أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إدريس جنداري - الوهابية و الخومينية صراع استراتيجي بطعم مذهبي















المزيد.....

الوهابية و الخومينية صراع استراتيجي بطعم مذهبي


إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)


الحوار المتمدن-العدد: 2645 - 2009 / 5 / 13 - 09:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


منذ تأسيس الدولة السعودية على يد عائلة آل سعود؛ في تحالفها مع محمد بن عبد الوهاب؛ بدأت المعالم الأولى للمذهب الوهابي في التبلور؛ و بشكل مواز بدأ التأسيس للمملكة الدينية؛ التي تبني مشروعيتها السياسية على أساس ديني مذهبي.
و في زواج ناجح بين المذهب الديني و الإيديولوجية السياسية ؛ استغل ابن عبد الوهاب رأسمال الدولة المادي لتحقيق انتشار مذهبه ؛ و في المقابل استغل آل سعود رأسمال ابن عبد الوهاب الرمزي لفرض سلطتهم على قبائل نجد المتناحرة و تشكيل النواة الأولى للمملكة البترولية الحامية للأعتاب المقدسة .
و في سيناريو أحداث غير مختلف؛ حدث زواج آخر؛ لا يختلف عن الزواج الأول إلا في ارتباطه بمجال جغرافي مغاير؛ و كذلك – و هذا هو الأهم – بمجال مذهبي مغاير. لقد حدث الزواج الثاني بين الدعوة و الدولة هذه المرة في إيران الفارسية ؛ التي كان يحكمها الشاه بقبضة من حديد ؛ و هذه المرة توحدت مختلف الفصائل الدينية و السياسية ؛ لتطيح بسلطة الشاه ؛ و ليعتلي المنصة رجل في بزة دينية هو الخميني ؛ الذي سيسطع نجمه كزعيم سياسي / ديني يبشر بعهد جديد ؛ سيعرف خلاله المذهب الشيعي مرحلة جديدة ؛ و سيقدم نفسه كبديل للمذهب السني / الوهابي ؛ له طموحاته الخاصة و رؤيته الخاصة في التعامل مع الدين الإسلامي .
إن لهذين الحدثين التاريخيين أكثر من مغزى ؛ و خصوصا فيما يرتبط بتطور الأحداث في منطقة الشرق الأوسط ؛ بحيث سيظهر على السطح صراع مذهبي لا سابق له في التاريخ الإسلامي ؛ إلا خلال فترات الصراع الأولى ؛ و لا يمكن أن نقرأ هذا الصراع خارج هذين الحدثين ؛ الذين سيشكلان وعيا دينيا جديدا في المنطقة ؛ يقوم على التمييز بين المذهب الشيعي و المذهب السني ؛ و ما سيرافق ذلك من حرب باردة عنيفة ؛ ستشهدها عقود السبعينات و الثمانينات ؛ كانت ساحتها في أفغانستان و العراق ؛ حيث خاض المذهبان حربا شرسة ؛ دارت رحاها في أفغانستان بين طالبان الوهابية ؛ و التيارات الشيعية ؛ كما خاض العراق حربا عنيفة ضد إيران بتمويل سعودي/وهابي .
و كلها أحداث كانت تبرهن بالملموس أن الآتي من الأيام أشد صعوبة من السابق ؛ خصوصا و أن الجرح قديم ؛ و لم يتعاف طوال القرون الماضية ؛ و قد زاد في الطين بلة دخول رجال الدين على الخط ؛ بحيث ظهر صراع كبير بين علماء الشيعة و علماء السنة ؛ كل طرف يكفر الطرف الآخر ؛ و يحكم عليه بالخروج عن الإسلام الصحيح .
تدعي السعودية (مركز الصراع ) انتماءها للمذهب السني ؛ بل و تزيد على ذلك أنها تنتمي إلى الجناح النصي منه ؛ و الذي شكله محمد بن عبد الوهاب في قراءته لابن تيمية .
و في المقابل تدعي إيران تمثيلها للمذهبي الشيعي ؛ الذي نشأ ضمن ظروف تاريخية معقدة ؛ و يسعى فقهاؤها إلى تشييد فقه مغاير للفقه السني ؛ عبر تكريس مبدأ ولاية الفقيه .
و ضمن هذا التصور ؛ تشيد كل دولة إستراتيجيتها ؛ و تقيم تحالفاتها ؛ و تصيغ رؤيتها المستقبلية لمنطقة الشرق الأوسط ؛ و بطبيعة الحال فإن الإستراتيجيتين معا مختلفتين ؛ بل و متعارضتين ؛ الشيء الذي يؤثر في الأخير على حضور كل دولة ضمن الصراع القائم في المنطقة ؛ و خير دليل على ذلك ما رافق أحداث 2006 في لبنان ؛ و الأحداث الأخيرة في قطاع غزة ؛ بحيث دعمت إيران بلا شروط حزب الله في المعركة ؛ بل و تجاوزت هذا الأمر لتقدمه كواجهة يقود حربا ضد إسرائيل نيابة عنها ؛ و نفس الشيء وقع في غزة ؛ مع فارق في الزمان و المكان طبعا .
لكن الحضور السعودي ؛ سواء في الحرب الأولى أو الثانية ؛ فقد كان حضورا مختلفا عن الحضور الإيراني ؛ بل و معارضا له بشكل واضح ؛ و لعل ما يؤكد ذلك هو الهجوم السعودي على حزب الله باعتباره يغامر بمستقبل الشعب اللبناني ؛ ضمن صراع تستفيد منه إيران أكثر مما تستفيد منه المقاومة . و نفس الموقف تكرر مع أحداث غزة؛ حيث كان الموقف السعودي واضحا بشكل تام: لا يمكننا أن ندعم حربا نيابة عن إيران في مواجهتها لإسرائيل؛ حيث تستفيد إيران في الأخير أكثر مما تستفيد المقاومة في لبنان أو فلسطين.
إن الحرب السياسية /المذهبية التي تجري رحاها اليوم بين الزعيمين المذهبيين في منطقة الشرق الأوسط ؛ تجر خلفها إرثا ثقيلا ؛ ظل مكبوتا لقرون ؛ و الآن يعود ليصفي حسابات الماضي . و لعل ما تبرزه هذه الحرب السياسية/المذهبية القائمة ؛ و التي تنقل صداها وسائل الإعلام ؛ بل و تشارك في تأجيجها ؛ هو أن الصراع الحقيقي في المنطقة يدور حول الزعامة ؛ التي تقدم نفسها دينية ؛ لكنها في الجوهر زعامة سياسية ؛ تقوم على رؤية ؛ تستغل الدين في خدمة الأهداف الجيو- إستراتيجية .
و لذلك نجد كل دولة تسعى إلى خلق بؤر توتر مذهبي على تراب الدولة الأخرى؛ فالسعودية تسعى إلى استغلال سنة إيران في إحداث القلاقل الداخلية؛ و تغيير اتجاه السياسة الإيرانية.
أما إيران فإنها نجحت بامتياز في استغلال بؤر التوتر في التأثير على الاتجاهات السياسية القائمة في المنطقة ؛ و التي تعتبر السعودية فاعلا أساسيا فيها ؛ و خير دليل على ذلك ما أثير حول تسوية الطائف في لبنان ؛ و التي تسعى إيران إلى استبدالها برؤية جديدة ؛ تأخذ بعين الاعتبار المكانة التي أصبح يحتلها الشيعة في لبنان و على رأسهم حزب الله .
كما تستغل إيران الأقلية الشيعية الموجودة في السعودية ؛ لزعزعة الاستقرار السياسي و الأمني ؛ بينما ترد السعودية بشكل أعنف ؛ الشيء الذي يحول الأقلية الشيعية في السعودية إلى حصان طروادة يسعى كل طرف إلى ركوبه لتحقيق أهدافه .
إن السؤال الحقيقي الذي يجب أن يطرح اليوم ؛ هو في الحقيقة ليس حول من ينتمي إلى المذهب الشيعي أو المذهب السني ؛ لأن المذهبان معا لا يختلفان في جوهر الدين ؛ بل إن الأمر يتجاوز ذلك بكثير ؛ لأنه يرتبط بأبعاد استراتيبجة ؛ يجب على المواطن العربي أن يكون على وعي تام بخطورتها على المنطقة العربية ؛ التي أصبحت تدخل في حسابات القوميين الفرس المحافظين ؛ و الذين يتحدثون الآن بوقاحة عن كون البحرين محافظة إيرانية ؛ بل و يتحدثون كذلك عن الخليج الفارسي بدل العربي ؛ و لذلك فإن منطقهم التوسعي لا يختلف عن المنطق التوسعي الإسرائيلي ؛ و المستهدف دائما هي المنطقة العربية ؛ التي تسيل ثرواتها لعاب صناع القرار الاستراتيجي في المنطقة .
لذلك يجب علينا – كعرب- أن نكون حذرين في التعامل مع هذا الصراع المذهبي القائم ؛ فمن جهة يجب أن نأخذ مصالح بلداننا بعين الاعتبار و أن نتعامل مع التشيع كإيديولوجيا للهيمنة ؛ لا كمذهب ديني يدخل ضمن حريتنا الدينية في اعتناق أي دين أو مذهب ؛ و من جهة أخرى يجب علينا أن نتعامل مع الشيعة كمسلمين خارج المذهبية ؛ فنحترم انتماءهم من دون أن نكفرهم أو نتهمهم في دينهم ؛ شريطة ألا يتحول شيعة الداخل في مجموع الوطن العربي ؛ إلى أوراق ضغط رابحة ؛ تستعملها إيران في تحقيق حلم الهيمنة على المنطقة العربية .



#إدريس_جنداري (هاشتاغ)       Driss_Jandari#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (2)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطر التشيع و التحدي الاستراتيجي الإيراني
- الشيعة و السنة : المذهبية الدينية في خدمة الإيديولوجيا السيا ...
- مفهوم الأمن الأخلاقي : دفاعا عن القيم المغربية المشتركة
- مفهوم الأمن الروحي و ترسيخ الخصوصية الروحية المغربية
- في الحاجة إلى القراءة العلمية للظاهرة الدينية : حول المقاربة ...
- في الحاجة إلى القراءة العلمية للظاهرة الدينية الإسلامية : ال ...
- في الحاجة إلى القراءة العلمية للظاهرة الدينية - نقد مسلمة ال ...
- القراءة العلمية للظاهرة الدينية مدخل نحو التأسيس للعلمانية
- ما بين العلمانية و العلمانوية : في الحاجة إلى القراءة العلمي ...
- في الحاجة إلى النقد المزدوج : ما بين التطرف اليساروي العلمان ...
- في الحاجة إلى نبذ ثقافة الشيخ و المريد : تعقيبا على مريدي وف ...
- بعد الحلقة الأخيرة من سلسلتها : وفاء سلطان امرأة عابرة في كل ...
- الظاهرة الحمساوية و الظاهرة الليبرمانية : لا بد من تدارك الخ ...
- العراق الجديد : الفينيق ينبعث من رماده
- طابور الهزائم : تاريخ من الشعوذة و السحر
- ما بين خالد مشعل و محمود عباس : صراع التصريحات في وضع فلسطين ...
- بعدما فشلت في الخارج صواريخ القسام تسعى إلى قلب المعادلة في ...
- الدرس الذي يجب أن يستوعبه العرب :العثمانيون الجدد أصحاب مصال ...
- بداية انكشاف أسطورة النصر الإلهي الحمساوي
- الأصولية الدينية: الإعجاز في خدمة الأجندة السياسية


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون باحات المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال
- برجر كينج توزع قسائم على جنود الاحتلال بعد تسوية دعوى طعام م ...
- اسلامي: قادرون على بناء مفاعلات بحثية ومفاعلات للطاقة محلية ...
- 368 انتهاكا ارتكبها الاحتلال والمستعمرون في سلفيت الشهر الما ...
- مصر.. هل يأثم مانع الصدقة عن المتسولين في الشارع؟.. أمين الف ...
- الأردن يسعى لإعادة الروح للخط الحديدي الحجازي وتسيير رحلات ا ...
- وزير الخارجية الإيراني: نأمل في تعاون الدول الإسلامية والمنط ...
- مؤتمر بالدوحة يوصي بتطوير التمويل والصيرفة الإسلامية
- محمد أسد المُهتدي اليهودي الذي غيرته سورة التكاثر
- إيران: نأمل في تعاون الدول الإسلامية والمنطقة لإنهاء جرائم ا ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - إدريس جنداري - الوهابية و الخومينية صراع استراتيجي بطعم مذهبي