حيدر طالب الاحمر
الحوار المتمدن-العدد: 2647 - 2009 / 5 / 15 - 02:29
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
يعاني مجتمعنا العربي والعراقي بالذات من العديد من الأوبئة، سواء كانت صحية أو بيئية أو الاجتماعية، وترعاها السياسية، مما أدى إلى تراكم الويلات والمصائب على المواطن المسكين أعانه الله.
فهذا المواطن والعراقي بالخصوص لايهتم لتطبيق النصائح الصحية، إلا في حالة واحدة إن عدم تطبيقها يعوق من عمله أو يؤثر على سبب رزقه القاتر، وإلا فلا داعي للاستماع لها أو تطبيقها لأنها أولاً واخيراً ستكون ذات تكلفة مادية تؤثر بالتالي على دخله البسيط، الحاصل عليه بكل صعوبة، هذا إضافة إلى عدم توفر الدوائر الصحية ذو الكفاءة والنتائج المرضيّة، مع وجود الإمكانيات المادية والتي تنفق بدون جدوى أو فوائد صحية للمواطن فقط لإعمار السجلات الحسابية لا أكثر ويرجع هذا بسبب عدم كفاءة القائمين عليها على مر الوقت وخاصة منذ الاحتلال وليومنا هذا مع الأسف!
طبعاً ستقولون إن هذا الكلام ليس بشيء جديد يخفى على المواطن العراقي الذي أصبح بكل فئاته العمرية والفكرية على علم بما يجري حولهم ولو بتفاوت، وهذا يعني إن مواطننا أصبح ذو نظرة ثاقبة على الأشياء ولم يعد يستغفل أو يستجهل كما كان يُعمل به في فترة النظام البائد ولو إن لسان حاله يقول ماقاله المثل الصيني ( من أين يرتجى للشعيرِ حقٌ في محكمةٍ قضاتها الدجاج؟).
والذي دفعني لهذا المقال برنامج سمعته من إحدى الإذاعات العربية وكان موضوعها يتحدث عن سرطان الثدي وضرورة الكشف المبكر عنه عن طريق الفحص الدوري البسيط في المراكز الصحية المتخصصة حتى ولو كل ست أشهر!
فلو تم ذلك ستكون نسبة علاجه تزيد على 95% ، وهي بعون الله نسبة شفاء.
ومما زادني ألم وحسرة وقهر، هو ما آل إليه واقعنا الصحي المريض المرير الذي نعيشه بسبب واقعنا السياسي منذ عهد النظام البائد ولحد الآن فنرى إن مراكز الفحص عن السرطان سواء كان الدم أو الثدي، تعتبر من المراكز الشبه نادرة أو قليلة لاتسد حاجة العراق لها، وحالها هنا حال باقي الأمراض الأخرى وسبل علاجها، فقد قامت وزارة الصحة العراقية، بعلاج الحالات الغير قادرة على علاجها داخل العراق إلى إرسالها خارج العراق لغرض العلاج وهذه الحالات تخضع للجنة طبية في وزارة الصحة، وهذه اللجنة أو اللجان حسب ماشاهدت، تقوم بإرسال تقريباً كل أنواع المرضى إلى الخارج من المريض المصاب بالأرق إلى المريض المصاب بالسيدا، وطبعاً هذا يعتمد على علاقات المريض وواسطته، لأن الإجراءات الحقيقية الروتينية إذا سرت بها بصورة قانونية فلن يصلك الدور وستكون بالانتظار حتى يأخذ الله أمانته !؟
فعندما كنت في العاصمة الهندية نيودلهي لغرض إكمال دراسة الدكتوراه، وأثناء زياراتي المتكررة على بعض الأقرباء و الأصدقاء الذين يقدمون للهند لغرض العلاج في المستشفى الأمريكي في الهند، سواء كان على نفقته الخاصة أو على نفقة وزارة الصحة العراقية.
وصدق الله العلي العظيم بقوله: { لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً }.
فقد شاهدت العجائب في بلاد العجائب الهند ولكن هذه المرة ليس من أهل البلد وإنما من أهل وزارة صحتنا المبجلون!!!؟
فحسب ماعلمت من المستشفى الأمريكي في الهند ومن الدكتور وليد اليماني مسؤول قسم الشرق الأوسط والعالم العربي في المستشفى، ومن بعض المرضى العراقيين المرسلين من قبل وزارتنا، إن الوجبات المرسلة من العراق للمستشفى لاتزيد عن خمسين شخص مكونة من مرضى ومرافقين أي بالنصف إضافة لكادر طبي مسئول لايقل عن ثلاث أطباء عراقيين، والهدف من المرافق معروف سواء الشخصي أو الطبي، ولحد الآن الوضع تمام مثل مايقال، ولكن غير التمام إن الأطباء العراقيين المرافقين دورهم الحقيقي هو إيصال المرضى للمستشفى، وتسليم تقاريرهم إلى دكتور وليد اليماني، وتركهم بعد ذلك من قبل الأطباء المرافقين ليذهب كل طبيب إلى هدفه الأساسي والذي هو عبارة عن تجارة طبية يمارسها هؤلاء الأطباء العراقيين جماعة ابقراط!! نعم فمنهم من يستغل وجوده في الهند لشراء أجهزة طبية لعيادته الخاصة، ومنهم من يدخل دورات طبية مثل دورة سونار أو دورة رنين أو أشياء نادرة في العراق وغالية وذو كلفة عالية خارج الهند!!!؟
هذا والمريض العراقي سيصدم في المستشفى بأنه يحتاج إلى تكاليف علاج إضافية قد تصل إلى عشرات الآلاف من الدولارات، وان وزارة الصحة العراقية، قد خصصت مبلغ لايسد علاج هذا المريض الذي لولا حاجته ما ذهب إلى وزارة الصحة، وعند سؤال المستشفى الهندي كيف ذلك وقد أرسلت لكم وزارة الصحة العراقية التقارير الخاصة بالمرضى، وعلى هذا الأساس تم تقدير الأسعار من قبلكم وتم إرسالها من قبل الوزارة إليكم!!!؟
وسيكون الجواب، بكل صلافة نعم بكل صلافة، التقارير الأولية ليست نهائية (وهذا نعرفه) ونحن نقيم الأسعار على أساس الفحوص التي نجريها هنا عندنا.
وهنا قد زاد مرض المريض بهذا السعر الجديد، وأصبح يفكر كيف يخرج مما أوقعته فيه وزارة الصحة، إضافة إلى إن اغلب المرافقين للمرضى لايجيدون الانكليزية، لمخاطبة الأطباء الهنود، ولا وجود لطبيب مرافق معهم، والطبيب العربي اليماني، تم استحصال نسبته البالغة 10% من مبلغ كل مريض ترسله وزارة الصحة العراقية، وعند مايمر عليه المرضى، تجيب سكرتيرته ذو الأصول الفلسطينية ذو الولادة العراقية، بأن د. وليد مشغول!!!؟
وعند تكرار البحث عن هذا الوليد والذي لايحمل من أخلاق الأطباء الحقيقيين شيئا يستخدم اسلوب أولاد الشوارع نعم أولاد الشوارع فيقوم بالصياح والغلط على المرضى ويطردهم ويقول لهم اذهبوا إلى أطبائكم!!!
وهذا الأسلوب الجارح الجاف يستخدمه فقط مع المرضى العراقيين ولا يستخدمه مع المرضى الخليجيين نعم والله شاهد على ما أقول.
سؤالي الأول هنا إلى وزارتنا الموقرة، لماذا هذا الفساد في هذا الشيء من النعمة التي لو خصص جزء من مبالغها إلى دولة أخرى لما بقي فيها مريض اطلاقاً.
وسؤالي الثاني، لماذا ترسل الوزارة أطباء غير أكفاء وأمناء على مرضاهم؟
والثالث، لماذا تقبل وزارتنا الموقرة من دكتور مسؤول في هذه المستشفى المتعاقدة معها والذي يحصل من كل مريض عراقي على نسبة 10% صافية خالصة من المستشفى من مبالغ وزارة الصحة العراقية، ان يهان مرضانا، فهل كرامة إخوتنا الخليجيين اعز من كرامتنا ونحن من قيل فينا ( تموت الحرة ولا تأكل بثدييها ).
وسؤالي الأهم والأخير ؟
لماذا نحن في العراق نفتقد إلى مستشفيات تخصصية ؟ علماً إن الطب الحديث يعتمد على الأجهزة أكثر من اعتماده على الكفاءة ! نعم، الأجهزة، ولو إن الكفاءة لاتخلوا من بلدنا بل تفيض فيه إلى كردستان عراقنا العزيز ودول الجوار والغرب، وهناك سؤال يتردد بخاطري وخواطر العراقيين ؟
هل هذا الشيء مقصود بفعل الاحتلال؟ والجواب هنا، على ما اعتقد وأنا معروف بموقفي ضد النظام البائد والاحتلال البغيض الحالي، إن الاحتلال لايعارض ذلك من السماء إلى الأرض.
أو مقصود بفعل العملاء؟ هنا اعتقد إن الحكومة الحالية منتخبة ، العمالة وان وجدت، فستنفضح إذا عارضت أو وقفت في وجه هذا الشيء.
أو مقصود بفعل وجود الأشخاص غير المناسبين؟ وهذا اترك الجواب لك عزيزي القارئ.
#حيدر_طالب_الاحمر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟