|
سوريا أولا نعم ولكن أية سوريا ؟ مواصلة الحوار مع د عبدالرزاق عيد ( 3 )
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 2639 - 2009 / 5 / 7 - 08:57
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
في أول تواصل لي بالمراسلة مع د عبدالرزاق عيد كان قبل ما يقارب الخمسة أعوام عندما وجهت اليه رسالة دعوة باسم اللجنة التحضيرية للمؤتمر الأول للقاء الثقافي الكردي العربي الذي رعاه السيد رئيس الاقليم ونظمته جمعية الصداقة الكردية العربية التي أتشرف برئاستها في أربيل عاصمة اقليم كردستان العراق الى جانب دعوات مماثلة لعدد من المثقفين والمناضلين العرب السوريين حيث تمكن بعضهم من الحضور ( حسيبة عبدالرحمن وعبد الكريم أصلان وعصام دمشقي ونضال درويش وجورج كتن وجهاد نصرة .. ) وغاب عدد آخر لأسباب أمنية وصحية بينهم ( نزار نيوف وحسين العودات وأكرم وأنور البني .. ) وحينها تلقيت عبر الايميل رسالة اعتذار من السيد عيد تضمنت ألغازا فهمت منها أن هناك أسبابا أمنية تحول دون حضوره وبخلاف مشاركتي في الحملة التضامنية معه التي ذكرني بها في مقالته الأخيرة التي سماها ردا لم يستأنف التواصل بيننا الا بعد أن بادرت مجددا في نشر حلقتين حواريتين حول مقالته الموسومة " سوريا أولا " تحت عنوان : " نعم سوريا أولا ولكن أية سوريا " والتي تابعها القراء على منابر عديدة ومنها – الحوار المتمدن - . كمحاور كردي سوري يبحث عن حقيقة الوطن الحروقيم الشراكة العادلة بين المكونات السورية وفي المقدمة العرب والكرد اخترت د عبد الرزاق عيد من دون سائر المثقفين العرب السوريين المتواجدين خارج الوطن كمحاور عربي تتوفر في اطروحاته شروط مكتملة معبرة تعكس المزاج العام في هذه الأجواء غير الصحية بكل أسف لغالبية المثقفين العرب السوريين من التيارين ( القوموي والاسلاموي ) وتجتمع في فكره السياسي المواصفات المطلوبة المتطابقة مع مواقف ذينك التيارين ورؤيتهما حول تعريف سوريا وطنا وشعبا ومكونات وراهن ومستقبل بلادنا ولم يكن اختياري مبنيا على احتمالات عنصر المفاجأة بل على فهم واضح لوقوف كل منا على طرفي نقيض وأن حواري سيكون مع مقابل مختلف وليس بين متجانسين خاصة وأن بداية رده كانت منحازة بوضوح الى جانب التيارين اللذين اختلفنا معهمها في اطار " جبهة الخلاص " وهذا هو قيمة الحوار الذي نشدته ومبرر اجرائه ودوره اذا ما تواصل في مفاضلة الخيارات الفكرية والسياسية الجديدة على أنقاض قديم سائد حتى الآن في الوسط السياسي والثقافي العربي حول العديد من القضايا الوطنية وهو بأمس الحاجة الى اعادة النظر والمراجعة ومن ضمنها تعريف وقراءة حاضر ومستقبل بلادنا والنظرة المسبقة المشوبة بالحذر تجاه الكرد والقوميات غير العربية والمكونات الاجتماعية الدينية والمذهبية من غير المسلمين والسنة . كنت أتمنى أن يكون رده على – قد المقام – موضحا أجوبته بكل شفافية على تساؤلاتي حول جملة من المسائل الوطنية التي حددتها ووثقتها في حلقتي حواري معه وحزمة من المآخذ النقدية الفكرية والسياسية على مقالته وأقولها بأسف أن شريكنا الوطني السوري وجارنا الحلبي الذي نكن له كل الاحترام أبخل علينا في رده الاشكالي عنوانا ومضمونا وأسلوبا وكأني به يتجنب الخوض في حقائق التاريخ ووقائع الحاضر وآفاق المستقبل عله يضعها مثل غيره في خانة المحرمات الممنوعات أو يخشى من " الوقوع في الفخ والولوج في منطقة خطرة وحساسة وهي منطقة المسألة الكردية أو عقدة الأفاعي " حسب تعبيره الحرفي وبالرغم من كل ماذكر سأتابع حواري وأكرر محاولاتي الصادقة في استحضاره الى كل المناطق والمساحات الوطنية كردية كانت أم عربية بكل حساسياتها وسخونتها لأنها ببساطة ينبوع حياتنا وعنوان وجودنا وشاهدة تاريخنا وبيتنا المشترك الذي ينتظر الترميم واعادة البناء يعود الينا ونحن منه وهنا أود متابعة ماورد في رد الأستاذ عيد بالملاحظات التالية : - ليس هناك فضل لأحد من الأفراد على المجموع بل هناك حزمة واجبات على عاتق الفرد المنتمي الى اي مكون كان : واجب وطني واجب قومي واجب أخلاقي للالتزام بمصالح كل دائرة من تلك الدوائر بما في ذلك السهر على أمنها وسلامتها ومواجهة تحدياتها وتحقيق مطامحها بصورة متوازنة ودون تفضيل جانب على آخر فالوطني الصالح يجب وبالضرورة ان يكون ضد الاستبداد ومؤمنا بالديموقراطية وصادقا في قراءة تاريخ الوطن وقابلا لحقوق الآخر ومعترفا بالتعددية في بلادنا ومقتضياتها الحقوقية والانسانية والدستورية ونابذا للشوفينية العنصرية . - لن تتحقق الشراكة العربية الكردية في الوطن السوري الواحد على الصعيدين المجتمعي الدولتي والمعارض من دون أن يتواصل الحوار البناء ولن يستقيم الحوار من دون اعتراف عربي كقومية غالبة سائدة حاكمة بالمكون الكردي كشعب من سكان سوريا الأصليين وقومية تستحق اعادة الاعتبار وازالة الغبن والتسليم لها بالحقوق الى جانب الواجبات والتساوي في السلطة والدولة والادارة والاقتصاد كعنصر رئيسي من سوريا المتعددة المركبة وبعد كل ذلك ومن خلال تجربتنا الميدانية الحسية لن تكون الفعاليات الكردية من أحزاب ومنظمات ورأي عام ومثقفين ومجتمع مدني بكل ثقلها جزء من المعارضة العربية الراهنة والمستقبلية من دون حسم وتوضيح المسائل المطروحة أعلاه وهذا لايعني أنها ستنتقل الى جانب سلطة النظام المستبد بل ستعارض كما كانت دائما وأبدا ولكن بطريقتها ولاشك أن مسؤولية التباعد هذا يتحملها الجانب الوطني العربي كقومية غالبة بيدها مقاليد السلطة والقرار ونخبه السياسية والثقافية التي وبكل أسف تعجز حتى الآن عن تقديم المحاورالموثوق المطمئن القادر على توحيد الأطياف السورية بمختلف قومياتها ومكوناتها والمناسب لتعزيز الوحدة الوطنية . - يكرر الأستاذ عيد خلطا غير جائز بين القومي والطائفي بل ويساوي بينهما متجاوزا حقائق العلوم – الأثنولوجية - والمنطق والتاريخ ومستسهلا تحول الانسان من قومية الى أخرى ( ليته طبق ذلك ذاتيا ) وبما أن الحوار يدور حول القضية الكردية فكأنه يدعونا بصورة غير مباشرة الى التعريب والتتريك والتفريس .. نعم يستطيع المرء تغيير دينه ومذهبه ونمط حياته وعقائده والتحول الى العلمانية أو السلفية ولكنه لايستطيع الخروج من جلده القومي نظام صدام حسين اخترع وسيلة قسرية بطبع استمارات تحت اسم – تغيير القومية – وكان موجها للكرد والتركمان خصوصا ( لاعتناق القومية العربية ! ) وبعد سقوط النظام ورغم مرور عقود عاد كل واحد الى – أصله – دون أي تغيير وفرض مصطفى كمال أتاتورك بقوة الدستور والقوانين والادارة والقوة العسكرية التتريك لغة وانتماء وخطابا على غير الأتراك من كرد وأرمن وعرب وروم ولكنه لم يفلح في مسعاه وباءت محاولاته بالفشل الذريع . - بدون التمييز بين أوضاع قومية اجتازت مرحلة التحرر وحققت الاستقلال وبناء الدولة – في حالة القومية العربية في الدولة السورية – وبين أخرى مازالت تعمل من اجل ازالة الاضطهاد وانتزاع الحقوق الأساسية من قومية وديموقراطية وانسانية – في حالة الكرد السوريين – لايمكن التوصل الى نتيجة موضوعية مفيدة للوطن والمواطن بل ويستحيل التوصل الى استخلاصات مشتركة في النقاش وهو الخطأ الذي وقع فيه الكاتب بمقدمته المعبرة عن ما يحس به ويتمناه وليس كما هو قائم في الواقع العملي نتيجة افرازات وتراكمات تاريخية عبر عقود وهذا التعامي المقصود أحد أهم وأخطر ما تواجهه الحركة الكردية السورية ليس من جانب الأوساط الشوفينية في أنظمة الحكم المتعاقبة في بلادنا فحسب بل من أفراد ومجاميع تحسب نفسها معارضة . - قد أقبل ولو على مضض من مثقف قومي سلطوي شوفيني في القومية السائدة حسب التعبير اللينيني التحسس من القوميات الأخرى الأقل عددا في بلد واحد ولكنني أستهجن ذلك من مثقف تربى على المبادىء الأممية في احدى مراحل شبابه واعتنق الماركسية لعقود كمنهج عقلاني واقعي ينطلق في موضوعة القضايا القومية من مبدأ حق تقرير مصير الشعوب كبيرها وصغيرها خاصة اذا شبه وجود وحقوق قوم ما مثل الكرد السوريين بمثابة – عقدة أفاعي – أو – فخ – حسب تعبير الكاتب أو اعتبار استحقاقات الشعوب العادلة اشكالية حداثوية متناسيا قمة الحداثة في الثورات الأوروبية والفرنسية بشكل خاص وكذلك ثورة اكتوبر العظمى التي أثبتت تجددها ونقاوتها كبدائل للكنيسة والاقطاع والطبقات المستغلة عندما نادت بالحرية : حرية الشعوب في تقرير المصير والمجتمع في التحرر من الخوف والاستغلال والحروب والفرد من سرقة قوة عمله ومصادرة ارادته وتحقيق العدالة الاجتماعية . - نعم أؤكد مجددا بأن الدستور أغفل تعددية المجتمع السوري وعلى هذا فإن سوريا لم تشكل بعد لا ماضيا ولا حاضرا دولة لكل مكوناتها حيث لم يشر إليه دستور 1920 الذي وضعه المؤتمر السوري ولا دستور 1928. فرغم صدور الدستور في ظل الاستعمار، إلا أنه حتى بعد الاستقلال فإن جميع التعديلات هذه ظلت مفتقرة إلى قراءة صحيحة لتاريخ سوريا وخارطتها الدينية والمذهبية كما هي على ارض الواقع المعاش والحفاظ عليها على الأقل منذ بداية القرن التاسع عشر، وبالأخص اندلاع الثورة الوطنية ضد الانتداب ومشاركة الكرد فيها، ومن ثم مواصلة التجاهل في كل كتب التاريخ ومناهج التربية المدرسية وبرامج التعليم الجامعي والتوصيف الأدق " لديموقراطية " ذلك الزمان هو الديموقراطية العرجاء لأنها كانت خاصة بالقومية العربية... تماما كالمثال التركي في اقتصار الديموقراطية على الترك والاسرائيلي في اقتصارها على اليهود... ولم يشهد البرلمان تمثيلا كرديا عادلا لاماضيا ولا حاضرا . - لم ينورنا الأستاذ عبد الرزاق عيد بقراءته للواقع المكوناتي الوطني السوري كما هو والاستحقاقات المطلوبة بهذا الشأن ولم يطرح تصوره في حل المسألة الكردية ضمن اطار وطننا المشترك وأخفق في رفضه لمبدأ الديموقراطية التوافقية دون ايجاد البديل ولم يجد أمامه سوى اتفاقية الطائف اللبنانية التي حدثت بين ممثلي طوائف وليس بين مكونات قومية تعبر عن نفسها وتترجم كعقد سياسي اجتماعي دستوري توافقي كخطوة باتجاه الحل السلمي للقضية القومية في دولة تعددية مثل سوريا وذهب بعيدا للتشكيك بنتائج العملية السياسية الديموقراطية في العراق مابعد الدكتاتورية ودستوره الجديد الحائز على قبول ورضا ملايين العراقيين في انتخابات حرة . - بدلا من الالتزام بقواعد الحوار الديموقراطي والاجابة على تساؤلاتي المطروحة بروح المسؤولية الوطنية استسهل الأستاذ عيد سلوك أقصر دروب الهروب نحو الأمام والطعن بمساري السياسي لأنني أختلف مع قيادة الاخوان المسلمين وأقاطع جماعة السيد عبد الحليم خدام ( وهذا مسار نعتز به ) مصادرا حقي في التعبير ضمن جماعة هو ليس فيها كممثل للمكون الكردي في صفوف جبهة الخلاص لثلاثة أعوام يل ذهب أبعد من ذلك باعتبارخطابي ذو نزعة قومية وذلك من باب الاتهام ولعلمه ومن يمثل في توجهاته ومواقفه من قومويين واسلامويين أؤكد على أنني وبكل اعتزاز المناضلين قومي كردي ديموقراطي يساري في صلب صفوف القومية المظلومة المضطهدة – بفتح الهاء - ووطني سوري أناضل ضد العنصرية والتميز القومي وسياسات الاقصاء وأدعو الى حل القضية الكردية في اطار الحل الوطني العام عبر عملية التغيير الديموقراطي وفي ظل دستور حديث يضمن وجود وحقوق كل المكونات السورية القومية والدينية والمذهبية بما فيها العرب من أبناء القومية السائدة ومن أشد المناصرين وأكثر العاملين ماضيا وحاضرا لقضية الصداقة الكردية العربية والتعايش السلمي الأخوي بين الشعبين في سوريا والمنطقة والعالم .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بمناسبة عيدها ألا تحتاج الطبقة العاملة لاعادة تعريف
-
لماذا التدريبات المشتركة ؟
-
مراجعة نقدية لمشروع متعثر ( ثلاثة أعوام عجاف في جبهة الخلاص
...
-
- أبو مازن - في كردستان
-
دفاعا عن الحقيقة ))) ردنا على بيان - أمانة السيد خدام -
-
ممثلو المكون الكردي يقاطعون - جبهة الخلاص -
-
في قمة الدوحة لم يكن البشير وحده مطلوبا
-
سؤال خطأ في مكان صحيح
-
سوريا أولا نعم .. ولكن أية سوريا حوار مع د عبدالرزاق عيد ( 2
...
-
سوريا أولا نعم .. ولكن أية سوريا حوار مع د عبدالرزاق عيد ( 1
...
-
جديد - نوروزنا - هذا العام
-
عندما يرفع - البشير - راية العنصرية
-
كل - نوروز - وأنتم بسلام
-
وفاء لذكرى ميلاد البارزاني
-
( الكوتا ) خطوة لابد منها
-
أبعاد محاكمة البشير
-
اخوان سوريا : مراجعة أم تراجع
-
محاكمات العصر تعيد الاعتبار لحق تقرير المصير
-
اخوان سوريا والغدر بالقضيتين
-
قراءة في تصريح نيجيرفان بارزاني حول الكرد والعرب
المزيد.....
-
الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و
...
-
عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها
...
-
نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|