سهر العامري
الحوار المتمدن-العدد: 807 - 2004 / 4 / 17 - 12:54
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
هو غيلان بن عُقبة ، وكنيته أبو الحارث ، والرّمة شهرة لحقته من قول معشوقته، ميّ ، حين استسقاها ماء ، وكان يحمل على كتفه رّمة ، وهي قطعة من حبل ، فقالت له ، وقد أتت له بالماء : اشرب يا ذا الرّمة !
كان ذو الرّمة مدور الوجه ، أقنى الأنف ، حسن الشعر أجعده ، حلو الضحك ، مفوها ، بليغا إذا تكلم ، يضع لسانه حيث يشاء 0
أنشد صالح بن سليمان ، راوية ذي الرّمة ، يوما قصيدة له ، فقال له اعرابي وكان يسمعه : أشهد أنك لفقيه ، تُحسن ما تتلوه 0فقد ظنه يتلو قرآنا !
نزل ذو الرّمة ضيفا على زوج ميّ في ليلة ظلماء ، وكان طامعا في ألا يعرفه ، ويدخله بيته ، ولكن الزوج فطن له ، وعرفه فلم يدخله البيت ، واخرج طعاما ، تركه في العراء له ، فما كان من ذي الرّمة حين بلغ جوف الليل إلا أن يتغنى بغناء الركبان منشدا :
أ راجعة يا ميّ أيامنا الأولى
بذي الأثل ام لا ما لهن رجوعُ
فغضب زوجها ، وقال لها : قومي فصيحي به : يا ابن الزانية ، وأي ايام كانت لي معك بذي الأثل ؟ فقالت ميّ له : يا سبحان الله ، ضيف ، والشاعر يقول ، فامتشق سيفه وقال : والله لاضربنك به أو تقولي 0 فصاحت به كما أمرها زوجها ، فانصرف مغضبا عنها ، واراد بعد ذلك أن يصرف مودته الى فتاة أخرى ليغيضها، فوقعت عينه على امرأة حلوة ، شهلاء من بني عامر ، فقال لها : أترقعين لهذا الرجل ، ويعني نفسه ، خفه ؟ فقالت وهي تهزأ به : أنا خرقاء ، لا أحسن العمل ، فسماها من ساعتها خرقاء 0
قال المفضل الضبي : كنت قد نزلت عند بعض الاعراب حين حججت ، فقال لي : هل لك أن أريك خرقاء صاحبة ذي الرّمة ؟ فاجبته ، فعدل بي عن الطريق قدر ميل ، ثم اتينا ابياتا من الشعر ، خرجت من احداها امرأة طويلة بها قوة ، فسلمت وجلست فتحدثنا ثم قالت : هل حججت قط ؟ قلت : غير مرة 0 قالت : فما منعك من زيارتي ؟ أما علمت أنني منسك من مناسك الحج ؟ قلت : وكيف ذاك ؟ قالت : أما سمعت قول ذي الرّمة فيّ :
تمامُ الحج أن تقف المطايا
على خرقاء واضعة اللثام
أنشد ذو الرمة أمام ميّ ، وكان يريد أن يغيضها :
على وجه ميّ مسحة من ملاحةٍ
وتحت الثياب الشينُ لو كان باديا
فكشفت ثوبها عن جسدها ، ثم قالت : أ شينا ترى ، لا أم لك ؟ فقال :
أ لم ترَ أن الماء يخبث طعمهُ
وإن كان لون الماء أبيض صافيا
فقالت : اما ما تحت الثياب فقد رأيته وعلمت أن لا شين فيه ، ولم يبقَ إلا أن اقول لك : هلمّ حتى تذوق ما وراءه ، ووالله لا ذقت ذلك أبدا 0 فقال :
فيا ضيعة الشعر الذي لجّ وانقضى
بميّ ولم أملك ضلالا فؤاديا
وقال في الطريق الذي توفى فيه ، وهو قاصد الخليفة هشام بن عبد الملك في الشام:
بلاد بها أهلون لستُ ابن أهلها
وأخرى بها أهلون ليس بها أهلُ
#سهر_العامري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟