أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمد باليزيد - الجيش الذي لا يقهر















المزيد.....

الجيش الذي لا يقهر


محمد باليزيد

الحوار المتمدن-العدد: 2641 - 2009 / 5 / 9 - 00:05
المحور: القضية الفلسطينية
    


لم تعد التعليقات والمداخلات والبرامج، بأكملها، التي "تكشف" عن "حقيقة الجيش الذي لا يقهر" لم تعد إبداعا أو اكتشافا نظرا لكثرتها إلى درجة أن هذه "الحقيقة"، حقيقة الجيش الذي لا يقهر، أصبحت ركنا من معتقداتنا لكثرة ما "كشفت" عنها تلك التحليلات. … كما أن هذا النوع من التحليلات قد غزى خطابنا إلى درجة يستفز معها حتى أقل العقول نباهة فتثير تساؤلات تتلخص، بعد مخاض عسير يمكن أن يفقد الواحد منطقه كما يؤدي إلى ذلك غالبا عدم وضوح مسألة ما وإلحاحيتها في نفس الوقت، في سؤال بسيط هو: وهل هناك فعلا من قهر هذا الجيش؟
يحاول المحللون السياسيون والعسكريون، الذين منهم من ينطلق من منطلق أن الهزيمة الرمزية ليست بأقل دلالة من الهزيمة العسكرية/ المادية/ الميدانية (1). ومنهم من ينطلق من منطلق أن الحرب النفسية ليست أقل من الحرب الميدانية وأنه حتى وإن انهزم طرف ما على ساحة المعركة فإنه عليه أن لا ينهزم نفسيا وعلى إعلامه أن يقنع مواطنيه بأنه لم ينهزم حتى وإن لم ينتصر.
لقد خرج الجيش الإسرائيلي (2) من بيروت سنة 1982 بعد أن خربها. فهل نعتبر خروجه انتصرا للمقاومة أم نعتبر تخريبه بيروت انتصارا له؟ ونفس الشيء يمكن أن يقال عن حرب لبنان 2006 وحرب غزة 2008 وكل الحروب. في حرب 2006 بلبنان اعتبرنا، نحن العرب، الجيش الصهيوني انهزم لأنه لم "يحقق أهدافه المعلنة: القضاء على المقاومة والعثور على الجندي المخطوف.. وفي حرب غزة كذلك اعتبرناه انهزم لأنه لم "يحقق هدفه المعلن: القضاء على مقاومة حماس. لقد دمرت غزة ودمر جنوب لبنان. فهل نريد أن يحرق الجيش الصهيوني الأرض والبشر حرقا كاملا بالقنابل الذرية أو ما شابهها حتى نعتبره انتصر!؟ هل نريد نحن أن لا يبقى أي إنسان في غزة يرفع راية حماس وأن لا يبقى أي إنسان في جنوب لبنان يرفع راية المقاومة أو راية حزب الله حتى نعتبر الجيش الصهيوني انتصر!؟ الجيش الصهيوني يقنع بما أحدث من دمار ويعتبر ذلك كافيا كي يعلن انتصاره ونحن نقول له: لا، لم نحس بعد بالهزيمة، ليس ذلك كافيا. عليك أن تدمرنا أكثر وأن تقتلنا أكثر كي نحس بالهزيمة!!! أليس هذا منتهى الجنون؟؟
صحيح أن ادعاء وترديد عدم الانهزام يعني شيئا من الاحتفاظ بالمعنويات وعدم الاستسلام إلى الأبد. لكن من جهة أخرى فإن الاعتراف بالهزيمة يعني من بين ما يعني النظرة الواقعية وتقدير قوة الذات وقوة الآخر تقديرا واقعيا وكذا ضرورة البحث عن مكامن الخلل وتحديد المسؤوليات ، هذه الأشياء التي لا بد منها من أجل خوض أية معركة. أما التبجح بالانتصار فلا يعني سوى غياب كل ما ذكر وترك الشعوب،وهذه حالتنا نحن العرب في مواجهة الدولة الصهيونية، تعيش عالما غير واقعي مزخرف بتقدير الذات واحتقار الآخر، رغم قوته الواقعية، واعتباره أقل من أن يشكل أي تهديد معقول على مستقبلنا، في حين هو خطر، وليس فقط تهديد في الحاضر المعاش.. لكن الخطر في مثل هذه الرؤية لا يتعلق فقط بزمن ما بعد المعركة. إنه يتعلق بزمن خوض المعركة نفسه. ففي الوقت بالذات الذي كانت فيه الآلة الصهيونية تدمر غزة كان الشارع العربي يتحرك ولكن حركته لم تكن بمستوى الأزمة (3). والسبب في ذلك، أو لنقل من بين الأسباب، حسب اعتقادنا، هو شبه إيماننا بأن المقاومة ستقهر العدو، طالت الحرب أم قصرت، بفضل عزمها وإيمانها ومهما كانت وسائلها ضعيفة. إنه اللامنطق! (4) وإذا كان هكذا تفكير لا منطقيا في نظرنا، فيجب أن نعي بأنه منطق يحاول عقلنة، تبرير، موقف ما. فالتوهم بأن المقاومة ستنتصر، في النهاية، كيفما كانت الظروف يسقط بالضرورة عنا أي واجب يتعلق بالوقوف في وجه التدمير الصهيوني.
خلافا لكل أولئك المحللين والمنظرين، رغم اعتبار نفسي لم أصل بعد إلى مستوى من المعرفة يؤهلني للتمتع بلقب "محلل أو منظر"، سأجرؤ على القول بأن الجيش الصهيوني، الهمجي والمنحط أخلاقيا و...و..و..، هو فعلا جيش لا يقهر، على الأقل في منطقنا العربية(5). وإذا كان من شيء يمكن أن يقهر هذا الجيش فهو "قهرنا". هذا القهر الذي لا يفيض كأسه ولا يتحرك بعيره مهما قصمته الإبر. وإذا أمكن أن يتحرك ويصحو عقل، ولا مجال للكلام عن الضمير بالنسبة لجيش دولة بنت أخلاقها على أساس "الحق في ظلم الآخر"، يصحوعقل هذا الجيش يوما فإنه سيحس بالقهر من دون شك. لا لأنه يواجه مقاومة ولا لأنه أدخل حربا لا تعنيه. وإنما لأنه يدمر شعوبا ألفت التدمير وأنه وضع في مستوى مقارعة شعوب لا تدافع عن نفسها. وإذ نصف الشعوب العربية هكذا فليس معنى هذا أننا نحط من قيمة المقاومة والشارع العربي وننزلها إلى الصفر. وإنما لنؤكد بأن حجم التدمير الذي يلحقه الجيش(6) الصهيوني بفلسطين أو لبنان، دون الحديث عن حجم الخراب السياسي الذي يبذره الساسة الصهاينة في عقول ذوي عمائم الصِّفر وكذا المتأوربين مظهريا، والمنتمين إلى عهود "حمادي العلج و" سياسيا، ذلك الحجم من الدمار يجعل تلك المقاومة شيء لا يذكر.


1) ولكن كيف نحدد هذه الهزيمة، أو الانتصار، المعنوية وما هي مظاهرها... ؟
2) نود هنا أن نشير إلى مسألة هامة تتعلق بما يمكن أن نسميه "الاعتراف بالواقع". لقد كادت تختفي من إعلامنا وثقافتنا وكل خطابنا نحن العرب كلمة "صهيونية مغتصبة" وحل محلها مصطلح "إسرائيل". وهذا ناتج عن عملية نفسية طويلة الأمد معناها الاعتراف الضمني ب"إسرائيل" كدولة. لذا يجب علينا أن نُبقي على حواسنا متيقظة وعلى كراهيتنا (اتجاه المغتصب الصهيوني) في مستواها الذي كانت عليه في بداية القضية الفلسطينية أو إبان الجرائم الكبرى للجيش الصهيوني. إننا إزاء فقدان الذاكرة إذا ما نحن "خفت" آلام جروحنا المتمثلة بطرد الفلسطينيين أو ذبحهم وترويعهم واغتصاب أراضيهم وتدمير بلد كلبنان وقصف أراضي سوريا.... فقدان ذاكرة إذا تناسينا كل ذلك وصرنا نتكلم عن شيء اسمه "دولة إسرائيل". كأن هذه "الدولة" هي دولة عادية ككل الدول التي تقوم على أرضها وتستحق الاحترام من كل جيرانها.
من حق الأوروبيين مثلا أن يسموا هذا "معاداة السامية" هم الذين أنتجوا النازية والفاشية والصهيونية، لكن التنينين الأولان مقبولة لعنتهما لأنهما أرادا التهام الساحر الذي أخرجهما. أما التنين الأخير الذي بقي وفيا للساحر فهو مبارك وملعون من يلعنه.
3) إن ما يلخص مأزق الشارع العربي إبان الأزمات هو ما عبر عنه أحد المحللين،وكانت آنذاك بعض الاحتجاجات تظهر في المدن العربية، حين قال له الصحفي: لكن يظهر أن لا جدوى من حركة الشارع العربي ، فالحكومات العربية لم تحرك ساكنا وكأن حركة الشارع لا تعنيها في شيء. فرد عليه المحلل: يا أخي ماذا تريدون من هذا الشارع ؟ حين لم يتحرك تقولون لماذا لا يتحرك؟ وحين تحرك تقولون لا جدوى من حركته؟
4)إنه منطق مسلسلات الرسوم المتحركة للأطفال التي تنتهي المعركة فيها دائما بانتصار "قوى الخير" على "قوى الشر". هذا المنطق الذي سيقلب كل منطق داخلنا إذا هو تمكن من السيطرة على أجهزتنا العصبية. وسيجعلنا في غنى عن أي مجهود عقلي لمعرفة الظالم والمظلوم في أي صراع وإنما نكتفي بانتظار نتيجة الصراع لنقرر بعد ذلك بأن المظلوم هو من انتصر، لأن قوى الخير لابد أن تنتصر، والظالم هو من انهزم، لأن قوى الشر لابد أن تهزم.
(5) وهل تستطيع أن تقهره جيوش تتدخل الدولة الصهيونية لصالحها لدى الإدارة الأمريكية من أجل بيعها أسلحة لأنها في نزاع مع نظام عربي جار أو جيوشا يشرف العدو الصهيوني نفسه عن تطويرها وتنظيمها وهذه حال كثير من الدول العربية!؟
6) وكما لفتنا الانتباه إلى ما يعنيه مصطلح "دولة إسرائيل" من خطر، نود كذلك أن نلفت الانتباه إلى فحوى مصطلح "الجيش" حين يتعلق الأمر بالدولة الصهيونية الغاصبة. إننا هنا بمواجهة ظاهرة جديدة. فإبان ما عرف بفترة الحرب الباردة، أو لنقل خلال فترة التحرر من الاستعمار التقليدي، ساد ما يسمى بحرب الاستنزاف. والتي تعني أن حركة مقاومة تقارع جيشا نظاميا .. تضربه، ولو كانت الضربة صغيرة، حيث ما لم يحسب لذلك حسابا،لا زمانيا ولا مكانيا. وبذلك تجعل هذه المقاومة ذلك الجيش، مهما ضؤلت أمامه، متوتر الأعصاب 24/24 ويوميا وفي كل مكان. وهذا هو ما يؤدي فعلا إلى استنزاف قوى ذلك الجيش. نحن الآن بصدد ظاهرة ليست مألوفة وليست معكوسة تماما. إنه جيش نظامي يقارع جسما/ وطنا/ شعبا، ولا يقارع جيشا نظاميا آخر، ما دامت الجيوش العربية قررت منذ 1973 بأن لا تنزل بنفسها إلى مستوى مواجهة حفنة من العسكر وأن تترك تلك المهمة للمقاومة!. وإذ كانت المقاومة هي من يتصدى لذلك "الجيش" بدل الجيوش العربية، فليس معنى ذلك أن العدو الصهيوني هو من يستنزف. إن التصوير الصحيح للمسألة هو ما يلي: دولة مرتزقة، شعبا وحكومة مدنيين وعسكر، تؤدي لها الإمبريالية العالمية، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وهذه الإمبريالية لا يمكن أن تستنزف لأنها تدفع الفاتورة من صناديق الشعوب المغلوبة. علي أن أشير هنا، بالأخص للقراء الشباب الذين لم يسبق لهم أن قرؤوا مثله، إلى أن هذا التحليل ليس جديدا وليس ثمرة اجتهادي وهو قديم قدم القضية الفلسطينية. وإنما الطامة الكبرى، كما أشرت سابقا، تكمن في أننا أصبحنا، بفعل الزمن وسيطرة الإعلام الغربي وكذا الإعلام العربي المتصهين، مستعدين لاعتبار الهزيمة قدرا يجب التعايش معه وأحيانا، بفعل المنطق المقلوب على عقبه نتيجة ما ذكرنا من ظروف، رؤية الانتصار في الهزيمة.



#محمد_باليزيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقرير المصير بين الإيديولوجية والانتهازية
- الفساد في المغرب
- فتوى المغراوي
- القضاء، أي استقلالية نريد؟
- أخلاق الفلسفة
- التضخم
- الغلاء، رابحون وخاسرون
- بين الدولة والعصابة
- العمل الجمعوي والتنمية
- رؤية الهلال ومسألة علمنة الدين


المزيد.....




- شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب ...
- خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
- وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا ...
- جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
- زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
- كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
- مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
- ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
- مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
- جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمد باليزيد - الجيش الذي لا يقهر