أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - كاظم الحسن - المجتمع المدني بين القانون والفوضى















المزيد.....

المجتمع المدني بين القانون والفوضى


كاظم الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 2645 - 2009 / 5 / 13 - 09:23
المحور: المجتمع المدني
    


يعتبر انبثاق المجتمع المدني في اية دولة من دول العالم دلالة ومؤشرا على نضوج العمل السياسي وتكامل العلاقة بين الدولة والمجتمع اذ يكون الحوار والتفاهم والتسامح والتلاقي والتواصل اهم مكونات هذه العلاقة الصحية في الحياة الانسانية ما بين الاطراف السياسية المختلفة وتصبح طاقات المجتمع المنزوية والمعطلة مادة للتطور والحيوية فتلقي بظلالها على الواقع السياسي فتنتشله من الجمود والتناحر والتشتت.

ومن مزايا الديمقراطية قدرتها على خلق مرجعية قانونية قادرة على مواجهة الازمات بسهولة ويسر لان الفرد يصبح هو الكل والكل هو الفرد ولهذا السبب يندهش البعض من رؤية الدولة وهي تهتم ببضعة اشخاص حين يتعرضون للخطر وهم لا يعلمون ان الدولة الديمقراطية تمثل الكل وان اولئك الاشخاص يمثلون المجتمع ككل بصورة رمزية عن طريق الاصوات الانتخابية التي قد تطيح بالحكومات اذا لم تهتم ببرامجها الانتخابية وتقف مع الفرد في محنته وأزماته، وهذا التحول في العلاقة الديمقراطية بين الفرد والمجتمع هو الذي جعل هذه الامم تنشغل في خلق او صنع روح المواطنة المنفتحة على الاخر بكل تنوعاته ما جعل من بناء الدولة قويا ومتماسكا ومتراصا وهو ما يسمى بالكيان الصلب العصي على مغامرات الجنرالات.
يلخص هذا التحول (جان جاك روسو) بالقول: من يملك الشجاعة لاعطاء شعب النظام القانوني يجب ان يشعر انه قادر على ان يغير طبيعته البشرية، ان يحول كل فرد بحد ذاته كلا كاملا الى جزء من كل اكبر يستمد منه هذا الفرد بطريقة معينة حياته ووجوده واحلال وجود جزئي معنوي محل الوجود الفيزيائي المستقل عليه ان يسلب قوته الشخصية ليعطيه بدلا منها قوة مؤسسية لا يستطيع استخدامها الا بمساعدة الاخرين.

والمجتمعات التي استطاعت الوصول الى هذه المرحلة الفاعلة والمهمة والضرورية في تطور المجتمعات هي بالضرورة قادرة على الوصول الى القمر والديمقراطية لانها تخطت وتجاوزت الازمات والمشكلات ليس بالحروب ولكن بالازدهار العلمي والاقتصادي.
وبعض هذه الدول لا تمتلك ثروات وموارد محدودة الا انها تمكنت من شق طريقها بقوة نحو المواقع الامامية مثل (اليابان، سنغافورة، تايوان) وغيرها من دول العالم المختلفة ذات النهج الديمقراطي.

ولذلك ليس من الصعب ان تصل معدلات التنمية ومعدل دخل الفرد في الدول الديمقراطية الى اعلى المستويات وتنتظم الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية فيها اعتمادا على مبدأ الرجل المناسب في المكان المناسب وهنا يتقدم اهل الخبرة والانجاز والكفاءة في الميدان بصرف النظر عن الهوية والعرق والجنس.

ونرى بعض الوافدين الى تلك الدول يعملون في مختلف الاجهزة والمؤسسات ومراكز البحوث وقد يصلون الى المراتب والمناصب ولا يسألون عن البلدان التي قدموا منها طالما انهم يقدمون افضل ما لديهم من علوم ومعرفة.

ولا شك ان الديمقراطية كانت من اهم العوامل المهمة لنجاح هذه البلدان وقد تكون صناديق الاقتراع التي تعتبر من آليات الديمقراطية ومن الاسس التي تقوم عليها المجتمعات المدنية والمتحضرة ولكنها ليست كل شيء في قاموس الديمقرطية فلابد من وجود قوى المجتمع المدني والانشطة الشعبية والمنظمات والنقابات المهنية التي تعمل من خلال تمرسها وتأهلها في المراقبة والنقد والمساءلة للحكومة واجهزتها ومدى التزامها واحترامها لسيادة القانون والفصل بين السلطات وتثبيت اركان الدستور ومنع التلاعب او العبث به او خرقه تحت اي مسمى كان.
وهذا يتطلب ليس المصدات او الكوابح القانونية والدستورية فقط فهذه نصوص يمكن التلاعب او العبث بها كما حدث في لبنان.

ان من اكبر التحديات التي تواجه الحكومات الديمقراطية او الديمقراطية ذاتها في المنطقة هو العقلية الانقلابية التي تعتقد ان الانتخابات سلم باتجاه واحد وحزب واحد ليس فيه تداول للسلطة او المشاركة بين القوى السياسية وهذا النزوع التسلطي افضى الى حرب اهلية في الجزائر اودت بحياة الآلاف من الجزائريين حين اعتقدت (القوى الاسلامية) بعد فوزها في الانتخابات ان الحكم ملك صرف لها تفعل به ما تشاء وان فوزها نهائي غير قابل للتناوب وكأنها بذلك تحاول ان تهدم السلم الذي اوصلها الى سدة الحكم لكي تبقى شاخصة به الى يوم الدين!.
هذه الاشكالية يمكن ايجاد حلول ومنافذ شرعية وقانونية لها عبر تأهيل المعارضة للحوار والتفاهم وقبول الاخر على انه مكمل للعملية السياسية وليس غريبا او طارئا عليها.
وذلك يشعره بوجوده السياسي وحقوقه المصانة ويخلق حالة من التآلف والانسجام والود في فضاء البرلمان وقد تشهد جلسات نقاش حامية الوطيس وصاخبة ولكن ليس فيها تخوين او اقصاء او اتهام لاي عضو برلماني بأنه تابع لدولة ما.
ونرى بعد ذلك الاطراف المتحاورة في جلسة عشاء لا يفسد ودها ما تقدم من جدل ونقاش في البرلمان.

حينذاك تصبح السلطة في كل فروعها واتجاهاتها مسؤولية اخلاقية وانسانية ثقيلة لا يمكن حملها الا بالنزاهة والامانة والشعور العالي بالاخلاص.
وهنا تتقلص مساحة الاستئثار بالسلطة وروح الغلبة او الاعتقاد بأن المناصب غنيمة او ان المال العام او ممتلكات الدولة او ثرواتها ملك مشاع لا رقيب له.
ولذلك لم تشهد دول العالم الاستقرار والازدهار الاقتصادي والوفرة والرفاهية الا بعد ظهور دولة المؤسسات ونظام القانون القائم على التعددية السياسية او تداول السلطة، لان المعارضة والتي كان ينظر لها دينيا على انها رجس من عمل الشيطان اصبحت جزءا من العملية السياسية وعلى محك من آليات السلطة وشؤون الحكم.
وكان (الفلتر) الذي تتأهل من خلاله القوى السياسية المعارضة هو البرلمان الذي اخذ يجمع الكل تحت قبته الرحبة من خلال القواسم المشتركة بعيدا عن التخوين والاقصاء والعزل او الطعن بوطنية الاخر.

والمرحلة الانتقالية التي تمر بها عموم دول المنطقة ما هي الا ارهاصات وتداعيات التحولات الديمقراطية نحو الحرية والتعددية واحترام الرأي الاخر.
وعليه فان هذه الاوضاع التي نعيشها استحقاق تاريخي لابد من التعامل معها على اساس الضرورة التي تفرضها المرحلة.

وقد يتساءل البعض كيف يمكن ان تكون الفوضى مثمرة؟ الاستبداد لا يخلق تراكما مؤسساتيا ولهذا السبب فان الفوضى في عهود الحكم الفردي غير مثمرة او منتجة ويطلق عليها (الفتنة) لانها استبدال بين مستبد وآخر فالصراع قائم على الاستيلاء على السلطة والانتقام ولم تكن مغذيات التطور التاريخي متوفرة (الحرية، الديمقراطية، العدالة) ولذا كانت الصراعات خارج التاريخ، ويرى منتسكيو: ان عالم الاستبداد متجانس ومسطح لا تميز فيه او تنوع انه عالم المساواة المطلقة المساوية للعدم فجميع الناس هنا يتمتعون بالمساواة لا لانهم كل شيء كما هو الحال في الديمقراطية بل لانهم لا شيء امام الحاكم المستبد ومشيئته.
ان انعدام التمايز يشمل حتى المؤسسات الوسيطة والهيئات الانتقالية التي تشكل قوائم المجتمع المدني.

هذه المصادرة لارادة الفرد والمجتمع سوف تكبل الجميع وتجعله غير قادر على ابراز مواهبه وقدراته ما يجعل قوى المجتمع معطلة ومشلولة يخيم عليها الخوف والشك والتردد وانعدام الثقة بالنفس ويولد حالة من الركود والجمود ولذلك ان الانتقال من مجتمع هكذا الى مجتمع مفتوح يعتمل في داخله الحراك في كل الاتجاهات والمحاور يتطلب جهودا ومساعي كبيرة نبث ونطلق فيه الحياة ودوافعها في ثنايا المجتمع ونقوده الى حيث الشعور بالمسؤولية والاحساس بالكرامة والحرية والقيمة الانسانية بعيدا عن الاستلاب والمصادرة والغاء الحقوق الفردية.
من اهمية عمل المؤسسات على صعيد الدولة أو منظمات المجتمع المدني لا ينبغي ان يتطير البعض من النقد، سواء عن شفافية العمل او المال العام، فلابد ان يكون موضع تساؤل بشأن آليات صرفه او ادارته فالعمل المؤسساتي يفترض وجود نظام داخلي يحدد مدة الرئاسة وان لا تكون مفتوحة في انشطة المجتمع المدني وان تتوفر رقابة حول المال العام.
من الطبيعي ان يكون العمل في منظمات المجتمع المدني طوعيا وان لا ينظر على انه فرصة للحصول على عمل او مزايا مادية لان ذلك يعرض تماسكه ووحدته للخطر.
ان التضخم الحاصل في اعداد منظمات المجتمع المدني غير مجد وحبذا لو تم تقليصها مع زيادة فعاليتها ودورها في ارساء معالم مجتمع ديمقراطي تعددي يحذو باتجاه التعايش والتسامح بين مكونات الشعب العراقي فالفرصة سانحة لكي تكثف هذه التجمعات من نشاطها وتملأ الفراغ الحاصل بعد انهيار البنية المركزية للاستبداد وفرصة تاريخية كهذه لن تتكرر مع تلازم المصلحة بين المجتمع العراقي والدولي على اقامة الديمقراطية في البلاد.



#كاظم_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديماغواجية‎ ‎وخداع الشعوب
- أسعار النفط بين الأمس والغد
- الارهاب النائم
- الحقوق ليست منحة
- مسافات الحرية وقاية من الطغيان
- اوهام القوة
- تأهيل ثقافة المجتمع
- المدينة الفاضلة عبر التأريخ
- مأزق الدستور .. نقد و تحليل
- سرديات العقل وشقاء التحول الديمقراطي في العراق المعاصر
- عرض كتاب العرب وجهة نظر يابانية
- حوار مع د . ظاهر الحسناوي
- حوار مع الباحث سعد سلوم:
- ثنائية الوطني والخائن
- شرعية الانتخابات وشرعية المنجزات
- حرق المراحل
- المجتمع المدني في عراق ما بعد الحرب
- مصالحة الحزب الشمولي
- التغيير السياسي في العراق انتصار لارادة الحياة
- ثقافة حقوق الانسان من ركائز المجتمع المدني


المزيد.....




- في يومهم العالمي.. أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة ألهموا الع ...
- سويسرا تفكر في فرض قيود على وضع -أس- الذي يتمتع به اللاجئون ...
- كاميرا العالم ترصد خلوّ مخازن وكالة الأونروا من الإمدادات!
- اعتقال عضو مشتبه به في حزب الله في ألمانيا
- السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في ...
- ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
- السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير ...
- غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا ...
- شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
- هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - كاظم الحسن - المجتمع المدني بين القانون والفوضى