الحرية الثقافية

داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 2650 - 2009 / 5 / 18 - 08:24
المحور: المجتمع المدني
    

ان الانسان بطبعه مفطور على الحرية وان الحرية تجري في عروقه مجرى الدم في الشرايين وهو بذلك يتوق الى شم رياحينها وانسامها العذبةلا سيما اذا تعرض هذا الانسان الى الانتهاكات والضغوطات وحرم من ممارسة حقوقه الطبيعية في الحياة، سواء أكانت هذه الحقوق دينية أم سياسية ام اجتماعية ام غير ذلك، فانه يشعر بالاحباط والتوجس والخيفة احيانا، ويظل ذلك ملازما له في سكناه وترحاله، فلا يقر له قرار ولا يهنأ له عيش طالما يرى انه مسلوب الارادة ومكبل بقيود، وينوء بحمل ثقيل من الهموم والشجون ولا يستطيع ان ينفس عن ذلك بسبب تلك الضغوطات، ويشعر كأنه داخل سجن متحرك تحوكه عساكر لا تعي ما يدور في خلده ويجري في ذهنه، ولا تحسب حسابا لارادته بصفته انسانا من دم ولحم وله مشاعر واحاسيس. والحريات انواع منها الحرية الشخصية والاخرى الحرية الثقافية وثالثة الحرية السياسية، وكل هذه الحريات لا يمكن ان يستغني عنها الانسان، فمثلما يريد الانسان ان يعيش حرا كذلك يرغب بان يمارس ثقافته الموروثة وان يطلع على ثقافات الشعوب ويتسلح بأفكار تصب في مصلحته الشخصية، من دون رقيب او حائل يحول بينه وبين ما يروم.
وبهذا الصدد يشير المفكر (امارتيا صن) في كتابه (الهوية والعنف) وهو من سلسلة (عالم المعرفة) الى ان اهمية الحرية الثقافية لابد ان تميز من الاحتفال بكل شكل من اشكال الميراث الثقافي، بصرف النظر عما اذا كان الاشخاص المعنيون قد يختارون هذه الممارسات بعينها لو اعطوا الفرصة للفحص النقدي ومعرفة كافية بالاختيارات والفرص الاخرى الموجودة فعلا. وقد تشمل الحرية الثقافية، من بين اولويات اخرى، حرية الارتياب في الموافقة الآلية على تقاليد الماضي، خصوصا عندما يرى بعض الناس ـ وبالذات الشباب ـ سببا لتغيير اساليب حياتهم.
اذا كانت حرية اتخاذ الانسان للقرار مهمة، فان نتائج الممارسة المنطقية لتلك الحرية لابد ان تحظى بالتقدير، بدلا من رفضها بسبب وجود سابقة مفروضة لاتجاه محافظ لا نزاع فيه. والرابطة الحاسمة هنا تشمل قدرتنا على ان نأخذ بعين الاعتبار اختيارات بديلة، وان نفهم ما هية الاختيارات المعنية، ثم ان نقرر ما لدينا من المنطق الكافي لكي نريده.
ويضيف بالقول: لابد ان يكون معروفا ان الحرية الثقافية يمكن ان تقف امامها حوائل عندما لا يسمح مجتمع ما لجماعة بعينها بان تمارس بعض انماط الحياة التقليدية التي يمكن لاعضاء الجماعة اختيار اتباعها بحرية.
ويمكن ان نفسر هذا الكلام بان هذه الجماعة قد تكون هي اقلية في مجتمع كبير، فتحصل تلك الضغوطات وهو امر شائع في كل المجتمعات غربية كانت ام عربية شرق اوسطية.

#داود_السلمان (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات