أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن الناصر - مملكة الشر وجارة السوء















المزيد.....

مملكة الشر وجارة السوء


حسن الناصر

الحوار المتمدن-العدد: 2641 - 2009 / 5 / 9 - 00:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يعتمد استقرار وازدهار الدول على عدة عوامل من ضمنها عامل الجيوبوليتيك (الجيوسياسية) , وقدر العراق ان يقع بين دولتين الاسوء عالمياً هما السعودية وايران , ورغم انتهاج كلا البلدين النظام الثيوقراطي (الديني) الا انهما وكنتيجة حتمية لقصور هذه النظرية متصارعين بكافة السبل وعلى جميع الساحات ومنها بطبيعة الحال الساحة العراقية وسأتناول في هذا المقال مملكة الشر في السعودية اما جارة السوء أيران فهي محور مقالي القادم .
تأسست مملكة الشر لآل سعود الوهابية منذ القرن الثامن عشر حين تحالف محمد بن عبد الوهاب مع امير الدرعية محمد بن سعود اواسط القرن الثامن عشر وخاضت هذه الدويلة منذ نشأتها حروب كثيرة لتوطيد حكمها على اراضي الجزيرة العربية في نجد والحجاز وصولاً الى الجنوب ونتيجة العسف تجاه باقي طوائف المسلمين والايغال في التقتيل ونهب كسوة الكعبة من الحلي والهدايا التي كانت تردها من كافة ارجاء الارض أُستفز الباب العالي في اسطنبول حيث اوعز السلطان العثماني محمود الثاني الى والي مصر القوي محمد علي الكبير لارسال قوة عسكرية للقضاء على الدولة الوهابية وقد نفذ الاخير هذا الامر بالفعل وارسل جيش بقيادة ابنه طوسون باشا واستمرت الحملة العسكرية عدة سنوات كانت قاسية الأثر على الجيش المصري بسبب صعوبة التضاريس وارتفاع درجات الحرارة , ومن ثم ارسل محمد علي تعزيزات عسكرية اخرى بقيادة ابنه الاكبر ابراهيم باشا الذي استطاع عام 1818 القضاء على دولة آل سعود الاولى وتدمير عاصمتهم الدرعية واسر اميرهم عبدالله بن سعود ليعدم من ثم في اسطنبول .
بعد ذلك بانت ملامح هشة لدولة آل سعود الثانية قادها تركي بن عبد الله بن محمد بن سـعود وتناوب على الحكم امراء متناحرين كان ابرزهم فيصل بن تركي , وقد انهكت هذه الدولة الصراعات الداخلية حتى قضت عليها امارة آل رشيد الشمرية وطردت اسرة عبد الرحمن الفيصل (والد الملك عبد العزيز) الى الكويت حيث حلوا ضيوفاً على امير الكويت مبارك الصباح .
وتشير مدونات اسرة آل سعود عن قيام عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل بقيادة اربعين فارساً والصولة على مدينة الرياض عام 1902 وانتزاعها من آل الرشيد ليبتدء عهد الدولة الثالثة والحالية لآل سعود , حيث خاض هذا الرجل المؤسس حروباً عديدة لتوطيد سلطته على قبائل البدو الصعبة المراس في الجزيرة العربية ومن ثم تمكن من هزيمة الملك علي بن الحسين ملك الحجاز ووالد الامير عبد الاله (الوصي على عرش العراق) واستولى على جميع اراضيه عام 1925 ليعلن عن قيام سلطنة نجد والحجاز التي تغير اسمها الى المملكة العربية السعودية عام 1932 .
وقد توالى على الحكم بعد عبد العزيز ابنه سعود الذي عزل عام 1964 وبعده فيصل الذي قتل عام 1975 على يد ابن شقيقه وبعدها خالد الذي توفي عام 1982ومن ثم فهد وحالياً عبد الله الملك السادس والابن الثالث عشر للملك عبد العزيز .
تنتهج هذه الدولة نهجا دينياً راديكالياً غاية في الرجعية ,حيث يتحكم بمفردات حياة المجتمع رجال دين ساروا على مذهب محمد بن عبد الوهاب المتطرف والغريب عن رحم الامة الاسلامية رغم ادعائهم بالانتماء الى المذهب الحنبلي , كما تتوضح تفسيراتهم الضيقة لقانون العقوبات وفق نهجهم الوهابي الذي انتج سلوكيات عقابية بربرية متناهية بالقسوة , حيث تنفذ عقوبة الاعدام بقطع العنق ضرباً بالسيف وبصورة معلنة امام جمهرة الناس وتتمحور هذه العقوبة بثلاثة تصنيفات هي الحدود والقصاص والتعزير ومن يتناول هذه التصنيفات بالدرس والمقارنة يجدها لاتنسجم مع انسان القرون الوسطى فكيف بالانسان العصري , كما تشهد المنظومة العقابية في هذه الدولة المتخلفة نواحي اخرى تصيب جسد الانسان كعقوبة قطع اليد للسارق مع ملاحظة ان اغلب من تنفذ ضدهم هذه العقوبة من الفقراء او من المقيمين لاغراض العمل من جنسيات اخرى في حين يتحصن منها اللصوص الكبار من الاسرة الحاكمة لآل سعود , كما تجسدت عقوبة الجلد بابشع صورها حتى انها شملت قبل فترة سيدة سورية في منتصف العقد السابع من العمر, ومن الجدير بالذكر ان السعودية الدولة الوحيدة عالمياً التي تنفذ حكم الاعدام بالقاصرين .
اما سلوكيات الشرطة الدينية التي يطلق عليها بهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فهي سجل سيئ في الانحطاط المهني نابع من جذور البداوة والانتكاس القيمي .
انتجت ومازال مملكة الشر هذه جميع مفارخ الارهاب التي عمت اصقاع الارض وعكست صورة بشعة للمسلمين عامة والعرب خاصة لدى كافة الشعوب , حيث تضخ هذه الدولة الغنية اموالاً طائلة لمراكز التثقيف الوهابية على شكل مساجد متناثرة في اغلب دول العالم وتزقها بكراريس وكتيبات ذات جودة طباعية عالية تحتوي على مناهج لترويج الكراهية ضد كل امم وشعوب الارض التي يعدها النهج الوهابي منحرفة ومارقة من دين الله وتستحق القتل وهي مخلدة في النار , كما تتصدر هذه المناهج خطوط لاعاقة العلم والتحضر والقيم الانسانية المعاصرة , ومن يتتبع موسوعة ابن عثيمين الدينية يصاب بالغثيان لما استظهره هذا الرجل من عقم فكري ترشح بنظرية تصرح بان الارض هي مركز الكون والشمس تدور حولها حيث يفتي بخصوص هذا الموضوع بقوله : (ان ظاهر الأدلة الشرعية تثبت أن الشمس هي التي تدور على الأرض ، وبدورتها يحصل تعاقب الليل والنهار على سطح الأرض وليس لنا أن نتجاوز ظاهر هذه الأدلة إلا بدليل أقوى من ذلك يسوغ لنا تأويلها عن ظاهرها) , ضارباً بهذا الكلام جميع ما أنتجته العلوم الفلكية المعاصرة التي استخدمت المناظير الفلكية (التلسكوبات) والمركبات الفضائية والاقمار الصناعية , وليس غريباً ان تنتج هذه المدرسة هكذا رؤيا منغلقة فلقد عانى الملك عبد العزيز ماعاناه في بداية حقبة التأسيس عندما اراد ادخال وسائل الاتصال الفنية المتيسرة في تلك الفترة الى المملكة لكنه اصطدم بنفوذ المؤسسة الدينية التي امعنت في محاربة أي تمدن بحجة البدعة وكانوا يعدون التلغراف عمل شيطاني من قوى الجان (اذ كيف تنتقل رسالة من جدة الى مكة بثواني في حين تحتاج مسيرة شهر بالابل), وقد ادى هذا الانغلاق بالتالي الى مصادمة بين الملك من جهة وبين قوى التطرف بقيادة فيصل الدويش والاخوان حسمت الموقف لصالح عبد العزيز لكنها لم تقضم التطرف الذي بنيت على اساسياته هذه الدولة .
ان دولة آل سعود بمقدراتها المالية الهائلة واستحواذها على مقدسات ترنو لها نفوس المسلمين بكل ارجاء البسيطة يجعل منها محور تثقيفي يؤطر العالم الاسلامي بالجهل والخرافة وفيما كان الفكر الوهابي قبل خمسين عاما فكراً غريباً ونشازاً تطاولت عليه الكثير من اقلام المفكرين الاسلاميين من جميع المذاهب الاسلامية نجده الأن قد تصدر مراكز الفتوى وبز جميع المذاهب الاسلامية باحتوائه المذهب الحنبلي كونه وريثاً له رغم عدم وضوح هذا الارث للبون الشاسع بين المدرستين اضافة الى تقازم المذهب الحنفي والشافعي والمالكي امام سطوع الفكر الوهابي , كما نجده قد قلقل جذور مذهب الشيعة الزيدية لتقارب الجغرافية المكانية بين مناطق نفوذ المذهبين كون مركز ثقل (الزيود) هو اليمن المحاددة مع السعودية , اضافة الى الغزل الواضح مابين مذهب الاباضية الخوارج في سلطنة عمان والمدرسة الوهابية .
وقد يعد مذهب الشيعة الامامية الند الوحيد لهذا الفكر على الساحة الاسلامية بسبب توافر عدة عوامل اهمها مبدء التقليد للمجتهد الذي رغم مايحتويه من عنصر تغليف للفكر البشري وقيادة ضريرة لعامة الناس لكنه كان المنقذ من ولوج هذا الفكر المتطرف والمتحجر بين اوساطه , لذا نجد بداهة تكالب الصراع بين المذهبين الذي انسحب بدوره على الساحة السياسية لمراكز ثقل هاتين المدرستين متمثلة في السعودية وايران .
ان الفكر التوحيدي الذي تدعو اليه المدرسة الراديكالية الوهابية هو غطاء لاجندة سياسية أوسع للاسرة الحاكمة من آل سعود , ففي بداية تأسيس مملكة الشر في نجد والحجاز حاول مؤسسها عبد العزيز آل سعود اعلان نفسه خليفة على المسلمين بعد سقوط الخلافة والسلطنة في الدولة العثمانية وقيام دولة تركيا الحديثة على يد مصطفى كمال اتاتورك لكن مستشاريه نصحوه بالتريث بسبب غرابة نهجه المذهبي واستعداء جميع المذاهب الاسلامية الاخرى لهذا التوجه المتطرف , مما تأسس على ذلك التوجه الواسع بنشر المذهب الوهابي لاعتماده ركيزة مستقبلية في تحقيق غاية الخلافة وما عبارة (خادم الحرمين الشريفين) التي الصقها باسمه الملك فهد الا خطوة في سبيل تحقيق هذه الغاية .
اننا معنيون اكثر من باقي شعوب المنطقة كعراقيين لنا ثقافاتنا المتنوعة والمتسامحة بعضها مع البعض الآخر وبسبب عامل الجيوبوليتك الذي حاددنا مع مملكة الشر هذه ملزمين كمثقفين وادباء بتعرية هذا الفكر البغيض وفضحه امام وسائل الاعلام العالمي خاصة مع وجود دلالات احتجاجية من الوسط السعودي نفسه ولا نعني بالضرورة ان نمهد لانتشار وعمومية مذاهب اسلامية اخرى قد أشرت نتائج بروزها على الساحة العراقية سلوكية لاتقل عنفاً وضراوة عن النهج الوهابي بقدر مانعني نشر مبادئ التسامح ومفاهيم حقوق الانسان التي تمخضت عنها ارادات الشعوب الحية بعيداً عن التهميش والالغاء وسحق الاخرين .



#حسن_الناصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة عزة الدوري
- وقفة مع وطبان ابراهيم الحسن
- التكريتي والموسوي
- خارطة الطريق للأمن في العراق
- الرق يعيش بين ظهرانينا
- من هو الافضل السيستاني والقرضاوي و بابا الفاتيكان ام بيل غيت ...
- اسلمة السرقة
- رد على مقالة الامن الوطني بين الوزارة والمستشارية
- يهود العراق والحقوق المهضومة


المزيد.....




- كيف يعصف الذكاء الاصطناعي بالمشهد الفني؟
- إسرائيل تشن غارات جديدة في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بع ...
- أضرار في حيفا عقب هجمات صاروخية لـ-حزب الله- والشرطة تحذر من ...
- حميميم: -التحالف الدولي- يواصل انتهاك المجال الجوي السوري وي ...
- شاهد عيان يروي بعضا من إجرام قوات كييف بحق المدنيين في سيليد ...
- اللحظات الأولى لاشتعال طائرة روسية من طراز -سوبرجيت 100- في ...
- القوى السياسية في قبرص تنظم مظاهرة ضد تحويل البلاد إلى قاعدة ...
- طهران: الغرب يدفع للعمل خارج أطر الوكالة
- الكرملين: ضربة أوريشنيك في الوقت المناسب
- الأوروغواي: المنتخبون يصوتون في الجولة الثانية لاختيار رئيسه ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن الناصر - مملكة الشر وجارة السوء