|
بعد زخم الأعوام السابقة.. ماذا تحتاج الحركة العمالية لكسب معاركها؟
تامر وجيه
الحوار المتمدن-العدد: 2640 - 2009 / 5 / 8 - 08:46
المحور:
ملف 1 ايار 2009 - اثار وانعكاس الازمة الاقتصادية العالمية على الطبقة العاملة والفئات الفقيرة وسبل مواجهتها؟
في الأعوام الثلاثة الأخيرة أصبح لعيد العمال – الأول من مايو – طعما مختلفا في مصر. فبالرغم من أن اليوم نفسه لم يشهد حتى الآن مظاهرات كبرى كالتي تشهدها عواصم أخرى في العالم، إلا أن الطبقة العاملة المصرية أصبح لها ألف حق أن تحتفل بإنجازاتها على مر السنوات الثلاثة الماضية!
على أنه إلى جانب الاحتفال والافتخار بالإنجازات، تحتاج الطبقة العاملة إلى استيعاب تجربة الأعوام الأخيرة استعدادا لتحديات المرحلة القادمة. الاجتماعات والتنظيمات واللجان العمالية التي تنتشر يوما بعد يوم بمختلف الأشكال هي المسئول الأول عن هذه المهمة. لن يفكر أحد للطبقة العاملة. أو ربما من الأصح القول أن أحدا لن يفكر لها أحسن منها هي نفسها. كل ما يمكن أن يقدمه المناضلون الاشتراكيون والجذريون هو بعض الأفكار والخبرات والاقتراحات، وبعض المساعدات التنظيمية، التي لن تكون لها أهمية، ولن تثبت صحتها أو يظهر خطؤها، إلا بعد أن تهضمها قيادات وتنظيمات الطبقة العاملة، ثم تفرز الصالح منها عن الطالح.
في هذا المقال سوف أطرح بعض الأفكار والملاحظات للمناقشة والأخذ والرد حول تجربة الأعوام الأخيرة وعلاقتها بالتغيير السياسي الأشمل الذي نرجوه جميعا. فقد كشفت خبرة الموجة الحالية من صعود النضال العمالي عن أشياء ربما لم تكن في حسبان الكثيرين:
أولا أن التعريف التقليدي للطبقة العاملة لم يعد يصلح بعد أن تجاوزه الواقع. العامل ليس هو فقط عامل المصنع وراء الآلة. هذا العامل بالقطع لازال موجودا كما تشهد المحلة والمنصورة إسبانيا وغزل شبين وأفيكو وغيرهم كثير. لكن ماذا عن العاملين بأجر في مجالات وقطاعات أخرى الذين أضربوا واعتصموا ونظموا أنفسهم في روابط ولجان؟ ماذا عن المعلمين وإداريي التربية والتعليم؟ ماذا عن الأطباء وأساتذة الجامعات المطالبين بالكادر؟ ماذا عن موظفي الضرائب العقارية الذين يلعبون اليوم دور القيادة للحركة العمالية المصرية؟ بل حتى ماذا عن موظفي السيرك القومي؟!
طبعا ليس من الدقيق – تحليليا أو سياسيا – وضع كل هؤلاء في سلة واحدة، وليس من الدقيق اعتبارهم جمعيا جزءا من الطبقة العاملة. هناك فروق طبقية هامة بين كل فئة وأخرى سيكون لها آثارها في المواقف والتحالفات والاصطفافات في السنوات القادمة. لكن كذلك ليس من الدقيق التمسك بالتعريف القديم للطبقة العاملة الذي لا يرى فقط إلا عمال الصناعة والنقل، ويهمل عمال المكاتب وبعض قطاعات المهنيين التي انتقلت، بكل المعاني، إلى صفوف الطبقة العاملة.
نحتاج إذا إلى إعادة تعريف للطبقة العاملة. والمسألة هنا ليست عملا أكاديميا محلّقا في فراغ، وإنما هي إعادة نظر في النظرية على ضوء ما كشفه الواقع من تغيرات في الظرف الموضوعي وفي المواقف السياسية لفئات كنا نظنها من "طبقة الأفندية"، إلا أن الرأسمالية أخنت عليها ودفعتها إلى صفوف البروليتاريا. إعادة التعريف تلك ستساعدنا في نضالنا السياسي أيّما مساعدة، لأنها ستضع أيدينا على تضاريس "معسكرنا": ما هي قطاعاته؟ ما هي مناطق القوة والضعف فيه؟ وكيف تتبدل وتتطور أقسامه القيادية؟.. الخ.
الملاحظة الثانية أن الطبقة العاملة الجديدة التي تعلمنا من نضالها في السنوات الأخيرة لا تناضل وحدها. فبعد أن فتح عمال المحلة الباب للاتساع الهادر الذي رأيناه في النضال الاجتماعي، لم يدخل العمال فقط من الباب، بل دخلت فئات وطبقات مختلفة. فقد رأينا نضالات الطبقة الوسطى المهنية، وتابعنا معارك الملاك الصغار، وعشنا كفاحات الفلاحين (التي بدأت قبل صعود النضال العمالي)، وكذلك احتجاجات سكان الأحياء والمدن والقرى ضد سوء الخدمات ونقص الخبز، ومعارك أولياء الأمور ضد الإدارات التعليمية وأصحاب المدارس، وغيرها كثير من النضالات في الأحياء والمؤسسات وبين القوى الاجتماعية.
هذا الاتساع النضالي – هذه القماشة الممتدة – تمثل حصانة وإضافة للنضال العمالي. فلم نشهد بلدا يتجه ناحية التغيير الشامل كانت الحركة الجماهيرية فيه مقتصرة على النضالات العمالية وحدها. ذلك أن انحصار النضال في أوساط العمال – خاصة في بلد يضم في تكوينه الطبقي بحرا من الفلاحيين والبرجوازيين الصغار والمهنيين والعاطلين – يعني عمليا عزلة الطبقة العاملة. والعزلة تعطي العدو الطبقي فرصة ذهبية للانفراد بالحركة وإلحاق الهزيمة بها.
الوضع في مصر على خلاف ذلك. فالغضب الاقتصادي-المطلبي يتسع ويفيض خارج حدود الطبقة العاملة. هذا أمر غاية في الأهمية ويعد أحد مصادر قوة الحركة. لكن هذا الاتساع يثير، على جانب آخر، إشكاليات لابد من النظر فيها والتعامل معها. أهم هذه الإشكاليات وأكثر أولوية هي "إشكالية القيادة".
فإن كانت قوى اجتماعية كثيرة تخوض معاركها ضد الإفقار، فالسؤال هو: أي من هذه القوى يمكنها أن تحتل موقع القيادة؟ ربما يكون هذا السؤال، في الحالة المصرية، مبكرا بعض الشيء. لكنه سؤال أساسي قادم لا محالة.
عندما يقول الاشتراكيون أنهم يرون أن القيادة لابد أن تكون للطبقة العاملة، فهم لا يعنون أكثر من أن النصر الحاسم في المعركة مرتبط بالقيادة العمالية للحركة. ولتوضيح رأينا هذا نعطي مثلا من تجربة انتفاضة يناير 1977. ففي تقديرنا أن تسعين بالمائة من السجال حول انتفاضة يناير 77 تقف خلفه هذه المسألة. فلو كانت الطبقة العاملة مهيأة – سياسيا وتنظيميا – لقيادة الانتفاضة حتى النهاية، لما تحول ميزان الحركة إلى هيمنة الحركة غير المنظمة لفئات المهمشين والبرجوازية الصغيرة في ثاني أيام الانتفاضة، ولما لفظت الانتفاضة أنفاسها في مجرد يومين لا أكثر. مسألة القيادة العمالية إذا لا تعني استبعاد، ناهيك عن "استعباد"، القوى الأخرى، بل هي تعني خلق رمانة ميزان وربان سفينة يستطيع أن يقود الركب في اتجاه ضرب العدو في مقتل.
ولأن القيادة العمالية لا توجد بلا تمهيد وإعداد مسبق، فإن هناك مهام عملية اليوم يتطلبها ويستوجبها هذا الالتزام السياسي على الطبقة العاملة المصرية. أعني بهذا أن القطاعات القائدة في الحركة العمالية عليها، وهي تعمل على الارتباط بقطاعات عمالية أخرى، أن تسعى إلى التواصل، بل وأحيانا إن أمكن العمل المشترك، مع فئات وقطاعات غير عمالية. تخيل ماذا يمكن أن يكون صدى إصدار عمال المحلة أو موظفو الضرائب العقارية بيان تأييد لفلاحي دكرنس أو بهوت؟ وماذا يمكن أن يكون أثر رفع لافتة تأييد مذيلة بتوقيع عمال غزل شبين في مظاهرة لسكان الدويقة؟
النقطة الثالثة التي يجب الالتفات إليها هي مسألة التنظيم العمالي. لا أحد يمكنه أن يقدّر أهمية التنظيم العمالي أكثر من أولئك الذين يرون أن التغيير يجب أن يتم بقيادة الطبقة العاملة. فكيف يمكن لتلك الطبقة أن تمارس دورها القيادي إن لم تكن موحدة ومنظمة؟ وأول خطوات هذه الوحدة وهذا التنظيم هو التنظيم الاقتصادي، أي الانخراط في مؤسسات "نقابية" من أنواع مختلفة.
ما نراه اليوم هو أن تطورات الحركة واستمراريتها على مدى زمني طويل نسبيا، مع عوامل عديدة أخرى، قد ساهموا في دفع الطبقة العاملة إلى ابتداع أشكال تنظيمية مختلفة. تبدأ هذه الأشكال من التنظيمات المؤقتة الموقعية التي يبتدعها العمال لإدارة إضرابهم أو اعتصامهم وللتفاوض مع رجال الإدارة والدولة، وتمر بالاجتماعات غير الدورية التي ينظموها لمناقشة أحوال مواقعهم، ثم الروابط واللجان ذات الطبيعة العمالية الصرف، أو التي يشاركهم فيها نشطاء سياسيين، ثم يمكنا أن نتوّج هذا كله بالعمل البطولي لموظفي الضرائب العقارية المتمثل في إعلانهم نقابة مستقلة لأول مرة في مصر منذ أكثر من خمسين عاما.
إذا فقد أصبحت قضية التنظيم مطروحة عمليا على الطبقة العاملة، بل إن طرحها نظريا هو مجرد "صدى" لطرحها عمليا. والهدف هو التعلم من التجربة وتعميمها لتصحيح الأخطاء وتطوير الفاعلية.
ما يمكننا أن نلاحظه هنا هو أن المرحلة التي نمر بها تتسم، إلى حد كبير، بالانتقالية. فلم تتبلور بعد حركة واسعة وراسخة للتنظيم النقابي على غرار الموجتين الرئيسيتين السابقتين في التاريخ المصري: موجة ما بعد ثورة 1919، وموجة أربعينيات القرن العشرين. هناك إرهاصات وإمكانيات، لكننا لا زلنا في البداية. والبدايات دائما تعطي مؤشرات لكنها لا تكشف طبيعة المسار بوضوح.
لكن من الواضح أن الظروف التي ولدت فيها الحركة اليوم تختلف عن ظروف الموجتين السابقتين في أكثر من نقطة: أولا الطبيعة الديكتاتورية للنظام السياسي. حيث أن الموجتين السابقتين انطلقتا في ظل ما أُطلق عليه المرحلة شبه الليبرالية في التاريخ المصري الحديث – تلك المرحلة التي افتتحتها ثورة 1919 ثم أغلقت ثورة 1952 عليها الباب – في حين أننا اليوم نعيش في ظل ديكتاتورية قبيحة لعبت على مدار عقود دورا كبيرا في إخضاع الحركة الجماهيرية والسياسية.
النقطة الثانية هي حالة اليسار، واليسار الجذري على وجه الخصوص، ليس فقط في مصر وإنما في العالم كله. فلا أحد يمكنه أن ينكر أن حال اليسار اليوم لا يمكن أن يقارن، من حيث النفوذ والحجم، بحاله في العشرينات بعد ثورة 1917 الاشتراكية، أو حاله في الأربعينيات إبان مرحلة التحرر الوطني وتجذير ما بعد الحرب العالمية الثانية، أو حتى حاله في السبعينيات لمّا كانت الجيفارية والماوية والتيارات الشبيهة لها جاذبية واسعة على كل المستويات.
هاتان المسألتان تخلقان صعابا حقيقية وتخلقان فجوة بين صعود النضال المطلبي الاقتصادي وما يمكن أن يفرزه هذا من نمو في التنظيمات العمالية. فإذا أضفنا إلى ذلك الآثار الخاصة لسنوات الليبرالية الجديدة بآثارها المفتتة للطبقة العاملة، فهمنا لماذا يعد عبور الجسر بين تصاعد النضالات العمالية ونمو التنظيمات العمالية أمرا صعبا ومركبا.
وكما تشهد تجارب بلدان أخرى كثيرة، فإن الأشكال التنظيمية التي تخلقها الطبقة العاملة في البلدان الديكتاتورية في حال صعود نضالها تتنوع. لكن الميل الرئيسي هو أن هناك ارتباط كبير بين تحدي الديكتاتورية السياسية وصعود حركة النقابات المستقلة. وهو أمر مفهوم. فالديكتاتورية بالتعريف لا توجد بها المؤسسات الديمقراطية التقليدية للبرجوازية، مثل البرلمان الحر (بالمعنى البرجوازي)، الأحزاب المعارضة (الحقيقية وليست الكارتونية)، والنقابات المستقلة (ذات الجذور الصلبة في الأوساط العمالية). من هنا فإن ظهور ثم رسوخ هذه المؤسسات "التقليدية" يعني بالضرورة حدوث تغيير سياسي ما، تم بطريق أو بآخر، في اتجاه التحول ناحية الديمقراطية البرجوازية.
لكن الحقيقة أن واقع الحركة العمالية لا ينتظر مثل تلك المواجهة السياسية الواسعة النطاق، أو التغيير السياسي الشامل، حتى يطرح على نفسه مسألة التنظيم. من هنا فإنه في حالات كثيرة مثل تلك التي نتحدث عنها – نعني حالة صعود الحركة في بلدان لم تنجح في إسقاط سلطتها الديكتاتورية بعد – طرحت الحركة العمالية على نفسها مسألة التنظيم بأشكال أخرى غير التنظيم النقابي المستقل بالمعنى التقليدي للكلمة. من هذه الحالات مثلا روسيا قبل ثورة 1917 التي لم يكن مركز التنظيم العمالي بها هو النقابات المستقلة، بل كان لجانا للتأمين الصحي للعمال أنشأتها الدولة لامتصاص الحركة، فإذا بها في ظل تخطيط ثوري ناجح من جانب البلاشفة قد أصبحت قلاعا للنضالية العمالية من أسفل. كذلك هناك حالة إسبانيا التي ساهم حزبها الشيوعي، الستاليني للأسف، في إنشاء شبكة لجان قاعدية مصنعية لعبت دورا جوهريا في الحركة الصاعدة قبل سقوط ديكتاتورية فرانكو.
كلمة السر في كل هذه التجارب في رأينا هي أمران. الأول هو استخلاص الشكل التنظيمي من الإمكانيات الواقعية للحركة، وليس من الأفكار المنقولة أو الدوجمائية. فربما ترى بعض القيادات، لأنها ورثت هذه الفكرة أو تلك من تنظيم أو تيار سياسي ما، أن الشكل الأمثل للتنظيم هو الشكل الذي يناسب فكرتها النظرية. هذا المنطق هو المدخل للسقوط في فخ الاستبدالية أو اليمينية بهذا الشكل أو ذاك. لابد من اكتشاف إمكانيات التنظيم العمالي من واقع الحركة، والوعي، العماليين، وطبعا من التحليل السياسي العام لتوازن القوى الطبقية في المجتمع.
الأمر الثاني هو القاعدية. وهذا الأمر هو مركز كل نشاط ثوري ونضالي حقا. فالمسألة ليست أساسا في المعارضة الشكلية المجردة للتنظيمات العمالية الخائنة الصفراء القائمة بتنظيمات "أخرى" خارجها. بتعبير آخر: المسألة ليست في الاستقلالية المجردة. المسألة، في جوهرها، هي الاستقلالية المؤدية إلى، أو بالأدق المعبرة عن، قاعدية الحركة، أي المرتكزة على حيوية وفاعلية القواعد العمالية. هذا هو الضامن لأن تكون الحركة بادئة لمسيرة النضال والتغيير من أسفل، وكذلك قادرة على مواجهة خيانة وتذبذب البيروقراطية النقابية.
ذلك أن الدرس الرئيسي الذي قدمه التحليل الماركسي لمسألة النقابات هو أن النقابات التقليدية بهيكلها وتركيبها، سواء كانت مستقلة تماما أو نصف مستقلة، تخلق بالضرورة بيروقراطية نقابية تمثل، في نهاية المطاف، مصالح طبقية غير عمالية. وإنه لهذا لابد أن يقوم انخراط الثوريين بها على إدراك لمثل هذا التناقض الهام. من هنا فإن القاعدية داخل تلك النقابات ذات الهياكل البيروقراطية، حتى اليسارية منها، وكذلك القاعدية المستقلة عن النقابات التقليدية، أي الآتية من خلال إنشاء تنظيمات عمالية قاعدية كلجان المندوبين وأمثالها، هي السلاح الرئيسي للتيار الراديكالي داخل الحركة العمالية لمواجهة البيروقراطية وتقوية الحركة من أسفل في مواجهة الدولة.
التيار الراديكالي داخل الحركة العمالية المصرية، في منعطفها الهام الذي تمر به اليوم، وفي ظل مصاعب عملية بلورة أبنية عمالية منظمة، يحتاج إلى أن يعتبر مسألة قاعدية التنظيم العمالي، أيا كان شكله، لها الأولوية على كل ما عداها. بتعبير آخر: الشعار الأوجب ليس مجرد استقلالية الحركة. الشعار الأوجب هو قاعدية الحركة، وهي نوع خاص من الاستقلالية العمالية أقدر على محاربة البيروقراطية والنخبوية.
الملاحظة الرابعة والأخيرة تدور حول العلاقة بين الحركة العمالية والسياسة. فإن كنا قد قلنا قبل قليل أن القاعدية صمام أمان أساسي للحركة العمالية المصرية، فإن علينا أن نؤكد أن القاعدية وحدها لا تكفي. فأكثر الحركات قاعدية لا تستطيع أن تخلق أكثر من مجرد أساس متين لانطلاق الحركة ناحية التحرر الشامل. لكن "الأساس المتين" يظل، في نهاية المطاف، مجرد أساس. فإن لم نبن عليه ما يستكمله ويغنيه، ظل مجرد إمكانية فكرية وفرصة غير محققة. فحتى تتحول حيوية الحركة من أسفل إلى قوة حقيقية، ينبغي أن يوجد بداخلها تيار منظم وديمقراطي قادر على دفعها ناحية تجاوز المطلبية الضيقة إلى آفاق سياسية أرحب وأوسع.
هنا تُطرح مسألة "الحزب" بأوسع معانيها وأكثرها جوهرية. فالحركة القاعدية، والمنظمات القاعدية التي تنشأ على أساسها، تتنازعها الاتجاهات والتصورات العملية والنظرية. هناك في داخل التنظيمات القاعدية، حتى تلك المتخلصة من البيروقراطية تماما، عمال متأثرون بأفكار إصلاحية ووسطية، بل ويمينية: هناك متذبذبون وخونة وجذريون ونضاليون ومتطرفون يساريون. ولن تستطيع القاعدية من تلقاء ذاتها أن تحل هذا التفاوت والاختلاف إن لم تتبلور داخل الحركة شبكة جذرية من العمال المناضلين الجذريين (من العمال الثوريين) متماسكة تنظيميا وعمليا لكن على أساس من الوحدة الفكرية (أي الاستراتيجية) التي تم بناؤها بطريقة ديمقراطية. الهدف من الوحدة على المستويين النظري-الفكري والعملي-التنظيمي هو مواجهة التيارات اليمينية وكسب المتذبذبين لتحقيق النصر للاستراتيجية الثورية وسط الأغلبية العمالية.
هذا هو الحزب. هذا هو الحزب بعيدا عن كل التعريفات الستالينية أو الشكلية أو البرجوازية. هذا الحزب لا يمكن أن يُبنى بمعزل عن الحركة أو من خلال الاتصال الشكلي بها. هذا الحزب ينشأ فقط في إطار عملية صعبة وطويلة يسعى خلالها الثوريون إلى اكتشاف إمكانيات تنظيم وتوحيد التيارات الراديكالية الناشئة بالفعل داخل الحركة العمالية والسياسية.
تحية نضالية إلى الطبقة العاملة المصرية في عيدها. فهذه الطبقة فتحت لنفسها، وفتحت للمجتمع المصري كله، بابا للتحرر الشامل على طريق العدل والحرية والاشتراكية. فهل ستلج مصر من هذا الباب؟
#تامر_وجيه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اتحاد اليسار من 4 أغسطس إلى 4 نوفمبر
-
العنصرية ضد اللاجئين السودانيين: خطر يتهددنا قبل أن يتهددهم
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
|