|
العودة للديمقراطية المدخل الأصح لاستنهاض الحالة الوطنية
محسن ابو رمضان
الحوار المتمدن-العدد: 2639 - 2009 / 5 / 7 - 08:56
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
لعل العلة الأساس التي كانت وما زالت تقف وراء أزمة النظام السياسي الفلسطيني والتي أدت إلى التوتر والاحتقان ثم الاقتتال والانقسام تعود وبدرجة أساسية إلى غياب الفهم الديمقراطي القائم على فلسفة المواطنة الحرة التي تعزز المساواة وعدم التمييز . لقد وضعت معيقات عدة أمام حركة حماس من أجل الوصول إلى الحكم على ضوء الفوز الذي حققته بالانتخابات النيابية العامة في يناير 2006 والذي وضع تلك العراقيل والمعيقات الشريحة القيادة المتنفذة بالحكم الذي بدا عبر تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية في عام 1994 ، حيث تشكلت شريحة ذات مصالح محددة ولديها نفوذ في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية ، وأصبحت تتحكم في مقاليد الحكم ومفاتيح عجلة الاقتصاد والأمن والسياسية ، وقد أدى ذلك إلى بروز وبلورة ظاهرة الفساد والتي تبرز بسبب تحكم شريحة محددة بالحكم وعدم وجود آليات من الرقابة والمسائلة بانعدام المشاركة الشعبية أو ضعفها التي تقود إلى مسائلة القوي القيادية بالحكم أمام الرأي العام عن الدور الذي يقوموا به باتجاه تجيير الموقع والمكانة في خدمة المصلحة الذاتية في سياق تعزيز النزعة النفعية والاستهلاكية والفردية على حساب الانتماء للقضية الوطنية الأشمل . وإذا كان غياب الفهم الديمقراطي الجمعي قد أدى إلى تعطيل وإعاقة تسليم حركة حماس مقاليد السلطة أي عبر ترجمة مبدأ التداول السلمي للسلطة ،فإنه وبالمقابل فإن إقدام حركة حماس على الحسم العسكري " الانقلاب " يندرج في إطار عدم وضوح الفهم الديمقراطي الجماعي ، فالديمقراطية تتضمن الاستناد إلى صندوق الاقتراع أو إلى رأي الشارع عبر الشروع في الاستماع إلى أصوات المواطنين وآرائهم عبر آلية الاستفتاء الشعبي أو عبر عقد دورة انتخابات مبكرة ، كما أن من شروط العمل الديمقراطي الأساسية تجنب العنف كوسيلة لحل التناقضات أو التعارضات الداخلية ، خاصة إذا أدركنا أن الانتخابات هي آلية من آليات العمل الديمقراطي والتي تؤدي إلى تجديد شرعية الحكم وخلق الحيوية في بنية المجتمع السياسي والثقافي عبر عرض برامج القوى السياسية المتنافسة ، كما أنها تعنى الحفاظ على منظومة المفاهيم الديمقراطية التي لا تقتضي فقط خضوع الأقلية لرأي الأغلبية ولكنها تقتضي أيضا إعطاء الحق للأقلية في أبداء رأيها وكذلك ضمان الحقوق للأحزاب والأفراد كالحق بالتعبير والنقد والتجمع السلمي والتشكيل النقابي والحزبي والصحافة الحرة ...... إلخ . أعتقد أن هناك أسبابا وجيه طرحتها حركة حماس فيما يتعلق بإعاقتها من الحكم وعدم إعطائها هذا الحق الديمقراطي الذي يؤكده مبدأ التداول السلمي للسلطة ولكن الخطوة العسكرية نفسها التي قامت بها حركة حماس في حزيران 2007 غير مبررة من ناحية الفهم الديمقراطي ، حيث كان بالإمكان اللجوء لوسائل تقرها المعايير والمفاهيم الديمقراطية مثل الدعوة لانتخابات مبكرة أو اللجوء إلى استفتاء أو القيام بالحوار الوطني الشامل أو اللجوء إلى وساطة من أحد البلدان العربية أو العالمية الذي يتفق عليها الطرفين . إن استخدام أدوات القوة والعنف وسيلة تتعاكس مع معايير الفهم والعمل الديمقراطي بجميع المقاييس ، حيث ان الديمقراطية كنتاج للثقافة الإنسانية العالمية جاءت كرد على ( حرب الجميع ضد الجميع ) ومن أجل إنهاء الحروب الدموية في أوروبا وكوسيلة لحل التناقضات سواء القبلية او العرقية أو الطائفية أو الاقتصادية والاجتماعية بالوسائل السلمية ، لأن العنف والاحتراب يؤدي إلى تفتيت وحدة نسيج المجتمع ، كما يؤدي إلى ردود أفعال قد تسعر حالة الانتقام والفعل ورد الفعل ويسير بالمجتمع باتجاه شريعة الغاب بدلاً من شريعة القانون ، من خلال الاعتماد على وسائل القوة وليس على المنهج الديمقراطي السلمي الهادئ الذي يؤدي إلى تفعيل ديناميات الحياة الاجتماعية والمدنية بالمجتمع . لقد أدى النكوص عن الفهم الديمقراطي إلى تسعير النزعة الحزبية الفئوية وقد كرس من حالة الانقسام بين الضفة والقطاع وقد أدى هذا النكوص والتراجع عن الفهم الديمقراطي إلى الانقضاض على العديد من المكتسبات التي حققتها الحركة السياسية ومنظمات المجتمع المدني فقد تجددت ظاهرة الاعتقال السياسي ، ووضعت موانع باتجاه حرية الرأي والتعبير ، وساد الخطاب الفئوي التحريضي بدلاً من الخطاب العقلاني الوطني الهادئ ، ووضعت قيود على حرية العمل الأهلي والنقابي ... إلخ من الممارسات التي تشكل انتهاكاً للقانون الأساسي الفلسطيني وللمكتسبات والمنجزات الحقوقية والديمقراطية وحقوق الإنسان والحكم السليم ،هذا الحكم الذي أصبح من الصعوبة بمكان مسائلته ومحاسبته في ظل تقليص مساحة العمل الديمقراطي في ظل غياب آليات الرقابة والمسائلة وحالة تسيس القضاء . إن ما تقدم يتم وبتفاوت نسبي في كل من الضفة والقطاع ، ولا تسعف المبررات هنا عند هذا الطرف أو ذاك فهذا ما وثقته منظمات حقوق الإنسان المحلية ايضاً . وعليه فإنني أعتقد أن العودة إلى الفهم الجماعي والعلمي للديمقراطية من خلال احترام منظومة المفاهيم الحقوقية والديمقراطية والشروع بالتحضير للانتخابات التي من الممكن عقدها في يناير 2010 ، سيعمل على إعادة بناء الهوية والوطنية وسيساهم في إنهاء الانقسام وسيعيد بناء المؤسسة السياسية والتشريعية والإدارية الفلسطينية بصورة موحدة ، الأمر الذي يؤكد بأن الديمقراطية وترجمتها يشكل المدخل الأهم باتجاه إخراج شعبنا من أزمته وسيساهم باستعادة المبادرة من جديد من أجل مواجهة مخططات الحكومة اليمينية والعنصرية في إسرائيل .
#محسن_ابو_رمضان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لكي يستثمر التعليم في إطار التنمية الإنسانية الشاملة
-
نحو دور فاعل للمجتمع المدني في مواجهة الانقسام
-
قطاع غزة بين وهم الاعمار وواقع الدمار
-
ليكن أساس الحوار المنظمة وليس الحكومة
-
نحو علاقة محكمة بين التضامن الدولي والبرنامج الوطني
-
أثر الأنفاق على الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة- قراءة اولية
-
دور الشباب في المشاركة السياسية وصناعة القرار
-
- الأزمة المالية العالمية وفلسطين -
-
الرأسمالية لم تعد قدراً للبشرية
-
- د. حيدر عبد الشافي بعد عام على رحيله - هل تعلمنا بعض من ال
...
-
فلسطين بين النكبة وسياسة التمييز العنصري
-
مؤتمر بيت لحم استثمار ام استلاب
-
تقديراً للدكتور رباح مهنا
-
دور المؤسسات المانحة في ظل حصار غزة
-
دور المنظمات الأهلية في الحفاظ على وحدة نسيج المجتمع
-
الشباب وحرية الراي والتعبير
-
في مفهوم وحدة اليسار الفلسطيني
-
نحو العودة إلى اصول الصراع
-
أي دور للمجتمع المدني في الظروف الراهنة؟؟
-
اثر الحصار على الاوضاع الاقتصادية في قطاع غزة
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|