أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جهاد علاونه - صلبوني














المزيد.....

صلبوني


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2647 - 2009 / 5 / 15 - 07:33
المحور: حقوق الانسان
    


صلبوني على صدوركن وعلى جذوع النخل وعلى أغصان الزيتون , صلبوني في المعابد والكنائس وفي الأزقة والشوراع , صلبوني على نهر الأردن على الأشجار والأزهار وجماليات غور الأردن وسألوني عنك وعن مهنتي وعن هويتي الضائعة , وبحثتُ عنك في مياه الغور فلم أجدك تستحمين كما تخيلتك , وبالمناسبة أين تستحمين ؟ سأحضر لك جلدي الأبيض منشفة لكي تجففي بدنك الأسمر , فمنذ قرون وأنت مبتلة بماءك وحدك , إنتظريني قليلاً فقد خلعت ُ جسدي لك .

جعلوني أبكي على ما فات من عمري دماً وماءاً وخبزاً ونبيذاً , حلمت بكأس الفودكا الأورنج من أصابع يدين ناعمتين تتدلى منهما سيجارة الكنت أو الماربورو , صلبوني على البحر وعلى الشاطىء الحزين والمكتئب , صلبوني في عيينيك السوداوين وفي قدرتك على كسر الضوء في داخل الماء , صلبوني وكسروا قلبي وزادوا من أحزاني ومن آلامي نثروني مثل الطحين في يوم سريع الريح وماطر مثل عينيك حين تقرأين كلماتي هذه .
كل النساء الجميلات يشبهن وجهك وكل خصر نحيل يشبه خصرك وكل حبة جوز هند تشبه نهدك تماماً , فنهدك الذي لم أرضع منه يسبب لي في كل مرة أفكر به عسر الهظم , إنه لا ينفكُ فمي يسألُ عنك , حتى أصبحت بالنسبة لي قاموس للكلمات الضائعة ,
صلبتني السيجارة بين يدك وهي تحترق مثل قلبي أنا , أو وهي تنطفأ كنور عيوني كلما تقدم به الزمن .
فشكراَ لسيجارتك التي أيقظت مشاعر رجل تحجر قلبه منذ سنين , فأنا منذ سنين لم تثرني إمرأة هادئة مثلك وأنا منذ سنين لم أشرب كأساً يجعلني (سُكارى وما هم بسكارى).
جعلوني جسراً يمتدُ بين البيت وبين القبر , جعلوني ورقاً تكتبُ عليه الحسناوات قصص العشق والهوى .
جعلوني جسراً معلقاً في وسط البلد بين ساعة البلدية المنتصبة وبين شارع السينما .
جعلوني أكلة شعبية لهواة الأكلات القديمة والأفكار القديمة .


صلبوني ولست ُ مسيحياً ولست إبناً للبابا أو الماما تيريز , صلبوني على كلمة قلتها حين ضاق صدري بالشارع وبالناس وبالدواب , صلبوني على نظرتي التي لا تستحي من فعل أي شيء ما عدى أن تتبول في الطريق كما الجرذان والحيوانات غير الأليفة .
صلبوني حين مرت بقربي قافلة العشاق ولم أجد يداً تمتدُ نحوي لتطوق كتفي , صلبوني على مقربة من بيتي حين نزلت من برجي العاجي إلى البرج الطفولي الحالم .
صلبوني على قارعة الطريق حين مر من قربي حبي القديم فلم أستطع السلام عليه أو النظر إليه .
صلبوني حين خسرت من عمري 39 تسعة وثلاثون عاماً عشتها في القهر والإذلال , والإنتظار .
صلبوني لأن المسيح لم يأت بعد وصلبوني , لأن غودو لم يضهر بعد على خشبة المسرح , فكل شخوص المسرحية قد بانت إلا غودو , السجين بان , والحالم بالسعادة بان , وكلهم كلهم كلهم بانوا إلا غودو والمسيح .
والمرتشون في مدينتنا ظهروا هم كثير وكثير وهم أعرض وأعمقُ من ماء المحيط , والدجاجلة ظهروا , إذاً لحظة من فضلك ِ لم يبق إلا أنت ِ فلماذا تأخرت ولم تحضري ؟, حتقولي المواصلات برضه ؟, ليس هنالك حجة بعد, حتى المواصلات ظهرت , والأتوبيسات ظهرت , وخطوط إنتاج (فورد) للسيارات ظهرت , وظهر معها أسياد العمال الجدد فقد أذلتهم وأرهقتهم خطوط الإنتاج دون جدى طائلة , فوضع العمال لم يتحسن بعد .

صلبوني لأن جميع الذين لا أنتظر منهم جواز سفر قد مروا بقربي , صلبوني لأن اللص والحرامي والحقير والسرسري والقواد والمرتشي قد ولد وظهر وبان إلا الذين أحبهم لم يضهروا بحياتي قط .
كلهم مروا من هنا ولكن من هناك لم يأت أحد .
صلبوني على الأبواب وعلى مداخل المدن ومخارجها صلبوني لأن أفكاري لا تصلح لمثل تلك المجتمعات النائمة , صلبونني لأن لغتي حداثية والنص ظاهر أمامي وكأنه قطعة من سماء الرب , وبراءتي وكأنني طفل بريء , في نصي يظهر نصفي الآخر بل كلي كل آرائي ومعتقداتي , صلبونني لأنني أستحمُ بنار الهوى واللوعة والإشتياق صلبونني , حين لم أجد في قلب الناس قلباً دافئاً ومرهف الحس مثلي , صلبوني لأن دقات قلبي تدق بسرعة جنونية من الخوف والأدرينالين .

صلبونني لأن لم أجد إمرأة تفرد شعرها على كتفي في آخر مشوار لها تقوم به في الليل من غرفة نومها إلى غرفة نومي .

صلبونني ألماَ وحسرة , صلبوني جبناَ وجهلاً , وغداَ سيقيمون لي تمثالاً برونزياً أو حديدياً لا أدري .
صلبوني على ما أظن في تاريخ الف وتسعميه وخشبه , أو ألف وتسعمية وقمع , أو 2000وتسمية وإرهاب , كل ما أعرفه أنهم صلبوني حتى أصبحت مهنتي هي الصلب, فكلهم ينادونني يا مصلوب يا مقهور يا مش عارف شو.
الصلب هواية المثقفين فلستُ وحدي المصلوب بل أنت معي تقرأ وتصلب نفسك , ونحن نفديك بالروح وبالدم , نفدي القلم والمحبرة وطاولة الكتب .



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أثرياء بلدتنا
- سنه حلوه يا جميل
- اللغة ألعربية لغة فقيرة
- غداً 12-5-1971م عيد ميلادي
- الأدباء الذين لا يتبعهم الغاوون
- الميكانيكا الأمنية : تحديد مفاهيم
- أين ضاع الطفل الأردني (ورد)؟تحديات أمنية مستقبلية
- أنا متورط
- ضاع العمر
- على شان شفة فودكا
- مشاجرة بين مسلم ومسيحي
- الخوري يستحم
- رسالة إلى بابا روما بمناسبة زيارته الأردن2009م
- أخطاء إملائية أم رسوم قرآنية ؟
- كلب إفرنجي أفضل من وزير عربي
- الوضع في الدول العربية طبيعي جداً
- نظراتي كلها جنسيه مش نظرة واحد عموه
- كاتب الشعر وكاتب الرواية
- شيخ الإعلان المُضلِل
- تطوير الإستبداد العربي


المزيد.....




- إسرائيل تبدأ عزل أطباء عسكريين وقّعوا عريضة لإعادة الأسرى
- مفوضة حقوق الطفل الروسية تتحدث عن عائلات روسية تخضع لإعادة ا ...
- RT تلتقي معتقلين سابقين لدى الدعم السريع
- فتح: ما يتعرض له الأسرى بسجون الاحتلال لا يقل بشاعة عن جرائم ...
- من قلب طهران.. العالم الإسلامي يناقش الحرية وحقوق الإنسان
- هيومن رايتس وتش: -الاحتجاز التعسفي يسحق المعارضة- في تونس
- رايتس ووتش تتهم السلطات التونسية بممارسة -القمع القضائي- لسح ...
- الإعلام الحكومي بغزة: مشاهد كارثية غير مسبوقة والوضع الإنسان ...
- هيومن رايتس واتش: الاحتجاز التعسفي يسحق المعارضة في تونس
- حماس: خطر الوفيات الجماعية يقترب.. والوضع الإنساني يدخل الان ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جهاد علاونه - صلبوني