقادهم إن الدماء الفارسية إمتزجت مع الدماء الهاشمية ، دماء عائلة النبي ، يوم تزوج الأمام الحسين من الشاهبورية بنت كسرى، وكانت أسيرة في حروب القادسية ، وكواحده من الغنائم ، وقد أثمر هذا الإمتزاج بولادة علي أبن الحسين وهو الذي أنجب بقية الأئمة ، وهو الوحيد الذي لم يقتله يزيد ، لأنه كان فتاً ، وكان مريضاً .4 والإنعطافة في النهج الشيعي هذه ، ايضاً قائمة على مبادئ أردشير ، ولكن بقلب المعادلة والقائلة إن هيبة الأمام تعلو على هيبة الخليفة والذي يتحكم في الأبدان ويتصرف بالأرواح بواسطة رجال الدين الرسميين . بينما الأمام يتحكم بالنفوس ومن خلالها يتحكم بالأبدان ، وطاعة الأمام من طاعة الله ، لأنه وارث أسرار الدين ووارث النبوة . 5 والمغالاة عند الإيرانيين أكثر في موضوعة ولاية الفقيه والذي يعتبر بمثابة الله ، فهو صاحب القرار الأول في الدولة وعلى الرعية الطاعة العمياء . وهو الذي يحيي ويميت ، فالخميني مثلاً هو الذي أفتى بقتل سلمان رشدي ، وهو بهذا أخذ دوري القاضي والجلاد في الحياة ، بينما الله لايحاسب في الحياة الدنيا بل في الأخرة . ولم تكن هذه الفتوى الوحيدة ، بل هناك فتاوى همجية لايعرف أصحابها كانت نتيجتها تصفية أنظف العقول البشرية في المنطقة الا وهم الشهداء: حسين مروه والعامل وفوده وليلتحق بهم الشهيد كامل شياع . وهم بهذا ماثلوا الوهابية والسلفية في الإجرام.ـ ـ ! ومن أخطر الكوارث أن يتحول هذا التوجة لدى المراجع الى ثقافة تفرضها هذه الجماعات المتحزبة عند إستلامها للسلطة على أفراد المجتمع ، وهذا ما يحدث اليوم في مراقبة ومحاسبة الناس على شرابهم وملبسهم وكل سلوكياتهم ، وهذا سيؤدي الى إغلاق كل منافذ التفكير ويحدد مسارات الوعي عند الناس .
صراع الطوائف
هناك خلافات فقهية كثيرة تختلف عليها الطوائف الإسلامية ، بدءً من الأذان للصلاة ومروراً بموقع علي من محمد ، والذي يصفه البعض كموقع هارون من موسى .ومع إن الخلافات بدأت منذ أيام الفتنة الكبرى ، إلا إنها تفجرت في العصر الحديث بين الوهابية أيام محمد بن عبد الوهاب والشيعة ، فقد أغارت الوهابية على كربلاء والناصريةفي محاولة لهدم قبور الأئمة، وقد غنموا حسب إعتقادهم المال الذي سرقوه، وقتلوا العديد من الرجال والنساء .6 إلا إن الصراع بين الطائفتين أخذ أبعاداً أوسع بعد نجاح الثورة الإسلامية في إيران بزعامة الخميني ، وسيطرة الطائفة الشيعية على كل الأمور في إيران . وهذا التغيير على الخارطة السياسية في المنطقة، كان السبب الأول في الحرب الإيرانية العراقية ، لاسيما والعراق أنذاك كان يمثل الفكر القومي ومدعوماً من السعودية التي تمثل الطائفة الوهابية . والصراع والتنافس اليوم بين الطائفتين يقوم على إيجاد قواعد لكل منهما في العالم، ومن خلال بناء المساجد للوهابية والحسينيات للشيعة ، وقد إستطاعت إيران من بناء حزب الله في لبنان ، وهي بهذا شقت لبنان الديمقراطية سابقاً الى جماعة ترتبط بها من خلال حزب الله والمتحالفين معه والمؤيدين للتدخل السوري، ومجموعة إخرى ترتبط بالسعودية ،وأيضاً نجحت في إستقطاب حماس اليها ، وهناك تنظيمات عديدة في اليمن وأفغانستان وباكستان والكويت وهي ترتبط بهذه الطائفة أو تلك . ووصل التنافس الى شراء الحكام والنظم، فانقسم الحكام العرب بين الطائفبين والدولتين وهذا ما ظهر في مؤتمرات القمم الأخيرة الإسلامية والعربية . ولم تكن تركيا الإسلامية الوسطية بعيدة عن هذا التنافس، وكلما سنحت لها الفرصة طرحت نفسها وكأنها المنقذ المعتد ل والحضاري أمام العالم ، وكأن التأريخ يعيد نفسه بالتنافس بين إيران وتركيا على ركوب الإسلام وبأسم الطائفتين ، وهذا ما لا يروق لمصر والتي تطرح نفسها دائما كممثلة للأمة العربية والإسلامية و رائدة للقومية العربية. والكارثة تكمن إن هذه الطوائف قد وصلت للسلطة، وفي بلدان تمتلك موارد نفطية هائلة ، وأسلحة وطاقات بشرية ، وأي إنفجارللصراع بينهما سيؤدي الى أكبر كارثة في المنطقة وربما في العالم ، هذا أذا أضفنا إلى هذا الصراع إسرائيل والتي لديها مشاكل مع إيران تتعلق بالسلاح النووي في المنطقة .
كارثية الطوائف في العراق في العراق تشكل الشيعة طائفة كبيرة،ومراقدأئمة الشيعة في العراق هي ما يدور حوله كل الشيعة في العالم،ولإن العراق جار لإيران وللسعودية، فهو يمثل مركز صراع للطائفتين وللدولتين . لاسيما وقد تنامت الطائفة الوهابية كثيراً أثناء حكم صدام القومي وبتشجيع منه ،لكي تساعده في صراعه مع إيران . وبعد 2003 أصبح العراق ساحة حرب بين الطائفتين وأحزابهما ومليشياتهما ، ومن أوجه التنافس والصراع هو محاولة كلا الدولتين دعم المزيد من الأحزاب العاملة في العراق، وبغض النظر عن وجهتها قومية كانت أو دينية ، المهم أن يكون لكل منهما دوره في توجيه المسيرة القائمة في العراق وفق لمصالح إيران أو السعوديه. وأوضاع العراق هذه أذا أضفنا اليها ما حصل له في العقود الثلاث المنصرمة والتي جعلت منه الدولة الأضعف بين كل جيرانه . المشتركات بين الفكر القومي والطائفي
* الفكر القومي والطائفي يستمدان مرجعياتهما من الفكر الإسلامي والقبلي، ولهذا فقضية منح الحقوق للقوميات والأثنيات الصغيرة غير الإسلامية يعتبر من المحرمات،وأذا نادى به أحد هذه الأحزاب فمن أجل المناورة ليس إلا . بل هناك إعتداءات إجرامية من قبل المليشيات القومية والطائفية لتهجير هذه التجمعات والتي تعيش على هذه الأرض منذ الأزل . * لا يؤمنان بالديمقراطية كمفاهيم حضارية، تعتمد أولاً على ضمان حقوق الإنسان وحرية أفكاره ، بل يقبّلان بالديمقراطية لأن صناديق الأقتراع تأتي بهما لسدة الحكم .ولأن المرحلة التأريخية التي يعيشها العالم العربي والإسلامي تنتج مواطناً يجهل ما يدور حوله من صراعات مركبة ، ولم ينضج المواطن في هذه البلدان إلى مستوى التقدم الحاصل في العالم بعد ، حتى يقررالإبتعاد عن هذه الأفكار . * الفكر القومي والطائفي كلاهما يضمران الحقد للأحزاب العلمانية ،والتي تؤمن بالمفاهيم الحضارية و الديمقراطية، كحقوق الآنسان ومبادئ المساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات . * يتشابهان في الوحشية والتدمير لكل من يعارض أفكارهما ، وهذا ما قام به البعث ضد الأحزاب والأفكار الأخرى وطوال تأريخه الطويل ، فقد دمر الفكر القومي التنظيمات الشيوعية في مصر والسودان وبأبشع وسائل التدمير ، وإستعمل البعث في العراق الأسلحة المحرمة ضد الشعب الكردي . وما فعلته إيران في تصفية كل القوى السياسية أثناء إستلامهم للسلطة ، أما السعودية الوهابية فلم تسمح لأي فكر أخر ولو بالتنفس داخل أراضيها . وممكن أن يكون الحجاج والي العراق أيام الأمويين، هو القاسم المشترك للفكرين القومي والطائفي فهو الحاكم الوحش ،والذي كان يعتقد إن قطع رأس المعارض هو أبسط وأريح حل للخلاص منه . إن حالة العراق كدولة ( نظام ) وشعب حالة صعبة ومؤلمة ، وهذا ما يلاحظ عليه اليوم في الحالات الأقتصادية والأجتماعية والفكرية ،وإرتفاع نسبة البطالة ، والأمية والأرامل والمشردين في الشوارع . هذا بينما شعوب العالم في سباق محموم من أجل التطور والتقدم الى الأمام . ويبقى الأمل في إنقاذ العراق وشعبه من هذه الأشراك القومية والطائفية معقوداعلى كل القوى الوطنية والديمقراطية والعلمانية، والتي لاتقبل المعونات المالية أو المشورة من الدول المجاورة أو البعيدة من أجل خدمة هذه الدول . لكن بعثرة هذه القوى، وفرقتها وغياب وعي المواطن العراقي بمخاطر ما يدور حول الوطن من مشاريع ومخططات تدميريه من قبل الدول المجاورة والتي لاتهمها غير مصالحها ، هذا الواقع يصعًب من عمل هذه القوى ويفرض عليها أن تحفر في الصخر من أجل كسب المواطن، والذي وحده القادر على فرضها على القوى القومية والطائفية ومن خلال النظام الديمقراطي والقائم على صناديق الإقتراع . ويبقى الأمل ( الديالكتيكي) وارد في تطور الأحزاب القومية والدينية غير المتشددة، نحو المعاصرة والحداثة والإبتعاد عن الفكرالطائفي الضيق، والجنوح نحو المزيد من الأيمان بالإنسانية وحقوق المواطن، وهذا ما حصل للأحزاب الدينية في أوربا بعد الحرب العالمية الثانية ، لاسيما والبقاءعلى كرسي الحكم يغري هذه الأحزاب على تغيير مناهجها وفق متطلبات العصر ومصالح الشعب ، وهذا إن حدث فأنه يعني أن الشعب ومصالحه هي التي ستقود العملية وليس هذه الأحزاب . وقد يحدث هذا لكلا الفكرين ومن أي طائفة كانت اذا حكمت العقل الراشد في قياس الماضي بمنظور الحاضر والمستقبل ، وليس قياس الحاضر بمنظور الماضي كما يحصل الأن . ومن غير المستبعد أن تتم تحالفات بين الدول الدينية الإسلامية هذه ، لإبقاء الأوضاع على ما هي عليه بدعوى المحافظة على القيم الإسلامية والتأريخ الإسلامي العربي ، وسد الطريق أمام تقدم القوى الوطنية والتقدمية .
1ــ هيئة الأمم حول قضية فلسطين . 2ــ أردشير تحقيق إحسان عباس بيروت 3 ،6 ــ لمحات من تأريخ العراق د علي الوردي 4 ــ علي شريعتي التشيع العلوي والتشيع الصفوي 5 ــ العقل الأخلاقي العربي محمد عابد الجابري غازي صابركوارث الفكر القومي والطائفي
المقال لايتطرق الى بنية الفكرين وفلسفتهما ، بقدر ما يشير الى الكوارث التي جاؤوا بها الى المنطقة والعالم . في البداية إن وجودهذه الأفكار القومية والطائفية هي نتاج طبيعي للمرحلة التاريخية ( الأقتصادية والأجتماعية) و التي ترزح تحتها الشعوب العربية والأسلامية . ومن البديهيات إن كل إنسان يولد ينسب الى قومية معينة أو الى دين أو طائفة ، ولا ذ نب لنا بهذا ، لكن الكوارث التي نشير اليها : هي إقحام الدين أو القومية أو الطائفة في السياسة . فمن غير الجائز تشكيل الأحزاب والكتل السياسية على أساس هذه المسميات ، والسعي بأسم هذه المسميات الوصول الى السلطة والتحكم بكل موارد الدولة لصالح تلك القومية أو تلك الطائفة ، ومصادرة حقوق وأراء بقية القوميات والطوائف في البلاد . وأكبر الكوارث هي إيمان تلك الأحزاب بطرق القوة المسلحة للسيطرة على السلطة ، وفرض الأمر الواقع على الجميع . وإستمد الفكر القومي والطائفي هذا النهج في السيطرة على السلطة من نهج الخلافتين الأموية والعباسية . لكن الجديد في زماننا هو صراعهما على من يكون صاحب القرار الأول : الحاكم ( الخليفة ) أو الحزب الديني ( رجل الدين ) .
كوارث الفكر القومي
في سنين القرن الماضي ، وصلت أحزاب أو قيادات عسكرية تؤمن بالفكر القومي الى السلطة ، وهذا ما حدث في مصروسوريا والعراق وليبيا وبلدان إخرى . وكانت طرق الوصول هي الأنقلابات العسكرية وعن طريق القوة . ولأنها لاتمثل الأكثرية في المجتمع ، بل تمثل الأقلية المشحونة بالفكر القبلي العصبوي والممتزج أحياناً بالفكر الديني المتشدد ، فانها إنتهت إلى سيطرة زعيم واحد أو عائلة واحدة على مقدرات كل دولة من هذه الدول . وهذه هي نهاية المطاف لمستقبل كل الحركات القومية في التأريخ . وأول الكوارث تقع أثناء الأنقلاب. وقد تكون مدمرة ، وهذا ما حصل في إنقلاب البعث عام 1963في العراق . والكارثة ليست بحجم الدماء التي سفكت ، ولا باعداد الناس الذين زجوا في السجون ، بل بما ترتب على هذا الأنعطاف الأجباري في مسيرة المجتمع، والذي أفضى الى إنهيار إقتصادي وإجتماعي، وتدمير وتشويه للذات الوطنية . ومنذ أن وجّدت كارثة فلسطين عام 1948، وأصحاب الفكرين طرحا القضية وكأنها قضية وجود وتحديد مصير للعرب أو اليهود ،بمعنى لاوجود لأحدهما بوجود الآخر . وقد إعتاش وعاظ السلاطين على هذه القضية، بينما الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والتي طالتها نيران الحروب بسبب هذه القضية يعانون التشرد والضياع في بقاع الأرض . وكان من الممكن إعتبارها قضية بين دولتين مختلفتين على تحديد مساحة الأرض بينهما وهذا ما نادت به هيئة الأمم وقوى معتدلة في المنطقة . 1 وطالما بقيت هذه القضية في هذا النفق المظلم ، نفق الدين والقومية فأنها لن تحل ، الا أذا نظر اليها من منظور عصري وجرى حلها على إسس علمية وإنسانية . ومن الكوارث البارزة للحكومات القومية :هي الحروب الكارثية التي قامت بها بدعوى مصلحة الأمة وقضاياها المصيرية ، الا وهي حروب 1967 حزيران و1980 بين العراق وإيران ، وما تبعتها من حروب الخليج والتي إنتهت بدخول القوات الأمريكيةالى المنطقة والعراق عام 2003 وبقوات عسكرية فاقت كل قوات دول المنطقة من حيث القوة والفتك . ومن الكوارث القادمة هي قضايا القوميات والطوائف الصغيرة داخل البلد الواحد، والتي لاتريد النظم القومية الحاكمة الأعتراف بها ومعالجتها على إسس إنسانية وعلمية . فالسودان هذه الدولة التي بحجم قارة من حيث المساحة والتي تعيش فيها العديد من القوميات والأثنيات المختلفة ، لكن الفكر القومي والديني الحاكم في السودان لا يقبل بغير الحكم العربي الاسلامي ولطائفة معينة في الأسلام . وكذلك في المغرب والجزائر وبلدان عربية و إسلامية إخرى . وسنسمع في كل موسمٍ جرائم جديدة ودماء تسفك كما حصل في جنوب السودان أو في دارفور أو في كردستان أو الصحراء الغربية . ولأن الفكر القومي وأحزابه يؤمنون بأن الغاية تبرر الوسيلة ، فأنهم لا يفكرون بحجم الجرائم التي يقومون بها ضد شعوبهم ، لأن غايتهم الوصول الى السلطة ، وهذا النهج يجمعهم مع المنظمات والأحزاب الطائفية والتي ترتكب كل يوم أبشع الجرائم بحق الناس والوطن من أجل السيطرة على السلطة وإقامة دولة الأسلام الموعودة .
موضوعة الدين والسياسة والطوائف الله في كتابه يخاطب النبي : إنا أرسلناك مبشراً ونذيرا . أي ناصح للخير الذي يوصل الناس لرضى الله يوم القيامة ، ومحذراً الناس من إتباع الشر ، وهذا يغضب الله يوم الحساب . وهنا النبي والذين من بعده من رجال الدين ، لا يحق لهم ممارسة دور القاضي والجلاد في الحياة الدنيا ، إنما عليهم الارشاد، والأنسان هو صاحب الأختيار في موضوعة العبادة . ومفهوم جمع السلطتين السياسية والدينية بيد الخليفة ولدت زمن الأمويين، ثم أخذ بها العباسيون . فأول ما راود معاوية بعد إن إستتبت له الأمور،هو بناء إمبراطورية عربية واسعة على غرار الأمبراطوريتين الفارسية والرومانية . وقد إستفاد من مشورة الكتاب الذين يعملون لديه، وكثيراً منهم لديه إطلاع على أنظمة الحكم في فارس. وتيمناً بهذه المسيرة ، أمر الخليفة هشام بن عبد الملك بترجمة كل الكتب التي تتحدث عن إصول الحكم في فارس . ومن أبرز ماإخذ به هو ما كتبه الملك الساساني أردشير 240 م والذي يعتبر مؤسس الدولة الفارسية والذي أنهى حكم الطوائف بعد إن إحتلت من قبل الأسكندر المقدوني، والذي حولها الى دويلات وطوائف . وأردشير يعتبر ( الدين والملك توأمان لاقوام لأحدهما إلا بصاحبه ) . ولأن الملك ضل الله على الأرض فعلى الرعية الطاعة وعلى الملك العطف على الرعية . وقدجمع أردشيربيده السلطتين السياسية والدينية من خلال رجال الدين، والذين يلازمونه ويستمعون لمشورته . وهذا ما نهجت عليه الخلافتين الأموية والعباسية .2 وبهذه المفاهيم أخذت الأحزاب القومية ، وتأخذ اليوم الأحزاب الدينية وتسعى للسلطة ، لكن بزعامة المراجع الدينية وليس بزعامة الحاكم ( الخليفة ) كما هو الحال في الخلافتين أو عند القوميين .
الوهابية الطائفية
هذه الطائفة سبقت بقية الطوائف في العصر الحديث في إقحام الدين بالسياسة، ومن خلال تحالف محمد بن عبد الوهاب شيخ الطائفة 1703 ــ 1792 مع محمد بن سعود جد ملوك أل سعود، للقتال سوية وتشكيل دولة إسلامية على منهج الطائفة في الجزيرة . وتستمد هذه الطائفة أفكارها من إبن تيمية ومن الأمام أحمد بن حنبل والذي يوصف برائد الجبرية في الإسلام . ونجحوا في إحتلال كامل الاراضي السعودية وقيام المملكة 1902 ــ 1935 . وقد تعرض هذا التحالف الى التدهور نتيجة لتشدد شيوخ الطائفة في مراقبة حتى تصرفات الملك، ووصل الأمر الى مراقبة طول شاربه وطول ثوبه . 3 عندها نصح الأمريكان والبريطانيين، حلفاء الملك بتوجيه نشاط الطائفة الى الخارج ، لأبعادها عن العائلة المالكة و لكي يصب هذا الأبعاد في خدمة صراع الناتو ضد السوفيت أيام الحرب الباردة .ونجحت الطائفة في بناء العديد من المساجد في بلدان العالم منافسة للكنائس المسيحية . ونجحوا في تشكيل وبناء العديد من المدارس الدينية وعلى نهج الطائفه في البلدان الفقيرة ، وخصوصاً في باكستان المجاورة للهند الهندوسية وأفغانستان المجاورة للسوفيت . وأستغلوا فقر هذه البلدان عن طريق دفع الرواتب المجزية لطلاب هذه المدارس، والتي نجحت في تخريج الألاف من الإنتحاريين للدفاع عن تعاليم الطائفة خلال العقود الخمسة الأخيرة . وأثمر هذا التعاون بين الغرب والطائفة الى إخراج السوفيت من أفغانستان ، فكانت دولة طالبان المتشددة . والتي أثمرت كوارث من الفقر والتخلف على شعبي باكستان وأفغانستان من خلال تطبيق أفكارهم المتشددة ، فكانت 11 سبتمبر، وكان دخول قوات الناتو الى أفغانستان لتحريرها من طالبان . ولتفرهذه الوحوش الأدمية بشكل مجاميع مسلحة الى كل العالم العربي والإسلامي بأسم القاعدة وأتباع الفكر السلفي ، فكانت مذابح الجزائر وأحداث اليمن ودخول الزرقاوي الى العراق ، وكانت دياناتهم وهداياهم الرعب والموت وفي كل البلدان التي عشعشوا فيها . ومن أكبر الكوارث في فكر طالبان والقاعده أو السلفية كما يسمون أنفسهم، و يدّعون أ نهم يمثلون الفكر الوهابي هو تكفيرهم لكل إنسان لا يؤمن بالاسلام سواءً كان يهودياً أو نصرانياً . ويكفرون حتى طائفتي الشيعة والصوفية ويحللون قتل معارضي أفكارهم وبأبشع صور القتل ، كالحرق بالنار أو التفجير بالقنابل أو قطع الرقاب ورمي الجثث في المزابل . وأوسع ساحة مارسوا فيها الفتك بالإنسان والمباني هي الساحة العراقية ، فالذي مارسوه بحق هذا الشعب لم يصل اليه حتى هولاكو في بشاعته، وتحطيم الحالة النفسية لأفراد المجتمع .
تحزب بقية الطوائف
في ثلاثينيات القرن الماضي ، قدم حسن البنا نفسه في مصر كممثل للطائفة الأم وهي السنية ، وبدأ الأخذ بمقولة الجمع بين السلطة والدين ، وقد أسس جماعة إخوان المسلمين وقد زاحمت بقية الأحزاب أنذاك ثم إنظم اليها سيد قطب وساهم بدفع الجماعة وتعاونها مع الضباط الأحرار في ثورة يوليو 1952 . أما الشيعة الأمامية فقد حدثت فيها إنعطافة في خمسينيات القرن الماضي ، وهي ضرورة تشكيل الأحزاب والأخذ بمبدأ الجمع بين الدين والسياسة ، وكان رائداهذا التوجه هما محمد باقر الصدر والأمام الخميني وبمباركة مرجع الطائفة الأمام محسن الحكيم . وهناك من يعتقد إن التشيع العلوي هو غير التشيع الصفوي، فالأول يقصد به الشيعة العرب الذين يؤمنون بأن لعلي المكانة الثانية بعد النبي ، والصفويون هم الفرس الذين دخلوا الإسلام وشايعوا الأئمة بعد ألامام الحسين ، ولأعتقادهم إن الدماء الفارسية إمتزجت مع الدماء الهاشمية ، دماء عائلة النبي ، يوم تزوج الأمام الحسين من الشاهبورية بنت كسرى، وكانت أسيرة في حروب القادسية ، وكواحده من الغنائم ، وقد أثمر هذا الإمتزاج بولادة علي أبن الحسين وهو الذي أنجب بقية الأئمة ، وهو الوحيد الذي لم يقتله يزيد ، لأنه كان فتاً ، وكان مريضاً .4 والإنعطافة في النهج الشيعي هذه ، ايضاً قائمة على مبادئ أردشير ، ولكن بقلب المعادلة والقائلة إن هيبة الأمام تعلو على هيبة الخليفة والذي يتحكم في الأبدان ويتصرف بالأرواح بواسطة رجال الدين الرسميين . بينما الأمام يتحكم بالنفوس ومن خلالها يتحكم بالأبدان ، وطاعة الأمام من طاعة الله ، لأنه وارث أسرار الدين ووارث النبوة . 5 والمغالاة عند الإيرانيين أكثر في موضوعة ولاية الفقيه والذي يعتبر بمثابة الله ، فهو صاحب القرار الأول في الدولة وعلى الرعية الطاعة العمياء . وهو الذي يحيي ويميت ، فالخميني مثلاً هو الذي أفتى بقتل سلمان رشدي ، وهو بهذا أخذ دوري القاضي والجلاد في الحياة ، بينما الله لايحاسب في الحياة الدنيا بل في الأخرة . ولم تكن هذه الفتوى الوحيدة ، بل هناك فتاوى همجية لايعرف أصحابها كانت نتيجتها تصفية أنظف العقول البشرية في المنطقة الا وهم الشهداء: حسين مروه والعامل وفوده وليلتحق بهم الشهيد كامل شياع . وهم بهذا ماثلوا الوهابية والسلفية في الإجرام.ـ ـ ! ومن أخطر الكوارث أن يتحول هذا التوجة لدى المراجع الى ثقافة تفرضها هذه الجماعات المتحزبة عند إستلامها للسلطة على أفراد المجتمع ، وهذا ما يحدث اليوم في مراقبة ومحاسبة الناس على شرابهم وملبسهم وكل سلوكياتهم ، وهذا سيؤدي الى إغلاق كل منافذ التفكير ويحدد مسارات الوعي عند الناس .
صراع الطوائف
هناك خلافات فقهية كثيرة تختلف عليها الطوائف الإسلامية ، بدءً من الأذان للصلاة ومروراً بموقع علي من محمد ، والذي يصفه البعض كموقع هارون من موسى .ومع إن الخلافات بدأت منذ أيام الفتنة الكبرى ، إلا إنها تفجرت في العصر الحديث بين الوهابية أيام محمد بن عبد الوهاب والشيعة ، فقد أغارت الوهابية على كربلاء والناصريةفي محاولة لهدم قبور الأئمة، وقد غنموا حسب إعتقادهم المال الذي سرقوه، وقتلوا العديد من الرجال والنساء .6 إلا إن الصراع بين الطائفتين أخذ أبعاداً أوسع بعد نجاح الثورة الإسلامية في إيران بزعامة الخميني ، وسيطرة الطائفة الشيعية على كل الأمور في إيران . وهذا التغيير على الخارطة السياسية في المنطقة، كان السبب الأول في الحرب الإيرانية العراقية ، لاسيما والعراق أنذاك كان يمثل الفكر القومي ومدعوماً من السعودية التي تمثل الطائفة الوهابية . والصراع والتنافس اليوم بين الطائفتين يقوم على إيجاد قواعد لكل منهما في العالم، ومن خلال بناء المساجد للوهابية والحسينيات للشيعة ، وقد إستطاعت إيران من بناء حزب الله في لبنان ، وهي بهذا شقت لبنان الديمقراطية سابقاً الى جماعة ترتبط بها من خلال حزب الله والمتحالفين معه والمؤيدين للتدخل السوري، ومجموعة إخرى ترتبط بالسعودية ،وأيضاً نجحت في إستقطاب حماس اليها ، وهناك تنظيمات عديدة في اليمن وأفغانستان وباكستان والكويت وهي ترتبط بهذه الطائفة أو تلك . ووصل التنافس الى شراء الحكام والنظم، فانقسم الحكام العرب بين الطائفبين والدولتين وهذا ما ظهر في مؤتمرات القمم الأخيرة الإسلامية والعربية . ولم تكن تركيا الإسلامية الوسطية بعيدة عن هذا التنافس، وكلما سنحت لها الفرصة طرحت نفسها وكأنها المنقذ المعتد ل والحضاري أمام العالم ، وكأن التأريخ يعيد نفسه بالتنافس بين إيران وتركيا على ركوب الإسلام وبأسم الطائفتين ، وهذا ما لا يروق لمصر والتي تطرح نفسها دائما كممثلة للأمة العربية والإسلامية و رائدة للقومية العربية. والكارثة تكمن إن هذه الطوائف قد وصلت للسلطة، وفي بلدان تمتلك موارد نفطية هائلة ، وأسلحة وطاقات بشرية ، وأي إنفجارللصراع بينهما سيؤدي الى أكبر كارثة في المنطقة وربما في العالم ، هذا أذا أضفنا إلى هذا الصراع إسرائيل والتي لديها مشاكل مع إيران تتعلق بالسلاح النووي في المنطقة .
كارثية الطوائف في العراق في العراق تشكل الشيعة طائفة كبيرة،ومراقدأئمة الشيعة في العراق هي ما يدور حوله كل الشيعة في العالم،ولإن العراق جار لإيران وللسعودية، فهو يمثل مركز صراع للطائفتين وللدولتين . لاسيما وقد تنامت الطائفة الوهابية كثيراً أثناء حكم صدام القومي وبتشجيع منه ،لكي تساعده في صراعه مع إيران . وبعد 2003 أصبح العراق ساحة حرب بين الطائفتين وأحزابهما ومليشياتهما ، ومن أوجه التنافس والصراع هو محاولة كلا الدولتين دعم المزيد من الأحزاب العاملة في العراق، وبغض النظر عن وجهتها قومية كانت أو دينية ، المهم أن يكون لكل منهما دوره في توجيه المسيرة القائمة في العراق وفق لمصالح إيران أو السعوديه. وأوضاع العراق هذه أذا أضفنا اليها ما حصل له في العقود الثلاث المنصرمة والتي جعلت منه الدولة الأضعف بين كل جيرانه . المشتركات بين الفكر القومي والطائفي
* الفكر القومي والطائفي يستمدان مرجعياتهما من الفكر الإسلامي والقبلي، ولهذا فقضية منح الحقوق للقوميات والأثنيات الصغيرة غير الإسلامية يعتبر من المحرمات،وأذا نادى به أحد هذه الأحزاب فمن أجل المناورة ليس إلا . بل هناك إعتداءات إجرامية من قبل المليشيات القومية والطائفية لتهجير هذه التجمعات والتي تعيش على هذه الأرض منذ الأزل . * لا يؤمنان بالديمقراطية كمفاهيم حضارية، تعتمد أولاً على ضمان حقوق الإنسان وحرية أفكاره ، بل يقبّلان بالديمقراطية لأن صناديق الأقتراع تأتي بهما لسدة الحكم .ولأن المرحلة التأريخية التي يعيشها العالم العربي والإسلامي تنتج مواطناً يجهل ما يدور حوله من صراعات مركبة ، ولم ينضج المواطن في هذه البلدان إلى مستوى التقدم الحاصل في العالم بعد ، حتى يقررالإبتعاد عن هذه الأفكار . * الفكر القومي والطائفي كلاهما يضمران الحقد للأحزاب العلمانية ،والتي تؤمن بالمفاهيم الحضارية و الديمقراطية، كحقوق الآنسان ومبادئ المساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات . * يتشابهان في الوحشية والتدمير لكل من يعارض أفكارهما ، وهذا ما قام به البعث ضد الأحزاب والأفكار الأخرى وطوال تأريخه الطويل ، فقد دمر الفكر القومي التنظيمات الشيوعية في مصر والسودان وبأبشع وسائل التدمير ، وإستعمل البعث في العراق الأسلحة المحرمة ضد الشعب الكردي . وما فعلته إيران في تصفية كل القوى السياسية أثناء إستلامهم للسلطة ، أما السعودية الوهابية فلم تسمح لأي فكر أخر ولو بالتنفس داخل أراضيها . وممكن أن يكون الحجاج والي العراق أيام الأمويين، هو القاسم المشترك للفكرين القومي والطائفي فهو الحاكم الوحش ،والذي كان يعتقد إن قطع رأس المعارض هو أبسط وأريح حل للخلاص منه . إن حالة العراق كدولة ( نظام ) وشعب حالة صعبة ومؤلمة ، وهذا ما يلاحظ عليه اليوم في الحالات الأقتصادية والأجتماعية والفكرية ،وإرتفاع نسبة البطالة ، والأمية والأرامل والمشردين في الشوارع . هذا بينما شعوب العالم في سباق محموم من أجل التطور والتقدم الى الأمام . ويبقى الأمل في إنقاذ العراق وشعبه من هذه الأشراك القومية والطائفية معقوداعلى كل القوى الوطنية والديمقراطية والعلمانية، والتي لاتقبل المعونات المالية أو المشورة من الدول المجاورة أو البعيدة من أجل خدمة هذه الدول . لكن بعثرة هذه القوى، وفرقتها وغياب وعي المواطن العراقي بمخاطر ما يدور حول الوطن من مشاريع ومخططات تدميريه من قبل الدول المجاورة والتي لاتهمها غير مصالحها ، هذا الواقع يصعًب من عمل هذه القوى ويفرض عليها أن تحفر في الصخر من أجل كسب المواطن، والذي وحده القادر على فرضها على القوى القومية والطائفية ومن خلال النظام الديمقراطي والقائم على صناديق الإقتراع . ويبقى الأمل ( الديالكتيكي) وارد في تطور الأحزاب القومية والدينية غير المتشددة، نحو المعاصرة والحداثة والإبتعاد عن الفكرالطائفي الضيق، والجنوح نحو المزيد من الأيمان بالإنسانية وحقوق المواطن، وهذا ما حصل للأحزاب الدينية في أوربا بعد الحرب العالمية الثانية ، لاسيما والبقاءعلى كرسي الحكم يغري هذه الأحزاب على تغيير مناهجها وفق متطلبات العصر ومصالح الشعب ، وهذا إن حدث فأنه يعني أن الشعب ومصالحه هي التي ستقود العملية وليس هذه الأحزاب . وقد يحدث هذا لكلا الفكرين ومن أي طائفة كانت اذا حكمت العقل الراشد في قياس الماضي بمنظور الحاضر والمستقبل ، وليس قياس الحاضر بمنظور الماضي كما يحصل الأن . ومن غير المستبعد أن تتم تحالفات بين الدول الدينية الإسلامية هذه ، لإبقاء الأوضاع على ما هي عليه بدعوى المحافظة على القيم الإسلامية والتأريخ الإسلامي العربي ، وسد الطريق أمام تقدم القوى الوطنية والتقدمية .
1ــ هيئة الأمم حول قضية فلسطين . 2ــ أردشير تحقيق إحسان عباس بيروت 3 ،6 ــ لمحات من تأريخ العراق د علي الوردي 4 ــ علي شريعتي التشيع العلوي والتشيع الصفوي 5 ــ العقل الأخلاقي العربي محمد عابد الجابري غازي صابر
#غازي_صابر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قصة قصيرة المقابلة
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|