ملابسات ودروس في انتخابات نقابة الأطباء الأردنية

موسى العزب

الحوار المتمدن-العدد: 2645 - 2009 / 5 / 13 - 08:21
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    

بعد مرور اقل من شهر على اجراء الانتخابات في نقابة الأطباء، قام النقيب السابق بالطعن امام المحكمة احتجاجاً على خسارته ومشككاً بنزاهة الانتخابات.

وأمام مجموعة الملابسات والإشكاليات التي رافقت العملية الانتخابية وردود الفعل التي صاحبتها ، فإن المراقب يجد نفسه أمام مسؤولية أن يوضح حقيقة ما جرى بشكل صريح ومكثف ، على طريق تحديد الخلل والمسؤوليات ، ليأخذ كل منا دوره في حماية النقابة وتعزيز وحدتها ومكتسباتها .

لقد شكل تلاحق الأحداث السلبية ، امتداداً لنهج الاستفراد والإقصاء الذي مارسه النقيب السابق طوال العامين الماضيين ، واستتبعه في الاجتماع الأخير للهيئة العامة ، عندما فاجأ الجميع _ بمن فيهم بعض حلفائه _ بتسمية " كافة " أعضاء اللجنة المشرفة على الانتخابات بشكل منفرد وحصري ، بعيداً عن التوافق والحوار . ورغم محاولات التدخل الإيجابي والتنبيهات المتكررة من العواقب الخطيرة لهذا الأسلوب ، إلا أنه بقي مديراً ظهره لكل أعراف وتقاليد المشاركة والثقة بين زملاء التنافس الانتخابي .

لقد تأكدت عواقب هذا النهج عند انتهاء عملية الاقتراع ، حيث قامت اللجنة المشرفة على مركز عمان بإغلاق أبواب وستائر قاعة الرشيد على صناديق الاقتراع ، ولفترة تزيد عن أربعين دقيقة ، رغم مناشدات المرشحين ومحاولاتهم الحضور ليشهدوا على صحة سير عملية الفرز بكل شفافية ووضوح ، وعند فتح الأبواب ، كانت اللجنة قد فتحت الصناديق ولم تلتزم بحق تقليدي وأصيل للمرشحين والهيئة العامة ، يقضي بفتح صناديق الاقتراع أمام المرشحين والحضور من الهيئة العامة ، ولم تقم اللجنة بتقديم أية توضيحات واجبه لتفسير هذا التصرف.

أمام هذا الوضع الملتبس ؛ تدخلت الهيئة العامة مطالبةً بإعادة التأكد من محتويات صندوق انتخاب النقيب ، وبعد انتهاء العد ، ترددت اللجنة المشرفة كثيراً قبل أن تعلن عن وجود 29 ورقة تصويت زائدة في هذا الصندوق ، وهو خلل انتخابي مؤكد ، تكرر عندما تمت مقارنة أوراق الاقتراع ببطاقات الانتخاب ، الأمر الذي دعا مرشح القائمة الخضراء لمنصب النقيب بإعلان تحفظه على العملية الانتخابية لما أحاط بها من شبهات وأخطاء واضحة وموثقة ، في ظل إصرار اللجنة المشرفة على الاستمرار بالفرز ، بضغط من النقيب السابق ، دون الالتفات إلى الاعتراضات المقدمة من " القائمة الخضراء " ، وعدد كبير من أعضاء الهيئة العامة .

بعد ذلك قامت " اللجنة " باستدعاء المستشار القانوني للنقابة ، والذي أوصى بدوره بإجراء عملية فرز الأصوات واعتماد النتيجة لمنصب النقيب إذا كان عدد الأوراق الزائدة في الصندوق لا يشكل تأثيراً على وضع النتيجة النهائية . اعتمدت اللجنة المشرفة هذه التوصية وظهرت النتيجة وهي تشير لفارق بلغ 31 صوتاً لصالح الدكتور أحمد العرموطي ، الأمر الذي يعني أن تقوم اللجنة وبناءً على قرارها التوفيقي بإعلان الدكتور العرموطي نقيباً للأطباء للدورة 2009 – 2010 .

أمام هذا الاستحقاق حصل بلبلة بين أعضاء اللجنة ، وتكررت اعتراضات النقيب السابق ، وصعوده المتكرر إلى المنصة ، ثم طلب من لجنة الإشراف رفض التوقيع على المحضر والانسحاب من متابعة مهامها بإتمام الفرز في صناديق عضوية المجلس ، ووسط مفاجأة واستغراب الجميع ، غادر عدد من أعضاء اللجنة القاعة ، رغم مناشدة مراقب وزارة الصحة لهم بالبقاء لإكمال المهام الموكلة إليهم ، وبعد انتهاء المهلة المحددة لعودتهم ، استكملت عملية فرز الأصوات لعضوية المجلس وإعلان النتائج .

وقبل مباشرة مجلس النقابة الجديد لمهامه وواجباته ، بدأ النقيب السابق بالتهديد بلجوئه للقضاء ، والتشكيك بالنتائج الانتخابية ، التي أدار بنفسه حملتها ، وسمّى لجنتها المشرفة ووضع ضوابطها .

باستعراض هذه الوقائع أمام جمهور الأطباء ومؤسسات المجتمع المدني ، نتلمس حجم الإساءة التي وقعت على النقابة في عناوين أدائها النقابي ودورها الوطني ، وكذلك حجم التضليل الذي مورس وتأثيره على تراجع لغة الحوار ، وإشاعة أجواء العنف وعدم الثقة ، وكاد أن يؤدي إلى إحداث شرخ عامودي في جسم النقابة ، وضرب تقاليدها .

وبناءً على ما تقدم ، يمكننا التوصل إلى الاستخلاصات التالية :
أولاً : نسجل اعتزازنا الكبير بيقظة الهيئة العامة وتصميمها الوقوف في وجه الخلل الانتخابي واللغط الذي رافق عملية الفرز ، وتطويقها الواعي لتداعيات الأساليب الخاطئة . لقد ترجمت الهيئة العامة وعبر صناديق الاقتراع إرادتها بإبعاد نهج الإقصاء والتسلط والأجندات الخاصة عن رأس النقابة .

ثانياً : كما حذّر الكثيرون ، فقد أظهرت ملابسات يوم الاقتراع ، خطأ آلية تشكيل اللجنة المشرفة ، حيث تأكد ضعف مهنية اللجنة ، وعدم قدرتها على مواجهة تحدياتها وإكمال مهامهـا ، وتأثرها بأمر النقيب السابق بالانسحاب ، دون تقديم حيثيات واضحة ، ودون أي سند قانوني أو نظامي .

ثالثاً : إن عودة الزميل آدم العبداللات إلى عضوية المجلس ، وعبر صناديق الاقتراع يكشف طبيعة الإقالة الظالمة التي اتخذت بحقه في الدورة الماضية ، كما يكشف بنفس القوة جوهر الإرادة الواعية عند الهيئة العامة ، بتصحيح الخطأ ، ورفض كل أساليب الاستقواء والاستفـراد ، ويؤكد على تأصل تقاليد التضامن والروح الديمقراطية في جسم النقابة ، ومختلف النقابات المهنية .

رابعاً : لقد سجل الجميع ارتياحه للاجواء الايجابية التي تشكلت في بداية عمل المجلس، وعلى روح التعاون والمشاركة بين أعضائه. إلا أن المؤشرات الأخيرة تنذر بالعودة لسياسة الاقصاء والاستفراء والتعطيل التي يمارسها (أصدقاء) النقيب السابق، متوازية مع التصعيد في طعوناته القضائية. والدعوة صريحة إلى ضرورة تجاوز الإشكالات والتداعيات التي رافقت الانتخابات / وعدم الالتفات إلى المناكفات والتهديد بالقضاء ، فالوقت الآن للعمل والإنجاز ، ما دام التزامنا كاملاً برأي القضاء وأحكامه . إنه نداء تعاون ومشاركة للجميع ، لنشرع ببذل أقصى الجهود المخلصة من أجل الدفاع عن نقابتنا وتعزيز دورها ومكتسباتها .

لكلٍ رؤيته وبرنامجه وآليات عمله ، والأولوية لمصالح الطبيب والمهنة والقضايا الوطنية ، وتبقى النقابة ، البيت الدافئ لجميع أعضائها .

#موسى_العزب (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات