أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - الإنفجار الديمغرافي الإسلامي في مواجهة تقدم الغرب: آخر ابتكارات العقل الإسلامي المريض














المزيد.....

الإنفجار الديمغرافي الإسلامي في مواجهة تقدم الغرب: آخر ابتكارات العقل الإسلامي المريض


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 2642 - 2009 / 5 / 10 - 08:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


منذ قرن كامل و العقل العربي ـ الإسلامي يبذل كل جهوده لكي يرد المجتمعات الإسلامية إلى "صحيح الدين"، أي إلى ما كان عليه الناس من قبل : استعادة الدولة الدينية و الخلافة و استعادة هيمنة الفقهاء في بلاط الحكم و إعادة كل شيء إلى المسجد بوصفه المرجعية الوحيدة المطلقة و الربانية، و الإحتكام إلى نصوص قطعية و إلى منظومة قيم مغلقة و ثابتة، مع ما يترتب عن ذلك طبعا من مظالم و تكريس للحكم المطلق و من عسكرة و رقابة بوليسية و حالة طوارئ دائمة، و ما يؤدّي إليه بالتالي من امتهان للكرامة الإنسانية على الأرض باسم السماء.
لم يقم هذا العقل الإسلامي أبدا بتقديم اجتهادات جديدة تفيد العصر الذي نحن فيه ، لا في العلم و لا في التقنية و لا في الإقتصاد و لا في السياسة و لا في المجتمع و لا في الثقافة و الفنون، كل الحلول التي يقدمها هي ما قاله السلف من قبل، منذ ألف عام أو أزيد، فالحقيقة محددة سلفا و ليس علينا إلا القبول بالعودة إليها و اعتناقها من جديد فتكون لنا السعادة في الدنيا و الآخرة. لم يسأل العقل العربي ـ الإسلامي نفسه مرّة واحدة عن الأسباب التي جعلت العالم المتقدم يصل إلى فتوحاته الإعجازية في القرنين الأخيرين في الوقت الذي ظل فيه المسلمون يحلمون بالجنة في ظل العمامات الخضر و التسابيح و اللحى الكثيفة ، حتى داهمهم الإستعمار و احتل أرضهم و استعبدهم و أحدث في عالمهم الخامل خضّات قوية، لم تكن رغم ذلك كافية لإيقاظهم من سباتهم العميق، فقد غادر الإستعمار ليعود المسلمون إلى سابق عهدهم،أي إلى أورادهم و عمائمهم و تسابيحهم من جديد، و لكن هذه المرة في لبوس مختلف و في سياق مغاير كليا للسابق، فالحداثة العصرية ضربت بجذورها في مظاهر الحياة المادية للمسلمين و حاصرتهم ببدائعها من كل صوب.
و في الوقت الذي كان ينتظر فيه من العقل العربي ـ الإسلامي أن يستيقظ و ينفض عن نفسه غبار الخمول و التقليد، عاد إلى تكريس السلفية و عبادة التراث و تقديسه و الإنغماس في الإتباع الأعمى باسم "التجديد" و "الإجتهاد"، حيث لم يستطع تجاوز الخطوط الحمراء التي رسمتها أدبيات الفقه القديم . و من نماذج هذا "الإجتهاد السلفي" ما كتبه أحد منظري التوحيد و الإصلاح و نشره في موقع حركته حول "القنبلة الديمغرافية" التي اعتبرها من خرافات الغرب، داعيا المسلمين إلى التكاثر و التناكح و تكثير السواد، منبها إلى بدع الغربيين المتمثلة في "تنظيم الأسرة" و "تحديد النسل" المستندة إلى الثورة التحريرية للنساء و إلى نظرية مالتوس القائلة بمحدودية الموارد الغذائية على الأرض و بعدم إمكانية تلبيتها لحاجات الإنفجار الديمغرافي العالمي، مما أدّى بالتالي إلى "العقم السكاني الرهيب" بالغرب و إلى "الخراب الديمغرافي" و "خراب العمران" على حدّ تعبيره.
و الذي يقرأ مقالة هذا المنظر الفهامة سيتخيل البلدان الغربية في أسوإ حال، كما سيتخيل بلاد المسلمين التي يتوالد فيها الناس كالأرانب قمة التقدم و ازدهار العمران.
لقد أدّى التغير الكبير في القيم، و تطور التعليم العصري و العلاقات بين الجنسين نحو مزيد من الأنسنة و الإحترام المتبادل، و ظهور الإهتمام المتزايد بحقوق الطفل و بمناهج تنشئته و العناية به، إلى تخفيض نسبة الإنجاب في المجتمعات المتقدمة، حيث أصبحت العائلة النووية نموذجا و صار إنجاب الأبناء لا يهدف إلى مرامي براغماتية تلبي الحاجات المعاشية للأسرة، أو إلى استفادة الأبوين منهم بأي شكل من الأشكال، بل أصبح للأطفال وضعهم الإعتباري المتميز بوصفهم بشرا ذوي قيمة، و هو ما جعل تخفيض نسبة الإنجاب يحقق تربية أفضل بإمكانيات أفضل، و الكثير من الرفاه بالنسبة للأفراد الذين ينعمون بدخل محترم، عكس المجتمعات الإسلامية حيث أدّت عقيدة التناكح و التناسل و تكثير سواد الأمة ـ بجانب عوامل أخرى ـ إلى مآسي ما زالت هذه المجتمعات عاجزة عن الخروج منها حتى الآن.
و إذا كانت المجتمعات الغربية تتوفر على الحلول الناجعة لانخفاض معدل الإنجاب لديها، حيث ستعمل عند الحاجة بوسائلها المؤسساتية الفعالة إلى رفعها عبر التوعية و التحسيس في حدود المعقول و حاجات المجتمع، فإنني لست أدري ما هي الحلول التي يتوفر عليها العلامة الإسلامي ـ الذي انتقل من أوهام دكتاتورية البروليتاريا إلى أوهام الخلافة و الإمامة ـ لمواجهة الإنفجار الديمغرافي الرهيب الذي يدعو إليه ضد خطاب الدولة حول "تنظيم الأسرة"، مواجهة معضلات الفقر و البطالة و المجاعة و مدن الصفيح و محدودية الموارد عندما يتناكح الناس و يتناسلون بالشكل الذي يثلج صدره و يشبع جموحه السلفي .
قد لا تكون لفكرة هذا الرجل أية أهمية تذكر، بل قد لا تستحق من الناس أكثر من ابتسامة سخرية عابرة، لكنني قمت باستحضارها هنا لكي أقدم نموذجا للأفكار التي يتداولها الإسلاميون فيما بينهم، و يحشرون بها أدمغة الشباب، مما يجعلنا نطرح أكثر من سؤال حول مدى الإسهام الحقيقي لهؤلاء في مسلسل التحديث و الدمقرطة و التنمية مستقبلا.



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التبشير المسيحي و التبشير الإسلامي
- ملاحظات حول مفهوم -الأمن الروحي للمغاربة-
- عنصرية إسرائيل بين عصا البشير و عمامة نجاد
- مظاهر الميز ضد الأمازيغ و السود و اليهود بالمغرب إلى الوزير ...
- نداء من أجل الحرية
- أبعاد التواطؤ بين الإسلاميين و السلطة
- لماذا يعيش المغرب حالة بارانويا دينية ؟
- التضامن الإنساني و التضامن العرقي
- حين يباع الوطن و يهان المواطن
- 33 قرنا من تاريخ الأمازيغيين
- المفهوم اللاديمقراطي للديمقراطية
- الوطنية المغربية و الطابو التاريخي
- انتحار امرأة
- الجذور الفكرية لإيديولوجيا التعريب المطلق
- نظرية المؤامرة في السجال العمومي
- الأمازيغية في مفترق الطرق أسئلة الحصيلة و الآفاق
- الشذوذ الجنسي و الشذوذ الديني
- ما بعد النموذج اليعقوبي للدولة الوطنية
- أصابت امرأة و أخطأ الشيخ
- في ضرورة الإصلاح الديني


المزيد.....




- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرتا اعتقال نتنياهو وجال ...
- الأميرة المسلمة الهندية -المتمردة- التي اصطادت النمور وقادت ...
- تأسست قبل 250 عاماً.. -حباد- اليهودية من النشأة حتى مقتل حاخ ...
- استقبل تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024 بجودة عالية
- 82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
- أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - الإنفجار الديمغرافي الإسلامي في مواجهة تقدم الغرب: آخر ابتكارات العقل الإسلامي المريض