عبد الرحمان
الحوار المتمدن-العدد: 2646 - 2009 / 5 / 14 - 09:03
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
قبل التطرق إلى موضوع الأممية الماركسية , وما يرتبط بها بالضرورة , من اموروقضايا تستدعي منا , الوقوف والتدقيق بعض الشئ , نرى من الضروري أن نتناول , وبشكل سريع ومقتضب , بعض المميزات والعناوين البارزة , للفترة التي سبقت تأسيس الأممية الأولى سنة 1864 من قبل ماركس , ونقصد تحديدا الفترة التي تلت صياغة البيان الشيوعي والمحطات الثورية المرافقة لها , وكذا نضالات العصبة الشيوعية بقيادة ماركس وانجلز , وما راكمته من خبرة ثورية ودروس ثمينة , لايمكن بأي حال من الأحوال القفز عليها , لما لهده الفترة من دور هام وبارز في تشكيل رؤية ومنظور ماركس المستقبلي .... , كما سنقف و بشكل مقتضب كذلك , على الأممية الثانية التي أسسها انجلز عام 1891 , و كذا على الأممية الثالثة التي أسسها لينين عام 1919 , وصولا إلى فترة الردة الخروتشوفية- بعد وفاة ستالين عام 1953 - , ونتائجها الكارثية على الحركة الشيوعية العالمية والثورة الاشتراكية , ومانراه ملائما – على ضوء مجموعة من المقترحات , سواء منها ماتتبعناه مند مدة , او تلك التي سمعنا بها فقط في الاونة الاخيرة - لإخراج الحركة الثورية العالمية من وضعها الحالي , وتمكينها من التقدم إلى الأمام وتجاوز العقم الشديد والانحسار العام , الذي أصبح سمتها البارزة الحالية , وهذا بارتباط دائما بسؤال الأممية الماركسية .....الخ.
لقد أسس ماركس وانجلز لجان المراسلة الشيوعية عام 1846 , بهدف الاتصال بعصبة العدالة , التي كانت آنذاك عبارة عن جمعية سرية أممية , مكونة بالأساس من الحرفيين الألمان . في عام 1847 انضم ماركس وانجلز إليها , اقصد إلى عصبة العدالة , شريطة تخليها عن الأشكال التآمرية للتنظيم . بعدها غيرت عصبة العدالة اسمها إلى العصبة الشيوعية , وكانت أهم النقط التي اتيرت في مؤتمر ها الأول التأسيسي , تتلخص إجمالا في مايلي : النضال ضد الخطوط والاتجاهات التآمرية , ثم العمل على تحقيق بنية تنظيمية ديمقراطية ......وهذا مرتبط بطبيعة الحال , بالحاجة الماسة للبروليتاريا إلى تنظيم أممي , تنظيم يعرض أهدافه وخططه النضالية بشكل واضح , كما هي الحاجة كذلك , إلى ضرورة الربط ما بين الصراع الطبقي الذي تخوضه الطبقة العاملة ضد البرجوازية وما بين تحررها الذاتي. لكن الأحداث الثورية المتتالية , وخصوصا احداث 1848 , والتي ورغم تأكيدها , على أن الطبقة العاملة هي الطبقة الأكثر نشاطا وثورية , من بين جميع طبقات المجتمع الرأسمالي , فإنها في نفس الآن , أظهرت ضعف وقصور العصبة الشيوعية , وعدم قدرتها على تاطير الجماهير العريضة , المتحركة في تلك الأحداث وفي ذاك الحريق الثوري , وهو مادفع حتما انجلزاثردلك , وفي إطار البحث عن ضرورة تعميق وتجدير هذا الفعل الثوري , ضمن منظور يهدف إلى دحر الرأسمالية العالمية , إلى القول : "أن البضعة مئات الذين شكلوا العصبة الشيوعية , اختفوا في الخضم الجماهيري الذي اشترك في الحركة " . هذه الاحدات – بدروسها وخلاصاتها – كان لها وقع كبير على كارل ماركس وعلى تفكيره المستقبلي , مما دفعه إلى إعادة النظر في التنظيمات الاتحادية الديمقراطية الواسعة , والدعوة إلى تشكيلات وتنظيمات أضيق , مكونة من منظمات عمالية ضيقة و متجانسة . وبعد عودة ماركس من منفاه في لندن عام 1849, اضطر إلى إعادة تشكيل اللجنة المركزية للعصبة الشيوعية, وإعادة تنظيمها في ألمانيا, لكن هذه المرة, كتنظيم سري مركزي.......الخ. في عام 1850 , لخص ماركس منظوره للأعوام القادمة قائلا :" بالنظر إلى الازدهار العام المنتشر حاليا , والذي يسمح لقوى إنتاج المجتمع البرجوازي بالتطور , بقدر مايمكن أن يسمح لها إطار المجتمع البرجوازي , فانه لايمكن الحديث عن ثورة حقيقية . إن ثورة جديدة ستصبح فقط في طور الإمكان فقط كنتيجة لازمة جديدة , لكن قدومها حتمي كقدوم الأزمات نفسها ..." , وكان شعار المرحلة بامتياز , هو شعار " ياعمال العالم اتحدوا " .
في هذا السياق , تم تأسيس الأممية الأولى أو" جمعية الشغيلة العالمية" , عام 1864 , انطلاقا من حاجة الطبقة العاملة إلى منظمة حقيقية للنضال الاممي , نتيجة تصاعد وتيرة وحدة نضالاتها الاقتصادية خصوصا في أوربا , وضرورة توحيد تنظيماتها الاشتراكية وشبه الاشتراكية , بهدف تحرير البروليتاريا نهائيا من قبضة الرأسمالية العالمية أو على الأقل تحسين شروط استغلالها ...وقد عقد مؤتمرها الأول في جنيف , بحضور 60 مندوبا يمثلون تقريبا 25 فرعا... وكان التركيز على أن تحرير الطبقة العاملة يجب أن يكون من صنع الطبقة العاملة ذاتها , كما أن التحرر الاقتصادي للطبقة العاملة , هو الهدف الأسمى الذي يجب أن تكون كل حركة سياسية خاضعة له , وعليه فان تحرير العمل ليس مشكلة محلية أو قومية , بل هو مشكلة اجتماعية , تعنى بها جميع البلدان التي يوجد فيها المجتمع الحديث , المجتمع البرجوازي , وتم التأكيد كما هو عليه الحال في البيان الشيوعي , على ضرورة , ان يكون للطبقة العاملة حزبها المستقل نظريا , سياسيا وتنظيميا , حتى تتمكن من انجاز رسالتها التاريخية الثورية ...... الخ.
جلي , أن المؤتمرات القادمة للأممية , تبنت شعارات أكثر جذرية و سياسات أكثر اشتراكية , وهدا ماانعكس بشكل أساسي في مؤتمراتها اللاحقة , و بالخصوص في مؤتمر لوزان سنة 1867 , والذي اقر أن التحرر الاجتماعي للعمال , لاينفصل عن تحررهم السياسي , وعرف مؤتمر بروكسيل عام 1868 , هزيمة البرود ونيين في مسالة الملكية الجماعية للأراضي والسكك الحديدية والمناجم ...أما مؤتمر لندن عام 1871 , فقد اقر مايلي , " في نضالها ضد القوة الجمعية للطبقات المالكة , تستطيع البروليتاريا أن تتصرف كطبقة فقط , إذا شكلت حزبا سياسيا معارضا لكل الأحزاب القديمة التي شكلتها الطبقة المالكة...." . لقد كتب ماركس إلى انجلز , في نفس السنة التي انعقد فيها مؤتمر لوزان , أي عام 1867 , يقول : " عندما يحين وقت الثورة , التي ربما يكون اقرب مما يبدو, ستصبح هذه الآلة القوية – ويقصد ماركس الأممية الأولى – في أيدينا , وعندئذ نعتبر أنفسنا راضين حد الكفاية " . لكن رغم هذا التقدم الذي شهدته تلك المؤتمرات المتتالية للأممية الأولى , فقد ظلت الأممية خليطا من اتجاهات فكرية وسياسية مختلفة , واتحادا عريضا للمنظمات والأحزاب العمالية في مختلف البلدان , وتركت الحرية لكل فريق أن يشكل برنامجه النظري بكل حرية , اللاساليين في ألمانيا , البرود ونيين في فرنسا , في روسيا , الفوضية بزعامة باكونين الذي التحق بالأممية أواخر عام 1868 . كما أن تجربة كمونة باريس العمالية عام 1871 , والتي استطاع فيها العمال الباريسيون الاستيلاء على السلطة , وتأسيس دولتهم لمدة شهرين , ورغم قصر هذه المدة , فإنها أكدت بلا جدال , أن الحرية السياسية والاقتصادية للطبقة العاملة في المجتمع الرأسمالي , رهينة بتحطيم سلطة رأس المال , كما أكدت في نفس السياق حاجة الطبقة العاملة إلى دولتها , دولة ديكتاتورية البروليتاريا , و برهنت الكمونة كذلك , على أن الفصائل المتقدمة لجيش البروليتاريا الأوربية , لم تكن قد ارتقت بعد إلى مستوى الثورة الاشتراكية.
لقد أدرك ماركس , حجم الخطر الذي أضحى يشكله باكونين على الأممية الأولى مند اللحظة التي التحق فيها بالاممية عام 1868 , حيث كتب ماركس يقول في رسالته إلى فريدريك بولته عام 1871 : "...لقد تأسست الأممية بغية الاستعاضة عن الشيع الاشتراكية ونصف الاشتراكية بمنظمة حقيقية للطبقة العاملة من اجل النضال .....إن تاريخ الأممية كان أيضا عبارة عن نضال مستمر خاضه المجلس العام ضد الشيع, وضد محاولات الهواية المبتذلة التي سعت إلى التوطد داخل الأممية ذاتها خلافا للحركة الحقيقية للطبقة العاملة,.....إن المنظمة اللاسالية منظمة متشيعة صرف , وأنها بصفتها هاته معادية لتنظيم الحركة العمالية الحقيقية التي تسعى الأممية وراءه....ويضيف ,ماركس دائما , لقد انتسب الروسي باكو نبن إلى الأممية أواخر 1868 , لكي ينشئ في قلبها , تحت قيادته بالذات , أممية ثانية اسمها –حلف الديمقراطية الاشتراكية -....كان برنامجه عبارة عن خليط من الأفكار الماخودة بصورة سطحية من هنا ومن هناك , المساواة بين الطبقات , الامتناع عن الاشتراك في الحركة السياسية.....إن القرارات الأول والثاني والثالث والتاسع, تعطي الآن لجنة نيويورك سلاحا شرعيا لأجل وضع حد لكل تشييع ولكل فرق الهواية المبتذلة, ولأجل طردها عند الاقتضاء........الخ.
وبالتركيز على هذا المقطع من رسالة ماركس إلى فريدرك بولته , يمكن الإقرار بان ماركس أدرك و بما لايدع مجالا للشك , أن الأممية الأولى و مند تأسيسها , كانت عرضة دائما للاختراق و كانت تحمل في داخلها ومعها , بدورفنائها وانهيارها , والمتمثل في "شيع" وتيارات , متضاربة أو قل للدقة متناقضة في رؤاها السياسية والفكرية ......الخ. إن هذه الصيغة التنظيمية الهشة و الغير منسجمة, التي جمعت تحت راية الأممية الأولى, تنظيمات بألوان سياسية وفكرية..... مختلفة ومتباينة , و التي تحكمت في ولادة , كما في مسار الأممية الأولى , كانت بمثابة نقطة ضعف كبيرة ,عانت منها الأممية الأولى طوال مسيرتها , وساهمت بشكل كبير في الاختراق الذي تعرضت له من قبل الفوضوي باكونين , والذي كان سببا رئيسيا دفع ماركس -إضافة إلى النهاية المفجعة التي انتهت إليها كومونة باريس العمالية عام 1871 , هذه التجربة العمالية التي أكدت أن الفصائل المتقدمة في جيش البروليتاريا الأوربية , لم تكن قد ارتقت بعد إلى مستوى الثورة الاشتراكية- , إلى حلها عام 1876 , بعد طرد باكونين في مؤتمر هيج , ونقل مقر الأممية إلى أمريكا.
في أواسط الثمانينات من القرن التاسع عشر , وبعدما أصبح البيان الشيوعي هو البرنامج الوحيد للبروليتاريا الأوربية , دعا انجلز إلى تأسيس أممية ثانية تتشكل من أحزاب اشتراكية ديمقراطية مستقلة , وتلتقي في وحدة الفكر الماركسي , وهذا ماتتحقق في المؤتمر التأسيسي الأول للأممية الثانية الذي انعقد في بلجيكا سنة 1891 . ضمت هذه الأممية تحت مظلتها , جميع الأحزاب الاشتراكية الماركسية الأوربية , بالإضافة إلى حزبين آخرين , الأول من الأرجنتين والآخر من الاورغواي .
وفي مناخ وبوادر قرب اندلاع حرب عالمية أولى , اتخذت الأممية في مؤتمر شتوتغارت عام 1907 قرارا يقضي- في حالة اندلاع حرب استعمارية – بضرورة أن تتحرك الطبقة العاملة تحت قيادة أحزابها الاشتراكية في اتجاه الاستيلاء على السلطة في بلدانها , كأجراء ضروري من اجل إيقاف الحرب الاستعمارية من جهة ومن جهة ثانية من اجل تحقيق الثورة الاشتراكية العالمية . لكن المؤتمر الاستثنائي الذي انعقد عام 1912 , غلب التوجهات والمضامين القومية على التوجهات والمضامين الطبقية , وهو مانعكس في إلغاء قرار وقف الحرب , تحت ذريعة أن للطبقة العاملة مسؤولية كبرى في "حماية الوطن" . رفض البلاشفة بزعامة لينين , هذا التوجه الخياني الذي يدل على كون الأحزاب المشكلة للأممية الثانية أضحت أدوات للنهب , تشارك في الحروب الاستعمارية لصالح الاحتكارات الرأسمالية في بلدانها , وانسحبوا من الأممية الثانية التي عرفت تفسخا منقطع النظير وبالتالي تم حلها عام 1916 .
في أجواء ثورة البلاشفة 1917 , والاستهدافات الخارجية والداخلية التي كانت تستهدفها, وماتستدعيه ضرورة تحصين قلب الاشتراكية النابض , الاتحاد السوفياتي , وماتستدعيه كدلك مهمة انجاح الثورة الاشتراكية العالمية , دعا لينين إلى ضرورة تشكيل أممية ثالثة , أممية شيوعية , وهو ماتحقق بالفعل في الثاني من مارس 1919 في موسكو. كان المندوبون الذين اجتمعوا في موسكو يمثلون 52 منظمة اشتراكية , كلها تتبنى الماركسية كهوية وكشرط للعضوية في الأممية والانضمام إليها, وأعلنت ضرورة نشر الثورة الاشتراكية ونجاحها في جميع البلدان. لقد كتب الرفيق ستالين عام 1925 يقول : " إذا لم تكن دولتنا , دولة الاشتراكية التي هي في طور التأسيس , قاعدة من اجل الثورة الاشتراكية , فماذا ستكون إذن ؟؟, وأضاف " لكن تأسيس الحكم البروليتاري بدلا من الحكم البرجوازي , لايعد نصرا كاملا للاشتراكية بعد .....من هذا المنطلق فان تطوير ودعم الثورة في دول أخرى يعتبر مهمة أساسية للثورة التي نجحت " , ستالين – مبادئ اللينينية - .
كان تاكتيك الكومنترن منذ المؤتمر السادس عام 1928 , يقوم على تحالف وطيد بين الحركة الشيوعية العالمية مع الاتحاد السوفيتي في ظل الحصار والهجمة الامبريالية , وتم انجاز هذه المهمة باستحقاق كبير فاق جل التوقعات . وانطلاقا على مايبدو , من الحاجة الملحة إلى ضرورة وملحاحية التحالف , مابين الدولة الاشتراكية الوحيدة في العالم , دولة الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي , ومابين الدولتين الرأسماليتين , الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا , في الحرب على النازية , انطلاقا من هذه الحاجة الحيوية على مايبدو , تم حل الأممية الشيوعية عام 1943 من طرف ستالين ؟؟؟.
لانريد الخوض في نقاش , هل سياسة التعايش السلمي , التي وطدها ورسخها ستالين مع العملاقين الرأسماليين الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا , خاطئة أم لا,لان المقالة الحالية قد لاتتسع لهدا , بقدر ما نريد التأكيد على أن حل الأممية الثالثة عام 1943 , و تأسيس الكومنفورم – و هو ليس امتدادا تنظيميا للكومنترن - عام 1947, من عدد من الأحزاب الأوربية , قد أعاد إلى الواجهة سؤال التمثيل القومي , الذي تحكم في نشأة ومسار الأممية الثالثة , كما هو شان الأممية الثانية.
بعد وفاة ستالين عام 1953 , و حل الكومنفورم عام 1956 , حل وباء الردة والتخريب بالثورة الاشتراكية العالمية , تخريب ماتم بناءه" بالحديد والنار" في الاتحاد السوفياتي مند 1917 ؟؟؟ . فبعد المؤتمر العشرين السئ الصيت , قاد الخائن خروتشوف حلفا من العسكر والفلاحين , و انقلب بمعية عصابته على دولة ديكتاتورية البروليتاريا , تحقق له دلك بعدما تم التخلص من جل الكوادر البلشفية الوازنة , التي انتجها معمعان الثورة والبناء الاشتراكي ....... وكان لابد تبعا لدلك ان تكون لهده الردة , المنعطف , نتائخ وخيمة على مستقبل الثورة الاشتراكية العالمية , بحيث عرفت هده الاخيرة , تفسخا وانهيارا كبيرين , وهو مانعكس بدوره وبشكل حتمي , على جميع الأحزاب الشيوعية في العالم برمته و اصبحت عبارة عن هياكل فارغة . لقد ابتعدت كلية هذه الأحزاب المسماة شيوعية , على الاستناد إلى القواعد الماركسية الحقيقية , وأصبحت لاتمتلك أي مشروع حقيقي للثورة الاشتراكية , لقد أضحت أحزاب بدون روح ثورية و بمضامين وتصورات برجوازية , ولا تمتلك من الشيوعية إلا الاسم.
لقد تعالت في الآونة الأخيرة مجموعة من النداءات والمقترحات الداعية , إلى تشكيل أممية ماركسية كاستجابة لمقتضيات ومستلزمات ما يفرضه وضع البروليتاريا الراهن , سواء على المستويات المحلية ا و العالمية , خصوصا بعد انهيار مشروع البلاشفة في الاتحاد السوفيتي , كنتيجة لتداعيات الصراع الطبقي في المجتمع , وانقلاب خروتشوف وعصابته , كما اسلفنا , على دولة ديكتاتورية البروليتاريا : سمير أمين , دعا إلى تشكيل أممية أطلق عليها اسم الأممية الخامسة , السيد قوجمان , دعا في مقالته بمناسبة فاتح ماي لهذه السنة , دعا جل المناضلين المرتبطين بنضالات الطبقة العاملة وأهدافها , إلى ضرورة الانخراط في النداء الداعي , إلى تأسيس أممية سماها الأممية الرابعة , وهي في تقديرنا نسخة من الأممية الثالثة التي شكلها لينين, والسيد النمري دعا ومند مدة ليست بالقصيرة , مدة تفوق تقريبا سنة سنة كاملة , انطلاقا من دراسته القيمة وتشريحه للوضع الراهن في شموليته , وبشكل خاص الوضع الذي هي عليه الحركة الثورية العالمية , نتيجة انهيار مشروع البلاشفة في الثورة الاشتراكية العالمية , , وتم تأكيد النداء في مقالته الأخيرة بعد فاتح ماي لهذه السنة بأيام معدودة , و التي اختار لها عنوان : لماذا العودة إلى الأممية الأولى ؟؟؟ . قلنا دعا السيد النمري فؤاد , إلى تشكيل أممية رابعة , كنسخة ثانية عن الأممية الأولى لماركس , مادامت شروط الوضع الحالي , هي نفس الشروط تقريبا التي أسس فيها ماركس الأممية الأولى عام 1864 .
في تقديرنا الخاص , ما نراه علميا ويحضى بالتقدير والتاييد وكدا ضرورة التقويم كدلك , في جميع هاته النداءات , هي دعوة السيد النمري فؤاد , الرامية إلى تشكيل أممية رابعة , كنسخة ثانية عن الأممية الأولى التي شكلها كارل ماركس عام 1864 . أممية تبحث في رص صفوف التنظيمات العمالية سواء كمناضلين أو كجهات وتنظيمات مناضلة , رصهم في المسيرة الثورية العالمية وتصميم مشروعها , كمقدمة للمهام المطروحة على الشيوعيين انجازها . أممية رابعة , يشكل مدخلها الرئيسي والأساسي , البدء بحل جميع الأحزاب الحالية و المسماة شيوعية , والتي أضحت لاتملك مشروعا حقيقيا للثورة الاشتراكية العالمية - خصوصا بعد انهيار مشروع البلاشفة في الثورة الاشتراكية العالمية في الاتحاد السوفيتي - , و أصبحت عقبة أمام تقدم العمل الشيوعي , تتلوها مهمة تشكيل اتحادات , تضم مختلف التيارات في الفكر الماركسي , اتحادات متتعددة المنابر, مع العمل على تفعيل هيئاتها الاتحادية , في اطارتصميم المشروع الثوري و البحث الحثيث عن مسار صحيح وجديد للثورة الاشتراكية العالمية.......ألخ.
ما نود تأكيده واستحضاره أيضا في هذا الباب , هو ضرورة الاستفادة من دروس الأممية الأولى في نسختها الأولى لعام 1864 , ونقط ضعفها ونواقصها , والتي دفعت ماركس بالضرورة , إلى حلها عام 1873 , لأنه ادا لم نعي هدا التاريخ , تاريخ الأممية الأولى بدروسه وخلاصاته , سوف نضطر , تحت ضغط و اكراهات الواقع ومقتضياته , لإعادته وبشكل تراجيدي ومأساوي . إن نقط ضعف الأممية الأولى الماركسية, وكما أكدنا سالفا, تكمن بشكل جلي ورئيسي في نظرنا, في الخليط السياسي والفكري.... الغير منسجم والمتعدد الرايات , و الذي شكلت الأممية الأولى , هيكله ووعائه قي نشأتها , و كان عائقا كبيرا في تقدمها ومسارها , وأدى بالنتيجة إلى انهيارها التام والنهائي , و بالتالي حلها على يد مؤسسها كارل ماركس عام 1876 , اضافة بطبيعة الحال الى النهاية المفجعة التي انتهت اليها كمونة باريس العمالية .
التحدي الكبير هو , إلى أي حد ستشكل الأممية الرابعة الماركسية المقترحة –كنسخة ثانية عن الأممية الأولى - , دافعة أساسية ورئيسية , بإمكانها تقديم الفعل الثوري إلى الأمام حتى انجاز المهام الثورية العظيمة , المتمثلة في القضاء على الرأسمالية ودحرها , وتشييد المجتمع الاشتراكي كبرزخ وفترة عبور نحوا لمجتمع اللاطبقي , المجتمع الشيوعي , وهذا يستدعي من بين مايستدعيه , ضرورة الاستفادة من نواقص وقصور النسخة الأولى للاممية , أيام ماركس وانجلز , والعمل منذ البداية على تعبيد الطريق امام النسخة الثانية المقترحة , واستئصال كل مامن شانه أن يعيق تطورها ويحول دون المضي في اتجاه , تحقيق أهدافها القريبة والبعيدة!!!؟؟.
- انتهى -
#عبد_الرحمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟