|
متى نوقف أزيز الرصاص ورعب الأطفال في العراق ؟
زهير كاظم عبود
الحوار المتمدن-العدد: 807 - 2004 / 4 / 17 - 12:41
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
حين كانت السلطة القمعية في الزمن الصدامي تسيطر على الشارع العراقي فأنها ليس فقط تصادر حق العراقي في ابداء الرأي والأعتراص ، ,انما تلجأ الى بث الرعب داخل عقل العائلة العراقية حيث أصبح من المسلمات التي لايختلف عليها أي منصف وصاحب وجدان في العراق ، كون السلطة تعمم العقوبة وتسحبها على العائلة فتنزل بها العقاب الجسدي والمعنوي . وتمكنت المؤسسات الأمنية والمخابراتية في العراق أن تطبق على أنفاس الشارع العراقي ، فتعرف المؤسسة الأمنية ليس فقط المعلومات عن عوائل المعارضين بل أنها تعرف أسماء العراقيين منذ لحظة ولادتهم وقبل تسجيلهم في سجلات الأحوال المدنية ، بالنظر لتحديدها حركة الأنتقال داخل المدن ومنعها التملك في بعض المحافظات ، وبالنظر لتقسيمها العراق الى فروع والفروع الى شعب والشعب الى فرق وهذه الفرق تأخذ على عاتقها تقسيم المدن الى قطاعات والقطاعات الى بلوكات وكل بلوك مسؤول عنه رفيق حزبي مسؤولية كاملة مع سجل حركة يتضمن جميع أسماء ساكني البلوك وأتجاهاتهم السياسية وأنتمائاتهم السابقة وشهاداتهم وأعمارهم وحتى أمراضهم ودخولهم العسكرية وقواطع الجيش الشعبي . أن المهمة التي كانت تهم صدام البائد في العراق هي قدرته على أسكات الآخرين ، ولو حضرت الأمم المتحدة برمتها الى بغداد وأستجوبت عينة متنوعة من العراقيين عن سلطة صدام لما وجدت غير المديح والدعاء للقائد الرمز وفارس الأمة وقائدنا الى النصر . ويخطيء من يظن أن المواطن العراقي كان يعبر عما يجيش في ضميره أو يستطيع أن يتحدث بمعارضته للسلطة أيام الحكم البائد ، حيث كانت من أخطر الجرائم المرتكبة في العراق ليست الجرائم الجنائية ولاالتردي الخلقي ولاالأختلاس أو الرشوة ، انما كانت الأتهام بمعارضة السلطة أو شتم الرئيس وعائلته . الأجهزة الأمنية كانت تمارس دور الأداة الغبية في القمع لأنها هي نفسها مقموعة ولارأي لها ، ولانها نفسها تتعرض للتنكيل والأعدام ، لكن التطرف في أيقاع الضرر بأرواح وأجساد العراقيين كان من ضمن القسوة التي أشتهرت بها المؤسسات القمعية وبما عرف عنها من همجية وتعذيب لايخطر على بال انسان ولم يجر على شعب في التاريخ المعاصر . ولم تكن الساحة العراقية مفتوحة سوى لبعض التنظيمات السياسية العريقة التي كانت تعمل بسرية تامة جداً وحذرة وبطيئة تتناسب مع قوة الأمن والمخابرات والأستخبارات في العراق . وحين سقط نظام الطاغية صدام برزت في الساحة تيارات سياسية وأحزاب وتجمعات تعتبر ردة فعل على صيغ أنعدام الرأي الآخر وتعبير عن فرصة التعبير التي انطلقت في الفضاء العراقي . واخطر مابرز ضمن هذه التيارات ، الكتل المتطرفة التي أعتمدت القوة وحازت الأسلحة سواء ماتم الأستيلاء عليه من مخازن العتاد في المعسكرات التي أصبحت سائبة وعرضة للسرقة ، أو من الأمدادات التي ترسلها دول مجاورة بأعتبارها ضمن اللاعبين الأساسيين في العراق الذي وقع تحت الأحتلال ، وحتى يمكن أن يكون لها رأي في حال محاولة المحتل الأمريكي أن يتدخل في شأنها الداخلي بالنظر لأحساس جميع البلدان المجاورة للعراق عدائها للديمقراطية ولحقوق الانسان . وليس فقط كون هذه التجمعات تحوز السلاح الخفيف في خطورتها ، انما أصبحت ظاهرة الأغتيالات بحجة الأنتقام من عناصر البعث أو العناصر التي ارتكبت الجرائم الشخصية أو العامة ، وبغياب القانون والتحقيق القضائي وسيطرة الحقيقة رحلت العديد من الأرواح التي اختلطت حقيقة اتهاماتها مع رحيلها عن الحياة برصاص مجهولين ، وطالت الأغتيالات عناصر لاعلاقة لها بالسلطة البائدة ولابالجرائم المرتكبة تحت تهمة التعاون مع المحتل أو الأجنبي ، حتى تمت تصفية عمال عراقيين مدنيين بتهمة العمل لدى الأجنبي ، كما تمت تصفية مهندسين ومترجمين وعاملات عراقيات تحت هذا الاتهام . وبقيت هذه التجمعات تكدس السلاح وتستغل ظروف عديدة من اهمها غياب الأمن الداخلي وعدم سيطرة السلطة المؤقتة على أمن الشارع العراقي وعدم وجود ضوابط تنزع السلاح ، بالأضافة الى عدم وجود جيش قوي أو شرطة داخلية لمواجهة هذه القوات أو الميلشيات . وبالنظر لوجود بطالة كبيرة وعدم وجود مصادر للعمل وأنتشار البطالة واللجوء الى الأعمال غير المشروعة أو المخالفة للقانون التي أخذت تأخذ أشكال السرقة والنشل والأبتزاز والسطو وقطع الطرق والخطف وكل الجرائم التي يطالها القانون أن كانت هناك سلطة للقانون . غير أن الأنتماء الى ميلشيا قوية تؤمن مصادر للدخل لاتدخل في باب مخالفة الشرعية ولايطالها القانون وتحت مرأى وسمع قوات الأحتلال ، وتحت مرأى وسمع مجلس الحكم ووزارة الداخلية ، ويصل الأمر أن تقوم هذه الميلشيات بالأستعراض في المدن ، بالأضافة الى أرتكابها مايشير الى كونها تشكل سلطة لاسيطرة لأحد عليها ، فتقوم بأنزال العقاب وتفرض الحجز وتوقع الغرامة وتمنع تنفيذ حكم القانون وترتكب مايخالف القانون دون أن تجد مايواجهها ، مما يقوي شوكتها ويزيد عودها قوة فتستمر في التضخم والتوسع مع قدرات مالية وتسليحية لم تجب عن مصادرها أية جهة من الجهات ، ولم تفصح عن حقيقة مصدرها وبقيت جميعها أحتمالات تخمينية أن لم تكن أشارات رمزية ، مع أن الجميع يتفق على المصدر . وأخطر مافي الأمر حين تكون سلطتين في مدينة واحدة ، فالتناقض لابد وأن يقع ، لذا فأن وجود ميلشيات مسلحة لاينافس السلطة الحقيقية فقط ، بل يشكل قمع حاد للأخر ، وحين يتم أستعمال السلاح في تهديد المواطن وألغاء حقه في الأختلاف وأبداء الرأي ، وحين يتم استعمال السلاح كأسلوب أبتزازي وقامع بديلاً عن التفاهم ، وحين يكون أستعمال السلاح في الأرهاب والتخويف ، فأن هذا الأمر يعيدنا الى الوضع الأمني السابق حين كان صدام يلغي حقنا في ا[داء الرأي أو الأختلاف فيقوم بأعدام العائلة . من حق كل مواطن عراقي أن يشكل الحزب الذي يجده معبراً عن فكره ورأيه ، ومن حق كل عراقي أن يلتزم بالتجمع السياسي الذي يعتقد ، ومن حق كل عراقي أن يختلف مع الآخر ، ومن حق كل عراقي أن يتنافس مع الآخر ، ومن حق كل عراقي أن يعرض ويوضح ويفسر ويشرح مايعتقد من أفكار ونظريات ، ومن حق كل عراقي أن يستقل في فكره وأرائه ، ومن حق كل عراقي أن يقول مايشاء وأن يتعارض مع من يشاء ، وأن من حق أي عراقي أن يتمتع بالأمن والآمان وأن لايشاهد مظاهر السلاح والأغتيالات في حياته اليومية ، ومن حق كل عراقي أن يطالب بسلطة واحدة وجيش واحد وشرطة واحدة ، وأن يسود السلام والمحبة والتفاهم في ربوع البلاد بعد رحيل الطاغية الدكتاتور . نتطلع الى وطن يتم التفاهم فيه بالكلمة لابالرصاص ، ونتطلع الى وطن يؤمن بحق الآخر في الحياة ، ونتطلع الى وطن يلغي كل قيم صدام البائدة وكل أساليب المؤسسات الأمنية القامعة والمخابرات البائدة ، نريد وطن يليق بتضحياتها الجسام وبقومياتنا المتآخية وبأدياننا الجميلة المؤمنة بالله العلي القدير الداعية للمحبة والتسامح وبأحزابنا العراقية المناضلة ، ونتطلع الى وطن نؤمن بأن لكل عراقي حقوق مثلما عليه واجبات واننا متساوين في هذا الوطن . وحين نؤمن بكل هذا يصير العراق منارة من منارات المستقبل ونبراساً للسلطات المتجاورة معنا بما يشكل من رسم صورة زاهية من صور الحياة السياسية ، ودون هذا ستتبعثر اِشلاء الوطن ويصعب لمها وتجميعها .
#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
احلم بعراق جديد
-
الديمقراطية الأمريكية المنحرفة في العراق
-
ضمير المراسل الصحفي
-
أحمد منصور في الفلوجة
-
نعي مناضل
-
ضرورة سيادة القانون بالعراق
-
الدعوات الرخيصة للزرقاوي
-
حرب الأطباء
-
الكرد الفيليون
-
رسالة الى عائلة كردية قضت بالكيمياوي رسالة الى عائلة صبحي خد
...
-
القائد الضرورة مرة اخرى
-
قمم .. قمم
-
زمن كتبة التقارير والمخبرين
-
رحيل الكاتب والباحث العراقي أدهام عبد العزيز حسن الولي
-
الفرح في الزمن الحزين
-
ولكن من يحاسب الأمم المتحدة ؟
-
الشهداء يحضرون نوروز هذا العام
-
القوات الامريكية تستخف بحقوق الأنسان في العراق
-
تحية الى الشاعرة الفلسطينية سلافة حجاوي
-
الى انظار السيد هوشيار الزيباري – وزير خارجية العراق المحترم
المزيد.....
-
الحكومة الإسرائيلية تقر بالإجماع فرض عقوبات على صحيفة -هآرتس
...
-
الإمارات تكشف هوية المتورطين في مقتل الحاخام الإسرائيلي-المو
...
-
غوتيريش يدين استخدام الألغام المضادة للأفراد في نزاع أوكراني
...
-
انتظرته والدته لعام وشهرين ووصل إليها جثة هامدة
-
خمسة معتقدات خاطئة عن كسور العظام
-
عشرات الآلاف من أنصار عمران خان يقتربون من إسلام أباد التي أ
...
-
روسيا تضرب تجمعات أوكرانية وتدمر معدات عسكرية في 141 موقعًا
...
-
عاصفة -بيرت- تخلّف قتلى ودمارا في بريطانيا (فيديو)
-
مصر.. أرملة ملحن مشهور تتحدث بعد مشاجرة أثناء دفنه واتهامات
...
-
السجن لشاب كوري تعمّد زيادة وزنه ليتهرب من الخدمة العسكرية!
...
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|