|
زيف محاولات المزاوجة ما بين المشروع الأمريكي في الاحتلال والمشروع الوطني العراقي في التحرر
أحمد الناجي
الحوار المتمدن-العدد: 808 - 2004 / 4 / 18 - 09:55
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
( 1-2 ) أولا: المشروع الأمريكي للاحتلال لم تكن أفاق الطموحات الأمريكية واسعة التطلعات أبان حرب الخليج الثانية عام 1991، ولم يكن احتلال العراق مدرجاً ضمن الخطط الستراتيجية لتلك المرحلة، وبقت هذه الخطوة خارج الحسابات، رغم كونها صارت في متناول يد قواتها العسكرية، ولا تبعد العاصمة بغداد سوى مسافة ثلاث ساعات، كان يمكن إنجازها بالمضي في تقدم الجيش الأمريكي خلال رحلة غير مضنية، تحكمها ظروف دولية مواتية، تساعد على تقبلها وتمرير مبرراتها من قبل المجتمع الدولي، ( كرد فعل على الإصرار بعدم الانسحاب من الكويت)، وما كان القيام بها وانتهاك القانون الدولي يشكل معضلة آنذاك لا يمكن إيجاد حل لها أو تخطيها، بعدما أجاز نفس القانون لأول مرة في التاريخ تدمير بلد بالكامل، وفرض حصار لا أنساني على أبناءه. لقد أفرزت نهاية الحرب الباردة، اختلال في ميزان القوى العالمي، ذلك المؤثر الكبير نتاج ظروف المرحلة ذاتها التي تعددت تداعياتها وبانت بشكل جلي بعد انهيار جدار برلين، وتغييرات الأنظمة الاشتراكية في أوربا الشرقية، وانفراط عقد بلدان الاتحاد السوفيتي، بعد أن تزامن ذلك كله مع المغانم المهولة، حصيلة نتائج (حرب تحرير الكويت) من منجزات للنظام الرأسمالي، تعاضمت مدياتها المؤثرة على المستويين السياسي والاقتصادي. كل ذلك ساعد على إرساء أسس طور متقدم من النظام العالمي الجديد، الذي ارتسمت معالم بداياته قبل حين، بعدما استبقتها الكثير من التمهيدات في ترتيب أرضيته الفلسفية ومقدماته بناء هياكل علاقاته الاقتصادية عبر أنشطة العديد من الهيئات والمؤسسات الدولية، وآليات السوق المتنفذة، المتناغمة مع طفرات التقدم العلمي في مجال المعلوماتية والاتصالات، التي فرضت فاعليتها في تمرير أطر العولمة وقيودها في كل الاتجاهات، وعملت على تهيئة ظروف تسارع انسيابها الهادئ في كل أرجاء العالم. في ظل هذه المتغيرات المفصلية على المستوى العالمي، جاء تخطيط الإدارة الأمريكية لمشروع احتلال العراق كخطوة من خطواتها الستراتيجية المستقبلية، وضرورة من ضروريات الامعان في فرض سياسة القطب الواحد، وبسط نفوذه وهيمنته على العالم من أجل ضمان تحقيق أهدافه في التفرد والسيطرة على كل مقدرات العالم السياسية والاقتصادية، وتأمين كل الإمكانيات في مواجهة التحديات النظام العالمي الجديد على المدى المتوسط والبعيد. تكاملت صياغة مشروع احتلال العراق في منتصف تسعينات القرن الماضي، أضبارة مغلفة بحسرة التفريط في امكانبة إنجازها دون مشقة قبل سنين قليلة، مركونة في دهاليز البنتاغون الى أن يحين أجل ضرورياتها، كان بدء التعامل معها خلال حكم الحزب الديمقراطي تحت أطار يرتكز في مسعاه على تكتيك احتواء النظام، تحول بعد سنوات في عام 1998 الى قانون تحرير العراق، المقرون برصد الأموال له في الميزانية العامة. كان هاجس مشروع احتلال العراق حاضراً لم يغب عن بال أحد من مخططين الستراتيجيات رغم تناوب الحزبين على دفة الحكم، ولكن بعد اعتلاءها من قبل الحزب الجمهوري مطلع عام 2001، تفاقمت وتيرة تسويق هذا المشروع على يد المحافظين الجدد، صقور إدارة الرئيس بوش بعد أن ساهمت رعونة الطاغية على تهيأت كل مبررات تقبله من لدن أغلبية الرأي العام الأمريكي، الى سنحت الفرصة المناسبة بعد تسعة أشهر تقريباً، في لجة ردة فعل أحداث تفجيرات 11 أيلول/سبتمبر، سعت الإدارة الأمريكية على تبنيه واحد من مشاريع حربها الاستباقية. لقد أفصحت مجلة نيوزويك الأمريكية عن ذلك بعد مضي ثلاثة أشهر تقريباً على تفجيرات برجي التجارة العالمي عندما نقلت على صفحاتها تصريحات مسؤولين أميريكين طلبوا عدم ذكر أسمائهم وبالنص (أن الرئيس جورج بوش ومجلس الأمن القومي قرروا الإطاحة بصدام وأن المسألة ليست سوى وقت فقط)، متذرعة بتبريرات، محاربة الإرهاب وتدمير أسلحة الدمار الشامل، وتعليب الديمقراطية للشعب المحاصر. لم تنصاع الأسرة الدولية لهذه المبررات، فانقسمت على نفسها بين مؤيد ومعارض، ولم يصدر عن الأمم المتحدة قرار تفويض باستخدام القوة، لم تأبه إدارة بوش لذلك، بل تمادت في عدم الإنصات لأصوات الملايين من الرأي العام العالمي الذين عبروا عن معارضتهم لهذه الحرب في مظاهرات جابت شوارع الكثير من عواصم ومدن العالم، مما جعلت المنظمة الدولية عرضة الى مخاطر الانحسار والتفتيت، وظلت تسبر غيها الحثيث على تجيش حلفائها، وقد شرعت فعلياً بتنفيذ عدوانها في 20 آذار 2003 تحت شعار حرب ( حرية العراق) في معزوفة موسيقية غير مألوفة الدوزنة والتوليف، حين زاوجت فيها النقيضين، نغمات أنسام الحرية مع قرع طبول الحرب، هيضت المخزون الكبير الكامن من أحلام العراقيين المؤجلة بالحرية، وسفحت السلام فيها بأوتار الصلف الأمريكي على ربوع العراق، سيمر التاريخ عليها يوما يحسبها مقطوعة نشاز، ومهزلة مثيرة للضحك والبكاء على الأقل لدى جموع العراقيين الصامتة. كان المشروع الأمريكي يحمل طموحات وأمال مخططيه الكبيرة، لا ريب يستهدف المنطقة بأكملها، واحتلال العراق يمثل بوابته المشرعة لذلك، لذا سارعت الإدارة الأمريكية مبكراً، تمهد لإرساء مقومات تحقيق طموحاتها اللاحقة من خلال حشد كل الوسائل الممكنة، تزامنت تهيئة تلك الاعدادات مع ما يصدر من البيت الأبيض، نذر التصريحات التي تؤسس لخططها وستراتيجياتها قادمة، أخذت تلهج قبل وبعد بدء العمليات العسكرية، تارة تعد بتغير خارطة المنطقة، وتارة أخرى تطالب بضرورات الإصلاحات الديمقراطية فيها، وأخيراً مشروع الشرق الأوسط الكبير، شكلت تلك الطروحات قلقاً مؤرقا لدى الأنظمة العربية، خصوصاً بعدما أفرزت الأحداث عن تبخر واحد منها، ذلك ما عكر صفو سباتها المزمن في التسلط على رقاب الشعوب. راح حادي الركب الأرعن يبلع الطعم شيئاً فشيئاً، كعادته، غير أبهة بكل دعوات العقلانية في الانصياع لقرارات الشرعية الدولية والالتزام بها رغم جورها وإجحافها، والابتعاد عن مغامراته المحفوفة بالمخاطر، وتطلعاته المأزومة في تبضع المريدين من المحافل الخربة المليئة بالخائبين المتاجرين بالشعارات، وفي واحدة من مهاتراته الخرقاء تلك التي يحاول فيها تناسى سوءته في خيمة صفوان، وما سببه من مآسي للعراقيين، يتماهى راكباً عنترياته البائسة، يأمل أن يتعالى صوت النفاق، من تهليل وتصفيق في بلدان العروبة من المحيط الى الخليج، كي يطغي على ما جاوره من الصراخات، مناحات وأنين العراقيين، بعد أن يُخسأ الخاسئون بطنينه في ذلك الخطاب الذي بث يوم 17 كانون الثاني/ يناير 2002 لمناسبة مرور 11 عاما على بدء حرب الخليج الثانية حين يقول بالنص (ليتهم يفعلون، ولكنهم لن يفعلوا، وانهم، لا محالة، الى الهاوية سائرون)، وبعد سنة ونيف فعلوها باقتدار، ومرغوا أنفه بالتراب، وكان هو الخائب الذي سار بنا والعراق الى الهاوية، ومن ثم تركنا لوحدنا بين بقايا الأشلاء، يقال كانت دولة بالأمس، وراح بعيداً عنا يجر خيبته، ينطمر في حفرته الوضيعة التي عكست دون لبس هزالة مغامر مقرونة بعته مجنون، أوقعت العراق تحت وطأة الاحتلال الأمريكي، ذلك ما شرعن لاحقا من قبل الأمم المتحدة، بعدما صار واقعا مفروضاً على الأرض، تجبر على فعلها صلف العم سام، لم يعبه لكل محاولات الأسرة الدولية، أو الملايين من أصوات الرأي العام، وأصر على القيام بخطوة الحرب التي أفضت الى سقوط النظام، والدولة التي تنازع على هشيمها شذاذ الأفاق، وسماسرة بيع الأوطان وحيتان الصفقات الدولية، بجانب هذه المأساة برزت الكثير من المعضلات التي عكست هموم الجرح العراقي الغار حد تقطع الأنفاس، فقديمها ذلك ما أفرزته سنين الحروب والحصار الغابرة، وجديدها ما جاد به زمن الاحتلال من آفات تنامت بشكل شره في ظل تسيد قيم البداوة وانعدام الأمن والأمان.
زيف محاولات المزاوجة ما بين المشروع الأمريكي في الاحتلال والمشروع الوطني العراقي في التحرر ( 2-2 ) ثانيا: المشروع الوطني العراقي في التحرر كانت المعارضة العراقية المتمثلة في الأحزاب والقوى والشخصيات السياسية ترفع شعار إسقاط النظام الديكتاتوري مذ كان النظام مدعوم من قبل الولايات المتحدة، أيام حرصها الشديد على تجهيزه بشتى أنواع الأسلحة، والإيعاز لحلفائها بمساندته، في حربه مع إيران، أيام كانت تتغاضى عن جرائمه ضد الإنسانية، وتماطل في المحافل الدولية عند التنديد بانتهاكاته العديدة لحقوق الإنسان، ولعل من حسن حظ المعارضة العراقية أو سوءه ( ذلك متروك تقديره للقاريء)، أن ينقلب بمرور الزمن ربيع تلك العلاقة، الى خريف تتساقط فيه كل الأوراق بما فيها ورقة التوت التي كانت تغطي عورة تلك العلاقة المشينة، ويستحيل ذلك الدعم اللامحدود الى مواجهة عسكرية بين الحليفين، لا تخرج عن أطار تصفية الحسابات، لا تخرج في بعدها عن تقليم الأظافر، بعد أن تطاول أحد مخالب العم سام على قضم دولة تجاوره، خارجاً عن السنن المعهود في عرف التخادم الرزيل. لقد تنامت بعد عام 1991 تشكيلات المعارضة العراقية في الخارج، بفعل احتضان كثير من الدول لأعداد المهاجرين من العراق جراء ممارسات النظام القمعية واستبداده، وتقطع سبل المعيشة بهم جراء الحصار الجائر، حينها لعبت المنافي، وطول وحشة الزمن دور كبير في تشتت أداء المعارضة، بعد أن تنوعت الاتجاهات، وتعددت الوان الطيف، وبان عجزها واضحاً بعد كل هذه السنين، فهي لم تستطع من فرز رمز وطني ولا حتى برنامج موحد يؤطر ثوابتها وأساليب نضالها، كي يلتف حولهما الجميع، ولكنها اجتمعت بالكامل على شعار إسقاط النظام الحاكم والخلاص منه، ذلك ما تطابق حينها مع الستراتيجية الأمريكية، وبذا فأنها لم تكن تسعى للالتقاء معها، والقدر ساق اليها المشروع الأمريكي وخيار الحرب، الذي ابتعد البعض منها عن تأييد ذلك. سعت الإدارة الأمريكية الى توطيد علاقتها بقوى معينة من المعارضة العراقية، تلك التي وجدتها شريك مناسب في تحقيق مشروعها القادم في العراق، قدمت لها الرعاية والدعم المادي زمن طويل وساعدتها على القيام ببعض النشاطات، وتأسيس وسائل إعلام لها، ولم يقتصر الرعاية الأمريكية على الأحزاب والقوى السياسية التي أحتضنتها منذ منتصف التسعينات، بل عملت على استقطاب بعض من شخصيات المغتربين العراقيين، سياسيين وتكنوقراط، واستطاعت من توسيع رقعة شركائها من المعارضة العراقية في مؤتمر واشنطن الذي عقد أغسطس/آب 2002، وبعد ذلك أيضاً في مؤتمر لندن في منتصف شهر كانون الأول/ ديسمبر 2002، لتأمين مقومات إنجاز خطوتها القادمة بنجاح. لقد فوتت فصائل المعارضة العراقية استثمار الفرصة السانحة لتأسيس المشروع الوطني العراقي، بعد أن كانت تمتلك مقومات نجاح ذلك، فقد اتاحت معطيات سقوط النظام فسحة كان من الممكن العمل خلالها لتحويل كل الوثائق التي تمخض عنها مؤتمر لندن، والمتمثلة في البيان السياسي، والقرارات والتوصيات، ولجنة التنسيق والمتابعة، الى نواة ومسودة لذلك المشروع الواعد، يتم إنضاجه واغناءه من خلال مشاركة واستقطاب كل الأحزاب والقوى والحركات والشخصيات السياسية والاجتماعية والدينية، تلك التي امتنعت عن حضور المؤتمر بسبب رفضها خيار الحرب، والأخرى التي تشكلت داخل العراق في ظل الظرف المستجد، بحيث تساهم جميع مكونات الساحة العراقية في إرساء هذا المشروع الوطني، كي ينهض به العراقيون لاحقاً، مشروع مستقل يعبر عن آمالهم وتطلعاتهم، يقف على أرضية صلبة أمام مسعى الشراكة التي يرومها المشروع الأمريكي الذي فرض نفسه على ارض العراق بالسلاح كقوات احتلال. كان من الممكن أن يكون توافق العراقيين على ثوابت المشروع الوطني العراقي مرجعية لهم بغض النظر عن ماهية موقف الاخر منه، فهو بالتأكيد وعلى ضوء مجريات الواقع، كان سيلاقي رفض وعنت قوات الاحتلال، ولكن بالمقابل لا يمكن تنصل قوى المعارضة العراقية من مسؤولية في عدم تأسيس هذه المرجعية، بعدما ركنت وثائق مؤتمر لندن جانباً، وقبلت بما استطاعت انتزاعه من لدن الاحتلال عبر المفاوضات الانفرادية، التي قارب أمدها على ثلاثة أشهر، تلك التي جرت في ظل دعم فريق عمل الأمم المتحدة برئاسة مفوض الأمين العام طيب الذكر سيرجيو ديميلو، وتمخضت عن تشكيل مجلس الحكم بصلاحيات محدودة، وهيكلية قاصرة، واليات بطيئة، لم تخرج التشكيلة الوزارية التي أقرها المجلس فيما بعد عن نفس الأطر الضيقة لتي تجاهلت الكثير من القوى السياسية والاجتماعية والدينية المؤثرة في المجتمع العراقي، كان من الممكن استيعاب البعض منها في هذه الخطوة المتأخرة، وإشراكها في العملية السياسية السائرة في البلد. في ظل الأداء المتخبط لقوات الاحتلال، والتقصير الواضح لمهامها التي يحددها القانون الدولي، وتشابك معطيات الظروف المعقدة التي تتحكم بمجريات العملية السياسية، وتشتت أداء النخب السياسية الفاعلة ومحدودية إمكانياتها، وما تمليه الظروف المحلية والإقليمية والدولية، جعلت من المشروع الوطني العراق يسير بجانب المشروع الأمريكي وربما تحت مظلته، يلبي رغباته ولا يمتلك المقدرة على المناورة أو الابتعاد عنه، يتحمل وزر إخفاقاته العديدة في مختلف المجالات، مما أتاح إمكانية للمتصيدين في الماء العكر من توجيه الاتهامات والطعون اليه، وإظهار ما يناوئه من أعمال عنف وإرهاب كبديل لإنهاء الاحتلال في مقاصد وغايات مكشوفة ترمي لعودة النظام البائد تحت عباءة العروبة والإسلام في ديباجة أثيرة هي مقاومة المحتل، لم يحن أوانها بعد، وليست من أولويات المرحلة الحالية. أثبتت قوات الاحتلال، مقدرة فائقة في إنجاز المهمة العسكرية، من خلال حسن التخطيط الذي فرض سياقات الحرب، وكفاءة الآلة الحربية، بعد أن استطاعت حسمها بزمن قياسي، كانت تقدير طول الأمد المطلوب قبل خوض غمارها الى أبعد من ذلك، ولكنها لم تكن كفوءة فيما بعد الاحتلال، بل فشلت فشلاً ذريعاً في كل سياساتها الإدارية في مختلف الشؤون، بعدما أسفرت أيام السنة المنصرمة إخفاقات عديدة، بسبب عقم الخطط والأداء، وهما لم ينفكا يدوران في فلك الغرور وعنجهية المنتصر، ويستندان على نظرة قاصرة وقراءة خاطئة غير دقيقة للوضع العراقي. وقد ترتب على تلك القراءة الخاطئة، الوقوع في كثير من الأخطاء، بعدما ضاعفت القرارات المستعجلة من تعقيدات الحالة العامة في البلد، وبالتالي فأن التجريب صار محورا رئيسياً في الأداء، فلم تلاقي خطوتها في معالجة الوضع الأمني غير انفلاته، والوضع الاقتصادي غير ركوده، والوضع الاجتماعي غير ترديه، تركن للتراخي وقت تطلب الشدة، وللعنف وقت تطلب الروية والتعقل، وتبقى عيون الضحايا معلقة للسماء، تنشد أن تنجلي الغمة ولو بعد حين. صار العراقي بعد كل معاناته في احتضان الأمل المنشود بين شغاف القلب هذا الأمد الطويل، يعد الزمن كي يختصر مسافات الصمت، والجور، والسجون، والمنافي، يأمل أن يرى الحلم بين يديه، عراق دولة المؤسسات، يرفل بالعدالة والمساواة والعيش الرغيد، صار بعد كل هذا، وحين يدافع عن مشروعه الوطني، المولود للتو في مخاض متفرد غير مسبوق، يتلقى من كل من هب ودب سهام العملنة، وطعون السير في ركاب الأجنبي، ومهادنته الاحتلال، وتهم التفريط بالوطن والقضية والعزة العربية، حتى وصلت المزايدات الى أبعد حد، ذلك ما يطلقه الظلاميين على نفس المنوال، من فتاوى في التكفير هنا وهناك، وزر انتهاك الدين، واستباحة المقدسات، أي ظلم هذا الذي يتوالى كل هذه السنين على رؤوس الضحايا أبناء الفراتين، ظلم الجلاد، ظلم الحروب، ظلم الحصار، ظلم الاحتلال، ظلم التخوين، ظلم الإرهاب والمفخخات، ظلم أدعياء التقارب مابين المشروع الأمريكي في الاحتلال، والمشروع العراقي في التحرر ونيل السيادة والاستقلال، لقد انسحبت كل السياسات الأمريكية السابقة واللاحقة على المشروع الوطني العراقي وصار يدفع ثمن كل إخفاقاتها على أرض الواقع، وكأنه سبب البلاء، وسنظل ندفع زيف هذه المزاوجة التي يستشري مروجيها في زمن تهافت الشعارات على خلط الأوراق، والعبث بدماء الأبرياء، والمغامرة بمقدرات العراق والعراقيين. إن كل ما تبقى على 30 حزيران القادم، موعد تسليم السلطة، أقل من ثلاثة أشهر، وهي فرصة أخرى، أمام القوى السياسية التي سوف تساهم في إدارة البلاد، أن تتلقفها بالشكل الذي يضمن أظهار المشروع الوطني العراقي بالصورة الوطنية الحقة، عبر تحديد ثوابته من خلال مشاركة واستيعاب كل القوى السياسية والاجتماعية والدينية التي تشكل الساحة السياسية العراقية في تشكيلات وأطر العمل السياسي الرسمي للمرحلة القادمة، والابتعاد عن إشكالية المحاصصة التي تجرنا الى متاهات نحن في غنى عنها. أن التجارب الماضية أكسبت الجميع خبرة في التعامل مع قوات الاحتلال، والأمل يحدونا في أن تكون بكل تجلياتها عامل مساعد في تحصين الأداء الوطني من سياقات الارتهان لمواقف المحتل، وتجاور السلبيات التي برزت ورافقت أعمال السنة المنصرمة.
أحمد الناجي العراق
#أحمد_الناجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إرهاصات... لحظة الخروج من الزمن المهدور
-
إنَّ مَنْ يأخذ دوره في البناء وسط الخراب.. ذلك هو الذي قلبه
...
-
تأملات في الذكرى السبعين لميلاد الحزب الشيوعي العراقي... صار
...
-
قمة تونس تنفض قبل إنعقادها، يشهر العرب فيها سلاح الانبطاح
-
قمة تونس تنوء بثقل احباطات الماضي وجسامة الحاضر
-
التاسع من نيسان يوم أمريكي محض وقدرنا أنه حدث في العراق
-
صدام محطة مريرة لفظها العراقيون من ذاكرتهم ودفعوا ثمنها غالي
...
-
بغداد .. أي ذاكرة هذه التي تتوقد بعد كل هذه السنين
-
الدم ينتصر على السيف
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|