أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عدنان عاكف - لا أستطيع أن أتصور عالم عبقري بدون إيمان عميق















المزيد.....

لا أستطيع أن أتصور عالم عبقري بدون إيمان عميق


عدنان عاكف

الحوار المتمدن-العدد: 2642 - 2009 / 5 / 10 - 09:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا أستطيع أن أتصور عالم عبقري بدون إيمان عميق
ألبرت آينشتاين
ترجمة: عدنان عاكف


وردت هذه المقالة في كتاب آينشتاين " أفكار وآراء " ص. 41-49 . الجزء الأول منها مأخوذ من كلمته في معهد العلوم التكنولوجية في بريستون في أيار 1939 . وقد نشرت في “ out of my later years “ في 1950. أما الجزء الثاني فقد كانت كلمته في المؤتمر " العلم، الفلسفة، والدين، وعلاقتها بأسلوب الحياة الديمقراطية " في مدينة نيويورك، في 1941 .


على امتداد القرن الماضي و الجزء الأكبر من القرن الذي سبقه يقصد القرنين التاسع عشر و الثامن عشر ) ساد صراع مستعصي على الحل ، بين المعرفة والإيمان. هذا هو الرأي الذي ساد بشكل واسع آنذاك. وكان الكثير من المفكرين يرى بأن الوقت المناسب قد حان للمعرفة كي تزيح الإيمان تدريجيا وتحل محله ؛ ويقول هؤلاء ان الإيمان الذي لا يستند الى المعرفة ليس أكثر من خرافة، ينبغي معارضتها. لذا فان الدور الأساسي للتربية، وفق هذا المنظور، ينبغي ان يركز على فتح الطريق أمام التفكير والمعرفة، وعلى المدرسة، باعتبارها، الأداة الأساسية للتربية، ان تكون في خدمة هذا الهدف بالتحديد.
من الصعب على المرء ان يجد رؤية عقلانية في وجهة النظر هذه؛ ومن السهل على الإنسان الواعي أن يرى أحادية النظرة في مثل هذا الموقف. ولكن من المفيد جدا ان يعبر المرء عن فكرة ما بكل بوضوح وصراحة ومباشرة، ان كان عليه ان يصفي ذهنه ويعيده الى طبيعته.
أفضل وسيلة لترسيخ القناعة لدى المرء هي التجربة وصفاء الذهن. وفيما يتعلق بهذه النقطة علينا ان نتفق، وبدون تردد ، مع الصيغة العقلانية الصارمة. نقطة الضعف في مثل هذه الصيغة تتلخص في ان تلك القناعات الحتمية، التي لا بد من توفرها لبلورة أحكامنا وتصرفاتنا، يمكن بلوغها بطرق ووسائل أخرى أيضا ، وليس فقط من خلال هذه الطريقة العلمية الصارمة.
لا تستطيع الطريقة العلمية أن تعلمنا غير الأشياء التي تتعلق بالوقائع، والكيفية التي ترتبط بها هذه الوقائع ببعضها البعض. والطموح الى هذه المعرفة الموضوعية يرقى الى أعلى ما يستطيع ان يبلغه الإنسان. ولا أظنكم تتوقعون مني ان أحاول الاستخفاف بالجهود الجبارة والإنجازات الضخمة التي حققها الإنسان في هذا المجال، أو ان انتقص من أهميتها. ولكن ما هو مؤكد أيضا ان معرفة " ما يحدث " لا تفتح الباب مباشرة أمام معرفة " ما الذي ينبغي أن يكون ". يمكن ان تكون تحت تصرف المرء أهم المعلومات الضرورية وأكملها للإجابة على السؤال " ما هذا ؟ "، ومع ذلك يبقى غير مؤهل، أو غير قادر على ان يستخلص من ذلك ما الذي يجب ان يكون عليه طموح الإنسان. المعرفة الموضوعية تعدنا بوسائل فعالة من أجل الوصول الى أهداف معينة، لكن تحديد الهدف النهائي والسبيل لبلوغه ينبغي ان تأتي من مصدر آخر. ولا بد من التأكيد على ان وجودنا ونشاطنا لا يكتسب أي معنى، إلا من خلال تحديد هذا الهدف، ومجموعة القيم المرتبطة به. لا شك أن معرفة الحقيقة بحد ذاتها تعتبر أمرا في غاية الأهمية، ولكن قدرتها على ان تكون مرشدنا محدودة جدا، بحيث انها غير قادرة على إثبات القيم والمبررات التي تقف وراء طموحنا للوصول الى معرفة تلك الحقيقة. وهنا سنقف في نهاية المطاف في مواجهة محدودية المعنى العقلاني الصرف لكينونتنا.
لكن لا ينبغي الجزم بان الفكر الحاذق لا يستطيع ان يلعب دورا في صياغة الهدف والأحكام الأخلاقية. حين يدرك الإنسان ان بلوغ الهدف يتطلب وجود وسائل معينة، فان تلك الوسائل ستتحول بدورها الى هدف. والفكر يكشف لنا بوضوح العلاقة بين الوسائل والأهداف. ولكن التفكير لوحده لا يستطيع ان يمنحنا الإحساس بما هو جوهري وما هي الأهداف الأساسية. ويبدو لي ان الدور المهم الذي ينبغي على الدين ان يقوم به في الحياة الاجتماعية ، هو توضيح تلك الأهداف والأحكام الأساسية، وان يسعى لترسيخها في الحياة الروحية للفرد، وبالسرعة الممكنة. وقد يتسائل المرء من أين يمكن لتلك الأهداف الأساسية أن تستمد شرعيتها، اذا كان من غير الممكن تحديدها وتبريرها بواسطة العقل لوحده ؟ ليس لدي سوى الجواب التالي : انها موجودة في المجتمع السليم، كقوى تقليدية ، تؤثر على سلوك وطموحات وأفكار الأفراد؛ انها موجودة هنا، وتتواجد كشيء حي، وليست بحاجة الى أي ضرورة لتبرير وجودها. وهي لا تظهر الى الوجود من خلال البرهان، بل من خلال الوحي، من خلال قدرات الأشخاص الاعتيادية. لا ينبغي على المرء ان يحاول تبريرها، بل يكفي ان يدرك طبيعتها ببساطة ووضوح...
ان المبادئ النبيلة لطموحاتنا وقيمنا متضمنة في تقاليدنا الدينية اليهودية – المسيحية. وانه هدف نبيل جدا، هدف لا نستطيع بقدراتنا الضعيفة ان نطال منه إلا القليل، ولكنه الهدف الذي يمدنا بالأساس الراسخ لطموحاتنا وتقييماتنا. ولو حاول أحد وضع هذا الهدف خارج إطاره الديني، والنظر الى جانبه الإنساني البحت، فعندها يمكن ان يستنتج بان الهدف هو: التطور الحر والمسؤول للفرد، ليكون قادرا على تكريس قدراته، طواعية و بكل حرية ،في خدمة مصالح جميع الناس.
لا مجال في هذا الأمر لتأليه الأمة، والطبقة، أو أي فرد كان. ألسنا جميعا أبناء لأب واحد، كما يقال باللغة الدينية؟ بالفعل، حتى تأليه الإنسانية، كمجموع كلي مجرد، سوف لن يكون منسجما مع روحية المثل الأعلى. الروح لم تمنح إلا للفرد. وقدر الفرد الأعلى يكمن في أن يقدم و يخدم أكثر مما هو في أن يقود، أو في ان يعبر عن نفسه بأي طريقة كانت.
عندما ينظر المرء الى الجوهر وليس الى الشكل عندها يستطيع أيضا ان يعبر به عن الموقف الديمقراطي الجوهري. يستطيع الديمقراطي الحقيقي أن يفتخر بأمته بدرجة لا تقل عن الرجل المتدين، وفق مفهومنا لهذه الكلمة.
إذن، وبعد كل هذا، ما الذي يمكن أن تكون عليه المهمة الأساسية للمدرسة ؟ يجب ان تساعد الشباب على النمو بروحية تكون فيها المبادئ الأساسية كالهواء الذي يستنشقه. والتعليم لوحده غير قادر على إنجاز هذه المهمة.
عندما يضع المرء نصب عينيه هذه المبادئ الرفيعة ، ويقارنها مع الواقع ومع روحية العصر، عندها سيبدو بشكل فاضح كيف ان الجنس البشري يقف اليوم أمام خطر مهلك، يتجسد في الدول الشمولية، وفي قادتها أنفسهم الذين يسعون، في الواقع، الى تدمير روح الإنسانية ذاتها. ويتجلى هذا الخطر أيضا، ولو بدرجة أقل، في المواقف القومية المتطرفة، والتعصب وفي اضطهاد الناس بوسائل اقتصادية، تعمل على خنق تلك التقاليد الرائعة.
لقد أخذ إدراك مدى الخطر القائم ينتشر بين أوساط المفكرين، وهناك الكثير من الدراسات حول وسائل مواجهة الخطر - وسائل في مجال السياسة الوطنية والدولية في مجال التشريع والتنظيم بشكل عام. ليس هناك أدنى شك في الحاجة الماسة الى مثل هذه الجهود. يضاف الى ذلك ان القدامى كانوا على معرفة بأشياء، يبدو اننا قد تناسيناها. وقد ثبت بأن جميع الوسائل كليلة ان لم تكن وراءها روح حية. ولكن اذا كان التوق نحو بلوغ الهدف متقدا فينا، فعندها لن تعوزنا المقدرة على إيجاد الوسائل لبلوغ الهدف، ومن ثم ترجمته الى مآثر...





#عدنان_عاكف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آينشتاين بين العلم و الدين :
- الحياة الروحية في بابل
- في ذكرى أول أيار فقراء العراق والانتخابات القادمة
- حضارتنا المغدورة بين حماة الأصالة ودعاة الحداثة !!!
- حوار يعوزه التمدن !!
- ملف آينشتاين السري
- ذكريات عبد الرزاق عبد الواحد عن السياب
- آينشتاين عن الدين
- الحكومات العراقية في الأربعينات والقضية الفلسطينية
- خُصْيَة اليهودي
- الباشا والقضية الفلسطينية - 1 -
- جنة الملوك بين الواقع والتزييف
- حدث في مثل هذا اليوم
- الشاعر البابلي والحلم الطوباوي
- عن السياب والشيوعيين مرة أخرى
- لميعة عباس عمارة تكتب عن السياب والحزب الشيوعي
- هل تتعارض الاشتراكية مع الطبيعة الإنسانية ؟؟
- الزمرد وعيون الأفعى
- صبري حافظ يكتب عن السياب الشيوعي -2 -
- صبري حافظ يكتب عن السياب الشيوعي -1 -


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عدنان عاكف - لا أستطيع أن أتصور عالم عبقري بدون إيمان عميق