أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فهد راشد المطيري - هل تخاف ركوب الطائرة؟














المزيد.....

هل تخاف ركوب الطائرة؟


فهد راشد المطيري

الحوار المتمدن-العدد: 2646 - 2009 / 5 / 14 - 01:11
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


حدثني صديق عن أول تجربة له في ركوب الطائرة، حيث قال: كنت متجهاً من الكويت إلى أميركا للدراسة على متن إحدى الخطوط الجوية الأجنبية، وعندما وصلت الطائرة إلى أقصى ارتفاع لها عن سطح الأرض، بدأت المضيفات بتقديم الطعام والشراب، وفي الوقت الذي كنت ألاحظ فيه بعض المسافرين، وهم يتجرعون أصنافا مختلفة من المشروبات الروحية، كانت الطائرة تهتز بعنف بفعل المطبات الهوائية! هالني المنظر وراعني هذا الموقف الذي بدا لي متناقضاً، ثم عادت بي الذاكرة إلى سؤال سمعته في حصص التربية الإسلامية: «هل نهلك وفينا الصالحون يا رسول الله؟!» ختم صديقي حديثه ضاحكا ليقول: "لم أكن أعلم في تلك السن المبكرة عن عدم وجود علاقة سببية بين احتساء الشراب وسقوط الطائرة"!

قصتي مع ركوب الطائرة لا تختلف كثيراً عن تجربة صديقي، فكلانا ينتمي إلى البيئة ذاتها، لقد كنت أبلغ من السذاجة حداً إلى درجة أنني كنت أعتقد أن وجود بضعة أطفال على متن الطائرة كفيل بحماية الطائرة من السقوط، فأي قوة خارقة للطبيعة لابد أن تتعاطف مع فكرة وجود أطفال بين المسافرين! لا تخلو هذه الفكرة من أنانية، وربما وضاعة أيضاً، إذ كنت كمَن يحتمي بالأطفال من السقوط، ولكن عذري في ذلك هو أن المناهج الدراسية البائسة التي تعلمتها في الصغر لم تتح لي الفرصة لاستيعاب المعنى العميق لتجارب «جاليليو» حول سقوط الأجسام على الأرض، خصوصاً تلك التجارب التي أجراها من فوق برج بيزا!

أذكر أنني كنت أُكثر من الدعاء مع كل مطب هوائي، وأتعامل مع كل صوت ميكانيكي على أنه بداية لكارثة وشيكة، وكل دعوة إلى ربط الأحزمة هي دعوة إلى التشهد! ليس عندي أدنى شك في أن هذه الحالة المرضية تشكل ظاهرة عامة، ولعل السبب في تفاقم هذه الظاهرة يكمن في سياسة الخطوط الجوية الكويتية في إدراج «دعاء الركوب» ضمن خدماتها! أذكر أيضا أنه في كل مرة تهبط الطائرة فيها بسلام على الأرض، كنت أسارع في ترديد كلمات الشكر والحمد والعرفان، ولم يخطر في بالي قط أن ألتفت إلى قوانين الفيزياء أو حتى تقديم الشكر إلى كابتن الطائرة! كنت سعيداً بأني نجوت ومازلت على قيد الحياة، لكن هذا الشعور لم يكن بلا ثمن، فسعادتي كان يشوبها دائما إحساس بالمهانة والذل والتوسل، وهذا كثير، كثير جداً، مهما طنطن بعضهم بحلاوة الإيمان بوجود إله منقذ!

إذا قبلت أن تفترض وجود قوة خارقة للطبيعة وقادرة على حفظ الطائرة من السقوط، فعليك أن تتحمل معاناة التفكير بوجود قوة خارقة للطبيعة وقادرة على إسقاط الطائرة! لم أتعلّم هذا الدرس إلا متأخراً، مع الأسف الشديد، لكني على الأقل استطعت تجاوز هذه الحالة المرضية والاستمتاع بعظمة العقل البشري الذي أنتج الطائرة وغيرها من وسائل النقل الحديثة. جميل أن ندرك أن الطبيعة لا تهتم بمشاعرنا ورغباتنا ومخاوفنا، فهذه الفكرة مهمة لسلامة قوانا العقلية والنفسية، مهما بدت متجردة من أي نفحة رومانسية!

أكتب هذا المقال على متن الطائرة، على ارتفاع 33 ألف قدم من سطح الأرض، وبينما يحتسي جاري كأساً من النبيذ، وبينما تتصارع الطائرة مع المطبات الهوائية، أختم هذه السطور بابتسامة مطمئنة، فالطبيعة لا تهتم حتى لمن يبتسم في وجهها، ولعل مصدر اطمئناني هي أنها لا تهتم!



#فهد_راشد_المطيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأزمة الاقتصادية من منظور ماركسي
- الفضيلة الغائبة
- خطر الفلسفة
- جماعة الدعوة والتبليغ على الطريقة المسيحية
- التفكير الدائري
- طفل يبحث عمّن يتبنّاه
- العقل والمرأة
- الشقاء في السراء والضراء
- من يجب أن يحكم؟
- الحرية بين الشرق والغرب
- آفة الطاعة وأنواعها
- خرافة علم الأنساب
- تشويه المفاهيم الغربية
- انحسار الخطاب العلماني
- العدل والديمقراطية
- الثنائية المزيفة: إما حكم الأغلبية...وإما حكم الأقلية
- الوطنية و حلبة الصراع من أجل السلطة
- الديمقراطية و استبداد الأغلبية
- حوار في الدين و السياسة و التعليم
- الرقابة في عصر -الأنوار- الإسباني


المزيد.....




- آخر ضحايا فيضانات فالنسيا.. عاملٌ يلقى حتفه في انهيار سقف مد ...
- الإمارات تعلن توقيف 3 مشتبه بهم بقتل حاخام إسرائيلي مولدافي ...
- فضيحة التسريبات.. هل تطيح بنتنياهو؟
- آثار الدمار في بتاح تكفا إثر هجمات صاروخية لـ-حزب الله-
- حكومة مولدوفا تؤكد أنها ستناقش مع -غازبروم- مسألة إمداد بردن ...
- مصر.. انهيار جبل صخري والبحث جار عن مفقودين
- رئيس الوزراء الأردني يزور رجال الأمن المصابين في إطلاق النار ...
- وسيلة جديدة لمكافحة الدرونات.. روسيا تقوم بتحديث منظومة مدفع ...
- -أونروا-: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال ...
- رومانيا: رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا يتصدر الدورة الأولى من ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فهد راشد المطيري - هل تخاف ركوب الطائرة؟